ضيق الحبل واشدد من خناهموا


نضال الصالح
2011 / 5 / 8 - 15:56     

في لقاء خاص مع الشاعر العراقي الكبير مهدي الجواهري في إحدى مقاهي العاصمة التشيكية براغ، وبرفقة صديق أردني، سمعت من الشاعر الكبير عدد من قصائده التي لم تكن منشورة بعد، إلى جانب بعض قصائده المعروفة. كانت أمسية جميلة ظلت مطبوعة في مخيلتي. من قصائده التي سمعتها في تلك الأمسية واحدة لا أزال أذكر بعض الأبيات منها، وأرجو أن لا تخونني ذاكرتي في سردها، يقول فيها : ضيق الحبل واشدد من خناقهموا: فلربما في إرخاءه ضرر ، ثم يقول: خذ الأمر معكوسا فيما لو أنهم نصروا، تالله ل إقتيد زيد بإسم زائدة وإغتيل عمر والمبتغى عمر.

أعتبر نفسي عاشقا للحرية الشخصية وإحترام الرأي الآخر ولا أدعو إلى شد الخناق على رأي، ولكن ما يجري في مصر وفي بعض البلاد العربية الأخرى من زحف ديني، سلفي، ظلامي و تسلطي، يدفعني إلى أن أردد قول شاعرنا الكبير : ضيق الحبل واشدد من خناقهموا، لأنهم بسلوكهم وفكرهم الظلامي أصبحوا خطرا على أمن الوطن وأمن مواطنيه ، وفي حالة لو أنهم نصروا وتحكموا فإنهم كما يقول شاعرنا الكبير سيقتادون زيدا باسم زائدة ويغتالون عمرا ولربما المبتغى عمر.

إن حرق كنيسة العذراء بإمبابة في مصر وما سبقها وما لحقها من قتل وترويع وسقوط ضحايا بالأسلحة النارية، هو ناقوس خطر يجب أن يوقظ كل الأحرار في مصر وخارجها من أجل وقف العبث الديني والصراعات الدينية التي تحدث شرخا عميقا في نسيج المجتمع المصري والعربي. حينما تصل الأمور إلى السلاح، وأساليب القنص، واعتلاء أسطح المباني لإطلاق النار على المارة، فمن الضروري أن تلجأ الدولة إلى أساليب رادعة وتضييق الحبل والشد على الخناق، لأن أؤلئك الذين يقفون خلف هذا العبث يهددون أمن الأمة بكاملها.
إن قصة كميليا شحاته أصبحت مثل الإسطوانة المشروخة والتي تديرها أيدي ظلامية ليست من الدين في شيئ. قد طغت أخبار كاميليا على أخبار القضايا الحياتية المهمة للشعب المصري وأصبحت الشغل الشاغل لرموز السلفيين وكثير من الإعلاميين. كما أن تردد قصص إسلام فتيات وحجزهن في الكنائس وثورة السلفيين، الذين يدعون الحق بحمايتهن، لأنهن أصبحن، كما تقول رموز السلفية من " ملتنا" وواجب علينا حمايتهن، ليظهر إلى أي مدى أصبحت خطورة العبث بالورقة الدينية، وإلى أي مدى نحن في حاجة ماسة لنظام علماني يجعل الدين أمرا شخصيا بين الإنسان وربه، ويعطي المواطنة والمواطن الحرية الفردية الكاملة وحرية الرأي والعقيدة وإعتناق أي دين يريد وفي تغيير دينه أو في رفض الأديان كافة، دون أي مسائلة من أحد أو من أي جهة كانت وبحماية القانون، الذي يضمن له هذه الحريات.
ليس معقولا أن يتخلى المواطنون عن كل قضاياهم الحياتية و المصيرية ليتفرغوا لقصص مثل إسلام بعض الفتيات وسجنهن في الكنائس والفزعة السلفية من أجل إنقاظهن لأنهن أصبحن من الملة. لم يعد مقبولا أن يستيقظ المواطنون كل يوم على حادث طائفي جديد، تُزهق فيه الأرواح بين الجانبين، في ظل هذا الاحتقان والتجييش المتنامي . إن إسلام فتاة أو تنصرها أو تنصر مواطن أو إسلامه، يجب إعتباره قضية شخصية لا علاقة لأحد بها ولا حق لأحد أن يتدخل فيها، لا الكنيسة ولا الأزهر ولا أي جهة دينية أو غير دينية من أي طرف كان.
الثورة المصرية التي جاءت من أجل تحرير الشعب المصري من التسلط والقهر والتبعية، هي اليوم مهددة من قبل بعض أبنائها. إن نجاح ثورة مصر وتحقيق أهدافها المشروعة لن يتم إلا بوحدة شعبها بمختلف أطيافة وطوائفه، مسلمين ومسيحيين. لآ نقول سرا في أن هناك رغبة جامحة لدى مختلف الأطراف الخارجية وعلى رأسها العدو الصهيوني وحلفائه، في النيل من ثورة مصر وإجهاضها، وبات من الضروري أن يعي أبناء مصر خطورة ما يراد لهم، ومن الضروري أن يكونوا حريصين على تفويت الفرصة على المتربصين لإجهاض ثورتهم وذلك بلحمة صفوفهم والوقوف صفا واحدا ضد العابثين بأمن بلدهم.