في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة الماركسية اللينينية الثورية المغربية -إلى الأمام-


عبد اللطيف زروال
2011 / 8 / 27 - 02:50     

في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة الماركسية اللينينية الثورية المغربية "إلى الأمام"

يقوم النظام الملكي الكومبرادوري بالمغرب بأدواره الرجعية لخدمة الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية العربية ، في ظل نهضة الشعوب المغاربية و العربية بعد الإنتفاضات الشعبية بتونس و مصر و ليبيا واليمن و سوريا ، و ذلك من أجل إخماد هذه الإنتفاضات بتعاون مع الإصلاحية و التحريفية و الظلامية ، كما لا يتوانى في تقديم الدعم السياسي لدول الخليج العربي الرجعية لكبح جماح انتفاضات الشعوب المغاربية و العربية.

و تقوم الإصلاحية و التحريفية بتحالف مع الظلامية في حركة 20 فبراير بدور صمام أمان أزمة النظام الملكي الكومبرادورى ، و ذلك بخنق الإنتفاضة الشعبية المغربية منذ 20 فبراير 2011 حتى لا تتحول إلى ثورة شعبية تعصف بالنظام الملكي الكومبرادوري المتعفن ، و قد سطرت لذلك سقف مطالبها الإصلاحية بوضع سقف ما يسمى "الملكية البرلمانية" و "الدولة الديمقراطية البرلمانية" ، و ذلك لتأكيد انخراطها المبدئي في تنفيذ مشروع النظام الملكي الكومبرادوري خادم الإمبريالية و الصهيونية والرجعية العربية .

لقد ساهم الشباب الماركسي اللينيني في انتفاضة 20 فبراير 2011 بكل همة و حزم و إصرار ، إيمانا منه بأن ، الشعب المغربي قادر على إنجاز انتفاضته الشعبية ، كباقي الشعوب المغاربية و العربية في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا ، في أفق تحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية . و قد أدى مناضلو الحركة الماركسية اللينينية المغرب ثمن ذلك بمزيد من القمع البوليسي ، و الإعتقالات و التعذيب في سجون النظام الملكي الكومبرادوري ، و المحاكمات الصورية و الإدانات ، و ما زال استمرار المتابعات و الإعتقالات في حقهم سواء في حركة 20 فبراير أو في الحركة الطلابية أو في الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب .

و لم تتوانى التحريفية الإنتهازية ب"حزب النهج الديمقراطي" في الهجوم على الماركسيين اللينينيين ، كجزء من مهامها التخريبية للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، خدمة للأجهزة القمعية و البوليس السياسي ، باسم ما تسميه "الأعمال الإجرامية التخريبية بالجامعات" ، كتهمة تلصقها بالطلبة الماركسيين اللينينيين ، لتسهيل اعتقالهم و تعذيبهم و محاكمتهم و إدانتهم .

و التحريفية الإنتهازية ب"حزب النهج الديمقراطي" إد تصطف اليوم بجانب المجرمين الظلاميين ب"جماعة العدل و الإحسان" ، المجرمون في حق الطلبة الماركسيين اللينينيين ، تسعي إلى تصفية الإرث الثوري للحركة الماركسية اللينينية و خاصة منظمة "إلى الأمام" ، خدمة للإمبريالية و الصهيونية و الرجعية العربية.

و يعتبر "إعلان الأماميين الثوريين" الصادر منذ سنة تخليدا للذكرى الأربعين لتأسيس منظمة "إلى الأمام" ، و ثيقة مهمة تحمل بحق مشروع الصراع الأيديولوجي و السياسي و التنظيمي للماركسيين اللينينيين المغاربة ، في مواجهة مشروع التحريفية الإنتهازية ب"حزب النهج الديمقراطي" ، لهذا نعيد نشر هذه الوثيقة المهمة من جديد، كمقدمة لمسار طويل من الصراع الذي نخوضه ضد التحريفية الإنتهازية عالميا و إقليميا و محليا .

هذا المسار الشاق إبتدأ منذ صدور هذ الوثيقة ، و سنواصله مع حلول الذكرى 41 لتأسيس هذه المنظمة العتيدة ، و لن نتوانى في محاربة مشاريع الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية العربية قيد أنملة . و يعتبر الصراع ضد التحريفية الإنتهازية إحدى ركائز هذه الحرب المعلنة ضد ثالوث الإمبريالية ـ الصهيونية ـ الرجعية العربية .

زروال المغربي

في الذكرى الأربعين لمنظمة "إلى الأمام"
لنرفع راية النضال الثوري عاليا ضد الكومبرادور و التحريفية الإنتهازية

1 ـ حلول الذكرى الأربعين لمنظمة "إلى الأمام"

تحل اليوم الذكرى الأربعون لتأسيس المنظمة الماركسية ـ اللينينية المغربية "إلى الأمام" ، و تأتي هذه الذكرى في سياق وضع عالمي و وطني يتميز بما يلي :

على المستوى العالمي

ـ تصاعد الهجوم الإمبريالي في ظل تداعيات الأزمة المالية الحالية و سقوط الشعارات الكاذبة للإمبريالية من قبيل " العولمة و الديمقراطية و حقوق الإنسان " و تخليص العالم من الفقر و القهر ...
ـ فرض أشكال استعمارية جديدة على البلدان التابعة و ضمنها البلدان العربية و المغاربية (العراق ، لبنان ، فلسطين).
ـ دور الشركات الإمبريالية العابرة للقارات و البنك العالمي و صندوق النقد الدولي في السيطرة على ثروات الشعوب المضطهدة و الإستغلال المكثفة للطبقة العاملة تحت شعار "تحرير التجارة العالمية" و إنشاء "المناطق التجارية الحرة".
ـ تزايد تناقضات الدول الإمبريالية فيما بينها خاصة بعد صعود الصين كدولة اشتراكية إمبريالية و روسيا والهند.
إن السيرورات الرئيسية لتطور نمط الإنتاج الرأسمالي في مرحلته الإحتكارية (الإمبريالية) يحددها قانون :
ـ ضمان أقصى حد من الريع المالي عن طريق استغلال الطبقة العاملة في المراكز الرأسمالية و استعباد و نهب منهجي للشعوب الأخرى و إطلاق الحروب و عسكرة الإقتصادات الوطنية للبلدان الرأسمالية.
و النتيجة إمتداد التناقضات بين الإمبرياليات و بين مختلف المجموعات المالية و البنكية و الشركات الإمبريالية العابرة للقارات. إن قانون التطور اللامتكافيء للرأسمالية (القانون العلمي الذي اكتشفه لينين) يعمل باستمرار على تعميق هذه التناقضات المتجلية في الصراع الدائم بين الإحتكارات و الإمبرياليات المختلفة من أجل اقتسام العالم و الأسواق وخيرات الشعوب و الدول التابعة ، و من نتائج هذا الصراع :
ـ إحتداد دائم للتناقضات الإقتصادية و السياسية للدول الإمبريالية و تنامي النزاعات الشوفينية و العنصرية والفاشية و معاداة السامية و بث النزاعات العدوانية ضد الشعوب الأخرى ، و صعود اليمين الفاشي و البورجوازيات الإمبريالية و تنامي عسكرة الإقتصاد الوطني ، و الدخول في حروب ضد الشعوب و احتلال بلدان و بروز أشكال استعمارية جديدة.
ـ إحتداد التناقضات الطبقية و الوطنية و القومية ، و يتجلى ذلك من خلال :
ـ تزايد الإستغلال المكثف لقوة العمل و تراكم القيمة الزائدة و الأرباح الفاحشة في أيدي الطغمة المالية الإمبريالية التي أحكمت هيمنتها المطلقة على الرأسمال الصناعي و التجاري.
ـ هيمنة المضاربات المالية الطفيلية على حساب الإنتاج الصناعي و الزراعي .
ـ التحكم في سوق العمل و تحديد قيمة الأجور و الأسعار و نشر العطالة و حماية الرأسمال بفرض سياسات الخوصصة و قوانين رجعية تضرب في الصميم كل المكتسبات التاريخية التي حققتها الطبقة العاملة بكفاحاتها المريرة ضد استغلال الرأسمال.
ـ تصاعد النهب الإمبريالي بدعم من البورجوازيات الكومبرادورية و البيروقراطية للدول التابعة على خيرات الشعوب المضطهدة و الإستغلال المكثف للطبقة العاملة في هذه البلدان ، مما يساهم في تنامي الفقر و البلترة المستمرة للفلاحين و فئات واسعة من الجماهير الشعبية.
مع انفضاح الأوهام و الأكاذيب التي تسوقها الدوائر الإمبريالية حول "الأعمال الصغرى الحرة" و "المنافسة الحرة الجالبة للرخاء و الديمقراطية للجميع" في ظل "العولمة و الديمقراطية و حقوق الإنسان" ، بعدما تم القضاء على الإشتراكية حسب زعما ليصبح العالم يسير في اتجاه وحيد : "إتجاه الرأسمالية المنتصرة"، إلا أن الوقائع العنيدة تكفلت بتكذيب هذا الخطاب "النيوليبرالي" الرجعي ، و ما بروز الأزمة المالية العالمية نتيجة المضاربات العقارية و الهيمنة الإمبريالية على الرأسمال المالي العالمي إلا دليل ساطع على صحة الأطروحات الماركسية اللينينية حول الرأسمالية وتناقضاتها و مستقبلها.
إن التناقض الأساسي في ظل الرأسمالية الإحتكارية (الإمبريالية) هو تناقض جوهري بين الطابع الإجتماعي للإنتاج و الشكل الرأسمالي الخاص للإمتلاك (appropriation) ، و يصل هذا التناقض مداه في ظل المرحلة الإمبريالية تحت وقع قانون الإنخفاض الميولي للربح (la loi de la baisse tendoncielle du taux de profit) .
إن تنامي التناقضات الإمبريالية و احتداد التناقض بينها و بين شعوب الأرض المضطهدة يثبت صحة الأطروحة اللينينية حول إمكانية نجاح الثورات في إحدى الحلقات الضعيفة للسلسلة الإمبريالية ، و ذلك تحت تأثير قانون التطور اللامتكافيء للرأسمالية الشيء الذي أثبت صحة ثورة أكتوبر 1917 المجيدة و الثورة الصينية بقيادة الرفيق ماو تسي تونغ و ثورات القرن 20 الإشتراكية.
إن الإمبريالية بالفعل كما أكد لينين هي عشية الثورة الإشتراكية و الثورات الوطنية الديمقراطية في البلدان التابعة ، و لذلك يظل الإتجاه العام (رغم فترات الجزر النسبي) هو الثورة كما أكد ذلك ماو تسي تونغ.
إن ما يعرفه العالم الآن من تحولات اقتصادية و سياسية يؤكد الدور الحاسم للطبقة العاملة و أحزابها الشيوعية الثورية (في البلدان الرأسمالية و البلدان التابعة) في الصراع الدائر الآن من أجل القضاء على الإستغلال و الإضطهاد الإمبرياليبن و تحقيق الإشتراكية و الإستقلال الوطني و بناء الديمقراطية الشعبية.

