مناقشة أولى لمنطلقات الفكر الصهيوني - 4 -


عباس يونس العنزي
2011 / 8 / 16 - 14:39     

المنطلق الديني - تتمة -
ثانيا - الأرض الموعودة :
أرض فلسطين الكنعانية وما بعد ذلك الى الفرات والنيل هذا هو المجال الجغرافي الذي تراوحت ضمنه الأرض الموعودة على مستوى الوعد ، أما واقعيا فإن الأمر اختلف عن ذلك كثيرا ، ففي ميثاق الرب مع ابراهيم تحددت الأرض الموعودة بالشكل التالي ( لنسلك أعطي هذه الأرض ، من نهر مصر الى النهر الكبير الفرات ) وهذه هي الأرض التي كان يسكنها مجموعة مختلفة من الأقوام ذكرت في التوراة .
بينما حددها الرب -حسب ادعاء التوراة - في موضع آخر من سفر التكوين - الإصحاح الثالث عشر بإسلوب آخر مختلف ( وقال الرب لإبرام بعد اعتزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك للأبد ) .. ( قم امش في الأرض طولها وعرضها لأني لك أعطيها ) ، وفي الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين يأتي وصف آخر للأرض الموعودة وكما يلي ( فأتوا أرض كنعان واجتاز ابرام في الأرض الى مكان شكيم الى بلوطة موره ، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وظهر الرب لإبرام وقال لنسلك أاعطي هذه الأرض ) . وفي الإصحاح الخامس عشر يظهر وصف عام غير محدد ( وقال له أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها ) . وبعد موت ابراهيم دعا اسحاق أبنه يعقوب وقال له كما ورد في الإصحاح الثامن والعشرين من سفر التكوين ( ويعطيك بركة ابراهيم لك ولنسلك معك لترث أرض غربتك التي أعطاها الله لإبراهيم ) .
وفي الإصحاح الخامس والثلاثون يرد ما يلي ( أنا الله القدير وأثمر وأكثر أمة وجماعة أمم تكون منك وملوك سيخرجون من صلبك والأرض التي أعطيت لإبراهيم وإسحاق أعطيها لك ولنسلك ممن بعدك أعطي هذه الأرض )
ومن كل هذا يمكن أن نرسم الصورة التي تراوحت بها الأرض الموعودة ، ففي الوعد الأول كانت الأرض تمتد امتدادا كبيرا لتشمل البقعة الواقعة بين النيل والفرات وهذه منطقة واسعة جدا تسكنها أقوام كثيرة وكبيرة وفي طرفيها توجد حضارتان قديمتان وراسختان ، حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل ، والملاحظ أن هناك تراجعا عن حدود هذه الأرض فقد تقلصت الى المنطقة الواقعة بين شكيم " نابلس " الى موره وهي جزء من أرض الكنعانيين ، ويلف الغموض حدود الأرض الموعودة عندما توصف بأنها أرض غربة ابراهيم وهذا هو الوصف السائد في معظم ما ورد في أسفار التوراة .
ويتوجب هنا أن نعطي المناطق التي تغرب فيها ابراهيم واسحاق ويعقوب لنحدد جغرافية الأرض التي وصفت بأنها أرض غربة ابراهيم .
1- إن أرض ابراهيم بحسب التوراة وأرض عشيرته هي أرض أور الكلدانيين ثم سكنوا منطقة حاران " حران " والتي اعتبرتها التوراة أرض ابراهيم أيضا كما يتأكد من التص التالي من الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين ( وقال الرب لأبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك الى الأرض التي أريك ) إذن فحاران كانت أرضه وأرض أبيه . والمكان الأول الذي تغرب به ابراهيم هو بلوطة موره ثم انتقل الى الجبل الشرقي ببيت إيل ثم ارتحل الى الجنوب نحو مصر وفي كل هذه المناطق لم يستقر ابراهيم أو يقيم إنما كان في رحلة دائمة على نسق رحلات وهجرات القبائل البدوية بحثا عن الماء والكلأ ، وعندما عاد سكن منطقة بيت إيل والتي فيها غادر لوط نحو الأردن ، أما الأقوام التي كانت تسكن بيت إيل فهم الكنعانيون والفرزيون بحسب التوراة .
