فبركة جديدة بأسلوب قديم ..!!


ماجد لفته العبيدي
2011 / 11 / 30 - 19:00     

نشر موقع اليسار العراقي في عدده 806 في تاريخ 26_11_2011، رسالة أطلق أصحابها على أنفسهم مجموعة من مندوبي المؤتمر الوطني التاسع ، وهي محاولة قديمة جديدة يتوخى الواقفون وراءها محاولة التشويش على الجهود الحثيثة التي يبذلها الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم وأنصارهم للإنجاح فعالية المؤتمر الوطني التاسع .

إن السادة القائمين على كتابة الرسالة تذكروا بعد مؤتمرين للحزب ،أن قيادته وافدة ويطالبون في تعريقها!!؟ ربما استعار الإخوة كلمة الوافدة من العمالة المصرية الوافدة !!؟ أين هذه الرسالة من عملية الديمقراطية والشفافية والحوارات الجدية التي يسعى لها الشيوعيون العراقيون واليساريون بصورة عامة، والتي نجد تجسيدها الحي في العديد من المواقع الديمقراطية واليسارية مثل موقع (الحزب الشيوعي العراقي ، والحوار المتمدن ، والناس، وينابيع العراق ، والجيران ، وغيرهما) والتي تحتوي على مئات المقالات النقدية حول سياسية الحزب الشيوعي العراقي وعمل قيادته ومشاريع وثائقه المقدمة إلى المؤتمر الوطني التاسع .

إن الإخوة القائمين على كتابة الرسالة مهما كانت دوافعهم (والله من وراء القصد )، يجهلون أصول العمل الحزبي للشيوعيين العراقيين، والتي تعلمت منها حتى الأحزاب الرجعية، فقيادة الوفود الحزبية التي يرأسها أعضاء المكتب السياسي لإجراء اللقاءات الحزبية هي تقاليد متعارف عليها، فالكثير من الوفود الحزبية التي أجرت لقاءات بالأحزاب الأخرى، قادها بالإضافة للرفيق حميد مجيد سكرتير اللجنة المركزية، الرفاق جاسم محمد اللبان، مفيد الجزائري، عزة أبو ألتمن، و الوفد الأخير ترأسه الرفيق رائد فهمى عضو المكتب السياسي. وقد التقى السيد روز شاويس نائب رئيس الوزراء، هل هؤلاء جميعا يعدون المؤامرة للانقلاب على شرعية المؤتمر التاسع !!
يقول أصحاب الرسالة (في مسعى يهدف الى استباق نتائج المؤتمر الوطني التاسع لحزبنا الشيوعي العراقي، أقدمت القيادة الوافدة من الخارج على تقديم مذكرة الى ما يسمى بالرئاسات الثلاث، لم تعلن فيها البرنامج السياسي المفترض إقراره في المؤتمر فحسب، بل قدمت مفيد الجزائري سكرتيراً جديداُ للحزب، فترؤوسه لوفود اللجنة المركزية التي ضمت اعضاء في اللجنة المركزية والمكتب السياسي، والاعلان عن مرض حميد مجيد، هو بمثابة عمل استباقي مدبر لما ينبغي ان يقرره المؤتمر اعلى سلطة في الحزب .)
أن الواقفين وراء الرسالة لم يجهدوا انفسم للاطلاع على فحوى مذكرة الحزب الشيوعي العراقي ومناقشة ما ورد فيها، والتي تنبه الشعب العراقي وقواه السياسية الى المخاطر الجديدة التي تحيق في بلادنا، والى الأزمة الشاملة التي تعصف بها، والى احتمالات الانزلاق نحو المجهول، والى المخاطر الجدية والفوضى العارمة التي سوف تساعد على سيطرة القوى الإرهابية والظلامية الرجعية على السلطة السياسية في البلاد ، هذه القوى التي رفعت شعارها المعروف منذ سقوط الطاغية المجرم صدام حسين وزبانيته (اذبح تربح)، وسوف يكون أصحاب الرسالة في مقدمة الضحايا التي تطالهم يد الإرهاب الرجعي.

