احمد عز مازال يهدد


سعد هجرس
2011 / 9 / 22 - 08:25     

نسبت جريدة «اليوم السابع» إلى رجل الأعمال أحمد عز، المحبوس تنفيذاً لحكم قضائى بالسجن 10 سنوات فى قضية رخص الحديد، قوله: إنه سيطعن على الحكم لإثبات براءته من أى مخالفات، وهدد بتجميد استثماراته، النصف الأول من التصريح لا شأن لنا به، فهو يتعلق بحق من حقوق أحمد عز، التى يكفلها له القانون ولا يحق لأحد أن يحرمه منها.. أما النصف الثانى فهو مربط الفرس.
«أحمد عز يهدد بتجميد استثماراته».. ضع تحت هذه الجملة القصيرة مائة خط أحمر، فهى جملة «كاشفة» للغاية. وهى تعنى – ضمن ما تعنى – أن أحمد عز مازال أحد «اللاعبين» فى الاقتصاد المصرى، حتى وهو خلف القضبان. وتعنى أنه مازال يدير استثمارات متعددة. وتعنى أنه مازال يملك القدرة على التهديد بتجميد هذه الاستثمارات، وبالتالى خلق مشاكل للاقتصاد المصرى إذا لم يتم الإذعان لمطالبه.
والخطورة أن كل ما سلف لا يقتصر فقط – فيما يبدو – على أحمد عز إمبراطور الحديد السابق «والحالى أيضاً» وإنما يمتد ليشمل كل ركائز النظام السابق من «محاسيب» استفادوا من الزواج بين السياسة والمال فى ظل حكم تحالف الاستبداد والفساد.. كل هؤلاء مازالت ثرواتهم كما هى، واستثماراتهم فى الحفظ والصون، وكل هذا ليس اكتشافاً، فقد قلنا مراراً وتكراراً إن رياح الثورة لم تصل إلى الاقتصاد حتى الآن. وإن الاقتصاد مازال يدار بسياسات حسنى مبارك وأحمد نظيف ويوسف بطرس غالى نفسها، بل مازال يدار بمعظم رجال نظام حسنى مبارك الذين يقودون المؤسسات والهيئات والبنوك منذ سنوات طويلة، تحسب بالعشرات فى كثير من الحالات، وبالتالى.. فإنه مازال اقتصاداً تحكمه السياسات الاحتكارية لصالح حفنة من المحاسيب وشريحة ضيقة جداً من المستفيدين. أما الاقتصاد الحقيقى المعنى بالإنتاج فمازال كالأيتام على مائدة اللئام. ومازال اقتصاداً عشوائياً يفتقر إلى «الرؤية» المستقبلية الشاملة، وإلى الأولويات المحددة، وإلى بصمة العلم والبحث العلمى، والتكنولوجيا المتطورة، وإلى التكامل المدروس بين قطاعاته المتعددة، وإلى العدالة الاجتماعية سواء فى تحمل الأعباء أو التمتع بالثمار «إن وجدت».
هذا هو الميراث الذى تركه لنا حسنى مبارك، والذى كانت نتيجته تلك الحقائق المخيفة والمؤلمة التى تضمنها تقرير البؤس العالمى الصادر مؤخراً عن مؤسسة أبحاث أمريكية، جاء فيه أن مبارك ترك وراءه نصف أطفال مصر مصابين بالأنيميا و29 % مصابين بالتقزم و24 % قصار القامة، وبالنتيجة احتلت مصر المركز 57 من بين 60 دولة فى تقرير البؤس العالمى!
هذا هو واقع الحال قبل الثورة.. فماذا حدث بعدها؟
لا شىء، لأن الاقتصاد مستبعد من جدول أعمال كل القوى الحاكمة وغير الحاكمة، ولم يترتب على ذلك فقط إغلاق 4500 مصنع جديد وإنما وصل التردى إلى حد تهديد أحمد عز لنا من خلف القضبان بتجميد استثماراته. وسيزداد الحال سوءاً إذا لم نتحرك الآن وفوراً. وهناك الكثير الذى يمكن – ويجب – عمله اليوم قبل الغد حتى لا يتسع الخرق على الراتق. وأول ما يمكن – ويجب – عمله هو مصادرة ثروات وممتلكات رؤوس وأذناب تحالف الاستبداد والفساد الذى ظل ينهب مصر ومقدراتها وعرق أبنائها على مدار ثلاثة عقود متتالية لصالح شلة المحاسيب. وليس فى هذا الإجراء المطلوب اعتداء على الملكية الخاصة، لأن هذه الثروات ليست ملكية خاصة لهم ولا موروثة عن آبائهم وأجدادهم وإنما هى ببساطة مسروقة من مصر والمصريين بالمخالفة لكل قوانين الاقتصاد الحر وما تتطلبه من مصوغات، ليس من بينها الاستيلاء على أراضى الدولة بملاليم والتربح من الوظيفة العمومية والممارسات الاحتكارية حتى لو كانت مقننة والاستفادة من تعارض المصالح وغيرها من ظواهر إجرامية كانت هى «القاعدة» وليس «الاستثناء» فى ظل نظام حسنى مبارك ووريثه جمال وشريكه أحمد عز الذى يهددنا اليوم بتجميد استثماراته التى هى فلوس الشعب!!