حلم جائر


محمود الرشيدي
2011 / 12 / 9 - 00:57     

تذكرت ما تبقى من خدوش أحدات حلم جائر فوق صفحة سوداء بريشة ظلام الليل وهي تتعثر بنذوبات الايام الخوالي لتشكل تضاريس كان من المفروض أن تبقى منبسطا سهلا لولا تلك العوامل الأخرى الداخلية والخارجية التي تعصف دون سابق انذار...تذكرت الغابة...تذكرت كثافة أشجارها ونباتاتها الغريبة... تذكرت شدة ذعري وتسمري في مكاني كنبتة من هذه الغابة,دات ساق واحد عارية الا من وريقات قليلة وكأن همها الوحيد هو:البحث عن النورخارج حلكة الغابة. تبحث عن النور ليس بعينيها بل بأرنبة أنفها...تذكرت عيناي وهما يتضوران جوعا من قلة النورووطأة الديجور...أتذكر كيف اختزلا دورهما الى تناوب بعدما كانا يعملان جنبا الى جنب, واستسلما أخيرا فأسدلا الستائر بل أُسدلت ولم تقويا على رفعها واشتدت وطأة الانف وازداد طوله, وطور تقنياته حيث تم تخصيص جزء من الشم للبصر,بعدما أصابته تخمة الروائح الفياحة من تحلل الجثت والأوراق وسائر المواد العضوية الأخرى وضراط المرعوبين مثلي وبول الخنازير وغياب المسالك والفجاج .جميل جدا أن تستفيق في الحلم وتحلم حلما من اعماق الحلم ,وأجمل من ذلك أن تحقق حلما من داخل حلم ...لا أتذكر كيف تحول غياب المسالك وكثافة الغابة وانعدام الضوء الا من خيوط قليلة جدا ,سريعة التنقل وتغيير الامكنة ,الى كثرة المسالك والمحاج, والسقوط في أخطار المتاهة ووعورة المشي فيها بسقوفها الدانية من أرض الغابة...لا أتذكركيف تحولتُ من النبتة دات الساق الوحيد الطويل الى طحلب يتمدد أو ثعبان ...لاأتذكر,ربما الى سحلية أو فأرة مرعوبة تشعر بخطر بومة تترصدها من موقع عال بمصباح يعمل بأشعة ظلام فوق الظلام .أتلمس الاتجاهات والممرات ولا أعبُرُ...لا أتذكر كيف تحولت الأدغال والمسالك الى دهاليز مبلطة ...لا أتذكر كيف أصبح الأنف بلا وضيفة في غياب الروائح النتنة فتقلص حجمه وضمُر واختفى...لا أتذكر كيف نبتت لي أطراف أخرى كثيرة بعد ذالك بمجسات كالأخطبوط طويلة وطويلة تعمل بنظام دقيق وتقنية عالية ,تتحسس بالتلمس وتستشعر بأجهزة التقاط وارسال...لاأتذكر كيف فاضت تلك الدهاليز بالماء البارد من كل جهة,وبدأ الجسم يرتعش كما لم يرتعش من قبل وبدات أسمع طنين مطارق تدق بعيدا ,ويقترب الطنين بقدر ماتطول أذناي بحثا عنه . كنت أجلس بجوار سرير صديقي الحميم وهو يقص عليّ :أتذكر جيدا عندماأحسست بصفعات على وجهي وصوتان بتناوب وانسجام محترف يهنآني على السلامة بنجاح العملية الجراحية, ولا أمكانية لي على الرد رغم ارادتي..لا قدرة لي على رفع جفوني ولا على تحريك لساني..