وحتى لو كانت القيادة تسعى - على فرض ذلك جدلا- الى تهيئة رفاقها لاستلام القيادة من الرفيق حميد مجيد موسى فما العيب في ذلك !!؟ فهذا حق طبيعي ليس في أوساط الأحزاب السياسية وحسب ، بل هو عرف متواجد في ابسط المؤسسات الإدارية ، وأين هذه الرسالة من المطالبات المتواصلة بالديمقراطية والتجديد التي ربما يحسبون أصحاب هذه الرسالة أنفسهم عليها ، والداعية الى التغير الدوري للقيادة وضخ دماء جديدة في صفوفها ، أما كان الأجدر بهم طرح تصوراتهم وموقفهم كيساريين من قضية مبادرة الشيوعيين الوطنية لحل الأزمة .
يواصل كاتبو الرسالة فبركة الإحداث على طريقة جريدة الراصد المقبورة ، ويذهبون بعيدا ليستمدوا الكثير من أدواتهم من كتاب "أضواء على الحركة الشيوعية" ،حيث احتوت الرسالة على العديد من المغالطات و القضايا الغير مترابطة التي لا يجمعها جامع ، فيقول أصحاب الرسالة (كما تستحضر هذه المذكرة صورة" الانتقال السلس" لسكرتارية الحزب من الاستاذ عزيز محمد الى التلميذ الامين حميد مجيد، بعد اجراء عمليات تصفيات تنظيمية واسعة النطاق على مستويات القيادة والكوادر والقواعد، وها نحن نشهد عملية تسليم مماثلة مقترنة بتقديم تعهد رسمي علني الى القيادات الاقطاعية الطائفية الاثنية، من ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي الجديدة " المنتخبة سلفا" في المؤتمر التاسع، المؤجل عقده حتى انجاز ترتيبات رتوش القيادة الوافدة، يتمسك، اي البرنامج، بأستراتيجية التعاون. علما ان خطوة تقديم المذكرة وترؤوس مفيد الجزائري لوفود الحزب الى رموز المحاصصة والفساد والاجرام، قد اقترنت بدعاية مضادة استباقية ايضاُ، حيث سربت قيادة حميد مجيد وخليفته المنتظر مفيد الجزائري، موقفها من المعارضة الحزبية المتوقعة في المؤتمر، كونها لا تتعدى سواء في حجمها وتأثيرها ام في مآلها، حجم ومصير كتلة تصحيح المسار المتمردة على مقررات المؤتمر الثامن !.