على المستوى الوطني

ـ إتساع دائرة التراكم الرأسمالي الكومبرادوري المرتبط عضوا بالرأسمال الإمبريالي و ظهور طغمة مالية قوية تعمل باستمرار على تنمية الطابع الطفيلي للإقتصاد الوطني ، عن طريق المضاربات العقارية و استنفاذ استغلال الثروات الطبيعية من مناجم و صيد بحري و تصفية المؤسسات الوطنية المالية و الصناعية و الفلاحية و الإستحواذ على المال العام و تبذيره ، و السيطرة على أجود الأراضي و الغابات و أراضي الجماعات السلالية عن طريق الأجهزة الإدارية للكومبرادور و السماسرة و المجالس القروية ، مما حول الأراضي الجماعية إلى ضيعات و محميات خاصة بالبوادي و مجموعات سكنية بضواحي المدن.
ـ إستمرار تطبيق السيايات الإقتصادية و الإجتماعية و المالية المملاة من صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و تنامي أزمة التعليم الطبقي و الصحة و الشغل و السكن ، و اكتواء الجماهير الشعبية بنار الأسعار المرتفعة باستمرار و ضعف الأجور و أزمة التنقل و تنامي الرشوة.
و من نتائج هذه السياسات اللاوطنية و اللاديمقراطية و اللاشعبية :
ـ الطرد المستمر للعمال و العاملات بالمدن (لاسمير ، صوماكا ، السكر و الشاي ، التبغ ...) بعد تصفية جل المعامل الوطنية و تفويتها إلى الرأسمال الإمبريالي و حليفه الكومبرادوري.
ـ طرد العمال المنجميين و تصفية جل المناجم (جبل عوام ، جرادة ، إيميني ، خريبكة ...) و تفويت استغلالها للشركات الإمبريالية و الكومبرادورية.
ـ تهميش المشاريع الإنتاجية و التركيز على رأسمال الريع و انتعاش المضاربات العقارية و تصفية المكاتب الوطنية (البريد ، المحافظة العقارية ، الكهرباء ، الماء ...) و خوصصتها.
ـ إحداث وكالات و شركات لنهب الأموال (وكالة المحافظة العقارية ، وكالة مياه الري ، وكالات و شركات التعمير و الإتصالات ...).
ـ تفويت أراضي صوديا و سوجيطا و تسليمها لكبار الرأسماليين الكمبرادوريين و الملاكين العقاريين الكبار والسياسيين الإنتهازيين من خدام الكمبرادور و حاشيته ، و القيام بطرد العاملات و العمال الزراعيين و ذلك جنبا إلى جنب مع الإستيلاء على أراضي الفلاحين الذين تحولوا إلى عبيد الرأسمال الكمبرادوري فوق أراضيهم ، كما يقوم النظام الكمبرادوري بتأسيس تعاونيات فلاحية و جمعيات السقي لذر الأموال لصالح الرأسمال و السماح بانتشار شركات القروض الصغرى لاستنزاف قوة عمل ما تبقى من الطبقات الشعبية و خصوصا المرأة بالبوادي و المدن.
ـ تفويت قطاع الخدمات للشركات الإمبريالية (النقل الحضري ، الصرف الصحي ، الماء ، الكهرباء ...) و طرد العمال و العاملات و حرمانهم من حقوقهم الإقتصادية و الإجتماعية.
ـ إتساع دائرة القمع المسلط على الحركات الجماهيرية بكل فصائلها (عمال ، فلاحون ، طلبة ، معطلون ، نساء ...) و تزايد المحاكمات التي تقام للمناضلين الطلبة و الحقوقيين و المعطلين و الصحافيين و الفلاحين و النساء و الزج بالعديد منهم في سجون النظام الكمبرادوري.
ـ رغم خيانة القيادات النقابية البيروقراطية المساهمة في ضرب الكفاحات العمالية (توقيع إتفاق فاتح غشت 1996 ، إتفاق 30 أبريل 2003 ، تمرير سياسة "السلم الإجتماعي" على حساب المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة وذلك بعد مصادقتها على مدونة الشغل الرجعية و تلاقي الرشاوى على ذلك ، و مناورات و ديماغوجية القوى الإصلاحية التي التحقت بما يسمى "حكومة التناوب" في 1998 و قامت على إثرها بتنفيذ كل بنود سياسات النظام الكمبرادوري بما فيها المصادقة على قوانين من قبيل "قانون الأحزاب" و قانون "مكافحة الإرهاب" ... تنامت الحركات الجماهيرية على امتداد السنوات الأخيرة في مختلف مناطق البلاد دفاعا عن حقوقها المشروعة و عن مكتسباتها التاريخية و عن أراضيها و عن حقها في التعليم و الصحة و الشغل و السكن و غيرها من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية.
و من أبرز هذه النضالات :

