حوار مع الكاتب الاستاذ رضا الضاهر


رسميه محمد
2011 / 3 / 20 - 18:23     

اشكر ادارة موقع الحوار المتمدن على هذه الجهود التي تبذلها من أجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الاخرى , من اجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء . هذه المهمة التي عجزت عن النهوض بها , جميع الاحزاب السياسية العراقية بما فيها الحزب الشيوعي العراقي , الذي لايزال يدعي حتى الان التزامه بنهج الديمقراطية والتجديد ...
أستهل حواري مع الاستاذ رضا الضاهر بالقول , ان خلل المثقف و المفكر أكثر ضررا وتأثيره هائل لان قوله يصبح جزء من وعي الناس .
السياسي قد يرتكب هذه الحماقة أو تلك في التاريخ وهي مؤثرة طبعا . وقد تجد معارضة سياسية له تعيده الى جادة الصواب أو لاتعيده , فالحياة السياسية متغيرة بشكل دراماتيكي , قول المثقف يرسخ في الاذهان يصبح جزء من فاعلية الناس , لماذا ؟.....
لانه مايزال يتمتع بالهيبة عند البشر , ولذلك يجب على مثقف الشعب أن يزن دائما مايقوله ويفكر لابذاتيته بل بالمجموع , عليه أن يواجه حتى الحياة اليومية لدى الناس .
ليس مثقفا أصيلا من ينام مطمئنا على وقائع الحياة المزرية , يجب ان يقول المثقف قوله في هذا . فهذه مسألة ليست بسيطة وللتدليل على اهمية المثقف والمفكر ودوره اول ماتصادر السلطات تصادر الكتاب والمجلة , هم ( السلطويون ) واعون أكثر بكثير من البعض لاهمية المثقف والمفكر , من اجل يعاقبوا ادورد سعيد منعوا كتبه , كما ذهب الى ذلك الباحث احمد برقاوي .
هناك مفكرون قالوا قولا منذ مئات السنين مازالو ا يعيشون في ضمائر الناس . مثل ابن خلدون . عندما يعالج الكاتب القضايا المصيرية للبشر يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ماهي الفاعلية الممكنة من وراء هذه الفكرة أو تلك , لاسيما أنه في ظل فقدان المناخ الثقافي الديمقراطي قد يزيف وعي الناس . نحن العرب لدينا مفكرون وكتاب من كل الانواع من النكوصي الى الثوري من التاريخي الى اللاتاريخي من المدافع عن المستبد الى المدافع عن الديمقراطية . هنا تبدو اهمية المثقف والمفكر . الفكرة الواحدة قد تنمو وتصبح كبيرة وتجر ورائها الأف الناس , اذا عدنا الى مرحلة الحرب العالمية الثانية , نلاحظ ان الافكار والايديولوجيات طرحها مفكرون وليس سياسيين . ومنهم قسطنطين زريق وساطع الحصري وغيرهم , ومن هنا خطورة الافكار اكبر مما نتوقع , لذلك فأن مسؤولية الكاتب كبيرة , ولان المسألة على هذا النحو من الخطورة يجب أن يكون هناك دائما حوار بين المفكرين والمثقفين , يجب ان نخلق مناخا للحوار الانتقادي بينهم لانترك أقوالهم هكذا يطمئنون اليها , الحوار يكشف لدى الاخرين هناتهم ويكشف أيضا أفكارهم الصحيحة ومن هنا أهمية الحوار بين المفكرين بشكل خاص والمثقفين بشكل عام , اهمية الصحافة والمجلة والكتاب , هذا يصنع حركة , يصنع ثقافة , هذا هو دور المثقف المفكر . هنا نتحدث عن المثقف المفكر كما يجب ان يكون , فالمثقف المفكر بوصفه ساعيا للحقيقة منتجا للمعرفة , يجب ان يكتشف المشكلات الصعبة . مايؤرق البشر حقيقيا . وعليه أن يكشف هذه المشكلات وفق أرقى أشكال المعرفة الممكنة , وهذا غير ممكن الا اذا كان مثقفا او مفكرا ديمقراطيا , هنا ينمو لديه الحس النقدي للعالم , والنقد هنا وسيلة لكشف اخطاء الاخرين وتجاوزها وتعميق معرفة صحيحة قدموها ونقد الواقع , المثقف والمفكر الديمقراطي هو التقدمي , أما المثقف او المفكر الذاتي المرتبط بالسلطة ,( ولا اقصد هنا السلطة الحاكمة فقط بل السلط الاخرى ومن ضمنها السلطة الحزبية للحزب المنتمي اليه ) , فلا مشكلة لديه سوى تجميل الواقع بكل مافيه من الشرور ... وقد يشتهر وتغدو شهرته كبيرة لكن منخل التاريخ سيكون عليه قاسيا سيتساقط مجرد ما ينخل التاريخ المفكرين والمثقفين ....... اكتفي بهذه المقدمة واعود لمناقشة ماكتبه الرفيق الكاتب الاستاذ رضا الضاهر , ساتوقف عند الحلقة الاخيرة من حواره وانقلها هنا كما وردت نصا في حواره المنشور على صفحات الحوار المتمدن وهي كما يلي ..
