أخي صفاء


ضياء حميو
2011 / 8 / 27 - 23:26     

لأول مرة أكتب وتساقط الدمع يوقفني عن الكتابة..!!
أرحتَ ركابك وارتحتَ.. ياحبيبي..!!
كأنك لم تكن، هو الرحيل الأبدي إذن..!
أكاد ألامسُ الأمسَ بأطراف أصابعي..!
بالأمس نلعب معا ،نتسلق النخل ،و" عيط" النخل لك ، وحدك من يقدر ان يتسلقها ، جريئا وعنيدا.
بالأمس حمارنا يكبو بنا يحملنا حيث المدينة والمدرسة البعيدة، أمنا تسخّن لنا "الرز" المتبقي من عشاء الأمس، تأكل أسرع مني فأحتج لغياب عدالة التوزيع، تقنعني بان " حوصلة " الدجاجة الكبيرة اكبر من " أفراخها"، لم اعترض بعدها واقتنعت بصغر " حوصلتي" رغم جوعي..! أخبرتك بهذا بعد سنين المنفى ضحكتَ ونحن نأكل معا :" مازالت " حوصلتك " صغيرة".
من أين جاءك " المرض الخبيث"...!؟
هل هو من معمل تصليح الدبابات حين كنت " جنديا مكلفا" أيام حرب الخليج الأولى..!؟
أتصنع النوم قرب أمنا بعد رحيلك، يغرق الدمع عيني، وأخاف النشيج خوف تسمعني..!
تنجدني باحة الدار وصوت مولدة كهرباء" الوطن" ،فأطلق للعواطف عنانها..!
قد أطالت في الصلاة :" كنت اصلي له أيضا لااقدر ان أنساه"..!!
من يقدر أن ينساه ياامي..!!
قالت :" استغفر الله ، ولكن لِمَ يخلق الله الأمَ هكذا ،يخلقها للعذاب ،لم لايعجل برحيلها قبل أبناءها..!"
:" هي حكمته يامي".
في تلك الأيام السوداء وقد التقينا ببلد مجاور سرا" قلت لك هل تريد ان تغادر العراق..!؟"
قلت: " لا... لا اعرف غير العراق ولا أريد ان اعرف، أنا بخير رغم مضايقات " السفلة "ثم ممازحا " أنا من يدفع ثمن " حماقاتك السياسية ، المهم ان تظل وعائلتك بأمان، لاتقلق علي ".
وحين عدتُ بعد سنين التقيتني بدموعك " فخورا بي" أمام صحبك وأهل المدينة.
بالأمس كنا سوية في الثانوية ،كنت الأذكى والأكثر وسامة والأكثر حظا مع الصبايا.
دوما كنتَ تحصل على أفضل " صوغه " هدية من أمنا وأغلاها ، ولم نعترض ،كنا مقتنعين انك تستحقها ، كنت مميزا"..!!
أتذكر تلك الليلة منتصف التسعينات حين أخبرتك بضرورة هروبي فقد كشفوا أمري..!
لم تعلق بشيء ،خيم الحزن عليك ، أخرجت كل رأسمالك من نقود وهي كل ماتملك ووضعتها بجيبي ، قلتَ :" حافظ على نفسك ابق سالما ، لاتحاول ان تتصل بنا ، سيعدموننا"..!
نعم كنتُ اعتقد إننا سلمنا من إرث " الأيام السوداء " ولم أكن ادري انها زرعت برأسك ورمها الخبيث.
إمتلكتَ " صلة رحم " ماكنا لنفهمها ..! في الهند في فترة علاجك وقد فقدت البصر وأدركت مرضك تتصل توصي بأكل أخيك الأكبر " المقعد"..!!
وعدتَ متطرفا" نصيرا لفقراء الهند" مشتهيا أغاني " فيروز"..!!
أصبرُّك وأكذب عليك بان آلامك ستزول بانتهاء علاجك، وأنا أدرك نهايتك قريبة..!
أخوك " علاء"وقد كان مستعدا أن يعادلك بالذهب كي تشفى، حين يأس من شفاءك لم يمتلك غير الصلاة وسطح الدار يبكيك سرا فيه.
كنتُ اظنني قويا ، ولكن رحيلك فضحني ، مازالت أغص بعبرتي ودمعي يفضحني.
الآن أدركتُ حزن " الخنساء" أخيها " صخر"
كَـأَنَّ عَـيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت فَـيضٌ يَـسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ
أسميتَ طفلتك الصغيرة على أسمي ..!!
،الآن وفي هذه اللحظة أدركني شجن "متمم ابن نويرة" بأخيه "مالك":
فَلَمّـا تَفـرّقْنا كأني ّ ومـالِكاً لطـول اجتماعٍ، لم نَبِتْ ليلةً مَعَا
تحيتهُ منّي وإنْ كانَ نائياً وأمسى تُراباً فوقَهُ الأرضُ بلقعا
فإنْ تَكُـنِ الأيـامُ فَـرّقْنَ بَيْنَنا لقدْ بانَ مَحْمُـوداً أخي، يـومَ وَدّعا
نم مطمئنا أخي ،سأكمل وأخيك ماكنتَ تتمناه لأطفالك ،تماما كما كنت ستفعل لو كنت أنتَ مكاننا.