انتقل ابراهيم الى بلوطات حبرا في حبرون ثم انتقل الى أرض الجنوب بين قادش وشور وجرار ثم رجع الى حبرون وماتت سارة هناك ودفنت في مغارة المكفيلة وماات ابراهيم ودفن في نفس المكان .
أما اسحاق فسكن جرار ثم في وادي جرار ثم بئر السبع أما يعقوب فقد سكن في فدان آرام ثم هرب الى جبل جلعاد ثم سسكن في شكيم ثم أقام في بيت إيل ثم انتقل الى مجدل عدد . ويتبين لنا أن أرض غربة ابراهيم هي مجموعة من المناطق الصغيرة التي لم يستقر بها هو واولاده إلا فترات قصيرة وهذه المناطق هي ( شكيم ، حبرون ، جرار ، وبيت إيل ) في أرض كنعان .
أما في عصر موسى وهو عصر آخر يبتعد عن عصر ابراهيم بما يقارب 700 عام فإن موسى لم يحظ بدخول أرض كنعان إنما مات في سهول موآب التي أسكن فيها أسباط رآوبين وجاد ومنسي أما بقية الأسباط فقد أسكنت في باقي أرض فلسطين وذلك في عهد يوشع بن نون خادم موسى وخليفته .
وتؤمن الحركة الصهيونية تماما بأرض الميعاد الواردة في الوعد الأول - من النيل الى الفرات - وقد عبر عن ذلك أكثر من مفكر صهيوني فيما يعلن الصهاينة كجزء من الواقعية المضطرين إليها حدودا أخرى وردت في المذكرة المرفوعة بتاريخ 3-2-1919 وبالتعاون مع وزارة الخارجية البريطانية الى مؤتمر الصلح " مؤتمر العشرة " وبعنوان "تصريح المنظمة الصهيونية بصدد فلسطين " والتي طالب المؤتمر المذكور بـ ( الاعتراف بالحق التاريخي للسعب اليهودي بفلسطين ) حيث جاء ما يلي ( إن حدود فلسطين يجب ان تؤشر وفقا للخطوط العامة المبينة أدناه : تبدأ بالشمال عند نقطة على شاطيء البحر المتوسط بجوار مدينة صيدا وتتبع مفارق المياه عند تلال سلسلة جبال لبنان حتى تصل الى جسر القرعون فتتجه منه الى البيرة متبعة الخط الفاصل بين حوضي وادي القرعون ووادي اليتم ، ثم تسير بخط جنوبي متجه للخط الفارق بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل حرمون " الشيخ " حتى جوار بيت جن وتتجه شرقا بمحاذاة مفارق المياه الشمالية لنهر مغنية حتى تقترب من سكة حديد الحجاز الى الغرب وتنتهي في خليج العقبة )
وجاء في القرار الخاص الذي اعتمده المؤتمر الصهيوني الثاني عشر المنعقد عام 1921 ما يلي : ( يأخذ المؤتمر علما وسط شعوره بالارتياح بأن منطقة شرق الاردن التي ينظر اليها الشعب اليهودي كجزء متمم من أرض اسرائيل سوف تدمج في منطقة الانتداب البريطاني ويجد المؤتمر نفسه ملزما بالاعراب عن أسفه على أن مسألة الحدود الشمالية لأرض اسرائيل لم تجد سبيلها الى حل مرضي حتى الآن على الرغم من جميع المساعي التي بذلتها اللجنة التنفيذية للحيلولة دون التخلي عن الوحدة الادارية الاقتصادية الفلسطينية أي في ضفتي نهر الأردن لمصلحة سياسة مناطق النفوذ لئلا يؤدي ذلك الى تقلص امكانات الاستيطان والاستعمار في وجه الجماهير اليهودية الباحثة عن عمل ) .
وقال وايزمان ردا على المخاوف حول مصير شرق الاردن " التريث حتى تمتليء الضفة الغربية للأردن الى درجة تدفع بنا الى الضفة الشرقية "
وعلى العموم فإن الأرض الموعودة الممكنة واقعيا في الفكر الصهيوني تمتد من قناة السويس المصرية الى الاردن الحالي - في خط حديد الحجاز - وليس هناك ما يمنع من تطوير هذه الحدود كلما كان الامر ممكنا ليبلغ ما وعد يهوه شعبه بأرض تمتد من النيل الى الفرات .
