وعود الحكومة افيونا لترويض الشعب


عودت ناجي الحمداني
2011 / 3 / 18 - 12:01     

باتت احتجاجات السخط الشعبي ظاهرة يومية في المدن العراقية للتنديد بالحكومة العراقية التي فشلت في معالجة قضايا المجتمع الملحة . ورغم الوعود القطعية التي اوعد بها المالكي المواطنين بحل ازمة الكهرباء والماء والسكن والبطالة والصحة وغير ذلك من الازمات الاخرى التي تكوي ظهور الناس وتزيد معناتهم اليومية فان السيد المالكي لم يف بوعده في قطع دابر الطائفية.وبدلا من ذلك اعاد انتاج حكومة محاصصة بماركة الشراكة الوطنية التي نتج عنها حكومة هشة بعيدة عن المهنية.
فالحكومة التي تشكلت من اربعين وزيرا بعد مخاض ثمانية اشهر من اللعب باوراق الطائفية والمساومات اللامبدئية التي تصادر مصالح الوطن من اجل المصالح الفئوية قد أدت الى خلق ازمة ثقة عميقة بين الشعب والحكومة واصاب الناس الندم لأنتخابها قوى غير جديرة بمنحها الثقة .
فقد وصف السيد المالكي حكومته بدون الطموح ووصفتها المرجعية بحكومة مخيبه للآمال . فقد غاب في تشكيلها عنصر الكفائة والمهنية و ابعد عنها العنصر النسوي سواء في التشكيل الوزاري او في تشكيل الرئاسات الثلاثة. كما ابعدت عن الحكومة الكفاءات العلمية المستقله غير المنظمة للقوائم الطائفية بخلاف ما وعدت به القوائم الفائزة في برامجها الانتخابية بتشكيل حكومة تكنوقراط لتكوين حكومة عراقية بحته بعيدة عن الطائفية وقادرة على حل المعضلات التي تجابه البلد.
ان هذا التوجه مؤشر خطيروخطير جدا يضر ضررا بالغا بمصالح الشعب و بالعملية السياسية وبقضية الديمقراطية . فالديمقراطية بالنسبة للطائفيين واجهة تتستر بها لتقاسم السلطة والمال والنفوذ فيما بينهم وتخدير الشعب بالوعود الكاذبه .
ان الطائفية والديمقراطية نقيضان لا يلتقيان فالعداء للديمقراطية يصب في طاحونة العداء للشعب.
لقد تميزت مظاهرات التنديد بالأداء الحكومي الذي ساهم بدوره في تدهور الاوضاع المعيشية بطابع الاستمرارية وبمشاركة شعبية واسعة من مختلف فئات وشرائح المجتمع الذي فقد الامل في حكومته. فالحكومة التي تدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان تقتل المتظاهرين والصحفيين وتهاجم بعض مؤسسات الاعلام وتعتقل العاملين فيها وتضيق على الحريات العامة و الحريات الشخصية . فلم تكافح الفساد بروح جدية ولم تعاقب المفسدين وتلوح باعفاء المزورين . تعلن عن اعتقال امراء الذباحين ولكنها لم تنفذ القصاص بحقهم .
وعليه فان سيل الاحتجاجات اليومية واهازيجها الوطنية تكتسب اهمية كبيرة بظروف العراق الراهنه وذلك :
1_ لان التظاهرات اتخذت طابعا شعبيا تعبويا تشارك فيها كل اطياف المجتمع و منظمات المجتمع المدني وانضمام جماهير غفيرة اليها من احزاب السلطة التي فقدت الامل بوعود الحكومة.
2_ ان هذة الاحتجاجات انطلقت بعكس رغبة الحكومة التي استخدمت الخداع والترهيب بوجود انتحاريين ومندسين من ازلام البعث الصدامي في محاولة لاحباط همم الناس وثنيها عن التظاهر.
3_ انطلقت التظاهرات رغم مطالبة بعض المرجعيات الدينية بتاجيل التظاهر لستة اشهر كي تستطيع الحكومة تلافي عجزها المتكرر. ويشكل ذلك ظاهرة نوعية في تنامي وعي المواطن ويقضته والتعبير عن ذاته في المعارك الطبقية بدلا من الاعتماد على المرجعية في التعبير عن ارائه وهمومه .