( لسنا بصدد العودة الى الماضي والتاريخ المشهود لحزبنا وتضحياته وموقعه ودوره المميز في الحركة الوطنية، والمكانة الأثيرة التي يحتلها في الذاكرة التاريخية والجمعية للمجتمع العراقي.
ويمكن القول الآن، وبثقة، وبعد 8 سنوات على الاطاحة بالدكتاتورية ومعاناة الشعب جراء الحرب والاحتلال وسياسات القوى المتنفذة، بعد كل هذا، حيث كان نصيب الحزب العشرات من الشهداء، يمكن القول إن الحزب يقف حالياً بثبات ويعزز نفوذه وسط الشعب، ويساهم بنشاط في الحركة الاحتجاجية المطلبية من أجل إنهاء نظام المحاصصة والفساد وتحقيق البديل الوطني الديمقراطي المتمثل باقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وإعلاء مباديء المواطنة وحقوق الانسان.
هناك آفاق واعدة حقاً بتقدم الحزب ليحتل موقعه بجدارة كقوة محركة من أجل التغيير الجذري وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وقد جاءت الاجراءات التعسفية الأخيرة والتلويح باغلاق مقرات الحزب دليلاً آخر على مدى القلق الذي ينتاب القوى المتنفذة في الحكم من تعاظم نفوذ وتأثير الحزب في الشارع بعد ما اعتبره هؤلاء ضمن "الخاسرين" في الانتخابات.
ويتطلب الأمر من الحزب أيضاً أن يدقق ويغني مفاهيمه الفكرية والسياسية والتنظيمية وتطوير نهج الديمقراطية والتجديد وعدم التراجع عنه أياً كانت المبررات والذرائع.
ويوفر المؤتمر الوطني التاسع للحزب فرصة كبيرة أمام الحزب لفتح النقاش واسعاً ليس لرفاقه ومؤيديه حسب، وانما أيضاً على صعيد المجتمع، حول القضايا العقدية التي تواجه العملية السياسية ووجهة التطور، والخروج من أزمة الحكم المستفحلة وانقاذ الشعب والوطن.
وتتواصل الاستعدادات لعقد المؤتمر التاسع بدءاً بتهيئة وثائقه، وفي مقدمتها مشروعا البرنامج والنظام الداخلي تمهيداً لطرحهما للنقاش العلني على صفحات جريدته المركزية "طريق الشعب" وفي سائر منابره الاعلامية.
وفي سياق ترسيخ عملية الديمقراطية في الحياة الداخلية، ومواصلة نهج التجديد الذي أطلقه المؤتمر الوطني الخامس للحزب المنعقد أواخر عام 1993، ستجري انتخابات لمندوبي المؤتمر بتنافس ديمقراطي، وبالاستناد الى الخبرة المتراكمة. ويمكن القول هنا بثقة إن الحزب الشيوعي العراقي هو الحزب السياسي العراقي الوحيد الذي يمارس، الآن، الديمقراطية فعلاً في حياته الداخلية التي تشهد صراعاً فكرياً وسياسياً يدار بطريقة ديمقراطية، وبالاستناد الى إرادة الشيوعيين واتحادهم الاختياري الطوعي).
ماتفضل به الاستاذ الكاتب رضا الضاهر اعلاه, ظل بحدود الكلام ولم يقدم لقراءه أي أمثلة ملموسة في البرهنة على صحة ماذهب اليه في الحديث عن توجهات الحزب الوطنية الديمقراطية والتزامه بنهج الديمقراطية والتجديد وتمسكه بالديمقراطية الحزبية الداخلية ..الخ ) . وبودي الاشارة هنا ان الكلمة التي تظل في حدودها تكون قفاز خطير بيد الجميع – واذكر على سبيل المثال , الكل في العراق من السياسيين وغير السياسيين , يشجبون الفساد , في الوقت الذي وصل العراق في مقدمة البلدان من حيث حجم الفساد المستشري فيه حسب تقارير نشرة الشفافية العالمية . فمن يمارس الفساد , اذا كان الكل يدعون النزاهة ؟ .
