لمن اسرد قصة مأساتي ؟


رسميه محمد
2011 / 3 / 19 - 02:14     

لقد تعودنا عبر منبر الحوار المتمدن أن نناقش ونتناول قضايا كثيرة , ولكني هذه المرة , أريد أن اطرح عليكم قصتي , لقناعتي ان الاشياء كلما كانت خفية كان تاثيرها السلبي اكبر , لان ظهورها الى السطح يهيأ الظروف لمناقشتها والمساهمة في معالجتها .
نشأت في عائلة شيوعية منحازة لقضايا الفقراء والمعوزين وقضية المرأة .
شقيقتي الشهيدة فوزيه محمد هادي , التي اعدمتها سلطات النظام الدكتاتوري المباد عام 1986 لموقفها البطولي المشرف حتى اللحظات الاخيرة من حياتها. كما قتلت السلطات الدكتاتورية سته وعشرين شخصا من عائلة والدتي , ابان انتفاضة اذار عام 1991.
-انتميت الى الحزب الشيوعي في أوائل السبعينات عندما كنت في السادسة عشرة من عمري , ومنذ ذلك الوقت كرست كل حياتي لقضية الشعب , وكنت اخاطر بحياتي في ظروف بالغة السرية والخطورة في تلك الفترة .
- عام 1973 رحلني الحزب الى محافظة بابل لقيادة العمل النسائي هناك , ورغم صغر سني في ذلك الوقت كنت موضع اعتزاز واحترام الجماهير في المحافظة وتدرجت في العمل حتى رشحت الى اللجنة المحلية في المنظمة , ولم يرق ذلك للنظام الدكتاتوري , فاعتقلتني عام 1977 بتهمة التطاول على راس النظام المباد . وفي الاعتقال جرى تعريضي لشتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي , ومع ذلك لم يستطعوا ان يحصلوا على اي تنازل مني , وهذا مادفعهم لتحويلي الى ماسمي بمحكمة الثورة , وبعد جلستين من المحاكمة اضطروا لاطلاق سراحي لوجود شهود نقض للتهمة التي وجهت لي . بعد اطلاق سراحي استمرت ملاحقتي ,فأضطررت الى الاختفاء وعشت ظروف قاهرة لمدة سنتين ,بعدها غادرت الوطن سرا الى سوريا .
وخلال اقامتي هناك ساهمت بفعالية في العمل الحزبي والديمقراطي وقدت العمل التحضيري لتاسيس رابطة المراة العراقية . وعام 1981 غادرت سوريا الى بلغاريا حيث اكملت دراستي هنا ك . وبعد انهاء دراستي اودعت طفلي الوحيد في مدرسة داخلية في الاتحاد السوفيتي وغادرت الى الوطن للمساهمة في العمل الانصاري وفي عمل الداخل . وفي كردستان وضعت مصيري بيد سكرتير الحزب الرفيق ابو داوود لارسالي للداخل وبالرغم من التحذيرات التي تلقيتها من قبل الكثيرين هناك من ان العبور مجازفة خطيرة ولكني وضعت كل ثقتي بالرفيق سكرتير الحزب ابو داوود الذي كان يشغل موقع عضو المكتب السياسي انذاك .
وبعد انهيار الحركة المسلحة غادرت كردستان مؤقتا , الى سوريا وهناك انخرطت ايضا بالعمل مع المنظمات النسائية وفي الاتحاد النسائي العربي , وفي عمل المنظمة الحزبية ايضا . وبعد انتفاضة اذار عدت مجددا الى كردستان وقدت العمل التحضيري لتاسيس رابطة نساء كردستان وكنت عضو في مختصة العمل الديمقراطي المركزية .
عام 1994 قدمت الى السويد وانخرطت بكل ثقلي في العمل لجميع مجالاته الحزبي والديمقراطي كما ساهمت بفعالية في لجنة التضامن مع الشعب العراقي حتى سقوط النظام الدكتاتوري , ورغم كل انشغالاتي واصلت المتابعة الفكرية في كل القضايا الحيوية التي كانت تطرح انذاك . وكنت اطمح بعد سقوط النظام الدكتاتوري ان اعود لوطني بعد هذا الغياب القسري الطويل , ولكن بكل اسف لم تتحقق طموحاتي , فلم تتهيأ اي فرصة لي للعودة نظرا لعدم توفر اي مصدر معيشي لي هناك , واظطررت للبقاء في السويد رغم عني . باختصار انني كرست حياتي كلها للحزب ولم اعش حياة عائلية فقد عشت كل الوقت مع رفاقي وكانوا كل شيئ بالنسبة لي حتى طفلي ظل بعيدا عني كل الوقت , وطيلة فترة نضالي تلقيت العديد من التهديدات من قبل المخابرات الصدامية , وجهات أخرى .
و بعد هذه المسيرة النظالية الشاقة , وجدت نفسي فجأة مرمية بعيدا خارج الحزب بدون ذكر اي اعلانات او اسباب لذلك ولم يجري هذا لي وحدي بل جرى لاخرين من خيرة العاملين والمناضلين في الحزب , ولم يقف الامر عند هذا الحد بل جرت ملاحقتي واضطهادي في مجالات حياتية اخرى من قبل شيوعيين ايضا, وبدون اعطاء أي مبررات أو مسوغات لهذه السلوكيات . وأمتلك كل المعطيات التي تدلل على صحة اقوالي . هذه هي قصتي أسوقها اليكم , وأرجو أن تنال اهتمامكم . ولدي ملاحظة ان البو عزيزي عندما كان حيا لم يثر اهتمام أحد فقط عندما انتحر اثار الملايين من الناس , لذا ارى ضرورة ان نهتم ببعضنا البعض في حياتنا قبل ان نهتم ببعضنا البعض بعد مماتنا . ان هناك امور غريبة تجري لاتظهر على السطح ومن ضمنها قصتي , لذا اناشدكم ان تتوجهوا معي لسؤال الحزب الشيوعي العراقي عن هذا الذي يحصل لنا . وبالتحديد أن نتوجه لسكرتير الحزب وأن نناشده , أن يجيبنا بمصداقية وبروح المسؤولية الانسانية والاخلاقية عن مايجري لنا . كيف أن الحزب الذي يناضل من أجل الديمقراطية وضد الدكتاتورية يقصي أخلص رفاقه ويلاحقهم في أماكن اخرى ؟ لماذا ان بعض الشيوعيين يأخذون دور القوى المعادية تجاه رفاقهم ؟ هذه القضية ينبغي تسليط الضوء عليها , لان الحالات الخاصة هي تجلي للقضايا العامة , فكما يقول العلم من القضايا المجهرية تترائى خصائص الشيئ كله .....