تيسير خالد، مرشح الجبهة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة:-الانفصال مخطط جهنمي-


اسماء اغبارية زحالقة
2004 / 12 / 18 - 12:55     

قررت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ترشيح عضو مكتبها السياسي، تيسير خالد وعضو اللجنة التنفيذية لم.ت.ف. لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية، المزمع اجراؤها في 9/1 المقبل. الصبّار اجرت معه في 3/12 الحوار التالي.


ما الاعتبارات وراء قرار الجبهة الديمقراطية الترشح لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية، وبماذا تختلف عن اعتباراتكم مقاطعة انتخابات المجلس التشريعي عام 1996؟

تيسير خالد: لم نشارك في الانتخابات للمجلس التشريعي عام 1996، بسبب رفضنا لاتفاقات اوسلو. المشاركة حينها كانت تعني تقديم تغطية سياسية للاتفاقات وما ترتب عليها من قيود واملاءات فُرضت على الجانب الفلسطيني. قرارنا عام 1996 كان قرارا صائبا، اما اليوم فلسنا محكومين بقيود اوسلو التي حددت ادق التفاصيل في الانتخابات السابقة، فقد تغيرت الامور بفعل الانتفاضة التي حررتنا من القيود المذلة التي فرضتها اتفاقات اوسلو.
اتفاقات اوسلو كانت مرحلية تتحدث عن محادثات وضع دائم، دون ان يُعرف الهدف منها او الى اين ستنتهي. اما اليوم فقد فرضت الانتفاضة مرحلة سياسية جديدة في حياة الشعب الفلسطيني، يقر بها المجتمع الدولي وحكومة اسرائيل، وبات الكل يسلم بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولة مستقلة، ديمقراطية وقابلة للحياة.
هذا ما تنص عليه خريطة الطريق الدولية ورؤية الرئيس بوش، وحتى مواقف حكومة شارون المتطرفة. ورغم ادراكنا لطبيعة الدولة التي يتحدث عنها شارون، دولة معازل، الا ان هناك تغييرا حدث على الارض وفي السلوك السياسي حتى لهذا العدو المحتل وللادارة الامريكية. ولم يعد احد يتحدث عن اوسلو باعتباره مرجعية المرجعيات في كل الحياة السياسية للشعب الفلسطيني. وعليه، قررنا خوض الانتخابات.
سبب آخر دفعنا للمشاركة هو الاستحقاقات الدستورية التي فرضت نفسها بعد رحيل عرفات، والمتعلقة بانتخابات رئيس اللجنة التنفيذية وباحترام القانون الاساسي للسلطة وتفويض رئيس المجلس التشريعي للقيام بمهام رئاسة السلطة، والاستحقاقات المؤجلة وهي انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي. جميع هذه الامور اقتضت الا نترك الحالة في فراغ بعد رحيل الرئيس عرفات.
المطروح اليوم هو وضع حجر الاساس لبناء نظام ديمقراطي برلماني عصري، نظام انتخابات غير النظام السابق عام 96، يضمن احترام التعددية السياسية والحزبية في الساحة الفلسطينية. نحن نتحدث عن مرجعيات سياسية، اهمها اعلان الاستقلال الصادر عن المجلس الوطني عام 88 والقانون الاساسي للسلطة.

اذا تم انتخابك للرئاسة ماذا تنوي ان تحقق، خلافا لما ينوي ابو مازن تحقيقه؟

خالد: نحن في مواجهة تحديات سياسية كبيرة، وهناك في اوساط السلطة من يحاول الترويج لخطة شارون باعتبارها مدخلا لتطبيق الالتزامات في خريطة الطريق. نحن سنحارب الترويج لهذه الاوهام. لا يمكن ان نترك شعبنا يعيش مرة اخرى اجواء الخداع والمراوغة السياسية.
خطة شارون مصمصة بالاساس كبديل لخريطة الطريق التي سجلنا تحفظات كثيرة عليها. كما ان خطة الانفصال تهدف كما قال اقرب المقربين من شارون، دوف فايسغلاس، للقضاء على امكانية قيام دولة فلسطينية. هذه امور يجب ان توضَّح، وسيكون هذا عنوانا من عناوين الحملة الانتخابية، ومكوِّنا رئيسيا من سياسة الجبهة الديمقراطية.
خطة الانفصال التي يحاول شارون فرضها على الشعب الفلسطيني، ليست انسحابا من جانب واحد، بل هي مخطط جهنمي ومناورة استراتيجية لاعادة انتشار جيش الاحتلال والمستوطنين في قطاع غزة وحصار القطاع وابقائه سجنا مغلقا على اكثر من مليون فلسطيني، دون تمكين اية ادارة او سلطة في القطاع من التحكم بقضايا المواطنين اليومية. هذا جزء من العدوان الاسرائيلي المستمر وممارساته الارهابية التي تتجلى في الاعتقالات، الهدم، التدمير وبناء الجدار الفاصل.
اعتقد ان هناك فارقا واضحا بين سياستنا وسياسة مرشح السلطة. هناك خلاف ايضا في المواقف الاجتماعية والاقتصادية. مرشح الرئاسة لا يقدم حلولا للمشاكل الاقتصادية والبطالة والفقر والتدهور في مستوى معيشة المواطنين وفي اداء الاقتصاد الفلسطيني. على العكس، سياسة مرشح السلطة الواضحة هي الاستمرار في نفس النهج، اي في الضغط على حياة المواطن الفلسطيني.
نحن سنعالج هذه الاوضاع باعادة النظر في السياسة الاجتماعية الاقتصادية للسلطة. وسنعمل على اعادة توزيع موارد السلطة كيلا تذهب كلها لتغطية النفقات الجارية والتشغيل، بل لتوظف في معالجة الاوضاع المتردية واتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية الزراعة والصناعة الوطنية ومختلف فروع الاقتصاد.
من جانب آخر بيننا وبين مرشح السلطة خلاف في معالجة قضايا الشباب من الخريجين العاطلين عن العمل، وهدفنا هو تمكين الشباب من اداء دورهم في بناء نظام سياسي يحفظ لهم حقوقهم، ويضمن لهم مستقبلا. كما سنعمل على طرح قضايا المرأة وتمكينها من حقها في المشاركة على قدم المساواة.

