الاسلاميون يسرقون ثورة الشعب


عودت ناجي الحمداني
2011 / 12 / 5 - 00:20     


عاصفة التغيير التي اجتاحت المنطقة العربية قد فاجئت الانظمة الحاكمة وخلقت اوضاعا ثورية غير متوقعة, فلم تستطع جيوش البوليس والعسكر النظامي ان تحمي الحكام الدمويين من السقوط المخزي . فالحراك الشعبي الملتهب بالحماس الثوري تحول بسرعه فائقة الى قوة ثورية مقتدرة اسقطت قلاع الحكام المستبدين في تونس وليبيا ومصر وما زالت المعارك الثورية تلوح بالنصر الحتمي في سوريا واليمن وغيرها من انظمة الملوك والسلاطين البدوية في المنطقة التي اصبحت تعيش في حالة من الرعب والترقب واستبقت الاحداث بتقديم تنازلات كبيرة وكثيرة وما زالت مستعدة ان تقدم المزيد لامتصاص الغضب الشعبي الذي يلوح بالانتقام منها .

وقد اجبر زخم الانتفاضات الشعبية والوضع الثوري الملتهب بالحماس الجماهيري الامبرياليين وحلفائهم ان يعيدو النظر في حساباتهم وتكتيكاتهم المرحلية وذلك باعلان التأييد لمطالب الشعوب باقامة حكم ديمقراطي تعددي وهي محاولة للتكيف والمراوغة مع الوضع الجديد لكسب الوقت وايقاف التحولات الديمقراطية عند المدى الذي لا يهدد مصالح البلدان الغربية والدفع باتجاه فوز القوى الاسلامية واليمينية التي تلتقي مصالحها مع الراسمالية الطفيلية بهدف عزل القوى العلمانية من الوصول الى قمة السلطه السياسية .
فالاحتكار المطلق للحكم الذي انتهجته الانظمة المستبدة وفشلها في تحقيق الرفاهية الاقتصادية قد ادى الى شيوع الفقروالجوع والجهل والبطالة وتدهور خدمات الصحة والتعليم. ومقابل ذلك نهب منظم ومتواصل لثروات الشعب من قبل السلطة وحاشيتها0 وقد نتج عن ذلك نشوء طبقات استغلالية بشعة همها الثراء الفاحش على حساب المجتمع الذي تفتقر غالبيتة الى ابسط مستلزمات الحياة.
ان الدول الاستعمارية من اجل مصالحها الحيوية مستعدة للتخلي عن حلفائها المنهارين وخلق تحالفات جديدة تؤمن مصالحها و لهذا لا نجد غرابة في ان تدعم وتؤيد الولايات المتحدة الامريكية فوز القوى الاسلامية في تونس والمغرب ومصر وغيرها من انظمة الحكم المتحجرة في السعودية ودول اخرى .

ان الانظمة المنهارة التي تدعي العلمانية قد اسائت اسائة بالغة الى النظام العلماني الذي يقوم على اسس المواطنه واحترام حقوق المجتمع بغض النظر عن الدين والقومية مما اثار غضب الناس واعطى مفهوما سيئا عن العلمانية وادى الى كره الناس للعلمانية وللنظام العلماني وهو ما عزز وضع القوى الاسلامية التي اخذت تثير نزعة الهوية الوطنية والاسلامية في تحركها السياسي واعتبرت الاسلام هو الحل الامثل وهو البديل للعلمانية التي فشلت في تحقيق الرفاهية.

وانطلقت القوى الاسلامية بدعم قوي من الرجعية المحلية والامبريالية العالمية في حملات اعلامية ضخمة لتشويه قيم وافكار قوى اليسار والديمقراطية الهادفة الى بناء انظمة حكم ديمقراطية تقوم على المؤسسات المدنية والقانونية المنتخبة . وقد نشطت في الاوساط الشعبية وفي القرى والارياف الفقيرة للتبشير والتحريض على قوى اليسار والديمقراطية والشيوعية وحث الناس على الابتعاد عن العلمانيين بكون الاسلام هو الخيار الوحيد الذي يرسي اسس الحكم الذي اوصى به الله ونبيه محمد.

ومن الجانب الاخر فان القوى الاسلامية تتلقى الدعم المالي والاعلامي الكبير من قوى دولية متعددة بالاضافة امكانياتها المادية والاعلامية المحلية.وقد سخرت ماكنتها الاعلامية والدعائية باسم الدين لممارسة كل اباطيلها وتضليلها لتشويش وعي المواطن واثارة حساسيته من الفكر العلماني.

وضمن محاولات الاسلاميين خداع الراي العام والتقرب من الامبرياليين الامريكيين اعلنت القوى الاسلامية في اطار حملتها الدعائية تبنيها لمبدأ المساواة وحقوق الانسان وهو اداء مزيف ومفضوح . فالاسلاميون لا يؤمنون بالديمقراطية والانتخابات وانما يؤمنون بالخلافة لا غيرها , ويستخدمون كافة الوسائل النزيهه وغير النزيهه للوصول للسلطة السياسية . وما ان يثبتو اقدامهم حتى يعلنو تطبيق الشريعة الاسلامية التي تحول المجتمع الى مسلخ دموي لقطع الايادي والارجل ورجم الرجال والنساء حتى الموت.

ان صعود الاسلاميين في الانتخابات التي جرت في تونس والمغرب ومصرهو نتيجة لفشل الانظمة الدكتاتورية في تحقيق رفاهية المجتمع و مصادرة حقوق الانسان الاساسية التي تكلفها الشرائع الوضعية والسماوية . وهو الامر الذي جعل الناس يبحثون عن أي نظام ينقذهم من القهر والظلم الذي تمارسه الانظمة الحاكمة بحقهم والاسلاميون هم المهيئون لاستغلال عواطف الناس وضعف وعيهم الفكري لنشر الدعاية الدينية على اوسع نطاق لما يتمتعون به من قدرات مالية واعلامية كبيرة في الوقت الذي كانت فيه قوى اليسار والديمقراطية تلملم قواها وتنظم صفوفها بسبب ما عانته طوال عمرها من ملاحقات دموية منظمة من قبل النظم الحاكمة.
ان القوى الاسلامية حليف دائم للدول الراسمالية فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج واقتصاد السوق والتجارة الحرة توحد موقفهما السياسي والاقتصادي مثلما توحد عدائهما الشرس للقوى الشيوعية واليسارية .

فالاسلاميون بتقاربهم مع الامبرياليين استطاعو ان يسرقو ثمرة ثورة الشعب الذي تكلل باسقاط الانظمة القمعية وتمكنو من الصعود عبر الانتخابات التي لم تكن الظروف الموضوعية والذاتية ناضجه بالنسبة لقوى اليسار والديمقراطية .
وعليه فان الاطاحة المظفرة بالنظم الدموية قد فتح عهدا جديدا في مسارات الديمقراطية والحرية والتحرر من قبضة الدكتاتورية المرعبة التي حكمت الشعوب عقود عديدة من الزمن بقوة القمع الوحشي