ـ النضالات العمالية بمناجم إيميني و جبل عوام و جرادة و خريبكة ضد الإغلاق و طرد العمال.
ـ نضالات العمال الزراعيين خاصة بعد تصفية صوديا و سوجتا و طرد العمال و العاملات (أولاد تايمة ...) ونضالات العمال الزراعيين بشتوكة أيت بها ضد الطرد و الإضطهاد ...
ـ الإنتفاضات الشعبية الثورية (الحركة الطلابية بقيادة الطلائع الثورية في كل من مراكش ، أكادير ، فاس ، وجدة و غيرها) و النضالات المتقدمة التي تخوضها جماهير المعطلين في مختلف مناطق البلاد بقيادة الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب(ANDCM) .
إن الإستغلال و القمع و الطرد و الإضطهاد و كل سياسيات النظام اللاوطني و اللاديمقراطي و اللاشعبي تؤجج النضالات و تزيدها اتساعا ، إلا أن اتساع هذه النضالات الجماهيرية و تعدد أساليبها النضالية تظهر مدى استعداد الجماهير للنضال و تلقي على عاتق الثوريين مهاما جسيمة للنهوض بالدور التاريخي الملقى على عاتقهم.
فالحركة الجماهيرية رغم حجمها و اتساع رقعتها تظل تجتر معها العديد من النواقص و السلبيات منها :
ـ بقاء وعيها حسيا رغم حجم تطور الصراع الطبقي الدائر بالبلاد.
ـ ضعف التنسيق فيما بينها مما يجعلها عاجزة عن تحقيق مطالبها رغم جسامة التضحيات.
ـ في ظل غياب حزبها الطبقي الثوري (الحزب الشيوعي) تظل عاجزة عن بلورة ممارسة نضالية ثورية لعدم قدرتها على التحليل و التأطير و التنظير و التركيب للتجارب النضالية و دروسها ، مما يؤكد أهمية أداتها الإعلامية ومنبرها الدعائي التحريضي.
ـ إنتشار السلوكات ما قبل الرأسمالية في أوساط الطبقة العاملة و الفلاحين و المسلكيات الليبرالية في أوساط البورجوازية الصغيرة (الإنتهازية ، الإرتزاق ، الوصولية ) و خصوصا لدى الفئات المثقفة.
إن هذه السلبيات و غيرها تضع الشيوعيين المغاربة أمام مسؤولياتهم التاريخية في العمل من أجل إنجاز المهمة المركزية المتمثلة في بناء الحزب الشيوعي الثوري ، و ذلك عبر انغراسهم داخل الفصائل المتقدمة للحركة الجماهيرية (طبقة عاملة ، شبيبة مدرسية ، فلاحون ، معطللون ...) و العمل على فرز قيادات مناضلة ثورية من صلب الطبقة العاملة و ترسيخ التحالف العمالي الفلاحي و المساهمة في بلورة الوعي الطبقي في صفوف الجماهير الكادحة ، عبر تحديد و تدقيق مصالحها الطبقية و حلفائها و أعدائها الطبقيين و تسطير البرنامج النضالي وفق استراتيجية ثورية ، مما يطرح في الواجهة إشكالية النظرية الثورية التي تتقدم من و بموازاة مع تقدم نضالات الطبقة العاملة و حلفائها و يعمل الشيوعيون على بلورتها.

2 ـ مواقف الأماميين الثوريين

يا جماهير شعبنا المناضل
أيها المناضلات و المناضلون الثوريون

في مثل هدا اليوم من سنة 1970 ، قام مناضلون ثوريون مغاربة تجمعهم رغبة قوية و إرادة لا تلين في النضال من أجل القضاء على النظام الكمبرادوري الرجعي و المساهمة في تحرير شعبنا من رتق الإستغلال والإضطهاد و القمع الدموي و نظام الإستعمار الجديد ، الذي زج بالبلاد في أتون التبعية للمراكز الإمبريالية و لقوى الإستعمار الجديد و العمالة للحركة الصهيونية العالمية على حساب مصالح شعبنا و مصالح الشعوب العربية.
في مثل هذا اليوم انبثقت منظمة "إلى الأمام" من رحم نضالات شعبنا ضد النظام الكمبرادوري العميل كمنظمة تمثل استمرارا و وفاء لنضالات الشعب المغربي منذ مطلع القرن 20 ، و لشهدائه و أبطاله الذين سقطوا في معمعان النضال ضد الإستعمار بشكله القديم و الجديد.
إستمرار يقوم على استخلاص الدروس و العبر من الكفاحات المريرة للطبقة العاملة المغربية و الفلاحين وعموم الكادحين ، و التجارب السياسية و المسلحة للشعب المغربي (الحركة الوطنية و المقاومة المسلحة بالمدن و جيش التحرير الوطني بالبوادي و انتفاضة مارس بالبيضاء و غيرها من التجارب ...).
ففي سياق الرد الثوري على سياسات النظام الكمبرادوري الرجعي ببلادنا (نظام لا وطني لا ديمقراطي لا شعبي) وكجزء من الحركة الشيوعية العالمية الجديدة التي أطلقتها الإسهامات العظيمة للثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونغ (دروس الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى) في مواجهة الإمبريالية و التحريفية الإنتهازية العالمية ، في هذا السياق شكل انخراط منظمة "إلى الأمام" في طريق الثورة العالمية بقيادة الثوريين الماركسيين اللينينيين ، الأرضية الصلبة لبنائها النظري و السياسي و الإستراتيجي ، حيث هكذا تقدم خطها العام ضمن المواجهة العنيدة لأربعة محاور استراتيجية متفاعلة داخل التشكيلة الإجتماعية المغربية التالية :

ـ الإستراتيجية الإمبريالية ببلادنا (الفرنسية و الأمريكية).
ـ الإستراتيجية الكمبرادورية للكتلة الطبقية السائدة ببلادنا و نظامها الرجعي.
ـ الإستراتيجية الإصلاحية لحزبي الإستقلال و الإتحاد الوطني للقوات الشعبية.
ـ الإستراتيجية التحريفية لحزب التحرر و الإشتراكية (الحزب الشيوعي التحريفي المغربي).

و حيث أن الإستراتيجيتين الأولى و الثانية معتبران متداخلتين و مرتبطتين بنيويا لارتباط الكتلة الطبقية السائدة و الرأسمال الكمبرادوري المغربي و اندماجهما بالمصالح الإمبريالية العالمية ، فإن الثالثة و الرابعة شكلتا عائقا كبيرا أمام تقدم نضال الشعب المغربي بقيادة الطبقة العاملة و حزبها الثوري نحو إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ببلادنا ، لكونهما كانتا في العمق تكئة يعتمد عليها النظام الكمبرادوري الرجعي كلما اشتد عليه الخناق ، حيث تقوم بدورها في حماية النظام من السقوط و التنفيس عليه عبر بث الأوهام الإصلاحية و الشعارات الكاذبة حول طبيعة النظام.
و لم تخل عملية بناء الخط العام للمنظمة من مواجها ضد خطوط بورجوازية صغيرة (إصلاحية ، بلانكية ، تصفوية ) عقبها تطور في الخط السياسي و الإستراتيجي ، إلا أن هذه العملية ستتوقف بعد استحواذ التحريفية والإصلاحية على قيادة المنظمة نهاية السبعينات بداية الثمانينات (1979/1980) ، فسار خط المنظمة في انحدار نحو خط تحريفي سيتخلى تدريجيا عن الرصيد الثوري الفكري و السياسي و الإستراتيجي للمنظمة ، لينتهي به المطاف إلى حلها عمليا و القضاء عليها سنة 1995 مؤسسا بذلك ما أسماه استمرارا لها : النهج الديمقراطي.
إن القيادة التحريفية المسؤولة عن فشل تجربة إعادة البناء (1980/1985) ستخوض تحت شعار "التجديد الفكري و الأيديولوجي" للمنظمة حربا ضروسا على الفكر الماركسي اللينيني الثوري عبر محطات مختلفة يتم فيها التخلي فيه عن خط ماو تسي تونغ ، عن اللينينية ، عن مفهوم حزب الطبقة العاملة ، عن ديكتاتورية البروليتاريا ، عن استراتيجية الحرب الشعبية ، و تبني بالمقابل "ماركسية فضفاضة" في عمقها اشتراكية ديمقراطية و خط النضال السلمي تحت شعار "النضال الديمقراطي الجدري" المفتقد لموقف استراتيجي واضح من مسألة السلطة باعتبارها المهمة المركزية لكل ثورة ديمقراطية شعبية حقيقية ذات أفق اشتراكي.
هكذا و منذ الثمانينات من القرن 20 تعرض تاريخ منظمة "إلى الأمام" للتشويهات المختلفة على يد المرتدين من جهة و على يد التحريفيين ، الذين ظلوا يعتبرون أنفسهم تارة شكلا من أشكال الإستمرارية للمنظمة و تارة أخرى كلما تصاعد الصراع حول تاريخها و إرثها النضالي ، الإستمرارية نفسها.
و قد آن الأوان للتصدي لمثل هذه الخزعبلات و دحضها و تقوم على عاتق "الأماميين الثوريين" و كل المناضلين الشيوعيين المخلصين مهمة تعرية الجذور التاريخية و الفكرية و السياسية للخط التحريفي باعتبار ذلك مهمة آنية من أجل التقدم نحو بناء الحزب الشيوعي الثوري حزب الطبقة العاملة المغربية.

