الصراع الطبقي أو الكراهية الطبقية ؟ لإيريكو مالاتيستا


مازن كم الماز
2011 / 6 / 10 - 10:02     

إيريكو مالاتيستا
الصراع الطبقي أو الكراهية الطبقية ؟
سبتمبر أيلول 1921

لقد عبرت أمام هيئة المحلفين في ميلان عن بعض الأفكار عن الصراع الطبقي و البروليتريا التي استدعت النقد و الاستغراب . لذلك من الأفضل أن أعود إلى تلك هذه الأفكار مرة ثانية هنا .
لقد اعترضت بقوة على الاتهام بالتحريض على الكراهية , شرحت لهم أنني في دعايتي سعيت دائما لتوضيح أن الشرور ( الأخطاء ) الاجتماعية لا تعتمد على شر سيد أو آخر , حاكم أو آخر , بل على السادة و الحكومات كمؤسسات , لذلك فإن العلاج لا يكون بتغيير الحكام الأفراد ( أي حاكم بآخر – المترجم ) , بل من الضروري إلغاء المبدأ نفسه الذي يهيمن من خلاله الإنسان على الإنسان , لقد شرحت أنني أشدد دائما على أن البروليتاريين ليسوا أفضل فرديا ( كأفراد ) من البرجوازية , كما يظهر من حقيقة أن العامل قد يتصرف مثل برجوازي عادي , أو ما هو أسوأ من ذلك , عندما يصل بسبب واقعة ما إلى مركز يحقق له الثروة و السلطة .
لقد شوهت هذه الأقوال , زيفت و سلط عليها الضوء بشكل سيء من قبل الصحافة البرجوازية , و سبب هذا واضح . يدفع للصحافة لكي تدافع عن مصالح الشرطة و الحيتان ( أسماك القرش ) , و لتخفي الطبيعة الحقيقية للاسلطوية ( الأناركية ) عن الجمهور , و تحاول أن تمنح المصداقية لرواية أن اللاسلطويين ( الأناركيين ) ممتلئون بالكراهية و مخربون , تقوم الصحافة بهذا الواجب , لكن علينا أن نعترف أنها تفعل ذلك غالبا بنية طيبة , بسبب الجهل المطبق و الساذج . لأن الصحافة تنحط إلى مجرد مهنة و بزنس ( عمل ) , فقد فقد الصحافيون ليس فقط حسهم الأخلاقي بل أيضا صدقهم الفكري في الامتناع عن الكلام عما لا يعرفونه .
دعونا ننسى الكتاب المأجورين , و نتحدث عن أولئك الذين يختفلون عنا في أفكارهم و غالبا فقط في طريقتهم في التعبير عن هذه الأفكار , لأنهم يسعون في الحقيقة إلى نفس الهدف الذي نسعى إليه .
إن هؤلاء الناس لا تصيبهم الدهشة ( أو الاستغراب ) أبدا , بحيث أني أميل لأعتقد أنهم لا يتأثرون ( لا يمكن التأثير بهم ) . لا يمكنهم تجاهل أنني كنت أقول و أكتب هذه الأشياء طوال 50 عاما , و أن نفس الأشياء قد قيلت من مئات و آلاف اللاسلطويين ( الأناركيين ) , في زمني و قبله .
دعونا نتحدث الآن عن المنشقين ( المعارضين ) .
هناك أشخاص يميلون إلى العمال بحيث أنهم يعتبرون أن من يملك أيدي خشنة يحمل كل الفضائل و الصفات الجيدة , إنهم يحتجون إذا تجرأت على الحديث عن البشر و الإنسانية , دون أن تقسم بالاسم المقدس للبروليتاريا .
الآن , صحيح أن التاريخ قد جعل البروليتاريا الأداة الرئيسية للتغير الاجتماعي القادم , و أن أولئك الذين يقاتلون لإقامة مجتمع يكون فيه كل البشر أحرارا و يملكون كل الوسائل ليمارسوا حريتهم , يجب أن يعتمدوا أساسا على البروليتاريا .
