كما نراها للاشتراكي التحرري البريطاني موريس برينتون


مازن كم الماز
2011 / 6 / 21 - 04:07     

موريس برينتون *
كما نراها
1967

1 – في كل مكان من العالم ليس للغالبية العظمى أية سيطرة على القرارات ذات الأثر الأعمق و المباشر على حياتها . إنهم يبيعون قوة عملهم بينما الآخرون الذين يمتلكون أو يسيطرون على وسائل مراكمة الثروة يصنعون القوانين و يستخدمون كل ماكينة الدولة لتأبيد و تعزيز مواقعهم ( مراكزهم ) المتميزة .
2 – في القرن الماضي تحسنت معايير حياة الشغيلة . لكن لا هذه المعايير الأحسن و لا تأميم وسائل الإنتاج , و لا وصول أحزاب تزعم تمثيل الطبقة العاملة إلى السلطة قد غير وضع العامل بشكل أساسي . و لم يعط كل ذلك غالبية البشر حرية أكبر خارج الإنتاج . في الشرق و الغرب , تبقى الرأسمالية نموذجا غير إنساني من المجتمع حيث تخضع الغالبية العظمى للسيطرة في العمل و يجري التلاعب بها في الاستهلاك و أثناء الراحة . الدعاية و الشرطة , السجون و المدارس , القيم التقليدية و الأخلاق التقليدية جميعها تستخدم لإعادة تقوية سلطة الأقلية و لإقناع أو إكراه الأكثرية على قبول نظام وحشي , منحط و لاعقلاني . العالم "الشيوعي" ليس شيوعيا و العالم "الحر" ليس حرا .
3 – كانت النقابات و أحزاب اليسار التقليدية قد بدأت العمل على تغيير كل هذا . لكنها أصبحت على توافق مع أنماط الاستغلال القائمة . في الحقيقة إنها الآن ضرورية ليستمر المجتمع الاستغلالي بالعمل بسلاسة اليوم . تتصرف النقابات كوسطاء في سوق العمل . تستخدم الأحزاب السياسية نضالات و آمال الطبقة العاملة لغاياتها الخاصة . إن انحطاط منظمات الطبقة العاملة , الذي هو نفسه نتيجة لفشل الحركة الثورية , أصبح عاملا مهما في خلق لامبالاة الطبقة العاملة نفسها , الذي أدى بدوره إلى المزيد من انحطاط كل من الأحزاب و النقابات .
4 – لا يمكن إصلاح النقابات و الأحزاب السياسية , أو "الاستيلاء" ( عليها ) أو "انتزاعها" , أو تحويلها إلى أدوات لانعتاق الطبقة العاملة . لكننا لا ندعو لإعلان نقابات جديدة , التي ستعاني في ظروف اليوم مصيرا مشابها للنقابات القديمة . و لا ندعو المناضلين لتمزيق بطاقاتهم النقابية . هدفنا هو أنه يجب على العمال ببساطة أن يقرروا أهداف نضالهم و أن سيطرة و تنظيم هذه النضالات يجب أن تبقى في أيديهم هم . الأشكال التي قد تأخذها هذه الفعالية الذاتية ( النشاط الذاتي ) للطبقة العاملة قد تختلف بشكل كبير من بلد لآخر و من صناعة لأخرى . لكن مضمونها المبدئي لن يكون مختلفا ( سيبقى نفسه ) .
5 – ليست الاشتراكية مجرد ملكية و سيطرة عامة على وسائل الإنتاج و التوزيع . إنها تعني المساواة , الحرية الحقيقية , الاعتراف المتبادل و التغيير ( التحويل ) الراديكالي في كل العلاقات الإنسانية . إنها فهم الإنسان لبيئته و لنفسه , و سيطرته على عمله و على هذه المؤسسات الاجتماعية التي قد يحتاج لأن يخترعها . لا توجد هناك جوانب ثانوية ستظهر بشكل أوتوماتيكي من نزع ملكية الطبقة الحاكمة . على العكس إنها كلها أقسام ( أجزاء ) ضرورية من مجمل عملية التغيير ( التحول ) الاجتماعي , لأنه من دونها لا يمكن إحداث تغيير ( تحول ) اجتماعي حقيقي .