3 ـ حول الخط الأممي الماركسية اللينينية لمنظمة "إلى الأمام"

لقد حكمت تجربة "إلى الأمام" الممتدة من التأسيس (30 غشت 1970 ) إلى 1980 (نهاية الخط الثوري وانتصار الخط التحريفي) ، عشر سنوات من العطاء الفكري و النظري و التضحيات الجسام (سجون ، معتقلات ، متابعات ، إستشهادات ...) من أجل بلورة خط سياسي سديد للثورة المغربية ، مباديء و أسس تنتمي لخط أممي ثوري بقيادة ماو تسي تونغ ، تبني أيديولوجيا ثورية : الماركسية اللينينية ـ فكر ماو تسي تونغ.

ستتبنى "إلى الأمام" خلال الحقبة الممتدة من 1970 إلى 1980 و باعتبارها جزءا من حركة اليسار الثوري الجديد عالميا النظرية الماركسية اللينينية ـ خط ماو تسي تونغ ، و ذلك انطلاقا من التأسيس العلمي للفكر الثوري المادي الجدلي ، الذي جاء به ماركس و إنجلس و الذي قام بتطويره بشكل خلاق القائد الثوري البلشفي لينين ، فكان أن أصبحت اللينينية على يده "ماركسية عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية" ، و استمرارا على نهج لينين الذي دافع عنه ستالين، قام ماو تسي تونغ بتعميم خبرات الثورة الصينية (الثورة الديمقراطية الجديدة ، الإشتراكية ، الثورة الثقافية البروليتاريا الكبرى) و بالإستفادة من دروس و خبرات و تجارب البناء الإشتراكي في الإتحاد السوفييتي و أوربا الشرقية ، إرتقى بالعلم الماركسي اللينيني إلى مستوى أعلى.

لقد شكلت الثورة البلشفية (أكتوبر 1917 ) و انتصار الثورة الصينية (1949) و انطلاق الثورة الثقافية الصينية اللحظات الأممية الكبرى للقرن 20 .

و على قاعدة دروس و خبرات هذه الثورات الثلاث قامت منظمة "إلى الأمام" (كما تثبت ذلك وثائقها المختلفة) بدراسة و استخلاص مقومات النظرية الثورية و تطويرها في معمعان الصراع ضد الفكر البورجوازي بمنوعاته المختلفة (التحريفية ، البلانكية ، النزعة العمالوية ، الإصلاحية ، العفوية ، التصفوية ، الإطاروية ...).
لقد طبعت سيرورة الصراع ضد هذه الخطوط و التيارات عملية بناء خطوطها :

ـ الخط النظري.
ـ الخط السياسي.
ـ الخط العسكري.
ـ الخط التنظيمي.
ـ الخط الجيوسياسي للثورة المغربية(الثورة العربية و الثورة في الغرب العربي).

إن هذه الإنجازات الهامة ، و التي تشكل إرثا هائلا و غنيا للشيوعيين المغاربة يحتم عليهم دراسته و الإستفادة منه ، إستندت على استيعاب الخط الثوري الأممي و الإسترشاد به ضمن تبني الخطوط التالية للثورة العالمية :

1 ـ تبني النظرية الثورية الماركسية اللينينية الخاصة بالمهمة التاريخية للبروليتاريا في إنجاز الثورة الإشتراكية و بناء دكتاتورية البروليتاريا على طريق المجتمع اللاطبقي : الشيوعية.
2 ـ إعتماد و تبني مميزات المرحلة المعاصرة التي دشنها عاملان أساسيان :
ـ إنتقال الرأسمالية إلى مرحلتها العليا : الإمبريالية.
ـ إنتصار ثورة أكتوبر الإشتراكية بقيادة الحزب البلشفي.
3 ـ إستيعاب القوانين المشتركة و العامة للثورة الإشتراكية و البناء الإشتراكي باعتباره مرحلة انتقال نحو الشيوعية.
4 ـ إدراك و تبني الإسهامات الأساسية لمؤسسي الفكر الشيوعي العلمي : كارل ماركس (1818 ـ 1883 ) وفريدريك إنجلس (1820 ـ 1895 ) و التطوير الخلاق لهذه النظرية على يد لينين (1870 ـ 1924 ) و الثورة البلشفية ، إضافة إلى إنجازات الثورة الصينية حيث لعبت اللينينية و إسهامات ماو تسي تونغ (1893 ـ 1976 ) دورا حاسما في إغناء النظرية الماركسية اللينينية الثورية.
5 ـ إن إقرار هذا الإسهام الحاسم للثورتين الكبيرتين للقرن 20 (الثورة البلشفية و الثورة الصينية) من طرف منظمة "إلى الأمام" كان يعني إقرارا و تثبيتا للحقيقة العامة للماركسية اللينينية و لإسهامات الثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونغ.
6 ـ تبني واضح للمفهوم البروليتاري في نضالها المستميت من أجل بناء دولة ديكتاتورية البروليتاريا ، وتحقيق الإشتراكية على طريق الشيوعية.
من هذا المنطلق تملي الواجبات الثورية على الماركسيين اللينينيين في العالم إنجاز الثورة الإشتراكية في الدول الإمبريالية و الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية على طريق الإشتراكية تحت قيادة البروليتاريا و حزبها الثوري في البلدان التابعة.
7 ـ إنجاز المهمتين الإستراتيجيتين (الثورة الإشتراكية و الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية) يستند إلى النداءين التاريخيين اللذين أطلقهما البيان الشيوعي (فبراير 1848 ) (أول وثيقة برنامجية يعرض فيها ماركس و إنجلس مبادئهما للبروليتاريا) شعار "يا عمال العالم اتحدوا ! " و شعار "يا عمال العالم و يا شعوبه و أممه المضطهدة اتحدوا ! " الذي أطلقته الثورة البلشفية بقيادة لينين و عممته الثورة الصينية. و يكشف هذان الشعاران المهمة التاريخية الملقاة على البروليتاريا و أحزابها الماركسية اللينينية الثورية ، من أجل القضاء على الإمبريالية و محاربة الرجعية في كل بقاع العالم لضمان انتصار التحرر الوطني ، الديمقراطية الشعبية و الإشتراكية ، و يقوم جوهر المهمة التاريخية على الموقف الأممي البروليتاري الداعي إلى قيادة الثورة العالمية المتواصلة عبر مراحل إلى الإنتصار التام على الرأسمالية و نظامها الإمبريالي و بناء مجتمع جديد بدون رأسمالية ينمحي فيه استغلال الإنسان للإنسان.
8 ـ إستندت الهوية الشيوعية الأممية لمنظمة "إلى الأمام" باعتبارها فصيلا من فصائل الثورة العالمية ، على التحليل المادي التاريخي المعتمد على المنهجية الجدلية العلمية للوضعية العالمية في شموليتها ، و من هنا تبنيها التحليل الطبقي للتناقضات الأساسية التي تحكم العالم المعاصر . و منطقيا تبني استراتيجية ثورية عامة مضادة لاستراتيجية الثورة المضادة للإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و مناهضة في نفس الوقت ل"الإشتراكية الإمبريالية" السوفييتية ، لقد كانت تلك الإستراتيجية الثورية تستدعي الجمع بين الحقيقة العامة للماركسية اللينينية و فكر ماو تسي تونغ و الممارسة الملموسة للثورة المغربية كما هو الحال بالنسبة لكل الماركسية اللينينية عبر العالم.
9 ـ من منظور الهوية الشيوعية و الإنتماء الأممي للثورة العالمية ، و من خلال تبني التحليل الطبقي لتناقضات العصر الإمبريالي ، تلك التناقضات التي كان ينظر إليها في تفاعلها و ترابطها الشامل و من تم التأكيد على التقائــها (Sa convergence) في البلدان المضطهدة.
و قد اختزل الماركسيون اللينينيون (منذ لينين) التيارين الكبيرين لعصرنا التاريخي الذي دشنته ثورة أكتوبر العظيمة ، في حركتين كبيرتين :

1 ـ الحركة الثورية الوطنية و الديمقراطية في بلدان الشعوب المضطهدة (شعوب القارات الثلاث : أفريقيا ، أمريكا اللاتينية ، آسيا).
2 ـ الحركة الثورية الإشتراكية في البلدان الرأسمالية الإمبريالية.

