اية ثورة ينبغي ان ينشدها العمال؟!


رعد سليم
2011 / 8 / 17 - 18:24     


ان الثورة هي حدث في مجتمع، وان المجتمع ظاهرة ضخمة، معقدة، متشعبة وواسعة، تستوجب الثورة و تخلقها وتحدد مداها و تشکل قوانين حرکتها، اساسها، وبتحليل المجتمع فقط يمکن دراسة الثورة و فهما. فالثورة لا تلغي المجتمع وان تضع ديناميتها و اليتها المستقلة الخاصة کاساس لحرکة المجتمع، بل علی العکس، انها، نفسها، نتاج الاليات الاجتماعية.
ان کل ثورة ترسم انعطافا حادا في حياة جماهير الشعب الغفيرة. کما ان کل انعطافة في حياة الانسان تعلمه اشياء کثيرة، کذلك الثورة تطرح للمجتمع باسره وبطبقاته وقواه، في وقت قصير، اکثر العبر محتوی و قيمة.
في تاريخنا المعاصر، شهد العالم ثورات عديدة في بلدان مختلفة من العالم، ثورات متنوعة من حيث مبادئها واهدافها. حين ننظر الى اغلب البلدان التي قامت بها الثورات، لاتری حتي اية علائم باقية لنفس التحولات العديدة الناجمة عن الثورة. ان منطق النظام الراسمالي قد بين مرة اخری حقيقة الا وهي: طالما ان اساس الرأسمال و نظام العمل الماجور باقي في مکانه، لن تکون حصة جماهير العمال و الکادحين سوی الفقر و انعدام الحقوق الاساسية و الاجتماعية.
تنبثق الثورات الاجتماعية من رحم المجتمع وتناقضاته، واهداف اغلبها هو التغيير، بيد ان الجماهير المحرومة لازالت تنشد التغير وتحلم بالتغيير. و مادام ان مئات الملايين من البشر غير مستعدة لان تدفن امالها وامانيها بحياة افضل، تستمر الثورات وتتواصل سواء شئنا ام ابينا .
کما يقول مارکس "إن وجود طبقة مظلومة هو الشرط الأساسي لكل مجتمع قائم على صراع الطبقات. وان تحرير الطبقة المظلومة يتطلب خلق مجتمع جديد. ولكي تكون الطبقة المظلومة قادرة على ان تحرر نفسها فمن الضروري ان لا تكون القوى الانتاجية والعلاقات الاجتماعية الموجودة قادرة ان تكون جنباً إلى جنب. ان كل وسائل الانتاج، وان اعظم قوى منتجة هي الطبقة الثورية نفسها. ان تنظيم العوامل الثورية كطبقة يفترض وجود كل القوى الانتاجية التي يمكن خلقها في صدر المجتمع الجديد" بؤس الفلسفة / کارل مارکس
ان الکثير من هذه الثورات لها اوجهها المشترکة و نقاطها الاساسية المشترکة، ان اشتراک الطبقة العاملة و ودعاة التحرر بصفتهم الذخيرة الحية و القوة الفاعلة هي النقطة الاکثر بروزا في تلك الثورات، وان السمة الاخری المشترکة لمجمل هذه الثورات، في اغلب الاحيان، هي کونها و بصورة تامة تحت تاثير اهداف اقسام من الطبقة الحاکمة نفسها. ان تلك القوی الفاعلة في‌ تلك الثورات حاربت ،ضحت بنفسها، لکن ثمرة نضالها لم تکن سوی تسليم السلطة بين اقسام الطبقة الراسمالية المختلفة نفسها. تحتاج الطبقات المستغِلة الي السيادة السياسية للابقاء علی الاستغلال، اي من اجل المصالح الانانية للاقلية الضئيلة و ضد الاغلبية الساحقة من الجماهير. وتحتاج الطبقات المستغِّلة الي السيادة السياسية للقضاء التام علی کل استغلال، اي لمصلحة الاغلبية الساحقة ضد اقلية صغيرة من الراسماليين والذين لهم مصلحة في بقاء نظام الظلم والاستغلال، وان اسقاط سيادة الراسمالية لايمکن الا من جانب البروليتاريا باعتبارها طبقة خاصة تعدها ظروف وجودها الاقتصادية لهذا الاسقاط وتعطيها الامکانية و القوة للقيام بذلك. وان المارکسية، اذ تربي حزب العمال، تربي طليعة البروليتاريا الکفوءة لاخذ السلطة و للسير بکل الجماهير الى الاشتراکية و لتوجه وتنظيم النظام الجديد، لتکون قائدا و زعيما لجميع الکادحين و المستثمرين في امر تنظيم حياتهم الاجتماعية بدون البرجوازية و ضد الراسمالية.
