بيان حول انتخابات المجلس التأسيسي


حزب العمال التونسي
2011 / 10 / 30 - 13:55     

أعلنت مساء الخميس 27 أكتوبر 2011 "اللجنة العليا المستقلة للانتخابات" النتائج الأولية لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي. وقد حصلت "حركة النهضة" على المرتبة الأولى يليها "المؤتمر من أجل الجمهورية" فـ"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"العريضة الشعبية"... ولم يحصل حزب العمال الشيوعي التونسي إلا على 3 مقاعد في كل من صفاقس والقيروان وسليانة.

إن حزب العمال إذ يسجل أن باب المشاركة في هذه الانتخابات، الأولى من نوعها بعد الثورة، فتح أمام كل الأحزاب والتيارات الفكرية والسياسية فإنه لا يمكنه من ناحية أخرى إلا أن يسجل أن هذه الانتخابات رغم تعدديتها شابتها شوائب عدة ينبغي الوقوف عندها دفاعا عن الحقيقة وبعيدا عن اللغة الخشبية الموروثة من عهد بن علي والتي لا تعرف سوى تمجيد "الواقف" وإخفاء الحقائق عن الشعب.

1ـ إن نسبة المشاركة في الانتخابات لم تتجاوز، حسب الأرقام الرسمية التي قدمتها "الهيئة العليا للانتخابات"، 48.9 في المائة وهو ما يعني أن أغلبية الناخبين (3.867.197 من بين 7.569.824 ناخبا) لم تشارك وهو ما يمثل نقطة ضعف كبيرة ينبغي البحث عن أسبابها في المناخ السياسي والاجتماعي العام الذي جرت فيه الانتخابات.

2ـ إن المال لعب دورا خطيرا وقذرا في هذه الانتخابات بدءا بأعمال "الإشهار السياسي" التي يعلمها الجميع، ووصولا إلى أعمال إرشاء واسعة النطاق في شكل "هدايا" و"خدمات خيرية واجتماعية" والتي تواصلت حتى يوم الاقتراع، دون أن تقدر "الهيئة العليا" على وضع حد لها.

3ـ كما أن الإعلام، بما في ذلك الإعلام العمومي، الذي بقي تحت سيطرة أعوان النظام السابق، تصرّف بانحياز لفائدة أطراف على حساب أطراف أخرى ولم يساعد عموم الشعب على فهم الرهانات التي يطرحها انتخاب المجلس التأسيسي وألهاه بقضايا هامشية وزجّ به أحيانا في متاهات عقائدية.

4ـ إن الدين وقع توظيفه في المساجد وفي الفضاء العام بشكل خطير في هذه الانتخابات إذ لم تخل على سبيل المثال، معظم خطب يوم الجمعة 21 أكتوبر 2011 السابق بيومين فقط ليوم الاقتراع من دعوات ضمنية أو مكشوفة للتصويت لأطراف معينة ضدّ أطراف أخرى بدعوى أنها تمثل "الدين" أو أن أتباعها "يصلون"... وهو ما يذكّرنا بنفس الأساليب التي كان يستعملها بن علي.

5ـ إن توظيف الدين ارتبط بحملات تشويه واسعة النطاق، خسيسة ومتخلفة، ضد قوى ثورية وديمقراطية، من بينها حزبنا، استعمل فيها التكفير والسبّ والشتم، وشاركت فيها قوى رجعية مختلفة مناوئة للثورة ولمصالح الشعب التونسي الأساسية ولم يكن لهذه الحملات من هدف، سوى حرف الأنظار عن محاور الصراع الحقيقية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتمزيق وحدة الشعب على أسس عقائدية مفتعلة.

6ـ إن خروقات كثيرة ارتكبت يوم الاقتراع بما في ذلك من طرف العديد من أعضاء مكاتب الاقتراع وتتمثل هذه الخروقات في استعمال سيارات وحافلات خاصة لنقل الناخبين خاصة منهم غير "المسجلين إراديا"، وفي مواصلة الحملة الانتخابية حتى يوم الاقتراع وأمام المكاتب ذاتها وبأساليب مختلفة، والتحريض في صفوف الناخبين على التصويت لطرف دون آخر، وتقديم المأكولات والمشروبات في مراكز الاقتراع...

إن هذه الانتهاكات والخروقات للمبادئ الانتخابية الديمقراطية، بشهادة عدة هيئات مراقبة وملاحظين وتقارير مستقلة، تمسّ من نزاهة انتخابات المجلس التأسيسي ومن شفافيتها وأثرت بشكل أو بآخر في نتائجها. وإن محاولة "الهيئة العليا" التقليل من أهميتها غير مقنعة بالمرّة وهي تخفي عجز هذه الهيئة عن التصدي لتلك الخروقات والانتهاكات.

7ـ إن عدم إعلان النتائج في وقتها وتأجيل ذلك أكثر من مرة يثير أكثر من سؤال حول شفافية هذه الانتخابات. ومن شأن الأيام القادمة أن توضح لنا بعض أسباب هذا التأخير.

8ـ إن حزب العمال الشيوعي التونسي ساهم في الانتخابات وقد كان أول الداعين إلى انتخاب المجلس التأسيسي للقطع مع نظام الاستبداد. وقام حزب العمال بحملة نظيفة، ماليا وأخلاقيا وسياسيا، ركز فيها على البرامج والمقترحات وعوّل فيها على طاقات مناضليه ومناضلاته وواجه فيها حملات تشويه واسعة النطاق وحصارا إعلاميا مفضوحا.
إن النتائج التي حصل عليها الحزب ضعيفة، وهي لا تعكس إشعاعه وحضوره الميداني وتاريخه النضالي وإسهامه من مواقع أمامية في ثورة الشعب التونسي ضد الاستبداد والدكتاتورية. ولئن كانت هذه النتائج راجعة بنسبة هامة إلى المناخ العام الذي دارت فيه الانتخابات والذي كنا تحدثنا عنه، فإن هيئات الحزب ستتولى تقييم الأسباب الخاصة من أجل تجاوزها.

9ـ إن حزب العمال وبقطع النظر عن هذه النتائج سيواصل النضال بلا هوادة إلى جانب العمال والكادحين وسائر الطبقات والفئات الشعبية من أجل استكمال مهام الثورة وتحقيق تغيير ديمقراطي ووطني وشعبي فعلي.
لقد كسب حزب العمال خلال الحملة أنصارا كثيرين مقتنعين ببرنامجه ومواقفه وبمصداقيته ومبدئيته، وهو ما سيمثّل قاعدة صلبة لانطلاقه من جديد وكسب الرهانات المقبلة.

إن حزب العمال يحيي بهذه المناسبة كل الذين وقفوا إلى جانبه في هذه الانتخابات وصوّتوا له من أبناء الشعب وبناته، وهو يعدهم بأن منوّبيه في المجلس التأسيسي سيدافعون بكل قوّة عن الرسالة التي حملوها إياهم.

حزب العمال الشيوعي التونسي
القيادة الوطنية
تونس في 29 أكتوبر 2011