حوار مع الكاتب رضا الظاهر - الحلقة الثانية


رسميه محمد
2011 / 3 / 21 - 14:24     


أولا- ديمقراطيتنا في الحزب الشيوعي العراقي
ثقافة التظليل بدلا من الثقافة الروحية التي تنتصر للانسان .
ان الكاتب يجب ان يكون حرا , والحرية هنا بمعنيين , المعنى الاول الكاتب ليس حرا بشكل مطلق لانه مشروط ببنية تاريخية , ومع ذلك ينبغي ان يكون حرا , بمعنى الا تكون هناك عوائق خارجية تحول بينه وبين التقاطه لظاهرة ما, ان ينظر لها او يكتب فيها . وهنا الامر الثاني يتعلق بالاول . حينما يدرك الكاتب انه مشروط تاريخيا , يكتشف اين حدود حريته . ولكن عندما تغيب لحظة اكتشاف الحدود , تبدأ اللاحرية . من هنا أنظمة القمع السياسية تقوم بمهمة كبيرة على هذا الصعيد حينما تحول دون الكاتب ورؤيته لحدوده التاريخية . في كتاب كليلة ودمنة قصة ذات دلالة حيث أن الفيلسوف( بيديا ) لما قال لتلاميذه أنا سأذهب الى ( دبشاليم ) من اجل أن أنصحه قال التلاميذ أنه يقتلك قال أنا أخاف أن يسجل التاريخ أن الفيلسوف بيديا كان يعيش في زمن الملك دبشايم ولم يذهب اليه ولم ينصحه .
هذه القصة المعبرة حول دور المثقف , لان الان المهم ليس نصح الملك , وانما رفع مستوى الشعب , ليستيقضوا ويبحثوا عن انسانيتهم , لا على طريقة (الاحد الدامي ) , التي حصلت للشعب الروسي الجائع , عندما ساروا وراء القس الخائن العميل للقيصر , وعملوا لهم مجزرة دامية قتلتهم جميعا. لاينبغي أن ندع الشعب الذي تجرع عشرات السنين فنون من الاضطهاد والغدر , أن تعاد مأساته بطريقة هزلية كما يقول ماركس .
قد يقول أحدهم لك ليس بالامكان أفضل مما كان . وأنا اقول لك , لا دائما بالامكان أفضل مما كان , البشر يبنون علاقاتهم بالامكانيات وفق مصالحهم , وبما أن المصالح متعددة فكل واحد يرى أن هذه الامكانية المعينة تتطابق مع مصالحه .
فهل كان السادات مجبرا على اقامة سلم مع اسرائيل , وبالطريقة ذاتها , هذه امكانية , وهي أضعف الامكانيات كان يمكن أن يكون حتى( سلم) أرقى بكثير من كامب ديفيد حيث مصر وسوريا خارجتان من حرب تقريبا منتصرتان بالمعنى التاريخي للكلمة كما يشير أحد الباحثين , واسرائيل في وضع صعب وبالمناسبة كان المطروح مؤتمر دولي للسلام ) . حتى كارتر يقال فوجئ بموافقات السادات . والسؤال هنا هل أن كامب ديفيد كانت بالضرورة أن تحدث ؟ واجيب لا مصالح السادات كنظام كانت مع امكانية كهذه , بدليل أن مصالح الاخرين المعترضين كانت مع امكانيات أخرى , ليس صحيحا القول ( ليس بالامكان أفضل مما كان ) والصحيح أنه دائما بالامكان أفضل مما كان والا أوقفنا التاريخ واستسلمنا لامكانية واحدة واصبحنا ميكانيكيين.
لذلك مهمتنا أنا واياك أن نقول للشعب الحقيقة وأن لاندع مصيرهم للقس العميل ليغدربهم مع القيصر , وليسخرهم لمشروعه الامبراطوري . اذا نحن أمامنا امكانيات عديدة .
في ديننا أعظم شيئ نزل على الانسان هو الامانة حتى( هبرماس ), يقول احتجاج المرء على الخيانة ليس فقط احتجاج بأسمه الخاص بل هو احتجاج أيضا بأسم الاخرين , أن كل انسان حليف بالقوة في النضال ضد الخيانة هذا هو كلام الفيلسوف الالماني هبرماس .
أن التفكير بالامانة يحتاج الى ميثاق شامل ضد الخيانة , لذا ينبغي أن نبني جسور الثقة مع بعضنا البعض ومع شعبنا , بأحياء الامانة .
ثانيا - ديمقراطيتنا في الحزب الشيوعي
قياديون يتمرغون بالفساد ويحاربون النزاهة
أحداث عام 2006-2007 شاهد على فسادنا
بدأت الاحداث الدراماتيكية , عندما منحت منظمة سيدا الانسانية مساعدات مالية للعراقيين المكتويين بنار الدكتاتورية الصدامية , عن طريق منظمة أولف بالما , ومنظمة أولف بالما بدورها عقدت اتفاق مع مؤسسات المجتمع المدني العراقية العاملة في السويد لايصال المبالغ المذكورة عبر , مؤسسات المجتمع المدني العاملة في العراق , لكي تنشأ مشاريع خدمية لمساعدة الناس هناك .
فماذا فعل بعض الرموز القيادية في الحزب الشيوعي ؟ حاولوا بكل الطرق , التي لاتمارسها سوى شبكات ضالعة في الفساد , الاستيلاء على المبالغ المذكورة وعدم ايصالها للجماهير المكتوية بنار الدكتاتورية , مستغلين عمل مرؤوسيهم في هذه المؤسسات .
