علاقة امتحان الباكلوريا بكل من العائلة والملكية الخاصة والدولة


الياس حريفي
2011 / 5 / 7 - 21:34     

أول ما تتميز به معرفة الواقع على الطريقة الديالكتيكية، إدراك ترابط العناصر وتأثيرها على بعضها البعض، وسندرس، فيما يلي، علاقة امتحان الباكالوريا بكل من العائلة (كوحدة اجتماعية) ، والملكية الخاصة (كأساس لعلاقات الإنتاج الرأسمالية)، والدولة (كأداة للسيطرة الطبقية وكشكل سياسي تاريخي).
علاقة امتحان الباكالوريا بالعائلة : تتسبب العائلة في جزء كبير من مخاوف التلميذ حول امتحان الباكالوريا، ففي حين يحتفل بالناجح بطريقة مبالغ فيها، يتم تحقير الراسب ونبذه، ان ما يهم بعض العائلات، التواقة نحو القفزة الطبقية، هو عدد "الباكلوريات" في صفوف أعضائها، وهذا بالغ الأهمية من الزاوية الاقتصادية، بالنسبة لكل من الفتى والفتاة، الفتى "يعمل" والفتاة إما "تعمل" وإما "تتزوج" وفي الحالتين معا، تشكل الشهادة بالنسبة لها قيمة مضافة، على قيمة، نسميها، للتسلية، بالقيمة التبادلية لطالبة الزواج،ونفس الأمر ينطبق على الفتى.
علاقة امتحان الباكالوريا بالملكية الخاصة: بالطبع، نقصد بالملكية الخاصة، ملكية وسائل الإنتاج الرأسمالية والمعامل والشركات والأراضي، وهذه الملكية الخاصة، تتسبب لشهادة الباك يوما بعد يوم في فقدانها لقيمتها، حيث يتم الترحيب الباكلوريات مرتفعة النقط، والتي تنقذ عددا ضئيلا من أفراد الطبقات الكادحة من وجودهم الاجتماعي، بينما يتم إهمال القسم الأوسع والذي حصل على هذه الشهادة في تخصصات لا تخدم الرأسمال (أقصد المواد الأدبية والفلسفة) كما أنه حتى بالنسبة للتخصصات الدقيقة والمناصب الإدارية فإنها تؤخذ بالوراثة والوساطة بصفة "لحمية" بين البرجوازية، كما ان باكلوريا ابن البرجوازي (المستفيد ماديا من الملكية الخاصة)ليست لها إلا قيمة تكميلية، أما باكلوريا ابن الكادح فهي العفو الملكي، عن محكوم بالإعدام، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذا العفو ليس إلا احتماليا (إذ يمكن ألا يجد وظيفة بتاتا).
علاقة امتحان الباكالوريا بالدولة: تسعى الدولة البرجوازية، دولة الرأسمالية ونظامها، الى إعادة إنتاج التفاوت الطبقي في المجتمع وذلك عبر سياسة "الدفيع" كما يقال بالدارجة المغربية ما قبل الباك (أي التساهل في النجاح مما يؤدي الى وصول تلاميذ بدون أي مستوى الى الباك) ثم التشدد البيروقراطي في النجاح في سنة الباكالوريا، وهدف هذا الإرخاء والشد، هو إعادة إنتاج الوجود المادي للطبقة العاملة، وكأن الدولة تخاطب كل واحد منا "يا ابن العامل، لن تصير وزيرا أو طبيبا، لأنك قضيت عمرك كله تنجح بال"دفيع"، واليوم (الباكالوريا) ستدفع ثمن تساهلنا معك، لن تحصل على الباك، حتى لا تحتج على البطالة ولا على التشغيل، يا ابن الكادح، حرفة بوك لا يغلبوك".