ان الثورة تعلم الطبقات کافة بسرعة و عمق لا نظير له مقارنة بالزمن العادي، السلمي. ان الراسمالين المنظمين احسن من غيرهم والذين هم الاکثر خبرة فيما يتعلق بقضايا النضال الطبقية السياسية، قد تعلموا قبل غيرهم . يقول لينين " ولاشك في ان القضية الرئيسية الکبری في کل ثورة ، هو الامر التالي : في يد اي طبقة تکون السلطة ".
ان الحرکات الاجتماعية المحتجة التي تنظم نفسها من اجل القيام بالثورة او مشابه ذلك لديها اهدافها المسبقة التي تنشد ان تبلغها عبر الثورة، وخاصة ان البرجوازية و ثوراتها لديهما برامجهما المسبقة و الهادفة. لکن عندما يتحدث العمال عن الثورة، عليهم ان يعرفوا ماذا يريدون و ماذا لايريدون!! العامل، کانسان فاعل في المجتمع، يناضل من اجل کسر طوق العبودية عن ايديهم ومن اجل تامين الحياة اللائقة ومستقبلهم. وفي مرات عديدة، يشارك العمال من اجل کسب بعض المکتسبات الاقتصادية والسياسية المهمة لهم. لکن، مثلما قلنا، ان الکثير من تلك الثورات قد شارك فيها العمال و کانوا قوی فاعلة ومؤثرة، قوی محرکة في الثورات. بعد تلك الثورات بقی العمال في مکانتهم المضطهدة وبدون اي تغيير جدي في حياتهم اليومية ، بل "و في اغلب الاحيان، کان اول اؤلئك الذين غدوا هدف هجمة الاقسام التي استلمت السلطة حديثا من الطبقة الحاکمة هم العمال انفسهم و غدت الثورة حجة جديدة لقمح الحرکة العمالية" ... منصور حکمت
الطبقة العاملة لديها تجارب کثيرة ومريرة مع الثورات ، بيد ان کل هذه الثورات ليست ثورة عمالية، اي شارك العمال ولايزالوا يشاركون فيها ، "ما عدا ثورة اکتوبر وکومونة باريس" العماليتين. و لحد الان يشارك العمال في الثورات ، لکن ليس بصفهم المستقل ولا رايتهم المستقلة. وفي العديد من الثورات التي يشارك فيها العمال، يفتح المجال امام العمال للقيام باعمال عده ومهمة، بامکانهم ان يستغلوا الفرصة لفرض العديد من الشروط الاقتصادية و السياسية علی البرجوازية ، بامکانهم ان يستفيدوا منها ان ياسسوا مجالسهم او نقاباتهم المستقلة ، او تنظيم انفسهم. ولكن ينبغي ان لايفوتنا ان ننظر لماهية الحركة المقامة وافاقها السياسية. ان بوصبة الطبقة العاملة هو افقها التحرري لا غير، وعليها ان لاتلهث وراء اي ثورة، فاحيان ليست قليلة للثورات طابع رجعي ولاصلة لها بمصالح العمال انفسهم. نحن نقول ان الطبقة العاملة تتحرر عبر قواها فقط. وفي هذه الحالة، علی العمال ان يتوحدوا و ينتظموا في حزبهم السياسي، اي حزب شيوعي عمالي. و يصعدوا من نضالهم الثوري لتحقيق اهدافهم. و سيکون اي اصلاح جزئي و اي تحسن في اوضاح العمال نتيجة جانبية لهذا النضال الثوري . و متی يستنغي العمال من نضالهم الثوري هذا ، سيحرموا من الاصلاحات و حتى التحسين الجزئي في ظروف حياتهم ايضا.