أردت من هذا أن أقول أن هناك مسافة كبيرة بين الادعاء والحقيقة , ولكي نضع الحدود بينهما , ينبغي ان نبرهن بالملموس على صحة ما نقول , وبقدر مايتعلق بي فاني اتقاطع مع ماذهب اليه الرفيق الاستاذ رضا الضاهر . واقول اتقاطع لان الاختلاف يمكن ان يكون في اطار الموقع الواحد , في حين ان التقاطع يعني ان هناك موقف ايديوجي واجتماعي أخر
فقد انحرف الحزب عن مبادئه وعن برنامجه ونظامه الداخلي وقرارات مؤتمره الثامن , بل انحرف عن كل الخط السياسي الوطني الديمقراطي , الذي اختطه من تأسيسه على يد مؤسس الحزب الرفيق الخالد فهد . ويمكن أن اسوق أمثلة صارخة على صحة اقوالي , وسأبدا حسب الاولويات المنهجية بالحديث في الشأن السياسي الفكري , والذي تجسد منذ سنتين في البلاغ الذي صدر عن اجتماع اللجنة المركزية في نيسان عام 2009. والذي لم يتضمن فقط موقف نقيض للماركسية بل أنه خلا من أي محتوى وطني , وقد نزل علينا بشكل مفاجئ كرقعة سماوية بدون أي مقدمات وبدون أي مناقشة مسبقة وبدون أعطاء أي مسوغات لتغيير خط الحزب الذي صادق عليه المؤتمر الثامن ومؤتمرات الحزب الاخرى من تأسيسه , والذي سجلت انتقادي له في اجتماع حزبي في نفس الوقت في مداخلة مطولة مذيلة باسمي الحركي المثبت في نهاية المداخلة, والتي تم اقصائي من الحزب بسببها وبسبب مواقف اخرى , سأواصل الحديث بها في حلقة قادمة اخرى من الحوار مع الرفيق الاستاذ رضى الضاهر وفيما يلي اقدم المداخلة التي تم ذكرها اعلاه.......
ملاحظات حول بلاغ اللجنة المركزية الصادر في نيسان 2009

قبل الدخول في مناقشة البلاغ اتوقف لاابداء بعض الملاحظات الاولية عليه وهي--

اولا- تغييب البعد الطبقي في التحليل والمعالجات , وهي قضية لها مغزاها وابعادها الفكرية والسياسية. اذا علمنا أن تغييب البعد الطبقي , هو أحدى السمات الهامة للايديولوجيات البرجوازية المسيطرة و لنظريات المعادية للشيوعية , ولا يمت بأية صلة للفكر الاشتراكي العلمي.
ثانيا- مايطرحه البلاغ لايتعدى برنامج حزب اصلاحي يميني انتهازي(برنشتايني). فلا وجود أي تجلي لستراتيج وتكتيك الحزب أي برنامجه ومشروعه الوطني الديمقراطي , بل أن خطابه لايعدو كونه خطاب جماعة دينية التبشيرية.
ثالثا- اتسم البلاغ بالتشوش والتناقض وعدم الترابط .
ان وضوح الاهداف تقود الى وضوح الخطاب والعكس هو الصحيح- اكتفي بهذا القدرمن الملاحظات السريعة- . وانتقل الى العنوان التالي...

الازمة العراقية وابعادها الراهنة
بداية أشير أن الازمة العراقية , لاتنحصر في مشكلة الطائفية , بل هي في حقيقتها أزمة نظام السيطرة الطبقية السياسية والاقتصادية والايديولوجية للبرجوازية الكومبرادورية العراقية من جانب وهي من جانب اخر ازمة البديل الثوري في أن معا. أي هي ازمة تشمل السلطة السياسية والبديل الثوري في أن معا. وهذا هو السبب في حالة الاستعصاء, التي يعيشها بلدنا وشعبنا في الظرف الحالي , من وجهة نظري. ثانيا- ان التخلي عن الخطاب الديني من قبل القوى السياسية المتنفذة وتبني شعارات ديمقراطية لايعني الانتقال صوب العلمانية ولايدعوا للتعويل عليه , لان تغيير الشعارات لايعدو كونه أكثر من عملية تكتيكية , ذلك أن هذه القوى لمست أن خطابها الطائفي والديني لم يعد مقبولا في الشارع العراقي.