6 – يمكن لذلك بناء مجتمع اشتراكي فقط من الأسفل . القرارات التي تتعلق بالإنتاج و العمل ستتخذ من قبل مجالس العمال التي تتألف من مندوبين منتخبين و قابلين للاستدعاء ( أو للتغيير ) في أي وقت . القرارات في المجالات الأخرى ستتخذ على أساس أوسع نقاش و تشاور ممكن بين الشعب ( الناس ) ككل . دمقرطة المجتمع هذه وصولا إلى جذوره هي ما نعني بها "سلطة العمال" .
7 – الفعل الهام ( ذا المعنى ) للثوريين هو أي شيء يزيد ثقة , استقلالية , مشاركة , تضامن , التيارات المساواتية ( الداعية للمساواة ) و النشاط الذاتي للجماهير و أي شيء يساعد في إزالة أوهامها . الفعل العقيم و المضر هو أي شيء يقوي سلبية الجماهير , لامبالاتها , سخريتها ( السلبية ) , تفاضلها أو تمايزها في تراتبية هرمية , اغترابها , و اعتمادها على الآخرين لكي تنجز أمورها و بالتالي الدرجة التي تسمح فيها للآخرين بأن يتلاعبوا بها – حتى من أولئك الذين يزعمون أنهم يتصروفون باسمها .
8 – لا توجد أي طبقة حاكمة تركت السلطة دون نضال و حكامنا الحاليين ليسوا استثناءا . ستأخذ السلطة منهم بواسطة العمل الواعي المستقل للغالبية العظمى من الناس أنفسهم . سيتطلب بناء الاشتراكية فهما جماهيريا و مشاركة جماهيرية . من خلال بنيتها ( بناها ) الهرمية الصارمة , و أفكارها و أفعالها , فإن النمطين الاشتراكي الديمقراطي و البلشفي من هذه المنظمات تثبط هذا النوع من الفهم و تمنع هذا الشكل من المشاركة . فكرة أن الاشتراكية ستتحقق بواسطة حزب نخبوي ( حزب نخبة ) ( مهما كان "ثوريا" ) يتصرف "نيابة عن الطبقة العاملة هي فكرة سخيفة و رجعية أيضا .
9 – إننا لا نقبل وجهة النظر التي تقول أن الطبقة العاملة يمكنها أن تبلغ لوحدها وعيا نقابيا فقط . إننا على العكس من ذلك نؤمن بأن ظروف حياة و تجربة الطبقة العاملة في الإنتاج ستدفعها لتتبنى أولويات و قيم و لتجد طرقا للتنظيم تتحدى النظام الاجتماعي القائم و نمط التفكير السائد . ردود الفعل هذه هي اشتراكية ضمنا . من جهة أخرى فإن الطبقة العاملة مجزأة و محرومة من وسائل الاتصال و أقسامها على درجات مختلفة من الوعي و الإدراك . مهمة المنظمة الثورية أن تساعد في إعطاء الوعي البروليتاري محتوى اشتراكيا صريحا , أن تقدم مساعدة عملية للعمال في نضالهم , و تساعد أولئك الذين في مناطق مختفلة في أن يتبادلوا خبراتهم و يتصلوا مع بعضهم البعض .
10 – لا نرى أنفسنا كقيادة أخرى ( جديدة ) , بل كمجرد أداة لفعل الطبقة العاملة . وظيفة منظمة "التضامن" هي مساعدة كل أولئك الذين يختلفون مع البنية الاجتماعية السلطوية القائمة , سواء في الصناعة أو المجتمع ككل , ليععموا تجاربهم , و يقوموا بنقد كامل لظروفهم و لأسبابها , و ليطوروا وعيا طبقيا جماهيريا ضروريا لتغيير كامل في المجتمع .
نقلا عن http://www.marxists.org/archive/brinton/1967/04/as-we-see-it.htm
• موريس برينتون 1923 – 2005 , من أعضاء منظمة و نشرة التضامن البريطانية , أحد اهم المجموعات الشيوعية التحررية في الستينيات و السبعينيات , و التي لعبت دورا هاما في نقد الراسمالية الغربية و رأسمالية الدولة الستالينية على حد سواء و تقديم بديل تحرري عن الأنظمة الاجتماعية الاستغلالية في غرب و شرق أوروبا و العالم يومها . هذاالمقال أشبه ببيان للمنظمة يعبر عن أفكارها الرئيسية .