مناقشة المنطلق الديني
إن الموضوع الأساس القمين بمناقشته قبل تناول التفاصيل هو تاريخ التوراة ذاتها من حيث زمن كتابتها والتناقضات الواردة فيها عموما ليتسنى لنا تبيان التناقضات في الدعوة الصهيونية المستندة للأساس الديني .
فمن الثابت تماما أن موسى التوراتي لم يكتب أي سفر من أسفارها ولم يصل أي أثر مكتوب من التوراة ممن رافقوه أو عاصروه ، وكافتراض أولي فإن نصوص التوراة نقلت شفاها عبر أجيال متعددة حتى دونت أثناء فترة السبي البابلي مع أن أقدم نصوص لبعض اسفار العهد القديم لا يرقى الى أكثر من القرنين الأخيرين قبل الميلاد ، ويذكر الدكتور أحمد سوسة في كتابه العرب واليهود في التاريخ أن أحد الرعاة العرب عثر في كهف يقع عند مصب وادي حمران في الساحل الغربي الشمالي من البحر الميت وعلى بعد أثني عشر كيلومترا جنوب أريحا على لفائف اسطوانية من الرقوق مغلفة بقماش قديم من الكتان داخل جرار من الخزف وهذه تحتوي على بعض أسفار العهد القديم منها درج لكامل نبوءة أشعيا . وعثر على جزء من كتاب اللاويين ومقطوعات من رؤيا أورشليم وجزء من المزامير ونص لسفر أيوب بالآرامية وفي بعض زوايا الكهوف عثر على مقاطع مناسفار التكوين والخروج والتثنية ونبوءة أشعيا .
وفي مقدمة الطبعة الكاثولوكية للكتاب المقدس الصادر عام 1960 يرد النص التالي ( ما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التوراة منذ قصة الخليقة أو انه أشرف على وضع النص الذي كتبه عديدون من بعده ، بل يجب القول أن ازديادا تدريجيا سببته مناسبات العصور التالية الاجنماعية والدينية ) .
وهناك فئة من اليهود لا تعترف إلا بالأجزاء الخمسة الأولى من التوراة والمسماة بالبنتاتيك ويسمون هؤلاء بالسامريين نسبة الى السامرة ، ويدعي هؤلاء أنهم يملكون نسخة من هذه الاسفار تعود لماقبل مولد المسيح .
وجاء في كتاب ( موسى والتوحيد ) لفرويد إشارة الى بعض الآثار اليهودية كتبت في العام 1000 قبل الميلاد لكنه لم يذكر إن كانت هذه الآثار تخص اليهود أم لا ، فمن المعروف أن قبائل عربية وغير عربية عديدة كانت تعبد الإله يهوه في الجهة الغربية لشبه الجزيرة العربية ومنها منطقة تسمى جريبة قادش وهذا ما يؤكده فرويد نفسه الذي ذكر في نفس كتابه ( من الثابت تاريخيا أن النمط اليهودي قد تحدد نهائيا بعد اصلاح عزرا ونحميا في القرن الخامس قبل الميلاد أي بعد المنفى وتحت سيطرة الفرس المتسامحة ، واخذت يومئذ اسفار موسى الخمسة وهي كتاب الشريعة الحقيقي شكلها النهائي ) .
ويستنتج من كل المصادر التي تحدثت عن تاريخ التوراة انها كانت غير مكتوبة منذ زمن موسى وخلفائه وبذلك تكون قد نقلت شفاها عبر الأجيال بشكل مقطوعات طويلة ومن البديهي أن تؤثر العوامل الاجتماعية والسياسية على مدى زمن طويل في تلك المقطوعات فتشوهها وقد تقلب مضامينها وهذا افتراض وارد يؤيده جمع كبير من رجال العلم والمؤرخين ، لكن الاعتراض الأساسي الذي يواجهه هو السؤال التالي : لماذا لم يكتب أول المحرفين او المشوهين التوراة وفق هواه فتكون نسخة تثبت غاياته ؟ أليس المحرفون هم ألاشد حرصا لتثبيت تحريفهم ؟ إن عدم كتابة التوراة يبقيها عرضة للتشويه والتحريف المضاد فلماذا لم يكتبوها إذن ؟ إن ما يمكن التفكير به مباشرة هو أن هؤلاء لم يكونوا يمتلكون شيئا لتحريفة أو تشويهه وبالتالي لكتابته .. ليس إلا .