و صحيح أن كنز الموارد الطبيعية و رأس المال الذي خلقه عمل الأجيال الماضية و الحالية هو السبب الرئيسي لخضوع الجماهير و كل الشرور الاجتماعية , فمن الطبيعي لأولئك الذين لا يملكون أي شيء و يهتمون لذلك بشكل أكثر مباشرة و وضوحا بمشاركة ( التشارك ب ) وسائل الإنتاج , أن يكونوا هم العناصر الرئيسية في نزع الملكية الضروري ( القادم ) . لهذا نوجه دعايتنا بشكل خاص إلى البروليتاريين , الذين تجعل ظروف حياتهم من الصعب عليهم من جهة أخرى أن ينهضوا و يفهموا مثالا أعلى ما في أغلب الأحيان . لكن هذا ليس سببا لتحويل الفقير إلى صنم فقط لأنه فقير , و ليس سببا أيضا لتشجيعه على الاعتقاد بأنه متفوق بشكل متأصل , و أن هذا الفقر هو ظرف ( واقع ) لا ينبع من فضيلة ما بحيث يعطيه الحق في أن يفعل الشرور تجاه الآخرين كما يفعلون هم به . إن طغيان الأيدي الخشنة ( المتشققة ) ( الذي يبقى في الممارسة طغيان قلة لم تعد أيديهم متشققة اليوم حتى لو كانت كذلك ذات يوم ) , لن يكون أقل قسوة أو شرا , و لن ينتج شرورا أقل من طغيان الأيدي التي تلبس القفازات , ربما ستكون أقل تنورا و أكثر وحشية , هذا كل ما هنالك .
لن يكون الفقر ذلك الشيء المريع كما هو الآن لو أنه لا يؤدي إلى الشراسة الأخلاقية إضافة إلى الضرر المادي و الانحطاط الجسدي , عندما يمتد من جيل إلى جيل . للفقير أخطاء مختلفة عن تلك التي نشاهدها في الطبقات صاحبة الامتيازات بسبب الثروة و السلطة , لكنها ليست أخطاءا أفضل .
إذا كانت البرجوازية قد أنتجت أمثال غيوليتي و غراتسياني و كل تلك السلسة الطويلة من معذبي البشرية , من كبار الغزاة إلى السادة الجشعين و المتعطشين للدماء , فإنها قد أنتجت أيضا أمثال كافييرو , ريكلوس و كروبوتكين , و أشخاصا كثر ضحوا في كل زمان بامتيازاتهم الطبقية في سبيل مثال أعلى . إذا كانت البروليتاريا قد قدمت و قدمت هذا العدد الكبير من الأبطال و الشهداء في سبيل قضية انعتاق ( خلاص ) البشرية , فإنها قد قدمت أيضا الحراس البيض ( عناصر جيوش الثورة المضادة – المترجم ) , و القتلة , و الذين خانوا إخوتهم و الذين من دونهم لا يمكن لطغيان البرجوازية أن يستمر يوما واحدا .
كيف يمكن للكراهية أن ترفع إلى مستوى مبدأ للعدالة , إلى روح متنورة للمطالبة , عندما يكون واضحا أن الشر في كل مكان , و عندما تقوم على قضايا تتجاوز الإرادة و المسؤولية الفردية ؟
ليكن هناك صراعا طبقيا كما قد يرغب المرء , إذا كان المقصود بالصراع الطبقي نضال المستغلين ضد من يستغلهم في سبيل إنهاء الاستغلال . فإن هذا الصراع هو طريقة للتسامي ( الرقي ) الأخلاقي و المادي , و هو القوة الثورية الرئيسية التي يمكن الاعتماد عليها .
لتختف ( لتزول ) الكراهية , لأن الحب و العدالة لا يمكن أن تظهر من الكراهية . تؤدي الكراهية إلى الانتقام , و الرغبة في التغلب على العدو , و الحاجة لتعزيز تفوق المرء . الكراهية يمكن أن تكون فقط الأساس لحكومات جديدة , في حال إذا انتصر المرء , لكن لا يمكن أبدا أن تكون الأساس للأناركية ( اللاسلطوية , استبدال مؤسسات الدولة القمعية بمؤسسات تقوم على الاتحاد الحر و الطوعي بين البشر – المترجم ) .
لسوء الحظ , من السهل فهم الكراهية عند الكثير جدا من التعساء الذين عذبت أجسادهم و مشاعرهم من قبل المجتمع , لكن ما أن تضاء جهنم التي يعيشون فيها بمثل أعلى حتى تختفي الكراهية و تحل محلها رغبة ملحة للنضال في سبيل سعادة الجميع .
لهذا السبب لا يوجد من يحمل مشاعر الكراهية حقا بين رفاقنا , رغم أن هناك الكثير من الكلام عن الكراهية . إنهم مثل الشاعر , الذي هو أب طيب و مسالم , لكنه يغني للكراهية , لأن هذا يعطيه الفرصة ليؤلف أشعارا جيدة .. أو ربما سيئة . إنهم يتحدثون عن الكراهية لكن كراهيتهم مصنوعة من الحب .
لهذا السبب أحبهم , حتى لو وصفوني بأوصاف سيئة .
نقلا عن http://www.marxists.org/archive/malatesta/1921/09/classhate.htm


ترجمة مازن كم الماز