لقد حاولوا الاستيلاء من خلالي على المساعدة , التي رصدت للنساء في الديوانية , ولكنني قاومتهم بكل عقلي وارادتي واحبطت كل محاولاتهم للاستيلاء غير الشرعي على المبلغ المذكور , ولم يهد عزيمتي كل التنكيل والاضطهاد والتهديد الذي تلقيته منهم, ومحاولات تشويه سمعتي وعكس الامور على غير حقيقتها .
في الوقت الذي نجحوا فيه مع اخت اخرى في الاستحواذ على الاموال المخصصة للنساء في الناصرية , وهذه كلها وقائع اثارت اشمئزاز الكثير من الناس الخيرين ونزع ثقتهم بالحزب .
وعندما سمع ابني بشتائمهم ضدي وسلوكهم المشين , طالبني بالاستقالة من الحزب . قال لي بالحرف الواحد ( كل حياتي وأنا أدفع ضرائب انتمائك وأنا أحترم هذا الانتماء , ولكنني من الان فصاعدا لن أحترم هذا الانتماء – استقيلي انتصري لكرامتك ) . ولكنني قلت له كرامتي وكرامة الاخرين أن أبقى , وأن أساهم مع الخيرين في تنظيف الحزب من فلول الفساد , ومن كل ماهو غريب على مبادئنا وأخلاقنا .....
ثالثا - ديمقراطيتنا هي ديمقراطية القبول بدون قبول ( ديمقراطية امبراطورية الهيمنة ).
يجري الحزب انتخابات في المنظمات , وعندما تنتخب الجمهرة الحزبية , شخصية غير الشخصية التي ترغب بها القيادة , تلغى نتائج الانتخابات ويعاد الشخص الذي يرغبون به , رغم انف الجميع - وهناك امثلة صارخة على هذه الحالة كما حصل في منظمة الديوانية في العام الماضي .
رابعا – التحكم الفظ في الجماهير من خلال المنظمات الديمقراطية
ففي الوقت الذي يطالب الحزب الشيوعي الجهات السياسية الاخرى برفع يدها عن المنظمات الجماهيرية والحفاظ على استقلاليتها , يدخل بكل ثقله للتدخل في هذه المؤسسات ووضعها تحت هيمنته . حتى أنه يعمل على اقصاء العناصر الواعية منهم من مراكز المسؤولية ويقرب العناصر البسيطة لانهم اكثر قدرة على الانقياد لهم .
خامسا - ظاهرة الفصل غير المعلن في الحزب
بدات الجهات القيادية منذ فترة بتطهير الحزب من العناصر المثقفة والواعية , التي لايمكن أن تتصالح مع الاوضاع الخاطئة , ولكنها خوفا من معارضة القاعدة الحزبية لها , ابتكرت أساليب خفية في التخلص من العناصر التي لا تتماشى مع أجندتها الجديدة المتواطئة مع قوات الاحتلال , ومن هذه الاساليب مايلي ---
- 1 عدم تبليغهم بالاجتماعات والمناسبات الحزبية , بحجة حصول خلل فني , وهذا ( الخلل الفني ) المصطنع يظل يتكرر باستمرار بدون معالجة –
2- عدم ايصال اي نشريات او اصدارات حزبية لهم وايضا بعذر (خلل فني ) . هذا فضلا عن عدم تكليفهم بأي عمل .
وبهذه الطريقة يتم قطعهم مع الحزب وهذ الحالات حصلت بشكل واسع بحيث أن الجماهير بدأت تنتبه لها .
وملاحظتي أن مايجري في الحزب هو نسخة طبق الاصل لما حصل في حزب العمال البريطاني , في الستينات عندما اتفقت قيادة الحزب البريطاني سرا مع الامريكان على صفقة سرية ومن بنودها مايلي ---
اولا- أن يطرد حزب العمال البريطاني كوادره المخلصة والمجربة في العمل النضالي , ويبقي فقط العناصر البسيطة وحتى الانتهازية فقط .
ثانيا – أن يصدر خطاب يتضمن تنازلات عن مواقفه السياسية ومبادئه . ولقاء ذلك , يؤمن لهم الامريكان فرصة الفوز بالانتخابات ويعطون مقاعد وزارية لهم على أساس ذلك . وهذه التفاصيل يجدها القارئ في كتاب الحرب الثقافية ....
هذه الامور حصلت كلها في الحزب الشيوعي العراقي , فقد اصدر كما ذكرت في حلقة سابقة , بلاغ تخلى فيه عن مشروعه الوطني الديمقراطي وعن كل خطه الوطني السابق, بدون العودة الى القواعد الحزبية وبدون اعطاء أي تبريرات أو مقدمات لذلك . كما بدأ عملية تصفية لكل رفاقه المخلصين التي عرفتهم كل ساحات النضال الشاقة . ولم يكتفي بأقصائهم , بل عمد ان يأخذ دور وكيل أمن للمخابرات المركزية في ملاحقتهم واضطهادهم وتدمير حياتهم وكاتبة السطور , هي أحد ضحاياهم .
ينبغي ان نتفحص سلوك كل واحد منا , فلم تعد اليافطات الديمقراطية واليسارية هي المعبر الحقيقي عن هوية كل منا . وللحوار بقية .....