إشعاع ميدان التحرير يصل إلي «وول ستريت» (1)


سعد هجرس
2011 / 10 / 24 - 19:04     

يبدو أننا لم ندرك بعد القيمة الكبري لثورة 25 يناير المصرية، ويستوي في ذلك المؤيدون لهذه الثورة والمناهضون لها.
وفي الوقت الذي يحاول فيه البعض منا التشكيك في تفرد الثورة المصرية، أو يحاول تقزيمها وإبقاءها في حدود «نصف ثورة»، تتوالي تجليات اقليمية ودولية متزايدة تعيد الاعتبار لها ولريادتها باعتبارها أول ثورة في العصر المعلوماتي، والذي ينطوي بدوره علي ثالث ثورة «كونية» عرفتها البشرية بعد ثورة الزراعة و ثورة الصناعة، ألا وهي «ثورة المعلومات».
وأحدث هذه التجليات وأكثرها إثارة، يأتي من قلب الولايات المتحدة الأمريكية، ومن قدس أقدسها، شارع «وول ستريت»، كعبة الرأسمالية العالمية في مدينة نيويورك.
من حي المال و الأعمال المرعب اندلعت مظاهرات واعتصامات متتالية.
صحيح أن الولايات المتحدة شأنها شأن باقي الدول الغربية معتادة علي المظاهرات والإضرابات وجميع أشكال التعبير، بيد أن إضرابات واعتصامات وول ستريت ليست كغيرها من صور الاحتجاج.
فقد أعرب المتظاهرون الأمريكيون عن أملهم في تحويل شارع «وول ستريت» إلي «ميدان تحرير أمريكي» علي غرار ميدان التحرير في القاهرة، وفي حدود معلوماتي فإن هذه أول مرة يقوم فيها الغرب، وقائدته أمريكا، بمحاكاة مصر، أو أي بلد عربي أو شرق أوسطي أو عالم ثالثي.
وكنا معتادين العكس تماما حيث نقوم نحن هنا بتقليد ما يجري علي الضفاف الشمالية للبحر الأبيض المتوسط والضفاف الغربية للمحيط الأطلسي.
الآن.. دارت عجلة الزمان ووجدنا الشباب الأمريكي يقول علنا وعلي رءوس الأشهاد: نريد أن نفعل ما فعله الشباب المصري يوم 25 يناير وأن نحول حي المال والأعمال في وول ستريت بمدينة نيويورك إلي «ميدان تحرير أمريكي»!!.
هذه لفتة رمزية بالغة الأهمية، تبين ـ ضمن ما تبين ـ كيف أصبحت الثورة بؤرة إشعاع، ومنارة إلهام للبشرية. وهذه مسألة يجب أن نتوقف أمامها بالرصد والتحليل طويلا فيما بعد.
***
الأمر الثاني هو دلالة هذا «التمرد» الأمريكي، مهما كان محدودا في بداياته، فهذا شأن البدايات عموماً، رغم أن الشرارة لم تتوقف عند حدود «وول ستريت» بل امتدت إلي عدة ولايات وبدأت بالظهور في بوسطن ولوس انجلوس وشيكاغو.
ومع أن أعداد المحتجين محدودة ـ مقارنة بمليونيات مصر وميادين التحرير المصرية ـ فإن التغطية الإعلامية المباشرة من مخيمهم وزيارات المشاهير ـ مثل الممثلة سوزان ساراندان وحاكم نيويورك السابق ديفيد باترسون، بل والملياردير جورج سوروس أيضا ـ تفوق التوقعات.
***
الأمر الثالث هو أن الاتهام الجاهز الموجه إلي هذا «التمرد» الجنيني هو الافتقار إلي قيادة والافتقار إلي برنامج محدد، وكما نذكر فإن الاتهام نفسه تم توجيهه إلي الثورة المصرية في بداياتها، بل ربما مازال البعض يوجهه إليها حتي الآن.
فتقرأ في برقية تبثها وكالة الأنباء الفرنسية من نيولورك أن «أسباب التظاهر والاعتصام تختلف من شخص إلي آخر من الأشخاص المعتصمين في منتزه زوكوتي في مانهاتن. وأغلبهم من الشباب المتعلم، فمن الغضب بسبب انقاذ الحكومة لشركات وول ستريت إلي البطالة، مرورا بدور الطلبة ووحشية الشرطة، حتي التغيرات المناخية، لا تجد اتفاقا علي شكوي بعينها، كما أنه يصعب أن تجد قائدا أو زعيما يتحدث باسم المحتجين والمعتصمين».
فهل هذا صحيح؟!
.. للحديث بقية.