تأملات / من الفردوس الى التحرير .. الخنوع سجية غيركم !


رضا الظاهر
2011 / 5 / 2 - 20:38     

تأملات

من الفردوس الى التحرير ..
الخنوع سجية غيركم !

في سياق الاجراءات التعسفية التصعيدية ضد الحريات أقدمت اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 بتاريخ السابع عشر من الشهر الماضي على إجراءات غير شرعية بحق الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق تمثلت بالغاء وجود المكتب التنفيذي للاتحاد باعتباره غير شرعي ومنعه من دخول مقره وحصر شؤون تنظيم الانتخابات باللجنة السداسية خلافاً للقانون والأعراف الديمقراطية. وقد ارتبط هذا الاستهتار الوقح بارادة العمال بعمليات اقتحام لمقرات الاتحاد في عدد من المحافظات وتهديد للجان النقابية بترك مواقعها وتسليمها الى اللجنة التحضيرية. وبلغ الأمر بمجموعات معينة لا صلة لها بالعمل النقابي الى حد سحب السجلات والأختام وإصدار هويات بطريقة غير قانونية.
ومن المعلوم أن تشكيل اللجان التحضيرية للانتخابات هو من صلاحيات المكتب التنفيذي للاتحاد العام ولاتحاد النقابات في بغداد والمحافظات. وبالتالي فان اللجنة التحضيرية تعتبر غير شرعية قانوناً ولا يمكن التعامل معها في إطار إجراء انتخابات عمالية نزيهة لنقضها كل التعهدات التي قدمتها لتطبيق معايير العمل الدولية.
ولا ريب أن هذا السلوك التعسفي هو جزء من عقل القوى المتنفذة الخائفة من كل رأي آخر وصوت مختلف، والتي تبغي الهيمنة بأي شكل كان على الحركة النقابية واتحادها على وجه التحديد. وهو دليل ساطع آخر لا على انتهاك الحقوق والحريات الأساسية حسب، وإنما على وهم وجود الديمقراطية، حيث تهيمن نظرة الحكام القاصرة وضيقهم بـ "الآخر" وسعيهم الى تهميشه، وهو نمط من الاستبداد بصيغ جديدة.
ويبغي المتنفذون إخضاع الناس لارادتهم، فهذا الاخضاع هو وحده الذي يضمن لهم امتيازاتهم واستمرارهم على الامساك بالسلطة والثروة والنفوذ، وتأبيد الواقع الراهن وثقافته السائدة التي تحميهم وتحمي مصالحهم الضيقة.
ومن نافل القول إن اللجنة التحضيرية تهدف الى التأثير على نتائج انتخابات النقابات وتزييف إرادة العمال لأغراض سياسية ضيقة، عبر فرض قيادات لا تمثلهم، وعلى نحو يشكل خرقاً سافراً للدستور العراقي والقوانين النافذة.
ومما يشكل فضيحة جديدة من فضائح انتهاك "الديمقراطية العراقية" أن اللجنة التحضيرية أقدمت على إصدار هويات من طرفها لكل من يرغب بالحصول على هوية نقابية، وعلى الضد من الشرعية التي تقضي بأن الانتخابات العمالية يجب أن يشترك فيها أعضاء حقيقيون في النقابات يحملون هويات تصدرها النقابات المنتخبة قياداتها سابقاً.
لقد تجسدت خروقات اللجنة التحضيرية للانتخابات بقيامها بابلاغ الاتحادات النقابية في المحافظات والنقابات العامة بأن الاتحاد العام ومكتبه التنفيذي لا يمثل التنظيم النقابي، وأنها هي المكلفة بادارة الاتحاد العام في الوقت الحالي، وبأن لديها صلاحية تشكيل اللجان النقابية خارج الأطر النقابية الحالية، وأن من صلاحياتها تزويد من يرغب بالهويات النقابية دون الرجوع الى النقابة المعنية ولجانها وحسب موقع العمل.
وعلى الرغم من كل الجهود الدؤوبة الحريصة التي بذلها المكتب التنفيذي للاتحاد العام مع سائر الجهات المعنية بهدف إيقاف الانتهاكات والخروقات، استمرت الاجراءات التعسفية وتعرض الكوادر النقابية الى مضايقات وتهديدات لحياتهم الشخصية. وهو ما يكشف عن غياب موقف جدي من جانب الحكام المتنفذين، بل وتواطؤ جلي مع من يريدون الهيمنة قسراً على النقابات.
وانطلاقاً من هذا الواقع قرر المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق يوم الخميس الماضي مقاطعة الانتخابات العمالية في عموم العراق التي أعلنت عنها اللجنة الوزارية لأنها غير شرعية ومخالفة لقانون التنظيم النقابي والمعايير الدولية. وبالتالي فانه يحق للممثلين الحقيقيين للعمال أن يرفضوا أية نتائج تسفر عنها هذه الانتخابات المزيفة. ولا حاجة بامريء الى القول إن اللجنة الوزارية العليا، أو بالأحرى المتنفذين في حكومة المحاصصات، هم الذين يتحملون كامل المسؤولية عن هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق وحريات العمال.
إن على العمال أن يصعّدوا، بدعم من سائر المتضامنين معهم، الكفاح من أجل حقوقهم في التنظيم النقابي، وبشكل خاص في القطاع العام، وفي سبيل إلغاء التشريعات الجائرة التي اتخذتها الدكتاتورية الفاشية، وخصوصاً القرار 150 لسنة 1987 وقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987، ورفض الوصاية عليهم والتدخل في شؤونهم، وإصرارهم على إجراء انتخاباتهم بصورة حرة ونزيهة وفقاً للقوانين العراقية والمعايير الدولية، وبما يضمن الدور الفاعل للطبقة العاملة في المجتمع.
* * *
أصواتكم التي ارتفعت منشدة من ساحة الفردوس الى ساحة التحرير هي القادرة على إيقاف العسف .. يريدون لكم الخنوع لكنهم واهمون لأنهم لا يفقهون أن الخنوع ليس من سجايا بناة الغد الجديد.
أنتم يا من تفنون العمر كدّاً وتعمرون الأرض التي لولا سعيكم لأمست يبابا ..
أنتم الذين ائتمنكم التاريخ حين عهد لكم بمهمة تغيير الواقع وسلّمكم راية هذا التغيير ودعاكم الى ما تمضون اليه في تيار لن يقوى خصوم الحياة على الوقوف بوجه جريانه العصوف الهادر ..
نحن المتضامنين معكم نثق بأنكم ستدلّوننا على الطريق الذي لا يخطيء، طريق الغد الوضاء .. أنتم الذين لن تخسروا سوى أغلالكم لتكسبوا عالماً بأسره !