ويمكننا أن نبرهن على استدلالنا هذا لو أننا تناولنا الحالة المعاكسة لحالة المحرفين وتحدثنا عن فترة مرت بها الديانة اليهودية هي الأفضل على الإطلاق ، وهي الفترة التي تأسست فيها مملكة يهودية حكمها شاؤول وداود وسليمان لتنقسم بعد ذلك وتتحطم تحت ضربات اعدائها وذلك كله بحسب التوراة ، ونعيد طرح ذات التساؤل ، لماذا لم تقم المملكة المزدهرة المؤسسة على التوراة أصلا والتي يستمد ملوكها شرعيتهم منها ، لماذا لم تقم هذه المملكة وملوكها شاؤول وداود وسليمان بكتابة التوراة ؟ ونركز هنا على عصر سليمان الذي ترد عنه أشياء وروايات واهتمامات متحضرة ونعيد ذات السؤال ، لماذا لم يكتب سليمان التوراة وهو الذي اهتم ببناء ما يسميه اليهود بالهيكل ؟ إننا أمام سؤال ليس له من إجابة إلا باحتمالين : الأول هو أن المملكة اليهودية لم تكترث بكتابها المقدس وأهملته وهذا احتمال بعيد جدا ، والثاني أنه لم يكن هناك اي كتاب ليكتب ويدون بأية صيغة وهذا هو الاحتمال الأكثر منطقية .
وسنطور سؤالنا بتساؤل ورد عند احمد سوسة : ( هل كانت هناك في زمن داود دولة اسرائيلية بمعنى أنها يهودية ؟)
وهذه تساؤلات مشروعة حيث أن مملكة وحضارة بالوصف الذي أوردته التوراة لمملكة داود وسليمان تعجز أن تدون ولو صفحة واحدة عن نفسها وتنسى أن تدون كتابها المقدس لأمر يثير الشكوك بمصداقية ما ورد في التوراة .
وفي هذا الشأن يقول المؤرخ ويلز في كتابه " معالم تاريخ الانسانية " والذي ورد عند أحمد سوسة ( أن قصة ملك سليمان وحكمته التي أوردها الكتاب المقدس تعرضت الى حشو وإضافات على نطاق واسع على يد كاتب متأخر كان شغوفا بالمبالغة في وصف رخاء عصر سليمان مولعا بتمجيده ) .
إن التمعن في التساؤلات والاستدلالات المتعلقة بهذا الموضوع يتيح لنا أن نقول أن كتابا بإسم التوراة لم يكن معروفا بالحقيقة لدى الجماعة التي ملك فيها داود وسليمان ، وأن هذا الكتاب قد ألف ودون في مرحلة متأخرة ولاحقة تحت تأثير عاملين : الأول هو السبي البابلي لعبدة يهوه الذين ولد لديهم عموما ولدى كهنتهم وهم قادتهم انكسارا نفسيا هائلا دفع كرد فعل لاختراع كل ما من شأنه الحفاظ على عبادتهم وحفظ توازنهم ، والثاني هو الأرث العظيم للحضارة البابلية والسومرية والذي ترك بصماته على الحضارات القديمة جميعها .
ويمكن البرهنة على ذلك من خلال عقد المقارنات بين التوراة وقصصها وأحكامها وبين معطيات الحضارة البابلية والسومرية وهما حضارتان قامتا قبل ظهور من تسميهم التوراة بأنبياء بني اسرائيل ، ويقع هذا البحث خارج موضوعنا .
إن الحركة الصهيونية العالمية تصر على كون اليهود أعطوا للعالم كتاب الكتب _ أي التوراة _ بما يتضمنه من قيم حضارية كما ورد ذلك في بيان تأسيس الكيان الصهيوني متناسين حقيقة أن مضامين التوراة في مجال القصص والأحكام والتشريعات والأناشيد والتراتيل جميعها منسوخة من اخرى سومرية وبابلية قديمة ولم يعط اليهوويين شيئا قط إنما فقط ترجموا تلك الأعمال والعطاءات للغة أخرى وفق صياغات مليئة بالتعقيد والكذب وسوء الفهم وأدعوا أنهم مبدعوها ذلك الادعاء المتهافت الذي لا يشفع له إلا التعصب العقائدي الأعمى .
