الشرف والمتاجرة بدماء العراقيين


محمد الموسوي
2011 / 9 / 22 - 11:01     

الشرف والمتاجرة بدماء العراقيين
محمد الموسوي


الى روح أخي المهندس جمال الموسـوي الذي اسـتشـهد في مجزرة النخيب مسـاء
الاثنين 12-9-2011 والى أرواح شـهداء العراق الميامين

عدت للتو من مجلس الفاتحة الذي أقمناه لأخي ضمن مجالس الفاتحة التي أقيمت لاثنين وعشـرين شـهيدا مغدورا من أبناء عوائل مدينة كربلاء في أجواء أثارت استنكار واستهجان كافة أبناء المدينة الشرفاء الذين خرجوا بعشرات الآلاف للتوديع الأخير لأبنائهم الأبرياء الذين كانوا في طريقهم للسفر مع غوائلهم لسوريا ولزيارة السيدة زينب عندما سقطوا صرعى برصاص عصابة وحشية غادرة لا تعطي أية قيمة للحياة البشرية .

لقد كان هول الصدمة كبيرا بالنسبة لعائلتنا حيث ترك أخي وراؤه أرملة وأربعة أطفال بعمر الزهور ومضى على عودته اقل من عام بعد أن تشـرد وتغرب في ليبيا وبريطانيا لأكثر من سبعة عشر عاما ويبدو انه جاء للعراق ليتلقى منيته ، وإنني اعتقد جازما بان مسؤولية هذا القتل العبثي لأبناء العراق والفشل في حماية أرواحهم تقع على عاتق ما يسمى بحكومة "الشراكة الوطنية" وأجهزتها الأمنية المخترقة بامتياز وبالرغم من صرف أموال طائلة على هذه الأجهزة فان فشـلها الذريع أدى ويؤدي إلى استشهاد المئات من الأبرياء شهريا إذ إن مجزرة النخيب ليست الأولى ولن تكون الأخيرة حيث سبقتها وخلال هذا الشهر فقط مذبحة سببها انتحاري في جامع أم القرى ببغداد وأعقبتها انفجارات في الشويلة ببابل وها قد حصلت ثلاثة انفجارات يوم أمس في الرمادي .

إن السؤال الملح هو على من تقع مسؤولية تدهور الوضع الأمني إن لم تكن مسؤولية الأجهزة الأمنية وقادتها الفاشلين والمقصرين وعلى رأسهم القائد العام للقوات المسلحة والذي هو وزيرا للداخلية والأمن الوطني وكالة إضافة لكونه المسئول الأول في الدولة الممزقة والمتشضية ويبدو انه يتحمل من المسؤوليات أكثر بكثير من طاقاته وإمكانياته ممـا يؤدي إلى إرباك وفوضى و يضع مستقبل البلد في متاهات لا تحمد عقباها .

لقد أثبتت مجزرة النخيب استهتار الأجهزة الحاكمة بأرواح الأبرياء ومحاولة استغلال مثل هذه المذابح في صراعاتهم السياسية والطائفية وصراعات التشبث بكراسي الحكم وبالنظر لوجود حكومة تشترك فيها كافة الإطراف السياسية الرئيسية والبعيدة كل البعد عن ضمان امن المواطنين أو الاهتمام بمعاناتهم على كافة الأصعدة ، لذا فأنني اتهمهم جميعا بالمتاجرة بدماء الأبرياء ولا أبريء أحدا منهم من هذه الدماء التي تسفك كل يوم .

إنني اعتقد جازما بان هذه الجريمة البشعة شأنها شأن المذابح الأحرى سوف تسجل ضد مجهول حيث تشكل لجنه تحقيقيه لن تصل إلى أية نتيجة خاصة وانه تم إطلاق سراح مجموعة من المشتبه بهم والذين تم اعتقالهم في الانبار من قبل قوات من كربلاء بطريقة استعراضية تستهدف تهدئة الخواطر والضحك على الذقون والتي أدت إلى مردودات عكسية وأدخلت التحقيق في المجزرة في متاهات قد تبعد التحقيق عن الجناة الحقيقيين كما إن السرعة المفرطة التي أطلق بها سراح معظم المتهمين تخت تهديد عشائر الانبار للحكومة المركزية التي اهينت بشكل مخزي دلت على هشاشة وضعف مصداقية الحكومة واجهزة القضاء والا فاين الحكومة والقضاء من البت بمصير الاف السجناء والمعتقلين الذين يرزحون في السجون سنوات دون تقديمهم لمحاكمات قد تثبت براءة الكثيرين منهم .

لقد دلت عملية اعتقال المتهمين وإطلاق سـراحهم دون حتى محاولة الاستعانة ببقية ركاب الحافلة للتعرف عليهم وتشخيصهم أو عدمه للتأكد من عدم تورطهم بهذه المذبحة ( حيث أنهم صعدوا إلى الحافلة بملابس عسكرية ورشاشات ولكن غير ملثمين ) رغم إنهم متهمين بجرائم أخرى كما ذكر وزير الدفاع وكالة , إي إن كل ذلك يدل أن العملية برمتها لا علاقة لها بالقضاء والقانون وإنما تمت بطريقة عشائرية متخلفة وبعيدة كل البعد عن الطرق القانونية المتحضرة والتي أدخلت هذه المذبحة في إطار الصراع الطائفي البغيض الذي يعاني منه البلد ويلقي بضلاله الكريهة على كافة جوانب الحياة وتعمل القوى السياسية المتصارعة للاستفادة منه لتكريس منافعها الذاتية ومصالحها الأنانية الضيقة

يبدو إن دماء العراقيين ما زالت رخيصة إذ بالرغم من كوننا في القرن الواحد والعشرين فان باستطاعة طرق بدائية كنصب سيطرة وهمية على طريق دولي مليء بالسيطرات والدوريات كما تزعم الحكومة ، أن تقضي على أرواح 22 بريئا قتلا بالرصاص ني حين تتلهى الأجهزة الأمنية مثلا باستعمال "خرخاشة" السونار في السيطرات بالرغم من انفضاح عدم نفعها لأي هدف امني بل نفعت في حشو جيوب الفاسدين والمرتشين بعمولات صفقتها المشبوهة .

إن على المسئولين الحكوميين في المحافظة تقع مهمة حماية أرواح المواطنين وفشلوا في ذلك وقد طالبتهم في التشييع وإمام سمع ونظر المواطنين بان يختاروا إما غلق طريق الموت هذا أو حماية ارواح المواطنين الابرياء من المسافرين وسالتهم كيف يسمحوا بالسفر في طريق غير امن ,اليس هذا دلبل على اختراق الاجهزة الامنية والتي يتسلل اليها الارهابيين عبر الفساد والرشاوى وتوفر لهم المعلومات الاستخبارية لتسهل لتلك العصابات المضي في ارتكاب جرائمهم بحق العراقيين الابرياء ، كما دلت عليه عمليات هروب قيادات ارهابية مجرمة من سجون بغداد والبصرة ونينوى .

اخيرا احر التعازي والصبر لعوائل شهداء مجزرة النخيب من ابناء كربلاء .