إنطلاقا من التحليل السياسي تبنت "إلى الأمام" منذ انطلاقتها الأولى النظرية الماركسية اللينينية التي ساهم ستالين و ماو في تطويرها ، حول التقاء (convergence) التياران الأول و الثاني و تداخلهما في البلدان التابعة (منطقة العواصف) ، مما يجعل الثورات الوطنية الديمقراطية في هذه البلدان جزءا لا يتجزأ من الثورة البروليتارية العالمية لعصرنا الراهن . تلك الثورات التي يظل هدفها المركزي تحقيق الشيوعية العالمية ، المشروع التاريخي البروليتاري الهادف إلى بناء مجتمع عالمي محرر من الإستغلال و الإضطهاد الطبقيين.
10ـ إن خدمة هذا الهدف الأممي كان يستوجب النضال من أجل القضاء على العلاقات الرأسمالية (الإستغلال والإضطهاد) و تحقيق الثورة الإشتراكية و قيام دكتاتورية البروليتاريا أي دولة العمال و الكادحين التي يقودها الحزب الثوري المسلح بالماركسية اللينينية و إسهامات ماو (خط ماو) و بناء عليه ، فإن حل تناقضات عصر الإمبريالية المعاصر عن طريق الثورات الشعبية و الثورات البروليتارية الإشتراكية كان يلقي على عاتق كل الماركسيين اللينينيين الثوريين المهمات التالية :

ـ تبني خط ماركسي ـ لينيني ثوري عن طريق التطبيق الخلاق لخط سياسي سديد بداخل بلدانهم و خارجها.
ـ الدفاع عن مفهومي دكتاتورية البروليتاريا و الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية المستندة إلى التحالف العمالي ـ الفلاحي تحت قيادة الطبقة العاملة و حزبها الثوري ، من أجل انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية و تحقيق الإشتراكية على المستوى الإقتصادي و السياسي و الأيديولوجي.
ـ التبني التام و التطبيق الخلاق لخط الجماهير عن طريق إطلاق و تشجيع المبادرات الخلاقة لأوسع الجماهير الشعبية و الكادحة على كل الجبهات ، دفعا لانطلاقتها الثورية تحت قيادة حزبها الثوري (الحزب الشيوعي) و جبهته الثورية حتى انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية و إرساء جمهورية مجالس العمال و الفلاحين و الجنود الثوريين و بناء دولة الديمقراطية الجديدة التي تفتح الباب نحو بناء الإشتراكية.
ـ التصدي المبدئي و الحازم للسياسات الإمبريالية و الرجعية المعادية للشيوعية و للحركات الشعبية الثورية للجماهير . و مساندة و دعم النضالات الثورية للطبقة العاملة و للشعوب المضطهدة في العالم.

4 ـ البناء النظري ، السياسي و الإستراتيجي للمنظمة الماركسية اللينينية "إلى الأمام"

ليس بوسعنا هنا تقديم تقييم شامل لتجربة منظمة "إلى الأمام" و لكن نسعى فقط إلى التعريف بمواقفها الثورية من 1970 إلى 1980 ، أي عشر سنوات قبل أن ينتصر الخط التحريفي ـ الإصلاحي و يستولي على قيادة المنظمة ويسير تدريجيا في خط الإنحدار التحريفي ـ الإصلاحي ، و يوصل المنظمة إلى الباب المسدود قبل أن يقدم على حلها عمليا دون أن يتوفر على شرعية ذلك ، و لأن العديد من المناضلين الشباب لا يدركون جوهر هذه التجربة إلا من أفواه التحريفيين الذين نصبوا أنفسهم استمرارا لهذه التجربة ، فإن العديد من الأخطاء و المغالطات تروج بصدد هذه التجربة . فبات ضروريا البدء في عملية التوضيح التي هي جزء من عملية النقد الذي يعري جذور التحريفيين و أذنابهم ، و لذلك سننشر تباعا أهم وثائق المنظمة حتى يتسنى للجيل الجديد من المناضلين أن يطلع عليها.
و من المعروف أن وثيقة "سقطت الأقنعة فليفتح طريق الثورة" المؤرخة ب 30 غشت 1970 ، هي أول وثيقة و شهادة ميلاد المنظمة . قدمت هذه الوثيقة أهم الأطروحات التأسيسية التي ستعمل "إلى الأمام" على تطويرها بارتباط مع سيرورة تطور الصراع الطبقي بالبلاد بارتباط مع كفاحات الجماهير و بالإستفادة من تجاربها الملموسة.
أكدت الوثيقة أطروحات أساسية في الخط النظري و الإستراتيجي للمنظمة و هي :

1 ـ ضرورة خلق الأداة الثورية : الحزب الماركسي ـ اللينيني باعتباره حلقة مركزية للتقدم في إنجاز الثورة المغربية.
2 ـ إندماج الثورة المغربية بإطار استراتيجي أوسع : الثورة العربية و الثورة في الغرب العربي.
3 ـ مواجهة التحريفية انطلاقا من موقف عام كان يقر ب"استيلاء حفنة من البيروقراطيين المحترفين على الحكم في الإتحاد السوفييتي في السنوات التي تلت وفاة ستالين ...".

و انطلاقا من تبني استراتيجية واضحة للثورة العربية كإطار للتجاوز ترى أن "... العبرة من كل هذا هو أن الزحف الشامل و العظيم للشعب العربي يستلزم :

1 ـ التصفية النهائية للأيديولوجيا التحريفية و البورجوازية الصغيرة.
2 ـ الفضح التام للخونة السياسيين عملاء الشرذمة التحريفية " ... فضحا تاما لدور الخونة السياسيين المنافقين عملاء الشرذمة التحريفية المسيطرة على قيادات الإتحاد السوفييتي ...".
3 ـ إعتبرت "إلى الأمام" أن "... ترعرع الثورة العالمية و الثورة العربية و تصفية التحريفية داخل صفوف الثورة العربية و في القطاعات الأساسية للثورة العالمية ، سيمكن في المدى المتوسط من عزل ثم تصفية الكمشة التحريفية التي تقود الإتحاد السوفييتي كي تحل محلها على رأس وطن الإشتراكية الأول : قيادة ثورية ترفع من جديد راية لينين و ستالين ، راية الأممية البروليتارية و الثورة العالمية".
4 ـ و بعد تحديد الإطار الإستراتيجي للثورة (القوة الأساسية للثورة ، القوة الحاسمة للثورة ، الهدف الرئيسي للثورة) العدو الرئيسي قامت الوثيقة بطرح واضح للهدف المركزي للثورة :

1 ـ القضاء على الأوليغارشيا الكمبرادورية و الإمبريالية ببلادنا و بناء سلطة الجماهير الكادحة المنظمة.
2 ـ أداة سلطة الجماهير الكادحة هي الديكتاتورية الديمقراطية الثورية للعمال و الفلاحين القائمة على أساس :

ـ مجالس العمال.
ـ مجالس الفلاحين الفقراء.
ـ جماعات النضال الشعبي لسكان الأحياء الشعبية.

3 ـ قيادة الثورة يضمنها حزب العمال و الفلاحين الماركسي اللينيني.

من 1970 إلى 1976 نما الخط النظري و السياسي و الإستراتيجي للمنظمة بشكل كبير تحت وقع الصراعات الطبقية ببلادنا و بارتباط مع صراع المنظمة ضد الخطوط الإصلاحية و التحريفية ، التي نمت داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية كانعكاس لاحتداد الصراع الطبقي و اشتداد القمع على الحملم و على اليسار الثوري عموما.
و من أبرز هذه الوثائق :

ـ "الإستراتيجية الثورية و استراتيجية التنظيم" (مايو 1971 .
ـ "الثورة في الغرب العربي في الفترة التاريخية لاندحار الإمبريالية" (4 مايو 1971).
ـ "الوحدة الجدلية لبناء الحزب الثوري و المنظمة الثورية للجماهير"(29 مايو 1972).
ـ "مختلف أشكال العنف الثوري"(دراسة، 1972).
ـ"دور العنف في التحول الثوري"(دراسة، 1972).
ـ "من أجل الجبهة الثورية الشعبية (ظروف النضالات الشعبية و أحداث 10 يوليوز"(3 يونيو 1972).
ـ "مسودة حول الإستراتيجية"(30 يونيو 1972).
ـ "تناقضات العدو و الآفاق الثورية بالمغرب"(10 شتنبر 1972).
ـ "تقرير 20 نونبر: عشرة أشهر من كفاح التنظيم ـ نقد ذاتي"(20 نونبر 1972).
ـ"الوضع الراهن و المهام العاجلة للحركة الماركسية اللينينية"(نص داخلي ، 06 أبريل 1973).
ـ "لنبن الحزب الثوري تحت نيران العدو"(صيف 1973).
ـ "نحو تهييء شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية"(20 أكتوبر 1973).
ـ "الإستعمال الخلاق لسلاح التنظيم"(فبراير 1974).
ـ "من أجل خط ماركسي لينيني لحزب البروليتاريا المغربي "(08 مارس 1974).
ـ "حول تدقيق بعض المفاهيم"(مايو 1974).
ـ "طريقان لتحرير الصحراء"(كراس ، شتنبر 1974).
ـ "النظام الداخلي"(أكتوبر 1974).
ـ "بناء الحزب البروليتاري ، بناء التحالف العمالي ـ الفلاحي مسيرة واحدة"(1974).
ـ "مضمون و أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية"(1974).
ـ "أهمية سلاح النظرية"(1974).
ـ "هل سكان الصحراء يشكلون شعبا ؟ (أكتوبر 1976).
ـ "الجمهورية العربية في الصحراء إنطلاق الثورة في الغرب العربي"(المعروفة بوثيقة 13 نقطة ، أكتوبر 1976).
ـ "المرحلوية أو المنشفية الجديدة"(29 ـ 30 نونبر 1976).
ـ "التناقض الأساسي و التناقض الرئيسي"(18 دجنبر 1976).
ـ "حول الأمازيغية"(1976 ).