4_ تميزت التظاهرات بالطابع السلمي والحضاري وبالروح الوطنية وعبرت شعارات المتظاهرين عن مطالب شعبية ملحة و مشروعة لا تستطيع الحكومة التنكر لها مهما بذلت من مراوغات للتهرب من الوفاء بها.
5_ان استمرارية الاحتجاجات بهذا الزخم الشعبي هو بمثابتة استفتاء شعبي على عدم ثقة الشعب بحكومة المالكي التي لم تحقق للشعب اية انجازات حقيقية . فما زالت جيوش العاطلين في اتساع وازمة الكهرباء على حالها والفساد المالي والاداري على اشده .
ان من حق المحتجين ان يعبرو عن سخطهم على سوء ادارة الدولة وانعدام الخدمات وتنامي البطالة و غلاء الاسعار ونهب ثروات البلاد والتفريط بكفائات البلد العلمية . فالتظاهرات تمثل ضمير الشعب ووجدانه في التصدي للدكتاتورية والارهاب والدفاع عن مصالح الشعب.
لقد سأم العراقيون من تكرار وعود رئيس الوزراء المغرية التي اطلقها في حملته الانتخابية ولكن سرعان ما اتضح زيفها بعد الانتخابات فقد كانت افيونا لتخدير عقول الناس وكسب اصواتهم واعادة لعبة المحاصصة عند تشكيل الحكومة .
ونعتقد ان حكومة المالكي تستطيع ان تخفف من عبأ الازمة الاقتصادية والخدمية التي لا تستطيع ان تجابهها فئات الدخل المحدود وهم الاكثية الساحقة بالمجتمع بأتخاذ بعض الاجراءات االسريعة التي تساعد في تحسين الاوضاع المعيشية وتمتص السخط الشعبي ومنها :
1_ دعم السلع الغذائية ذات الاستهلاك السريع التي تدخل في معيشة المواطن اليومية كاللحوم والبيض والحليب السائل وغير ذلك من السلع التي لا تتوفر بالطاقة التموينية.
2_ تخفيض اسعار المحروقات الاساسية كالبنزبن والنفط والغاز والكهرباء لان ذلك يولدالشعور لدى المواطن بحرص الحكومة على رعايته وتوفير حياة كريمة له. فمن الممكن تخفيض قنينة الغاز الى 2000 دينار وسعر لتر البنزين 200 دينار وكيلو اللحوم الحمراء 4000 دينار .
3_ تحديد مبلغ ثابت ومناسب لاستقطاع اجور الكهرباء والماء يتناسب حسب فئات المداخيل الشهرية.
4_ توفير وسائل النقل الحكومية كالقطارات وباصات النقل الكبيرة وبأجور بسيطة لحماية المواطن من استغلال اصحاب النقل في القطاع الخاص.
5_ تجهيز المستشفيات الحكومية بالادوية العلاجية وباجهزة الفحص المتطورة التي تغطي حاجة السكان لان ذلك سوف يساهم بشكل مباشر في تحسين الوضع الصحي لملايين من الناس ويخفف من ذائقتهم المالية.
ومن البديهي ان تلاقي هذة الاجراءات المجابهه الشرسة من القوى البرجوازية والطفيلية في الحكومة والبرلمان التي تسابق الزمن للانتقال بالاقتصاد العراقي الى اقتصادالسوق والذي يتم بموجبه تحويل كافة مؤسسات الدولة الى القطاع الخاص ودمج الاقتصاد العراقي بالراسمالية المتوحشة .
ان تسويق الوعود حول الاصلاح والبناء واعادة الاعمار وحل الازمات المزمنه اصبحت وسيلة خداع معروفة تطبل لها الحكومة لترويض المواطنين وللتغطية على فشلها في ادارة الدولة ادارة حكيمة على الصعدالاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ونرى من الحكمة بمكان ان تدرك حكومة المالكي مغزى الغضب والسخط الشعبي الذي يتسع كل يوم . فقد نفذ صبر الشعب وحذاري حذاري من ان يتغير شعار الشعب من اصلاح النظام الى تغيير النظام .