تحدثت عن خريطة الطريق كخطة تعترف باقامة الدولة، هل ترون فيها اساسا للتفاوض؟

خالد: نحن مستعدون للتفاوض فقط على اسس الشرعية الدولية، التي تشمل الانسحاب الكامل لحدود الرابع من حزيران عام 1967، حق العودة والقدس. خريطة الطريق تهدف الى تحويل السلطة والنظام السياسي الفلسطيني الى وكيل ثانوي للمصالح الامنية والاستراتيجية الاسرائيلية، وهذا نرفضه بكل تأكيد. المرحلة الاولى من الخطة تقتضي التعامل مع النضال الفلسطيني كارهاب، بينما هو حق مشروع تقره الشرائع الدولية. هذا لا يمكن ان نوافق عليه، ولا يمكن ان تتم الاستجابة اليه. الارهاب الحقيقي هو ما يمارسه المحتل والمستوطنون ضد شعبنا.
نحن لا نوافق على خريطة الطريق، سجلنا تحفظات عليها، ولكن هناك اوساطا في السلطة توافق عليها. نحن سنتعامل مع الموافقة كما تعاملنا مع خطط اخرى ظالمة، وموقفنا هو مواصلة النضال حتى التحرير.

هل يعني هذا انك مع استمرار الانتفاضة؟

خالد: بكل تأكيد. الانتفاضة هي من الثوابت الفلسطينية التي اجمعت عليها كل القوى، ولا مساومة على حق الشعب في مقاومة الاحتلال الى ان يرحل. دورنا ان نقدم الدعم والحماية للمقاومة ضد الجيش والخطر الاستيطاني الداهم والمليشيات اليمينية المتطرفة والمعادية لجهود التسوية السياسية.
نحن لسنا مع اشكال اعتمدتها بعض القوى، كالعمليات ضد المدنيين. هذه نرفضها مبدئيا. نحن ضد تعريض حياة المدنيين للخطر سواء الفلسطينيين او الاسرائيليين. هذه اعمال تتنافى مع التزاماتنا السياسية والايديولوجية وهويتنا الديمقراطية. فضلا عن انها تلحق اضرارا كبيرة بالشعب، وتدفع اطرافا كثيرة للخلط بين مقاومة الاحتلال وبين الارهاب. ولكن لا يمكن ان نكون من الداعين لوقف المقاومة للتحرر من المحتل في الضفة وغزة والقدس.

ما رأيك في ترشح مصطفى البرغوثي؟

خالد: من حق كل مواطن ترشيح نفسه، وللمواطن ان يختار. المعركة ليست مع مصطفى البرغوثي بل مع مرشح السلطة، ولذا سنقترح على مرشحي المعارضة في ميثاق شرف الا يتعرض احدهم للآخر في الدعاية الانتخابية، لان الخلاف الجوهري هو مع السلطة.

ما رأيك في موقف الجبهة الشعبية عدم الترشح، ولماذا لم يتم التوصل لمرشح مشترك علما ان بينكما تقارب ايديولوجي؟

خالد: بذلنا جهودا للتوصل لمرشح مستقل مشترك للقوى الديمقراطية، ولم ننجح في ذلك. كما بذلنا جهودا لترشيح مرشح مستقل يمثلنا نحن والجبهة الشعبية، ولكن لم يتم الاتفاق على شخص مستقل مستعد لتمثيل مواقف الجبهتين.


كيف تفسر قرار حماس المقاطعة وماذا سيكون تأثيره؟

خالد: القرار كان متوقعا. حماس تعتقد ان الترشح للرئاسة يمكن ان تترتب عليه التزامات سياسية تدفعها لاعادة النظر في توجهاتها السياسية، مثل الدخول في مشاريع سياسية ترفضها كالمفاوضات. تأثير القرار سيكون محدودا، فحماس لم تنادِ الجمهور للمقاطعة، بل تلزم به اعضاءها فقط.