ليست هذه اللائحة النهائية و لكنها تتضمن أبرز الوثائق التي نهل منها مناضلو و أطر "إلى الأمام" الثوريون في دفاعهم المستميت عن الماركسية اللينينية ـ فكر ماو ضد الخطوط الإصلاحية و التحريفية و التصفوية ، و لذلك عمل التحريفيون على طمس العديد منها حتى يتسنى لهم الخوض فيما يريدون و يقدمون أنفسهم كورثة "مخلصين" لهذا الإرث الثوري ، الذين قاموا بنسفه بكل الوسائل و لا زالوا ، و ينطبق على بعضهم أحيانا قول الشاعر " إن الأفاعي وإن لانت ملامسها ، عند التقلب في أنيابها العطب".
فقد آن الأوان ليطلع المناضلون المخلصون لخط الثورة المغربية عليها و يتسلحوا بهذا الإرث العظيم الذي بنته تضحيات جسام لأطرها و مناضليها في خضم المعارك الطبقية ، في السجون و المعتقلات و تحت نيران العدو ، واستشهد من أجلها خيرة مناضليها و مناضلاتها.
إن قراءتها ضرورية بالإعتماد على المنهج المادي الجدلي و التاريخي ، فالوثائق لا يمكن إدراك جوهرها إلا إذا نظر إليها في تطورها الجدلي المتناقض باعتبارها تعبيرا كما يقول إنجلس عن تطور النضالات الجماهيرية و في نفس الوقت إتجاه هذه النضالات نحو مفهومها (son concept) ، إن تجاوز القراءات الإنتقائية السطحية للتحريفيين والمرتدين و الإنتهازيين الوصوليين.لا بد إذن من تبني منهجية ماركس و لينين و ماو لتحليل هذا الإرث العظيم لإبراز نواته الثورية و عزل الجوانب السلبية لتصبح في استيعابه و دمجه بشكل خلاق في عملية بناء الخط السديد للثورة المغربية.
و للتذكير فقط ، فبعد وثيقة 30 غشت 1970 ، عرف البناء النظري و السياسي و الإستراتيجي لمنظمة "إلى الأمام" تطورا هائلا كما هو الحال في وثيقة "مسودة حول الإستراتيجية الثورية"(30 يونيو 1972) التي أكدت مجموعة من القضايا ذات أهمية استراتيجية :

1 ـ تأكيدها على استحالة إنجاز الثورة بدون استراتيجية ثورية و استحالة هذا الإنجاز بدون تغيير ثوري.
2 ـ رفض الإستراتيجية البرلمانية البورجوازية المستمدة من طبيعة الخط الإصلاحي الإنتظاري لأحزاب البورجوازية.
3 ـ التأكيد على ضرورة الكفاح المسلح كطريق الثورة.
4 ـ تبنيها لاستراتيجية حرب التحرير الشعبية طريقا للثورة من خلال إبرازها لفكرة "القواعد الحمراء المتحركة" باعتبارها الإستراتيجية التي تنبع من التحليل الملموس لواقعنا الوطني و العالمي ، و من دراسة التاريخ النضالي للشعب المغربي و التجربة الغنية لثورات الشعوب.
5 ـ تأكيدها لمفهوم الجبهة الثورية الشعبية التي ستقود مناطق السلطة الحمراء.

أما وثيقة "الوضع الراهن و المهام العاجلة للحركة الماركسية ـ اللينينية"(النص الداخلي الذي لم ينشر بعد) التي قامت بمحاولة لتقييم شامل للوضع الراهن آنذاك و للمهام المطروحة ، و للرد على مجموعة من المفاهيم الخاطئة داخل الحركة الماركسية اللينينية من خلال تحليل طبيعة أزمة النظام الكمبرادوري و انعكاساتها و التقدم في تحليل واقع البورجوازية الوطنية و اندحار الجناح البلانكي البورجوازي الصغير ، بالإضافة إلى تحليل سمات الحركة الجماهيرية و نموها و تسطير مهام الحملم داخلها و تقديمها للبديل الثوري أي برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ، فقد تميزت الوثيقة بإسهام هائل لما حددت على المستوى الإستراتيجي ضرورة بناء المدرسة العسكرية للمنظمة و خطها العسكري ، و سطرت عناصر و محاور هذا البناء.
فيما سطرت وثيقة "من أجل خط ماركسي ـ لينيني لحزب البروليتاريا المغربي" ضرورة بناء الحزب الثوري كمهمة مركزية راهنة لكل الماركسيين اللينينيين المغاربة ، بناء تحت نيران العدو من خلال الكفاح الثوري الجماهيري و قامت بتسطير مهام ذلك الإنجاز، عبر تأكيدها لدور بناء الحزب و بناء نواته : المنظمة الماركسية اللينينية الموحدة بارتباط مع البناء المتواصل للتنظيمات الثورية الشبه الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية العلنية و السرية التي ترمي إلى تنظيم أوسع الجماهير و التي تشكل مجموعها الأسلاك الرابطة بين المنظمة و الحزب الطليعي و الجماهير الواسعة في مختلف الإتجاهات.
بينما جاءت وثيقة "نحو تهييء شروط قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية" بفكرة قيادة النضال الدفاعي للحركة الجماهيرية و هي فكرة عميقة عندما تكون الحركة الجماهيرية ذات طابع عفوي ، و من أجل ذلك طرحت شعار يكشف ذلك :"الصمود و الإرتباط بالجماهير" يهدف بالأساس إلى بلورة شروط النضال الدفاعي" للحركة الجماهيرية على طريق قلب ميزان القوى ، و اعتبرت الوثيقة أن المهمة الرئيسية التي تشكل محور إنجاز هذه المهام تتمثل في تحقيق شعار "بناء منظمة ثورية طليعية صلبة و راسخة جماهيريا" ، و أعطت الوثيقة أهمية للنضال الأيديولوجي والسياسي الحازم ضد الإنحرافات داخل اليسار منذ شهر أبريل 1973 و ذلك على طريق بناء منظمة ماركسية لينينية واحدة ، إنطلاقا من أن الصراع الديمقراطي الجماهيري المنظم يهدف الوصول إلى وحدة أمتن و أوضح لأن الوحدة الإندماجية لا بد أن ترتكز على بناء خط ثوري سديد يستقطب كل الماركسيين اللينينيين المخلصين في منظمة ماركسية ـ لينينية واحدة.
و في هذا السياق أعادت التأكيد على الدور الأساسي للجريدة المركزية "إلى الأمام" و العمل بصورة أساسية على استيعاب الحقيقة العامة للماركسية اللينينية و الإسهامات العظيمة للرفيق ماو تسي تونغ و الرفاق الفيتناميين والتجارب الأممية.

5 ـ الخط العام لإعادة البناء التنظيمي لمنظمة "إلى الأمام" (1972 ـ 1976)

كما أكدنا في الجزء السابق ، ليس المجال هنا لتقييم التجربة التنظيمية لمنظمة "إلى الأمام" و لكن التعريف ببعض الجوانب الهامة في تاريخها التنظيمي ، و نعتمد هنا ثلاث وثائق أساسية تبرز الفكر التنظيمي لمنظمة "إلى الأمام" و هاته الوثائق هي :

1 ـ "الوحدة الجدلية لبناء الحزب الثوري و المنظمة الثورية للجماهير"(29 مايو 1972).
2 ـ "تقرير 20 نونبر : عشرة أشهر من كفاح التنظيم ـ نقد و نقد ذاتي"(20 نونبر 1972).
3 ـ "النظام الداخلي لمنظمة "إلى الأمام" (أكتوبر 1974).