کما نعلم ان اساس النظام الراسمالي او نظام الملکية‌ الخاصة هو تحکم اقلية صغيرة بوسائل الانتاج في المجتمع. وفي الفلسفة الاساسية لهذه النظام هو ان يعمل الانسان، العامل، لحساب شخص اخر مالك لوسائل الانتاج کي يعيش وکي يتمتع بالحد الادنی من الرفاه. في هذا النظام، تعيش الاغلبية المطلقة من المجتمع من بيع قوة عملها، ولا تملك عدا قوة عملها وسيلة اخری لامرار معاشها. وبالمقابل، تراكم اقلية ارباحها التی جاءت من بيع قوة عمل تلك الاغلبية . يقول مارکس " سأنطلق من واقعة اقتصاديّة راهنة تتمثل في أنه بقدر ما ينتج العامل من الثروة أكثر، وينمو إنتاجه من حيث القوّة والحجم، يصبح أكثر فأكثر فقرا، وبقدر ما ينتج من البضائع أكثر يصبح العامل بضاعة أبخس ثمن، يوازي انهيار قيمة العالم الإنساني تنامي قيمة العالم المادّي. فالعمل لا ينتج بضائع فحسب، بل إنه ينتج ذاته أيضا، وينتج العامل باعتباره بضاعة".
ان التاريخ برهن على حقيقة ان العمال في کافة الثورات من النوع ذاك و في کثير من بلدان العالم لا ينالوا اي شيء ملموس في مسعى تغيير حياتهم ، طالما ان وسائل الانتاج الاجتماعي بيد الراسماليين و ان تامين حاجات البشر اليومية الملحة في العيش لايجلب سوى صب الارباح بجيوب المالکين الطفيليين لوسائل الانتاج ، فان الحديث عن العدالة الاجتماعية بين البشر و القضاء علی الحرمان و التمييز يغدو امرا مستحيلا. يقول قائد الشيوعي منصور حکمت :
"اي هدف تتعقبه الثورة العمالية؟ ان جواب هذا السؤال متضمن في المجتمع الراسمالي نفسه. على كل عامل فكر بوضعه لعشرة دقائق ان يحدد المأخذ الاساسي الذي ينبغي اثباطه في العالم. ان هذا العالم لمقلوب. ان منتجو ثروة المجتمع، العمال، محرومون والعاطلون اثرياء. ان اكثر العناصر وضاعة ودناءة هم محترمي وسادة هذا المجتمع، واشرف الناس، الجماهير الكادحة، دونيين ومعدومي الحقوق. اذ يتوجب حتى على اؤلئك الذين صرفوا العمر كله في العمل وخلقوا الثروات، وبعد ثلاثين عام، ان يجدوا، من جديد، مشتري لامرار كل يوم من حياتهم. وان القدرة المبدعة والمنتجة للعامل نفسه تؤول الى الاقتدار المتعاظم للراسمال والدونية المتعاظمة للعامل نفسه. من اجل صيانة هذا المجتمع المقلوب، اقيمت الحكومات، تشكلت الجيوش، بنيت السجون والمعتقلات، خلقت الالهة والاديان. ان المسالة اوضح من الشمس. لقد شيد هذا المجتمع على العبودية، العبودية الماجورة. ان اي درجة من تنامي الخدمات الاجتماعية والضمانات وزيادة اجور العمال التي يتوجب عليهم انتزاعها من حلق الطبقات الحاكمة عبر الصراع والقسر لاتغير، اساساً، من هذه المكانة الاستعبادية للعامل. اذ يُرسَمْ على جبين الطفل الذي يولد بيننا اليوم ختم استغلال النظام الراسمالي" منصور حکمت-العمال و الثورة.