1- السياسة الامريكية لقد سعت الادارة الامريكية الى استغلال ماحدث في 11 أيلول الى تحقيق عدد من القضايا التي تكرسها حاكما عرفيا عاما , ولم يكن غزو العراق واحتلاله في ابعاده المختلفة بما في ذلك البعد النفطي منها الا حلقة اساسية في تنفيذ التوجهات الاستراتيجية الامريكية الجديدة الرامية الى احلال مبدأ الهيمنة والسيطرة الكليتين والشاملتين فهي تسعى الى تعميق العولمة الاقتصادية أي سيادة السوق عالميا, وتدمير قدرة الدول والقوميات على المقاومة السياسية الى اقصى حد ممكن. فالوضع الامثل لقادة العالم الجديد هو وضع يسهم بتلاشي سلطات جميع الدول حتى تنفرد الولايات المتحدة بالتحكم عالميا-ويبدو ان الولايات المتحدة قد اختارت تكتيك العنف الدائم .وكان الهدف من تصعيد العنف هو انهاك الشعب العراقي لمنع قيام حركة جماهيرية شعبية مناهضة للنظام الطبقي المسيطر , وبالتالي عرقلة عملية التحول الاجتماعي . وتشير بعض الدراسات الغربية الى ان أمريكا لم تلجأ الى خفض العنف الا بعد ان توفرت لها المعلومات بان المواطن العراقي لم يعد قادرا على الخروج الى الشارع , بمعنى استحالة قيام انتفاضة شعبية . وقد لاحظنا عشية الانتخابات كيف ان الشارع العراقي اصبح هادئا واختفت كل مظاهر الارهاب فجأة وبقدرة قادر وهذا يدلل ان هناك يد طولى في تصعيد الارهاب او خفضه حسب مايناسب الحسابات الامريكية. ولم يكن التحرك النشيط للمالكي لحفظ الامن ولتحجيم النفوذ الايراني بمعزل عن ضغوط وتهديدات امريكية , كما تشير بعض المصادر. ان هذه التهديدات سبق ان وردت أيضا في تحليل المحلل السياسي لاقوال وزير البتاغون في خريف العام الماضي حيث ذكر مايلي( على حكومة السيد المالكي وجميع الخطوطة المشتركة معه في الحكم والعملية السياسية , الاستعداد النفسي ومن الان لملاقاة البعثيين وجماعة عزة الدوري . وفي الوقت نفسه باشر عزة ابراهيم بترتيب طاولته واختيار مفاوضيه من الان. فهذه امريكا ليس لها صديق ثابت او عدو ثابت . وعندما اسس الجنرال بتراويوس تنظيمات الصحوات في العراق لم يكن الامر اعتباطيا , بل ارادها لاهداف تكتيكية واسترتيجية, أما الاهداف التكتيكية فهي التي لمسناها , واما الاهداف الستراتيجية فهي قادمة وباتت على الابواب . وارادها تجربة في العراق لينقلها نحو افغانستان . فالعراق وافغانستان مرتبطتان ببعضهما البعض لانهما حلقتان متجاورتان في سلسلة امريكية طويلة . وبالتالي فالتسقيط السياسي الذي اخذ يرتفع ضد شخص وحكم كرزاي ومن قبل الامريكان والاوربيين قادم نحو الطالباني والمالكي وغيرهم. وهذا ماقاله وفد من الكونكرس الامريكي وكنا ضمن الحاضرين . فاكدوا أن ( الاكسباير) لكثير من الوجوه في العراق وافغانستان قد انتهى وسينفذ بالتبديل والمحاسبة حال حسم قضية الانتخابات والمباشرة بادارة جديدة. ولايستبعد مغادرة جيش الاحتلال للعراق في حالة تأكدهم ان هذا الانسحاب لايخل بهيمنتهم , فالادارة الامريكيه ليس هدفها احتلال العراق او غيره من بلدان العالم, بل أن هدفها الاساسي السيطرة على العالم من خلال ادارته وليس احتلاله الدائمي المباشر اي انها تسعى لترتيب الاوضاع وتهيئة ادارات في كل بلد تضمن لها دوام هيمنتها.