مرة أخرى يظهر أصحاب الرسالة جهلهم بوسائل النضال السلمي والتقاليد الحزبية التي أرساها مؤسس وقائد حزبنا المقدام الرفيق فهد، الذي قدم مذكرة في 21-11-1945،
(الى رئيس الدولة العراقية ومجلس الأمة ،الى رؤساء الدول الكبرى ، بريطانيا العظمى ، الولايات المتحدة ...) هل كان الرفيق فهد يغازل الرجعية والامبريالية في هذه المذكرة ياسادتي الكرام .!!؟
أم أنه أراد إسماعهم موقف الحزب الشيوعي العراقي من أوضاع بلادنا !!
يواصل الإخوة أصحاب الرسالة في قلب الحقائق التي باتت معروفة للقاصي والداني حيث يقولون في رسالتهم (ان تجاهل القيادة الوافدة الحراك الشعبي الثوري المناهض للنظام الاقطاعي الطائفي الاثني الفاسد، واستخفافها بمدى استعداد الكوادر والقواعد الحزبية للتضحية من أجل انقاذ الوطن والشعب والحزب من كارثة الاحتلال ومخاطر التقسيم وتحطيم الحزب، ينم هذا التجاهل عن تأصل العقلية اليمينية الذيلية في بنيتها وتأريخها،وهي اذ تربط مصيرها بمصير عصابات 9 نيسان متمثلة بالقوى الرجعية المتخلفة المعادية للشعب العراقي تأريخيا وراهنياُ، تكون قد اختارت الاصطفاف في خندق الاعداء والخونة واللصوص حفاظاُ على مصالح شخصية ضيقة.)
يتناسى كتبة الفبركات ادعاءهم إنهم شيوعيون ويتحملون مسؤولية تاريخية في انتخابهم مندوبين للمؤتمر الوطني التاسع ، فيطلقون العنان لعبارات التجني الواضحة ومحاولات الإسقاط السياسي المتعمدة وسماجة الأسلوب الذي تعودت عليه بعض القوى التي تطلق على نفسها (يسارية) ، و نبرة اللهجة العدائية للحزب وتاريخه النضالي ، والانكى من ذلك يدعي هؤلاء ويتشدقون بأنهم أحفاد فهد و ورثته التاريخيين ، وان مثلهم الأعلى الرفيق الشهيد الخالد سلام عادل ،وغيرها من الادعاءات التي لاتمت للواقع بصلة .
أما قضية اتهام الحزب بعدم المساهمة في الحراك الجماهيري فقد أعلنتها السلطة قبل ان يعلنها الحزب، والشاهد والدليل صور الفيدو التي صورتها عناصر الاستخبارات والتي على ضوئها تم اعتقال رفاق الحزب وأصدقائه في ميدان التحرير وباقي المدن الأخرى، وجرى اغتيال العديد منهم وذلك لا يحتاج الى دليل ، فأين هؤلاء الرفاق مندوبو المؤتمر الوطني التاسع ، من نشاط حزبهم ومنظماتهم !!؟ وهل حقا هم مندوبون للمؤتمر ام مجموعة مزيفة ورسالة مفبركة باسم مندوبي المؤتمر التاسع !!؟ أم ان بعض الجماعات التي تدعي تمثيل الحزب الشيوعي قد أغاضها استجابة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمبادرة الحزب الوطنية ، والإشادة بها من قبل العديد من الفعاليات الاجتماعية ، وكالعادة بدأ التباكي على تاريخ الحزب ودماء شهدائه ، تلك الطريقة التي استخدمها البعث ألصدامي الساقط من قبل و بذات الأسلوب والمنهج ، حيث كان يحرض رفاق الحزب وقواعده ضد قيادة الحزب لإضعافه وزرع الشقاق والبلبلة بين صفوفه .
ويختتم الإخوة رسالتهم بعبارات لا تقل ابتذالا سياسيا عن سابقاتها حيث يقولون (ان المسؤولية الطبقية والوطنية والحزبية، والامانة لدماء الاف الشهداء ولتأريخ الحزب الشيوعي العراقي، تلزمنا في اعلان موقفنا الرافض للانقلاب على المؤتمر الوطني التاسع، وندعو بكل حرص جميع الرفاق والاصدقاء في ضرورة التصدي لمؤامرة القيادة النفعية الوافدة، كما نتعهد بصفتنا اعضاء في المؤتمر بافشال مؤامرة تحويل المؤتمر الوطني التاسع لحزبنا الشيوعي العراقي الى اجتماع شكلي مدبر لحصول هذه العناصر الانتهازية على شرعية تمثيل الحزب الشيوعي العراقي والمتاجرة باسمه وتأريخة ودماء شهدائه.)
ان هذه الاساليب القديمة الجديدة لا يمكنها ان تخطو بالحزب خطوة واحدة الى الامام ، ولا يستطيع أصحابها الذين حاولوا من قبل احداث أي فجوة في جدار الحزب الشيوعي العراقي الصلد برفاقة وقواعده ومنظماته المجاهدة .
ان الشيوعيين لا يخافون النقد، ووسائل إعلامهم مشرعة لكل الأقلام الوطنية والديمقراطية ، و طموحهم في تجديد سياستهم ووسائلهم النضالية لا تنتهي ، وهم يناضلون من اجل دمقرطة الحياة الحزبية وتطوير الصراع الفكري ، ولا يتوانون في أي لحظة عن نقد الذات وتلمس الهفوات بشفافية عالية، ويدركون بشكل قاطع ان الصراع الفكري في حزبهم يتمحور حول الديمقراطية والتجديد، وان المؤتمر الوطني التاسع واحد من المحطات الهامة التي سوف يناقش فيها الشيوعيون انتقالهم السلمي الهادئ للمعارضة السلمية، وهم يعولون على أبناء شعبهم وحراكهم السياسي المناهض لسياسية المحاصصة الطائفية البغيضة .
وفي النهاية أما كان الأفضل والأجدى لأصحاب هذه الرسالة ان تصب مبادرتهم على توحيد أهل اليسار ، و مد الجسور لتوحيد قوى الديمقراطية واليسارية ،لا لإشهار قميص عثمان الذي أكل وشرب الدهر عليه، بل و تفعيل مبادرة التيار الديمقراطي وإعطائه بعده وفضائه الأوسع والقيام بفعالية تصب في إعادة دور اليسار في الشارع السياسي العراقي، وتطوير نشاطاتهم وسط الأغلبية لصامته التي تقدر بعشرات الملايين ، بدلا من ان ينزفوا حبرا على ورق بترديد الاتهامات السابقة ، التي لم يبق منها ألا اتهام الحزب بالعمالة للامبريالية والصهيونية التي كانت تردده وسائل الحكم الدكتاتوري ألصدامي المقبور ،(ان لله في خلقه شؤون ).!!
[email protected]