اي ثورة تنشدها الطبقة العاملة؟ اي من الثورات تستطيع من خلالها الطبقة العاملة ان تتخلص من العبودية الکاملة والاستغلال؟ اي تيار او ميل داخل الطبقة العاملة يسير بهذه اتجاه؟ هذه الاسئلة يحدد مصير العمال وطبقتهم والى اين يمضون! عندما ننظر الى نضال الطبقات و خاصة تاريخ نضال الطبقة العاملة، فانهما مركز ميول سياسية ونضالية متعددة مثل النقابية ، الاصلاحية، القومية، و ميل الاحتجاج الاجتماعي الثوري، اي الميل الشيوعي . ان الاوضاع والمسائل الاقتصادية للطبقة العاملة، الاوضاع السياسية للمجتمع، صراع الاحزاب السياسية ومجمل التاريخ المعاصر للمجتمع تصيغ ميول وتيارات سياسية مختلفة داخل الطبقة العاملة. وغيرها تؤثر جميعاً على الطبقة العاملة وتخلق استقطابات داخل الطبقة العاملة. انا اود ان اتحدث فقط عن الميل الاشتراکي والشيوعي‌ الاحتجاجي داخل الطبقة العامڵة، و لا اريد ان اتحدث کثيرا علی الميول الاخری، لانه موضوعه في الثورة يتعقب اهداف اوسع واشمل، اي المصالح والاهداف النهائية والشاملة للحركة العمالية ككل، و من الناحية الاخری، فان الميول الاخری ليست دعاة الثورة والخلاص النهائي للعمال من ربقة النظام الراسمالي کما اكد على ذلك تاريخ قرون من النضالات والثورات ، وانما تحقيق الاصلاحات من ضمن الراسمالية، و ان اشتراک اتجاهم في النضال من اجل الاصلاحات کان مبنيا علی حذف المسالة الثورة العمالية و اهدافها من جدول اعمالهم. بالرغم من اهمية النضال الاقتصادي و الاصلاحي، وان فرض الاصلاحات السياسية و الاقتصادية علی البرجوازية، جزء لايتجزآ من النضال العمالي، لکن تحقيق اهداف العمال و تغيير النظام الراسمالي المقلوب لا يتحقق الا من خلال الثورة العمالية.
الشيوعية تيار حي وذا نفوذ وحضور داخل الطبقة العاملة، لديه قادته ومحرضيه ومنظميه الميدانيين والعمليين، وليس بالضرورة ان ‌هؤلاء اعضاء في الاحزاب الشيوعية. يتميز ميل الاحتجاج الاجتماعي الثوري، اي الميل الشيوعي العمالي، عن باقي الميول الاخری داخل الطبقة العاملة، هو ذات السعي من اجل ترسيخ امل و هدف الثورة العمالية داخل الطبقة العاملة و تنظيم قوة هذه الثورة . ... وهنا تجد الاختلافات لا على صعيد الامال والافاق معناها، بل على صعيد الفعالية والنضال اليوميين، الشعارات والتكتيكات النضالية، المطاليب السياسية والاقتصادية، الاساليب النضالية وفيما يخص المواقف المتعلقة بالمسائل الاساسية للحركة العمالية وغيرها.
ان الميل الشيوعي العمالي ينبثق من النضال الطبقي الصرف. انه رد معين في هذا النضال. رد من ضمن ردود داخل الطبقة العاملة. انه الحرکة الثورية لطبقة العامڵة الساعية لقلب النظام الراسمالي و اقامة مجتمع خال من الطبقات و الغاء النظام العمل الماجور . ان هذا الميل ليس مچموعة من الفدائين او المصلحين التواقين لتحرر العمال او البشرية باجملها، و انما هو حرکة تنهض من رحم المجتمع الراسمالي ذاته و تعکس افاق و اهداف واحتجاج جزء کبير من المجتمع نفسه.