2- الطبقة السياسية السائدة
ان العنصر الموحد الذي يجمع قوى التحالف الطبقي المسيطر هو غياب ادراكها لمفهوم الحداثة واشكالياتها الراهنة. وهذا مايقود بالضرورة الى قبول جوهر موقف البرجوازية الكومبرادورية التي تنخرط في خطة العولمة الاستعمارية. وبالتالي فأن الصراع بين قوى الائتلاف الديني وبين قوى التحالف الكردستاني لايخرج عن اطار الصراع داخل الطبقة الكومبرادورية نفسهامن اجل احتكار السلطة , وان انقسام هذه الطبقة الكومبرادورية هو نتاج عجز الخيارات الكومبرادورية عن ان تقدم اجابات مقبولة للمشاكل الاجتماعية. لقد استخدم التحالف الطبقي المسيطر كل الوسائل لتابيد نظامه في مواجهة الطبقة العاملة وجموع الكادحين ولعرقلة عملية التحول الاجتماعي .

ان من مصلحة الطبقة السائدة في العراق اظهار الصراع الطبقي الدائر حاليا وكانه صراع بين افراد او بين طوائف او بين امم او بين جماعات اثنيه او بين تجمعات اقتصادية . فهي تخفي الجوهر السياسي الطبقي لهذه الصراعات . ولذلك يصف مهدي عامل حركة الممارسة السياسية للبرجوازية بانها حركة انتباذية تبعد الصراع الطبقي عن مستواه السياسي صوب المستويات الاخرى لكي تخفي جوهره السياسي وتقلب العلاقات القائمة بين اشكاله ومظاهره . اما الطبقة العاملة فأنها تسعى بممارستها الطبقية الى اعادة الصراع الطبقي الى مستواه الجوهري السياسي. ومن ثم اظهار الجوهر الطبقي للصراعات الاقتصادية والايديولوجية والسياسية قاطبة . ولذلك يسمي مهدي حركة ممارستها الطبقية حركة انجذابية , لانها تجذب التناقضات الاجتماعية صوب محورها السياسي. من اجل صهرها جميعا في نقطة قطع واحدة تشكل مركز الحقل السياسي للصراع الطبقي . القضية الاخرى في ظل الممارسة الطبقية السياسية للبرجوازية وفي اطار الحركة الانتباذية للصراع الطبقي , تترابط هذه المستويات من الوجود الاجتماعي اي اشكال الصراعات بشكل تراكيبي اي تبدو مستقلة عن بعضها البعض. معنى هذا أن لسيطرة الممارسة السياسية للطبقة المسيطرة في الحقل السياسي للصراع الطبقي اثرا محددا , ليس فقط لشكل الحركة المحورية لهذا الصراع , أي لعلاقة التفاوت بين مختلف حقوله.بل لشكل ترابط هذه المستويات البنوية نفسها داخل البنية الاجتماعية. وهكذا تظهر هذه المستويات قائمة في ذاتها , مستقلةعن حركة الصراع الطبقي الذي يولدها في شكلها هذا بفعل سيطرة الممارسة السياسية للطبقة المسيطرة داخل الحقل السياسي.. عند مقارنة هذه المفاهيم مع البلاغ الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية نجد ان البلاغ قد اخذ موقف الطبقة السياسية البرجوازيةالمسيطرة في التعتيم على جوهر الصراع الطبقي واظهاره بصيغة صراعات , طائفية او اثنية او فئوية ---الخ . كما ان البلاغ اظهر هذه الصراعات في استقلاليتها بعضها عن البعض الاخر, وهذا مابدا جليا عند حديثه عن المظاهر التي تطبع المشهد السياسي . وبذلك ايضا تبنى موقف الطبقة السياسية المسيطرة وتناقض مع الموقف الماركسي الذي كان يقتضي منه توضيح هذه الصراعات في ترابطها مع بعضها البعض بوصفها اشكالا من التناقض الطبقي السياسي . ان هدف القوى البرجوازية المسيطرة من اخفاء الطابع الطبقي لهذه الصراعات . هو لتعويق نهوض الحركة الديمقراطية الشعبية وبالتالي عرقلة عملية التحول الاجتماعي. وما اود تثبيته هنا هو انه لابد من النظر الى الصراع العراقي الدائر الان بكل تجلياته بوصفه صراعا طبقيا , وليس صراعا طائفيا او عشائريا او قبليا او مناطقيا او اثنيا, كما يبدو على السطح . وان مجابهة هذا التحدي ضروريا, والا انتفت الماركسية أو على الاقل انتفت كونيتها وعلميتها, وانتفى دور الشيوعيين في الصراع . وفقد الاخير معناه التاريخي. ولكن مالاحظته في بلاغ اللجنة المركزية تغييب دور الحزب في هذا الصراع وتغييب المهمات التاريخية التي وضعها الحزب على عاتقه. فتحت حقل مهماتنا الملموسة , اكتفى البلاغ بطرح دعوات على طريقة الفرق الدينية التبشيرية. كجماعة شهود يهوذا والعياذ بالله.