إعتمد الخط التنظيمي لمنظمة "إلى الأمام" على محاولة مستمرة لاستيعاب التجربة البلشفية و التجربة الصينية و الإستفادة من دروسهما ، ف"إلى الأمام" اعتبرت كما نحت إلى ذلك الوثيقة الأولى أن معرفة التحكم في جدلية بناء الحزب الثوري و التنظيم الثوري للجماهير يقوم على إدراك أن مصدر العفوية (spontanéisme) و "الإطاروية" (cadrisme) هو عمل المثقف البورجوازي الصغير الذي يضع نفسه مربيا فوق الجماهير، و قد تسنى لمنظمة "إلى الأمام" هذا الإستيعاب الجيد اعتمادا على نقد تجربة الحزب البلشفي (باعتبار وجود منحى إطاروي داخل تجربة الحزب) ، و اعتمدت "إلى الأمام" على الطرح اللينيني الوارد في رسالة فبراير 1905 التي انتقد فيها لينين العراقيل البيرقراطية داخل الحزب و المانعة لانفتاحه على الحلقات الثورية إبان ثورة 1905 .
و قد كان لمنظمة "إلى الأمام" نقدا للإحزاب الشيوعية التحريفية استنادا على الأطروحات اللينينية الأصيلة وبالإستناد إلى التجربة الصينية و الدور الهائل لماو . بناء عليه كانت "إلى الأمام" ترفض الصورة المشوهة لحزب المحترفين الثوريين كما كانت تقدمها بعض فصائل اليسار الثوري الأوربي ، بتحويلها للمفهوم الذي على أساسه المحترف الثوري أصبح "خبيرا في الماركسية اللينينية" و في "الثورة" أي فوق الجماهير ، هكذا رفضت "إلى الأمام" الصورة المشوهة ل"حزب المحترفين الثوريين" كما قدمها بعض فصائل اليسار الثوري العالمي لتؤكد على ضرورة العودة لجوهر الطرح اللينيني دون نقل حرفي.
و تكفلت وثيقة 20 نونبر"عشرة أشهر من كفاح التنظيم ـ نقد و نقد ذاتي" التي رفعت شعار "من أجل منظمة ثورية طليعية صلبة و راسخة جماهيريا ، قادرة على مواجهة العواصف الجماهيرية المقبلة و قيادتها". و لضيق المجال لن نتطرق للكيفية التي مهدت بها وثيقة "مسودة الإستراتيجية الثورية" الطريق لوثيقة 20 نونبر حينما أقدمت على نقد جوهر مفهوم "الإنطلاقة الثورية" الذي كانت تتبناه آنذاك منظمة "إلى الأمام" ، و الذي كان يقوم على ثلاثة عناصر وهي :
1 ـ عفوية الجماهير المطلقة.
2 ـ تصور ميكانيكي لمراحل الثورة.
3 ـ إغفال عامل التهييء للحزب الثوري و غياب جدلية العمل السياسي و العمل المسلح.

لقد انصب نقد وثيقة 20 نونبر 1972 على "اللامركزية كمبدأ تنظيمي باعتباره انعكاسا لخط و مفهوم القيادة كتنسيق سياسي يميزه بشكل رئيسي العفوية : عفوية حركة الجماهير في بناء تنظيمها الثوري ، عفوية الجماهير في بناء استراتيجيتها الثورية (يتعلق الأمر بمفهوم الإنطلاقة الثورية) . هكذا طبعت تجربة المنظمة في الفترة الممتدة من 30 غشت 1970 إلى 20 نونبر 1972 ، العديد من الممارسات تنتمي إلى خط العفوية التي تميزت به ممارسة التنظيم وذلك من خلال سيادة أسلوب الخطابة و التحريض الفوقي في مواجهة البيروقراطية المقيتة ، سيادة أسلوب المناشير الغير المرتبطة بعمل قاعدي ...
و قامت محاولات لتجاوز الوضعية لكنها ظلت عاجزة عن إدراك ثلاث قضايا أساسية :

1 ـ عجز عن فهم دور التنظيم في مرحلة تقدم حركة الجماهير العفوية و بناء الأداة الثورية.
2 ـ دور الطليعة في تركيز و بلورة المواقع و الفصائل المتقدمة في حركة الجماهير في كل مرحلة و ذلك من خلال اندماج الطليعة بحركة الجماهير العفوية و على رأسها الطبقة العاملة بمختلف الأساليب و ممارستها لعمل سياسي و تنظيمي يومي و طويل النفس داخل هذه الحركة و في مواقع متقدمة أولا.
3 ـ دور التركيز و البلورة في مرحلة بناء الأداة يتطلب تنظيما مركزيا متينا قادرا على إنجاز هذه المهمة و ذا قيادة صلبة.

بناء على إدراك متقدم لهذه النواقص و خصوصا بالإستفادة من تجربة القمع الذي طال المنظمة خلال سنة 1972 ، و باعتماد ما قدمته وثائق سابقة "الوحدة الجدلية لبناء الحزب الثوري و المنظمة الثورية للجماهير" و "مسودة حول الإستراتيجية الثورية" ساهم تقرير 20 نونبر 1972 في تطوير الخط التنظيمي لمنظمة "إلى الأمام" من خلال تأكيدها على سبعة من المحاور الرئيسية ، للدخول في انطلاقة جديدة من أجل إعادة بنائها و تطويرها و هذه المحاور السبعة هي :

1 ـ ضرورة بناء منظمة ثورية مهيكلة من المحترفين الثوريين منظمة الشيوعيين الذين ينظمون و يكرسون حياتهم و عملهم اليومي للثورة ، ينبثقون من النضال الجماهيري و يشكلون طليعته.
2 ـ منظمة ثورية تستند على الدور الطليعي للبروليتاريا في الخط و الممارسة : تضع مهمة التجذر داخل الطبقة العاملة في مقدمة كل المهام.
3 ـ منظمة ثورية تستند على المركزية الديمقراطية (مبنية على وحدة الإرادة ، وحدة الفكر و الممارسة الجماعية).
4 ـ منظمة ثورية صلبة و متينة قادرة على بناء الخط السياسي و ضمان تطبيقه في كل مرحلة و تطوير ممارسة التنظيم.
5 ـ منظمة ثورية يلتزم أفرادها بالإنضباط الصارم على كافة المستويات و ممارسة النقد و النقد الذاتي.
6 ـ منظمة ذات خط سياسي سديد انطلاقا من الإستيعاب الدائم لخصائص الوضع ببلادنا و على استعمال المنهج الماركسي اللينيني في تحديد هذا الخط و استنادا على تطوير حركة الجماهير الثورية.
7 ـ منظمة ثورية تساهم بصفة فعالة في وحدة الماركسيين اللينينيين من أجل منظمة ماركسية ـ لينينية موحدة نحو بناء الحزب الثوري.

و على نهج تقرير 20 نونبر 1972 ، و تحت تأثير سيرورة التطور الذي بدأت تعرفه "إلى الأمام" و الذي عرف أوجه سنة 1974 ذلك أن التنظيم عرف توسعا ملحوظا بارتباط مع توسع دائرة الإرتباط الجماهيري الذي مس قطاعات هامة عمال ، فلاحين ، شبيبة مدرسية ، أحياء شعبية ، عمل نقابي في قطاعات استراتيجية ، تحت هذه الشروط جاء النظام الداخلي للمنظمة (أكتوبر 1974) ، نص هذا النص في ديباجته على المباديء العامة للخط الأممي و الثوري للمنظمة المستند إلى مفاهيم أساسية : الماركسية اللينينية ـ إسهامات ماو ، الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ، الإشتراكية و الشيوعية ، الإستراتيجية الثورية ...
أما فيما يخص المباديء التنظيمية المستلهمة طبعا من الخط الأيديولوجي و من التجربة الملموسة فقد أكدت حسب المادة الأولى للنظام الداخلي على المركزية الديمقراطية كمبدأ تنظيمي أساسي للمنظمة في علاقة مع المستويات الثلاثة :
1 ـ المنظمة.
2 ـ التنظيمات الثورية الشبه جماهيرية.
3 ـ التنظيمات الجماهيرية.

