حيي على -أل....-


هيفاء حيدر
2011 / 4 / 19 - 09:08     

حيي على "أل...."
يا لمفارقات الزمان كم غريبة هي ,,,,
ويا لمهزلة التاريخ كم تصبح الأمور مقرفة حين تذكر, و يتم إعادة الأحداث .....ثلاثون عاماً ونيف وما تعبوا يدعون ويحضون على "الجهاد,,," ويجترون نفس المقولات والعبارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
أمشي قبل أسبوع أحمل كراسات من الكتب والدفاتر في أروقة الجامعة الأردنية باتجاه قاعات الدرس كانت المادة قضايا اجتماعية معاصرة , هي ما سيحدثنا بها الدكتور ونتناقش حولها وغالباً ما تنتهي الساعات الثلاث المخصصة دون أن نشعر بالوقت فالأحداث جسيمة وما يقال كثير.
أعبر من جانب شخص لا يلبث أن يبدأ بالتمتمة وبصوت عالي, أستغفر الله...أستغفر الله....
لا اله إلا الله......لا اله إلا الله.....هو ملتحي.....ويلبس دشداش يغطي ما بعد ركبته بقليل....
يعطي الحق لنفسه أن يهاجمني بألفاظه وبنظراته...وأن يطلق ما يشاء في مخيلته من صور قد تؤدي الى تكفير من لا يماثله الشكل والمضمون......
في الجمعة الماضية في الأردن كنا على موعد مع أبناء عمومة هذا الشخص وأتباعه من المسلمين المنحدرين من سلفية ظلامية أحبت أن تعيد لنا أو ربما أن تذكرنا بماضي "مجيد" ...."سحيق..." من أيام الفتوحات والنصر المبين,,,,, فخرجوا علينا بما بات يعرف إعلامياً هنا ب " غزوة الزرقاء.." نسبة الى مدينة الزرقاء موقع الحدث.( للتذكير فقط نحن اليوم في 19-4-2011 ),
استلوا سيوفهم من على خاصرتهم.... سيوف مغمودة ...لا طيب الله ذكرها ... وشهروا خناجرهم...مطلقين لحاهم وحالقي الشارب ...مرتدين الأسود... ورافعي أعلام سوداء في منظر يذكرك بأحد مسلسلات نجدة أنزور التاريخية ذو الفانتازيا عالية المخيلة.
كان الحدث رهيب ليس من حيث الشكل بل من حيث الغايات والمضمون كذلك. منظر لم نعتد عليه بالمطلق ومظهر لا يمت لحالات التعبير والرأي والرأي الآخر بأدنى صلة ....
إخواننا في الله ...هؤلاء لم يكتفوا بسل سيوفهم من غمدها الصدئ وخناجرهم وسكاكينهم بل استعملوا قضبان من الحديد المدبب كي يوقعوا أكبر عدد من الضحايا في غزوتهم تلك ضد قوم الكافرين والمارقين فهاجموا كل طريدة رماها الله في دربهم ....من رجال أمن إلى أناس مارين أو عابرين في سبيل قوت يومهم أطفال ونساء ...كانت الجماعات السلفية تحث الخطى باتجاه الفتوحات يصرخون بمكبرات الصوت "حيي على الجهاد...حيي على الجهاد...."
تصريح رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت جاء معبراً عن حالة ما يعتري الوضع حيث قال ما معناه ( إن السيوف التي بداخلهم أخطر من تلك السيوف التي استلوها وأشهروها في وجه الناس وقوات الأمن التي كانت موجودة لحماية الاعتصام وأمن المعتصمين ).
نفسهم هم جماعات السلفيين كانوا قبل جمعة سبقت قد اعتصموا أمام جامع الجامعة الأردنية وفي محافظة معان في الجنوب الأردني وربما في الزرقاء كان قد أن أوان إعلان الجهاد وبدء غزوة الصحوة التي أفاقتهم من سبات السنين.....
لا علينا فعقارب الساعة يبدو أنها لديهم تتوقف في الوقت والزمان المحددين والمتغير يصبح ثابتاً كذلك حتى في الأبعاد الأربعة التي نعيشها في حياتنا ونتحرك من خلالها أو عبرها....
ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد كنت قبل أكثر من 31 عاماً خارجة من معهد الفارابي لتعلم اللغات في باب توما- القصاع أحد أحياء مدينة دمشق أيضاً أحمل كراسات تعليم اللغة الفرنسية ومادة الرياضيات حين اقتربت مني سيارة "سوزوكي" وما لبثت أن انطلقت بسرعة البرق لم أرى جيداً وجه السائق ومن بجانبه كانوا مغطي الوجه بشماخات يلفونها حول الرأس أحسست بماء بارد برودة الثلج يلسعني من أعلى ظهري حتى أسفل قدمي وضعت يدي لأتحسس ما هذا وإذ بثيابي (وكنت مرتديه بنطال جينز وتي شرت أبيض ) قد تفسخت تماماً وتنسلت خيوطها في منظر فظيع. خلال ثواني معدودات تجمع بعض المارة أحدهم أوقف لي تكسي والقى علي جاكيت يستر به جسدي الطفولي ويقول :(الله لا يسامحهم .... الله لا يسامحهم ...ليش هيك بيكون الدين ...هادا مو دين ...لا والله).
لأعرف بعدها أن الحادثة قد أصابت العشرات من الفتيات والنساء الغير محجبات اللواتي كن هدفاً وصيداً ثميناً لمن يدعون إنهم من الأخوان المسلمين الغير مأسوف على ذكرهم .
في فلسطين- وفي غزة بالذات قبل أيام معدودات تم خطف الناشط ألأممي الإيطالي وتم قتله بدم بارد كالثلج ... هو القادم من أقصى بقاع الأرض كي يساند شعبنا الفلسطيني في فك الحصار الجائر على غزة يترك بلاده ويغادر جامعته كي يتضامن معنا ضمن مجموعات السلام القادمة من بقاع الأرض عرفت بعضهم وبعضهن عن كثب حيث إني استقبل أعداد منهم ومنهن في بيتي هنا في عمان ( تريزا ,كارمن،ماريا,اسبيرانسا, أمبارو,,,,).
عندما يحضرون عبر خطوط طيران رخيصة جداً كي يوفروا أي مبلغ يحملونة لأطفال الداخل لا يسمع بهم أحد. نشاطهم هذا على مدار العام لا يصنعون لأنفسهم أمجاد ولا إعلام ولا تغطي الجزيرة ولا العربية حملات التبرع الذي يقومون بها وكيف يجمعون المال في بلدانهم من أجل قضية فلسطين ينزلون في عمان في أرخص الفنادق في وسط البلد لا يتجاوز أجار الغرفة في اليوم خمسة يورو لا يعرفون لفنادق الخمس نجوم طريق التي يعرفها عرباننا الميامين .
والآخرون وهم الفارين من النور والموغلين في العتمة يقتلونهم ويهاجمونهم كما فعلوا مع الناشط الإيطالي, كي يعلنوا لنا إنهم سيؤسسون إمارتهم .وبأن ثمة مطالب لهم يقطعون الأعناق ويشهرون السيوف ويرشوننا بماء النار أو الأسيد الله أعلم من أجل تحقيقها.
واليوم دخلوا في مدينة حمص السورية ليغتالوا وبنفس برودة الدم واحد من أشهر وخيرة الدكاترة ويصنف إنه أصغر مخترع في العالم له شهادات وبراءة اختراعات . يا الله ما أبشع التطرف وما أوسخ الأيدي تلك .ولم يكتفوا بذلك فقد هاجموا مجمع طبي في وسط المدينة للإخصاب دمروه ب بوابل من نيرانهم وهربوا يتلطون في جنبات الجوامع بيوت الله ليعلنوا عبر السماعات إلى الجهاد ..الى.الجهاد " حيي على الجهاد" .
في لحظات اليوم ....وفي ثواني ودقائق التعبير عن الرأي والرأي الآخر ....وفي خضم إعلاء الصوت في الحرية والعدالة والديمقراطية.....وحق الشعوب وما لها وما عليها.... من مشرق أرضنا العربية إلى مغربها...... تستل السيوف ....وتشهر الخناجر....وتفتح المطاوي الصدئة.... وتتجنب قنوات البث الفضائي ....إما خوفاً ...وإما تآمراً....أن تنقل كل أوجه الحقيقة دون أن تضع غربالاً من القش المهترئ أمام نقل الصورة لما يعتري ويعتمر قلب وخصر طالبي الجهاد ومؤسسي الإمارات ورافعي راية الإسلام .
وللحديث بقية ....
بقية ستبقى باقية بحجم نضالات فقرائنا في أعالي الجبال حيث تقبع قرانا الفقيرة ...وقت كان لنا زمان الوصل في الأندلس ..وكانت المعارضة اليسارية نظيفة اليد والقلب واللسان . حيث كنا وما زلنا نكره أمريكا والغرب الموالي لها من أوجدوا أسامة والأفغان ومولوا بأموالهم القذرة فلول المجاهدين
وما زالوا حتى يومنا هذا يتشدقون بديمقراطية زائفة ويمولون "معارضة"زائفة هي الأخرى أياً كان شكل اللباس التي ترتديه .