بعيدا عن البرودة


أمير الحلو
2011 / 7 / 18 - 14:11     

يقال أن هناك قانونا دولياً ينص على ايقاف عجلة العمل اذا وصلت الحرارة الى درجة الخمسين مئوية ، ولكننا لسنا من البلدان التي يشملها هذا القانون لأننا نعيش بأعلى من هذه الدرجة ليس في الشارع والعمل كما يظن البعض ، ولكن في داخل بيوتنا وفي غرف نومنا ، خصوصا وأن سعادة الكهرباء المستمرة ، تجعلنا لا نهتم بدرجات الحرارة العالية فغرفنا وبيوتنا (ثلج ) والحمد لله .
سألني أحد الجيران وهو يمسك بقنينة الماء المثلجة لعلها تخفف من جفاف حلقه ونيران جسده: ألا يشعر المسؤولون ؟ قلت كيف لا يشعرون وهم يعرفون كل شيء عنا ، فقال محتداً ! ولكن ألا يعلمون أن الشعب (يشوى ) من الحر وأن الكهرباء العزيزة و الشحيحة لا تستطيع بساعاتها التي تشبه ( الزيارة) أن تعطي ولو نسمة هواء باردة ،وان المراوح تدفع هواء حاراً الى أجسادنا إذا توفرت من خلال المولدات الاهلية ، قلت له : أتذكر أن اهلنا كانوا يضعون على الأرض بساطاً مليئاً بالماء فتقوم المروحة السقفية (بتنشيفه) وتعطينا بعض الرطوبة ، ولكني أتذكر ان بعض الطبقات (الراقية) وكبار المسؤولين كانوا يلجأون الى طريقة أخرى أتمنى لو يجري تعميمها وتشرح طريقة صنعها و(فوائدها) من خلال القنوات التلفزيونية المشغولة بالعملية السياسية ، وتقوم هذه الطريقة على تجميع ( العاقول) وهو النبات الصحراوي الذي تتغذى عليه الجمال ، ويكبس في ألواح خاصة ويوضع على الشبابيك وتسلط عليه أنابيب مثقوبة تخرج منها المياه لترطب العاقول ، وبهذا يبرد المكان بشكل مقبول مع وجود رائحة العاقول الطيبة ، وقد شاهدت هذه الطريقة في غرفة القائمقام فأعتبرتها منتهى التقدم والرفاهية ، ولا أدري إذا ما كانت أحدى الشركات الصناعية على استعداد لأنشاء هذه الصفاائح العاقولية وبيعها في الاسواق خصوصا وأنها لا تعمل على الكهرباء ورخيصة الثمن لتوفر العاقول ( والحمد لله ) بعد زيادة نسبة التصحر لدينا وانتشار العاقول في جميع أراضينا الصحراوية أو الزراعية (سابقاً) ، ولكني عندما عرضت هذه الفكرة مازحاً على أحد الأصدقاء سألني : ألم تتذمر قبل أيام من انقطاع الماء عن دارك ؟ قلت نعم ، قال : إذن من أين تأتي بالمياه التي ستنصب على هذه المنظومة التبريدية (المتقدمة ) ، وقد أحرجني سؤاله هذا وجعلني أتراجع عن أفكاري المتخلفة في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين ، حيث أن العالم قد تجاوز قضايا الماء والكهرباء ولم نسمع ببلد يشكو من فقدانهما مهما بلغ من الفقر ، فهل بلدنا منها ؟ الجواب : كلا فقد حبانا الله بكل مقومات وعائدات الثروة الوطنية التي تكفي (لأنارة ) وتبريد العراق كله من خلال محطات كهربائية ومائية عملاقة ، وبالتالي فالسؤال هو لماذا نحن نعيش هذا الواقع المؤلم ، ولماذا بتنا نحلم بحياة السراديب ، التي كنا نلجأ اليها في أعماق بيوتنا طلبا للبرودة الطبيعية ، وأذكر أن أهلنا كانوا يضعون اللحوم والفواكه في تلك السراديب فنحافظ على سلامتها بشكل أفضل من أية ثلاجة أو مجمدة استعمارية مستوردة من الخارج !
بودي طرح اقتراح (وطني ) وهو إجراء مسابقة لاختراع جهاز يمكن أن يوفر البرودة للناس على أن يكون بعيداً عن الترف غير المطلوب باستخدام الكهرباء أو الماء .... وأنا أكتب عن هذا الموضوع ونحن والجيران ننتظر أن يأتي الماء الى دورنا في الساعة الواحدة ...بعد منتصف الليل !