يقول منصور حکمت:
"ان اول نقطة كنا قد اكدنا عليها في هذه المرحلة هي ان الاشتراكية العمالية حركة اجتماعية موضوعية قائمة بذاتها و ليست نتاج فعالية الماركسيين و الشيوعيين، حركة ظهرت في المسار التأريخي ومازالت مستمرة وجارية. فاذا ما كانت هناك في البدء ضرورة لوجود شخص يعرف الاطار الفكري لهذا التيار و يحدده، فأن الاشتراكية العمالية اليوم، و بعد سنوات عديدة من انجاز ماركس لتلك المهمة، هي حركة موجودة حية و جارية. ان النضال ضد الراسمالية لقلبها و احلال الاشتراكية محلها عن طريق ثورة عمالية، هو افق عمالي حي و راسخ و تقليد نضالي حي داخل الطبقة العاملة. من الممكن ان تكون النظرية و الوعي الذاتي لهذه الحركة في اية مرحلة دقيقين او غير دقيقين، صحيحين او غير صحيحين، ولكن على اية حال فأن هذا الاتجاه و هذا الميل في الحركة العمالية له وجود دائم و يريد و يسعى بأستمرار لجذب كل الطبقة نحوه. ان اول وجوه تمايزنا هو اننا نقول ان الشيوعية و الاشتراكية و الحزب الشيوعي العمالي تتخذ اشكالها على اساس نضال واقعي و سعي موضوعي من هذا النوع في المجتمع وداخل الطبقة العاملة حتى لو كان هذا النضال و السعي ضعيفاً و محدوداً في بعض الاحيان. فالأشتراكية ليست مثالاً او يوتوبيا او مخطط عقلي للمجتمع يريد تطبيقاً. وبالطبع، ان الاشتراكية اطروحة عقلانية من جهة و نريد تطبيقها ايضاً، و لكن الاشتراكية و الشيوعية العمالية هي قبل كل شيء اطار لنضال اجتماعي بغض النظر عن وجود الحزب او عدم وجوده.
و لعلكم تتذكرون اننا اكدنا كثيراً في بداية ابحاث الشيوعية العمالية على هذا الجانب، و اكدنا على ان الشيوعية ليس اطروحة ارادوية او نسخة صادرة من ميدان العقل الى ميدان الفعل. ان الاشتراكية هي سعي اجتماعي كانت الى حد ما تجري طوال القرنين التاسع عشر و العشرين. و اليوم، يمكن رؤيتها بوضوح ايضاً. وليس هناك من شك في ان الميول الاجتماعية المختلفة الاخرى تسعى للسيطرة عليها و دفعها نحو آفاقها الخاصة. و لكن نفس هذا السعي و النضال الطبقي المعادي للراسمالية و المطالب بالمساواة الاجتماعية من الممكن رؤيته خلف تلك الاشكال و التمظهرات التي اضفتها عليه الحركات السياسية و الحزبية المختلفة، و يمكن تمييز هذه الحركة على اساس اهدافها الاجتماعية و احتجاجها في هذا المجتمع ، و اسسها الطبقية والاجتماعية عن كل الحركات الاخرى في هذاالعصر. ان أي واحد منكم، اذا ما قرأ النشرات العمالية المختلفة حتى نشرات الاتحادات، او اذا كان لاحدكم في نشاطه المستمر ابسط ارتباط بالحركة العمالية، سترون باستمرار قسماً من الطبقة العاملة ليس له قناعة بالنضال الدفاعي، وليس لديه اقتناع انه سيحصل على حقوقه الواقعية في هذا النظام، انه يفكر ان الراسمالية يجب ان تترك مكانها للاشتراكية. انهم يعتقد ان وسائل الانتاج يجب اخذها من يد البرجوازية و يفكر في الاتحاد و الثورة من اجل كل هذا. ليس هذا سوى تعريف الاشتراكية العمالية. ان التأكيد على وجود موضوع و مادة هذا النضال الاشتراكي داخل الطبقة العاملة نفسها، بغض النظر عن القالب الفكري الذي يتخذه في اي مرحلة، هو خصيصة مميزة لتيارنا، ونحن نرى حتى خلف فعالية اكثر الاتحادات اليمينية، مجموعة حقائق حول الميول و المساعي الاشتراكية للطبقة العاملة التي لا يستطيع ان يراها