ولأنك رحيم الغالبي


نعيم آل مسافر
2011 / 6 / 23 - 01:29     

ولأنك رحيم الغالبي 

لأنك لم تركع للظالمين طرفة عين أبدا ، ولم تبوق لأحد كما بوّق الكثيرون .. أيها الناي الجنوبي الأصيل . فقد كتبت على صفحة رقيمك الطيني ، بحروفك البيضاء كقلبك . وفي زمن إرتفع فيه زعيق الأبواق المتملقة :
البوق وبنادم سوى .. يموتون لو ماكو هوى. 
وها قد أختنقت الأبواق التي أصمت الآذان بصوتها النشاز ، وتنفس نايك السومري الذي يلامس شغاف القلب.
ها هي دموعنا راكعة بين يدي ذكراك . لا لتبكيك وإنما لتحييك ، وانت تلوح لنا مبتسما ًً من بعيد عبر الأفق .  تلويحة الفاتح المنتصر .. كأنك في ابتسامتك الأخيرة تقول : 
هواجس روحي نور وضي ّ ..
مشى الحايط وظل الفي ّ .
لقد انتصرت حقا ً يارحيم بعد صبر طويل .. نصرا ً لطالما وعدتنا بتحقيقه رغم كل الظروف .. انتصرت ، لا على ليل الطغاة الطويل وعذاباته الفريدة من نوعها فقط . بل حتى على الصبح الملثم ، الذي اعقب ذلك الليل البهيم . ولم تخدعك أشعة شمسه الكاذبة الملطخة بالدماء وسخام البارود :  
لو يدري الحديد يصير سيف ، أول ما كتل نفسه .
ولأنك كنت كنسمة صبح لم تخدش بهبوك حتى الورود .. هاهي خواطرنا مجروحة لفراقك ، وآه ٍ لجرح فراقك الذي لا يندمل .. وأنى لنسمة صبح رقيقة مثلك ، أن لا تضيع بين أعتى العواصف والأعاصير الهوجاء ؟ بل وتهزمها كل تلك الهزائم . لو لم تكن إنسانا في كل قول وفعل .. ونبيلا ً أقصى درجات النبل . وها نحن نفتقد فيك نبل الإنسان وصدقه ، أكثر من أي شيء آخر : 
أجي اليا باب ، أخاف الباب .. 
بدل حته رقمه وعاف محبوبه ؟؟؟
ولأنك ولأنك .. ولأنك رحيم الغالبي .. ها هي الشطرة تبحث عنك في وجوه محبيك . وفي جريان ماء النهر الهادئ المعبر ، كهدوئك المعهود ، صامتا كصمتك البليغ . تبحث عنك في المقاهي لعلها تسمع صدى صوتك المرتعش كأوراق الخريف . تمشي في الشوارع لتتبتع أثر خطواتك الوئيدة الواثقة .. وفي السوق الكبير بين صيحات الباعة والكادحين .. علها تلتقيك لتسمعها من جديد : 
اشمحلاها المدينه بغير زيتوني .
وهاهي قلوبنا تلاحق طيفك علها تحظى به . لتتسقط أخبارك وانت في الضفة الأخرى ، تحكي لمن سبوقك أخبارنا. وتقرأ لهم قصائدك التي كتبتها بعدهم : 
گتله قيّد .. 
أنا سيد .. خوش سيد .. 
لانصير ، ولا مرشح ، لا مؤيد .
سنلتحق بك عاجلا ً أم عاجلا لتكمل لنا قصيدتك الاخيرة .. ولنقول لك : كم نفتقدك يا رحيم ؟؟؟