أما المادة الثانية فقد سطرت مبدأ القيادة الجماعية للمنظمة على كل المستويات بينما المادة الثالثة أكدت مبدأ الإنضباط البروليتاري كإحدى شروط بناء الطليعة البروليتارية المنظمة لقيادة الثورة ، في حين نصت المادة الرابعة على مبدأ النقد و النقد الذاتي لتطوير خط المنظمة و ممارستها كنقد داخلي و أمام الجماهير، أما المادة الخامسة فأقرت بضرورة بناء التنظيمات الثورية الشبه الجماهيرية بتأطير المناضلين القاعديين الملتفين حول الخط السياسي للمنظمة وأيديولوجيتها البروليتارية ، و روابط متماسكة للمنظمة بالمنظمات الجماهيرية و بعامة جماهير البروليتاريا و الجماهير الكادحة ، و أكد المبدأ الخامس على قيام علاقة التنظيمات الثورية الشبه الجماهيرية بالمنظمة المركزية على مبدأ المركزية الديمقراطية ، و تناولت المادة السادسة شروط تطبيق هذه المباديء معتبرة ضرورة توفير خمسة شروط لتفعيل المباديء الخمسة و هي :

1 ـ تدعيم الطابع البروليتاري للمنظمة و فتح فرص الإحتراف الثوري للطلائع العمالية.
2 ـ التثقيف النظري السديد و العمل المتواصل على دراسة الماركسية اللينينية و روحها الحية.
3 ـ التطبيق المتواصل لسياسات المنظمة و خططها المرسومة.
4 ـ الإعتناء بالتنظيمات شبه الجماهيرية و تطويرها و إحكام روابط المنظمة معها.
5 ـ التطهير المستمر للمنظمة و الحفاظ الدؤوب على نقاوتها الثورية عبر نبذ العناصر المتفسخة و المرتدة والمنحلة و العديمة الحيوية و تعويضها بالعناصر المتوثبة و تجديد دماء المنظمة باستمرار.
بالإضافة إلى هذا أدخل النص تغييرات على مستوى البنية التنظيمية فأصبحت الهيآت المركزية تتشكل من المؤتمر الوطني العام ، اللجنة المركزية ، المكتب السياسي ، المجلس الوطني العام ، أما باقي البنيات فتتدرج كالتالي : المنظمة الفرعية ، المنظمة المحلية (مع لجنة فرعية ، لجنة محلية ) و القاعدية (الخلية ، الخلية المرشحة ...).

كانت منظمة "إلى الأمام" كذلك قد أقامت سياسة الأفواج (عبارة عن مدارس لتخريج الأطر) و كان أول فوج تخرج سنة 1974 هو فوج ماو تسي تونغ . كما كانت المنظمة تستعد لعقد مؤتمرها الوطني الأول حينما فاجأتها الإعتقالات إثر انهيار قيادة "23 مارس" و كان من نتائجها إعتقال العديد من أطرها و في مقدمتهم القائد الشهيد عبد اللطيف زروال ، الذي كان كل رفاق المنظمة مجمعين على ضرورة تحمله لمسؤولية أول أمين عام لمنظمة "إلى الأمام" التي كانت كما قلنا تستعد لمؤتمرها الوطني الأول.

6 ـ إعلان الأماميين الثوريين

أيها المناضلون الثوريون
أيتها الجماهير الشعبية

بحلول يوم 30 غشت 2010 تكون قد مرت أربعون سنة على تأسيس المنظمة الثورية "إلى الأمام" و بهذه المناسبة العظيمة يؤكد المناضلون الأماميون الثوريون على ما يلي :

ـ تشبثهم بالخط الثوري الذي دشنته المنظمة منذ انطلاقتها الأولى و حتى حدود استيلاء شرذمة من التحريفيين و الإصلاحيين على قيادتها نهاية 1979 و بداية 1980 . هؤلاء الذين قاموا بتحريف خطها العام عن مساره الثوري وتحملوا مسؤولية تفكيكها و القضاء عليها بحلها عمليا سنة 1995 ، ثم نصبوا أنفسهم استمرارية لها بعدما تخلوا عن مرتكزاتها الفكرية و السياسية و التنظيمية و الإستراتيجية ، و إذا كانت من استمرارية هناك فهي استمرارية لخط التحريف و تزييف الحقائق و السقوط في الحريفية المقيتة التي طالما حاربها الخط الثوري للمنظمة . و إذا كانت هزيمة الخط الثوري و انتصار الخط التحريفي قد جاءت ضمن شروط و ملابسات بالغة التعقيد إن دوليا (هزيمة الخط الثوري في الصين ...) أو وطنيا (الوضع الذاتي للمنظمة نتيجة الضربات القوية التي تعرضت لها على أيدي أجهزة القمع الكمبرادوري المدعمة بالخبرة الإمبريالية في قمع الحركات الثورية ، و كذا نتيجة خيانة القيادة اليمينية لمنظمة "23 مارس" و تواطؤ التحريفيين و الإستسلاميين و التصفويين و دعاة حل الحركة الماركسية اللينينية و المرتدين و غيرهم ...
ـ رغم كل هذا و ذاك لم يستطع التحريفيون الجدد القضاء على الإرث الثوري للمنظمة الذي ظل حيا داخل الجامعات و داخل الشبيبة الثورية و وسط العديد من مناضليها و أطرها الذين يدافعون باستمرار عن رايتها . و بهذه المناسبة يحيي الأماميون الثوريون كل هؤلاء الذين ظلوا في الخندق الأمامي مدافعين عن الفكر الماركسي ـ اللينيني الثوري و متشبثين بالعطاء الذي قدمه الشهداء الذين سقطوا على الدرب من أمثال عبد اللطيف زروال و سعيدة المنبهي و غيرهم من شهداء الحركة الطلابية و الشعب المغربي.
ـ يدعون إلى الإنخراط الفعلي في النضال إلى جانب الجماهير الشعبية في كل قطاعاتها المناضلة و العمل الدؤوب من أجل انبثاق طلائعها الثورية.
ـ يتشبثون بوحدة الحركة الشيوعية الثورية المغربية و يدعون إلى فتح نقاش واسع حول الأسس الفكرية والسياسية لوحدتها.
ـ يدعون إلى نبذ الحلقية و النزاعات المسيئة للحركة الشيوعية المغربية و ضرورة اعتماد أساليب الصراع الديمقراطي الرفاقي و ممارسة النقد و النقد الذاتي و السير عبر الإرتباط بالكفاحات الجماهيرية قدما نحو الوحدة الضرورية للمساهمة في بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين و عموم الكادحين.
ـ يؤكدون على أهمية الصراع النظري الضروري لدحض الأطروحات التحريفية و تفنيدها و الإستعداد التام للمعركة الحاسمة معها.
ـ يعتبرون أن مهمة بناء وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة تمر بالضرورة عبر استلهام تجارب الحركة الثورية المغربية و في مقدمتها تجربة الحملم و خاصة منظمة "إلى الأمام" و العمل على تقييمها ، مع تأكيدهم لضرورة التصدي للتحريفية و تعرية جذورها التاريخية و الفكرية و السياسية و إبراز الحقائق أمام جماهير المناضلين و كل المخلصين من أبناء شعبنا.
ـ يعلنون تضامنهم التام مع كل المعتقلين السياسيين الثوريين و خاصة معتقلو الحركة الطلابية الثورية ويطالبون بإطلاق سراحهم.
ـ يدينون كل دعاة التطبيع من صهاينة و متصهينين ببلادنا و من يقف وراءهم من زبانية النظام الكمبرادوري العميل المتواطيء مع الكيان الصهيوني ، و يدعون إلى الوقوف ضد المحاكمات التي يحاول إقامتها للمناضلين المدافعين عن القضية الفلسطينية و ذلك باختلاقاتهم من قبيل "مناهضة السامية".
ـ يعلنون مساندتهم لنضالات الحركة الجماهيرية في كل المواقع و القطاعات و يدعمون الحركة الطلابية الثورية و نضالات الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب.
ـ يعلنون مساندتهم لكل الحركات التحررية بالعالم و يدينون السياسات الإستعمارية الجديدة للإمبريالية والصهيونية و الرجعية (العراق ، فلسطين ، أفغانستان) ، كما يثمنون عاليا الثورات التي تقودها الحركة الشيوعية الثورية في العالم (الهند ، البيرو ، الفلبين) ، و يدعون إلى تفعيل مباديء التضامن الأممي.

عاشت المنظمة الماركسية اللينينية المغربية "إلى الأمام"
الخزي و العار للنظام الكمبرادوري العميل
الخلود لشهداء شعبنا الأبرار
لنرفع عاليا راية الخط الثوري للمنظمة
على الدرب سائرون ضد التحريفية الإنتهازية


المغرب في : 30 غشت 2010

الأماميون الثوريون