الاستنتاجات
اولا- تواجه القوى الديمقراطية واليسارية مهمة تجذير فهم لدى القوى الوطنية الشعبية , ان الازمة العراقية والصراع العراقي, هو صراع طبقي , وليس صراعا طائفيا او عشائريا او قبليا او مناطقيا او اثنيا , كما يبدو على السطح. وفي حالة نهوض الحركة الديمقراطية وسيطرتها على الحقل السياسي ,يمكنها اظهار التناقضات الاجتماعية على حقيقتها بصفتها أشكالا من التناقض الطبقي السياسي الرئيسي الذي لايمكن حله الا بتغيير النظام السياسي تغييرا ديمقراطيا. من خلال تعديل موازين القوى لصالح الجماهير الكادحة ومن أجل اقامة ديمقراطية حقيقية في بلادنا.
2- ان القوى البرجوازية المسيطرة تسعى الى تأبيد سيطرتها الطبقية بتأبيد نظامها السياسي بكل الوسائل بما فيها اجتذاب الطبقات والفئات الوسطية الى جانبها وحتى اقسام من الطبقة العاملة . ومهما تعددت الوسائل واختلفت, يظل الهدف نفسه, ممثلا في تأبيد النظام بتعطيل عملية التحول الاجتماعي . ولعل خير وسيلة لذلك هي تعطيل دور حزب الطبقة العاملة في قيادة التحول الاجتماعي وشله, بدفعه الى الانحراف عن النهج الثوري الصحيح والانزلاق الى مواقع النهج الانتهازي البرجوازي , واستثارة بدائل للطبقة العاملة وحزبها قادرة على قيادة عملية التحول الاجتماعي والانحراف بها عن نهجها الطبيعي , وربما كان هذا هو الخطر الاهم الذي يتهدد عملية النضال الثوري - خطر منها عليها, بمعنى يتهددها من داخلها, حتى لو كانت البرجوازية الرجعية بقيادة قوى الرأسمال العالمي واشرافها المباشر هي التي تغذيه بأشكال شتى معلنة وخفية. فمأساة عملية التغيير الاجتماعي أن تكون أدات التغيير عائقا لها. وهذا ما أراه متجسدا في بلاغ اللجنة المركزية التي تفوح منه رائحة المساومة غير الجائزة للسلطة الحاكمة والتخلي عن اهداف الحزب ومبادئه وعن تطلعات شعبنا بعراق حر مستقل ديمقراطي موحد- وبوطن حر وشعب سعيد . هذه الاهداف التي سفكت الكثير من الدماء من اجلها وقدمت التضحيات على مدى عقود طويلة. لقد اعادنا البلاغ الى تاريخ قيادة الاممية الثانية , الذين انحازوا الى مواقع برجوازيتهم ضد مصالح شعبهم وطبقته العاملة . فالتاريخ يعيد نفسه. وعلى هذا الاساس استنتج ان الازمة العراقية ليست ازمة البرجوازية المسيطرة فحسب , بل ازمة البديل الثوري ايضا المتمثلة بأزمة الحزب الشيوعي العراقي. وبتبعثر القوى الديمقراطية واليسارية التي تساهم ازمة الحزب الشيوعي في تفاقمها, بأعتباره النوات الاساسية لوحدة القوى الثورية. أن هذا الوضع يستدعي من الشيوعيين المخلصين لوطنهم وشعبهم وحزبهم , أن يقفوا وقفة جادة مسؤولة لتدارك ماحصل . أن الامر باعتقادي يتطلب عقد مؤتمر استثنائي , يطالب اعضاء اللجنة المركزية بتوضيح مواقفهم , واتخاذ الاجراء العادل بحق من أنحرفوا عن مبادئ الحزب وعن برنامجه ونظامه الداخلي وقرارات مؤتمره الثامن, الذي تم انتخابهم على أساسها. ولنردد صرخة مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي الرفيق الخالد فهد ( حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية).

هدير 2-7-2009