أي ميل يساري آخر، اننا نرى خلف خطب القادة العمليين للحركة العمالية في النضالات و الاحتجاجات اليومية، دلائل وجود اشتراكية للطبقة العاملة، حتى لو كانت هذه الخطب ضعيفة و حافلة بالتوهم لان التوهمات مكتسبة و لكن الميل المعادي للراسمالية داخل الطبقة العاملة الذي يجعل قادة العمال ناطقين له هو ميل راسخ و واقعي. ان الاشتراكية العمالية هي ذلك الميل داخل الطبقة العاملة الذي يصنع القادة العمال الراديكاليين و يفسح المجال لضغط الراديكالية المستمر على القادة غير الراديكاليين في الحركة العمالية. ان هذه هي احد الخصائص الاساسية لتيارنا الذي يرى خلف التحركات اليومية للحركة العمالية والتأثيرات السياسية و النضالية داخل الطبقة العاملة الوجود الموضوعي للميل الاشتراكي و يعترف به رسمياً، و يعتقد ان التحزب الشيوعي يجب ان يتجسم في قلب هذا التقليد النضالي الواقعي القائم في المجتمع و ينبع منه. ان الحزب الذي نؤسسه اليوم مرتبط بهذا التقليد و ليس بتقاليد المعارضة الراديكالية الايرانية او اليسار الراديكالي عموماً. ان النضال ضد الاقطاع، النضال ضد الجمهورية الاسلامية ، النضال ضد الدكتاتورية و الاستبداد ، النضال ضد الامبريالية ، لا يمثل المصدر السياسي و الاجتماعي لهذا الحزب. ان هذا الحزب تاسس في قلب تقليد النضال العمالي من اجل المساواة الاقتصادية الذي يجري باستمرار في قلب المجتمع الراسمالي ، و من هنا يكتسب اقتداره و قوته. "منصور حکمت " اسس و افاق الشيوعية العمالية" .

ان الثورة العمالية افراز للصراع الطبقي ، يعتبر مارکس الصراع الطبقي القوة المحرکة للتاريخ، وان الصراع الطبقي هو اساس تاريخ، وانه مجابهه طبقية دائمة و مستمرة، احينا سافرة و احيانا مستترة تجری في قلب المجتمع.
ان الصراع الطبقي ليس الاضرابات و الاعتصامات فقط، وانما هو کافة الاشکال و مجمل لحظات الرفض الاجتماعي التي تقوم به الطبقة العاملة.
ان الشيوعية العمالية تعني الثورة العمالية، وهذه الشيوعية لا تعزف علی کل الانغام ، الا نغم تحرر البشرية من الراسمال و الخلاص من الراسمالية. يقول انجلس في رسالته الي مارکس " ان الشيوعية تعنی احتجاج العامل بوصفه انسان علی مجمل الوضع الاجتماعي لا بمثابة فرد محتج علی وضعه " .
و في الختام اود ان اقول ان ضمان العدالة الاجتماعية ، ان ضمان تغير الحياة البشرية وتحقيق المساواة، وتحقيق حياة افضل خالية من الاستغلال و الظلم وا لاستبداد مرهونة بالثورة العمالية و الشيوعية و تحقيق الاشتراکية ، وبدون ‌هذه الثورة، ان اي کلام عن المساواة و الحرية التامتين، والعدالة الجتماعية يغدون بعيدي المنال، ويسلم مصير مليارات البشر تحت رحمة السلطة الاستبدادية البرجوازية. و من اجل تحقيق هذه الاهداف وضمان هذه الثورة ، ينبغي ان يتوحد العمال في‌ حزبهم السياسي الشيوعي ، ويجب على العمال ان يلتفوا حول الميل الشيوعي‌ العمالي الثوري داخل الطبقة العاملة حتی تتحقق امالهم وبلوغ ثورتهم الشيوعية ، لانه هذا هو السبيل الوحيد لتحررهم النهائي ، وليس لديهم شيء اخر يخسروه ، کما يقول مارکس و انجلس في‌ السطر الاخير من‌ البيان الشيوعي " فلترتعد الطبقات السائدة خوفا من ثورة شيوعية. فليس للبروليتاريين ما يفقدونه فيها سوى أغلالهم و أمامهم عالما يكسبونه. يا عمّال العالم، إتحدوا!"