وعندما ننتقل لمناقشة الوعد الإلهي فإن ما نطلع عليه بدءا هو ان هذه الفكرة ليست جديدة على التاريخ البشري ، فعلى مستوى الأفراد ظهر الكثيرون ممن ادعوا أنه ماولاد آلهة وأن الآلهة قد ميزتهم عن غيرهم بمميزات خارقة فهناك أقدم نص تحدث عن رعاية الآلهة الخاصة وتمييزها كسرجون الكدي وجلجامش ومجموعة الاساطير الاغريقية ( هرقل وبرسيوس وغيرهما ) والكثير من الاساطير المحلية الخاصة بكل شعب من شعوب العالم ، ولحد الآن ثمة من يظهر ويدعي التمييز الإلهي والقداسة المفرطة لأشخاص بعينهم .
أما الدول المختصة بإله واحد يرعاها ويحميها فإن ذلك كان شعار كل الدول القديمة والتجمعات البشرية المتحضرة ، فكل منها يعبد بشكل خاص إله معين يعتقد أنه شعبه المختار المفضل وأنه يحمي هذا الشعب وبذلك فغن فكرة الشعب المختار والوعد الإلهي الممنوح له ليست قصة فريدة في تاريخ الشعوب إنما هو قصة مكررة وتقليدية ولكن لنناقش عناصر هذه القصة حسبما وردت بالتوراة لن في ذلك دحض لأهم مرتكزات الفكر الصهيوني العنصري .
إن سفر التكوين يصر على أن ابراهيم هو أبو الشعب اليهودي الذي تسميه بالاسرائيلي فهل هذا ادعاء صحيح ؟
إن ما يجب توضيحة بدقة هو أن ابراهيم وبحسب التوراة كان جد يعقوب فكيف يتسنى إذن وصفه بالاسرائيلي ؟ كذلك فهو قد عاش قبل يعقوب وقبل يهوذا بزمن طويل فكيف يكون ابراهيم يهوديا ؟ اما إنه عبري ففي ذلك كلام آخر مختلف نعبره حاليا بالسؤال التالي : كيف تسنى لكتبة التوراة ان يعرفوا ابراهيم ويوظفوا قصته فيما كتبوا من افتراءات ؟ وأولا من هو ابراهيم حقا ؟
إن قصة ابراهيم من القصص المعروفة لدى الشعوب والأقوام الجزيرية وعلى نطاق واسع ، فهو لم يكن فردا عاديا أو شخصية خيالية بل هو ملك من الملوك البابليين الذين اعتنقوا عبادة إله واحد هو الأله ( إيل ) . وتؤكد المكتشفات الأثرية أن هناك ثلاثة ملوك كانوا يوحدون إلههم ، ثالثهم هو النبي ابراهيم الذي جابه ثورة مضادة أدت به الى الهجرة من بابل الى حران شمالي الفرات .
يقول ج - ب - فيلبي في كتابه " مقومات الاسلام " الصادر عام 1947 ( ففي بعض الألواح التي عثر عليها فيي منطقة بابل ما يوضح جليا أن هناك ثلاثة ملوك يؤلفون سلالة بابلية سامية نادوا وجاهروا بعقيدة التوحيد إلا أن الوثنيين أسقطوا الملك الثالث ونفوه ) ويضيف أن ( اسم الملك الأول هو " أيلو - ايلوم " ومعناها الله الواحد والثاني اسمه "ابتي -ايلي - نيي " ومعناه الله حبيبي وهو اسم مشابه لأسماء ملوك جنوب جزيرة العرب أما الثالث فاسمه " باثع - ايل " ومعناها خليل الله وهو اسم النبي ابراهيم في الكتابات العربية والاسلامية ) كما إن اسم ابرام هو أسم بابلي بحت وليس يهوديا وقد ورد كما تذكر المصادر الآثارية بصيغة ابراما وأبام راها في عديد من الألواح أما اسم اسماعيل فقد عثر على كتابة في لارسا لشخص يدعى أهوبا بن اسماعيل - يتبع -