مصير الثورات


أمير الحلو
2011 / 11 / 23 - 13:06     


لاشك أن مرحلة النضال الشعبي ضد الأنظمة الديكتاتورية القمعية صعبة وشاقة وتتطلب الكثير من التضحيات ، ولكن الملاحظ ، ليس في منطقتنا فقط ، بل في العديد من بلدان العالم التي شهدت انتفاضات وثورات ، فقد تتفق القوى الوطنية ومنها العسكرية على مبدأ الثورة وتغيير نظام الحكم ، ولكنها في أكثر الأحيان لا تتفق على منهج للعمل يلي قيام الثورة ونجاحها .
لذلك نجد أن الصراعات والاختلافات سرعان ماتحتدم بين القوى المشاركة والمخططة للتغيير ، وهذه نتيجة طبيعية لاختلاف الافكار والاهداف ولكن ما وحدّ هذه الجهات هو العمل من أجل اسقاط نظام الحكم القائم ، ولكن ما الذي سيأتي بعد ذلك ، فأن الجواب مجهول لذلك فأن هذه القوى سرعان ما تصطدم مع بعضها ، وقد تكون الغلبة لقوى لها تنظيم مسبقاً وبما يمكنها من الظهور بقوة على الساحة وطرح شعاراتها واهدافها التي قد تكون أسوء بنتائجها من النظام الذي سقط .
ان العديد من الانتفاضات والثورات التي شهدها ما سمّي بالحراك العربي تشهد هذه الحالة حالياً وبما وصل الى حد الاصطدام في الشوارع ، والاعلان صراحة على عملها على الأمساك بزمام الامور في البلاد التي تتواجد فيها ولعل أخطر ما أشير اليه في المجال هو الاوضاع الراهنة في مصر ، فهي بلد مهم وحيوي ومؤثر في عموم المنطقة لذلك فأن ما يحدث فيه له انعكاسات مباشرة على الاوضاع في البلدان العربية الأخرى ، وعندما خرجت الجماهير مطالبة بتنحي مبارك من الحكم ونجاحها في تحقيق ذلك من خلال صمودها وتضحياتها ، إلاّ أن ما نشهده اليوم في ميدان التحرير ذاته الذي أنطلقت منه الثورة ، يسبب الحزن والتخوف في آن واحد ، فقد شاهدنا على الشاشات مناظر مشابهة لما كان يحدث في هذا الميدان أيام الثورة ، فهناك حرائق ومصادمات مع الشرطة ومحاولات أقتحام وزارة الداخلية ، وهي تحركات أزعم ، وأنا متابع جيد لاوضاع مصر أنها تريد حرق البلاد بأرائها المتطرفة ومحاولاتها السيطرة الكلية على مقاليد الحكنم متناسية دور القوى الوطنية والتقدمية ذات التأريخ الطويل في النضال.
مع تأييدنا وآمالنا التي نعلقها على نجاح بعض الثورات إلاّ أن (بوادر) تظهر في الأفق وعلى أرض الواقع تجعلنا نتوجس من سيطرة القوى الرجعية والمتخلفة على زمام الأمور والعودة ببلدانها الى عهود (الظلام والخرافات ) ، كما أن بعض هذه القوى لا تخفي دمويتها واستعدادها للعودة الى أساليبها السابقة في الحرق والقتل وأفتعال الأزمات التي تجعلها تنزل الى شارع لتصطدم مع الأخرين ، وحتى مع القوات الرسمية التي من واجبها حماية الجميع ولعبت دوراً إيجابياً في تمكين الثوار (سابقا) من الوصول الى حالة الانفراج والظهور في العلن بأعلامها وتنظيماتها ومشاركتها في الانتخابات وغيرها من الممارسات الديمقراطية .
الامثلة في تأريخنا وفي الخارج كثيرة على الأحباط والذي يصيب المواطنين عندما يشاهدون هذا ( التكالب) على السلطة وإلغاء الأخر ، واذا كان الشعب يطمح الى تحقيق التقدم الى الأمام ، فأن العديد من القوى التي تحاول القفز على الثورات تريد إعادة الأمور الى عصور الظلام من خلال افكارهم المتخلفة وأساليبهم الارهابية في ممارسة السياسة .