سوق سوداء لمتطلبات التعليم العالي في الاردن


خالد حميد حسين البطاينة
2011 / 5 / 30 - 07:18     

لا تقتصر حالات الفساد على غالبية من يتولون مواقع صنع القرار السياسي ومن يكونون قريبين منهم فقط، إذ توجد حالات فساد لدى بعض قطاعات المواطنين بما قد يعزى إلى تطبيع تلك الثقافة والعديد من الأسباب الأخرى التي ترتبط في الحالات التي سأستعرضها في الفقرات التالية بالبطالة وتدني الأجور والرواتب وغيرها من الأسباب بالإضافة إلى بانتشار ثقافة طلب الشهادات كبديل لثقافة طلب العلم.
حاليا أصبح لدينا في الأردن سوق سوداء لمتطلبات الحصول على شهادات التعليم العالي ، حيث يتم بيع وكتابة أطروحات الماجستير والدكتوراة مقابل مبالغ مالية تتراوح حاليا بين ألف إلى ثلاثة آلاف دينار أردني، ويتم تقديم تلك الخدمة من قبل حملة شهادات التعليم العالي الذين يعانون من البطالة أو يعملون في وظائف ومهن تتصف بتدني الأجور والرواتب كالوظائف الحكومية المتاحة لعامة الشعب عبر ديوان الخدمة المدنية.
كما تقدم تلك السوق السوداء شهادات اختبار التوفل الذي يعد اجتيازه احد متطلبات الالتحاق ببرامج الدراسة على مستوى التعليم العالي ، ففي بعض الحالات يخضع بدلاء مأجورين للاختبار بدلا من طلبة الدراسات العليا وفي حالات أخرى يتم تسريب الإجابات إلى هؤلاء الطلبة أثناء خضوعهم للاختبار مقابل مبالغ مالية يتم تقديمها عبر سماسرة يشكلون نقاط التواصل بين هؤلاء الطلاب والقائمين على إجراء تلك الاختبارات .
كما تنتشر أيضا عمليات بيع متطلبات المواد الدراسية كالأبحاث والوظائف ومشاريع التخرج في تلك السوق السوداء ، وفي بعض الحالات يكون مدرسي المواد الجامعية شركاء في تلك العلميات ، ويطلبون أحيانا من طلابهم التعامل مع مكاتب خدمات طلابية محددة ضمن تلك السوق مقابل الحصول على عمولات من تلك المكاتب.
لقد ترددت كثيرا قبل طرح موضوع الفساد في مجال التعليم العالي وتقديم لمحة عن السوق السوداء التي يتم من خلالها تقديم تلك الخدمات للطلاب في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد نتيجة لحالات فساد تراكمية على مستويات أعلى ، وكان سبب ترددي هو خوفي أن تلجأ الحكومة إلى تقنين تلك الخدمات ومنحها التراخيص لغايات إخضاعها للضرائب مما قد يسهم في تفاقم الظاهرة ، ولكني تجاوزت ترددي مراهنا على وعي أبناء الوطن الذين لم ولن يقبلوا بالفساد أينما كان.