الأردن: لا حل إلا بتحقيق مطالب الإصلاح


ابراهيم حجازين
2011 / 4 / 22 - 20:50     

ذكرت الأنباء انه قد جرت زيارات لرسميين أردنيين الى بعض دول الخليج بحث خلالها طلب الأردن الانضمام لمجلس التعاون الخليجي،وأشارت المصادر أن المسؤولين الخليجيين أكدوا على أهمية استمرار عوامل الأمن والاستقرار في الأردن من اجل امن المنطقة العربية والخليج العربي. وأشاروا ان مجلس التعاون الخليجي يدرس بجدية دخول الأردن في منظومة مجلس التعاون الخليجي بشكل تدريجي. إن فكرة الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي لا تطرح للمرة الأولى فقد سبق وإن طرحت مرات عديدة ، لكن طرحها هذه الأيام يكتسب أهمية بالغة نظرا للأحداث التي تمر بها المنطقة في ضوء التغيرات العميقة التي تجتاحها واستحقاقات عملية الإصلاح التي أصبحت مطلب عربي شعبي يحرك الجماهير من المحيط إلى الخليج.
خيار الانضمام الى تكتل إقليمي عربي مسألة حيوية وضرورة موضوعية بالنسبة للأردن، خاصة بعد ضرب العراق الذي مثل عمق الأردن الاستراتيجي منذ عام 1991 مما جعل الأردن عرضة لضغوط مختلفة أمريكية وإسرائيلية بالأساس وعربية في جانب منها ، نجحت في فرض استحقاقات أهمها المسيرة التي دعيت بعملية السلام وترتب عليها دخوله في منظومة دولية من العلاقات والسياسات منفتحة على كل الخيارات التي تضر بأمنه وبوجوده ككيان، خاصة في ظل التغيرات الدولية التي أطاحت بنتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية وما يعنيه ذلك بالنسبة للأردن، ومحاولات الولايات المتحدة الأمريكية النشطة والمغامرة للمحافظة على وضعها المهيمن في العالم عبر وسائل وأدوات عسكرية وسياسية وسيناريوهات مختلفة ومتناقضة تكون عصية على فهم المتابع لها أحيانا، ومن اجل تحقيق هذا الهدف نراها تنتقل من خيار لخيار وفقا لما تمليه الظروف والعوامل الدولية. الأردن لا يستطيع أن يغرد منفردا سائرا على حبل مشدود على جانبيه الغام مبثوثة ومضطرا أن يتجاوب مع المعضلات التي تواجهه وتنخرط بمثلها القوى الإقليمية والتي تلعب بأريحية كبرى نظرا لما يتوفر لها من إمكانيات وقدرات يفتقد لها الأردن كليا والذي يتأثر بالأحداث ولا يؤثر بها.
التوجه نحو مجلس التعاون الخليجي خيار مفتوح أمام دوائر الحكم في الأردن والذي لم يأتي ضمن السياق الذي أشرنا إليه أي حماية الأردن بالبحث عن عمق استراتيجي يوفر له قدرا من المرونة في المناورة وفي مواجهة الضغوطات الدولية والإقليمية، وفي هذا مكن الخطر وقصر النظر لبعض راسمي السياسات، بل لأن خيار الخلجنة هدفه الرئيس تجنب الإصلاح في الأردن بكافة أبعادة المطروحة على بساط البحث.
مثل هذا الخيار جدير بدراسة أكثر عمقا وجدية، في الواقع فإن العوامل الجغرافية والتاريخية لها أهمية كبرى في تحديد خيارات الدول الإستراتيجية، وفي حالة الأردن فهو جزء من جغرافيا بلاد الشام والهلال الخصيب وتاريخيا تفاعل مع الأحداث التي تفاعلت في هذه المنطقة وانخرط فيها برغبته أو رغما عنه، وهو لم يكن بذات الحالة بالنسبة للجزيرة العربية مع أهميته لها وأهميتها له، ومن هنا قد يكون أقصى ما تقدمه دول الخليج العربي في هذه الظروف هي مساعدات اقتصادية تقيه شر تطور الأوضاع الى الأسوأ، لكن هذا سيكون مشروط بمعرفة طريقة الصرف، أي ستكون فعلا عاملا لإخراجه من أزمته أم تفاقمها من خلال منظومة الفساد التي اعتادت الاستيلاء على المساعدات الخارجية، وبفرض أن الأموال تذهب إلى خزينة الدولة فإن الأردن لن يخرج من أزمته بهذا الحل، فالمعضلات والأزمات التي تعج بها المنطقة هي اكبر من تحل بمنحة مالية، التي قد تخفف حينا من الاحتقان الداخلي. لكن وبسبب أن الهدف من الحصول عليها من وجهة نظر السياسيين الرسميين هو تجنب استحقاق الإصلاح الداخلي، وليس البحث الجذري لتلافي استحقاقات خطير على مستوى ترتيب الأوضاع في المنطقة لصالح الحلف الأمريكي الإسرائيلي. وهذا سيعمق من حدة الأوضاع لا حلا لها.
الحل الذي يمكن أن يوفر للأردن الاستقرار على صعيد الإقليم ليس متوفرا حاليا، فالعراق الامتداد والعمق الاستراتيجي للأردن لا يزال محتلا أمريكيا ومخنوقا بامتداد إيراني، وسوريا تعيش ظروفا صعبة قد تؤدي لتغيير معادلات التوازن الداخلي ومستقبلها مفتوح على كل الاحتمالات ولا يمكن المراهنة عليه حاليا، فماذا يبقى أمام الأردن الرسمي لفعله أمام انسداد الآفاق الإقليمية لبناء شبكة تحميه خاصة وان العدو الإسرائيلي على استعداد أن يقلب ويضحي بمخرجات معاهدة وادي عربة على حساب الكيانية الأردنية، فهو يواجه ظروفا لا تقل صعوبة عن قضايا المنطقة يفرضه المأزق الوجودي لهذا الكيان الغاصب. مرحليا لم يبقى أمام الأردن إلا أن يقوي جبهته الداخلية مما يجعله رقما صعبا في المعادلات الإقليمية والدولية عبر الاستجابة لاستحقاقات انتظرها الشعب الأردني طوال عقدين، فهي توفر الأمان والوحدة والاستقرار الداخلي مقابل استمرار التوتر والصراع إذا استمرت محاولات الهروب من تطبيق تطلعات الشعب عبر زيادة حدة الاحتقان الذي تسعى له دوائر الفساد والشد العكسي. إن مكافحة الفاسدين ووضع حد للفساد وإجراء الإصلاحات الدستورية والسياسية المطلوبة تتيح المجال أن يتحمل الشعب الأردني نتائج الأزمة الاقتصادية على وضعه المعيشي شريطة تقاسم كل الفئات ذلك بعدالة ، أما استمرار استخدام السياسات التي تتبعها السلطات في مواجهة التحركات الجماهيرية من تجيش وتحشيد على أسس إقليمية ومذهبية وجهوية تزيد من الاحتقان الداخلي وإصرار النشطاء على مطالبهم فهذا يهيئ الظروف المناسبة لانقضاض الأعداء والخصوم عليه واستباحة أمن الوطن والمواطن