لنهزم التخلف و لننتصر للانسان


رسميه محمد
2011 / 3 / 10 - 23:24     

رسميه محمد هادي
أين تكمن مشكلة العرب ؟ أين تكمن مشاكلنا ؟
مالم نواجه مشكلاتنا بوضوح وصراحة ستظل تنفجر علينا فيجب أن نحلها ونخلص منها ونتفق في فهمها .
عدو الديمقراطية كامن في دواخلنا ويتجسد في التخلف – في الثقافة الرافضة للديمقراطية
لذلك مشكلاتنا , هي مشكلة حضارة وثقافة , لان الانسان يولد ولايعرف شيئا , والداه يصنعان له السمع والبصر ... والمجتمع يصنع له الثقافة التي تسمح بفهم الاشياء , وتحدد أشياء لايمكن البحث فيها , لذلك الان نرى ضرورة البحث في طبيعة الثقافة .
الثقافة تقوم بأغلاق الاسماع والابصار وتسمح برؤية شيئ أخر . يعطي الباحث جودت سعيد مثلا على ذلك موضحا – المشكلة الحديثة في نقل الاعضاء والتطور الحديث في الطب , ان الجسم يرفض العضو الذي ينقل اليه , لانه ليس من ذاته , مناعته الخاصة ترفض هذا , فالجسم مثلا عند نقل قلب , فانه وان كان سيموت يرفض هذا القلب , ويموت , هذا الامر بيولوجيا , الثقافة أيضا تقوم بمثل هذا الدور , فهي ترفض الافكار التي لاتنسجم مع أساليب الدفاع الذاتي التي صنعتها عند الانسان , فلذا الثقافة تمنعنا , ونرفض الفكرة التي تحيينا* واعني فكرة الديمقراطية .
لم نعترف بالانسان , اننا نريد الغائه وسحقه بدلا من الحوار معه .. وميزة الانبياء انهم خاطبوا الانسان والغوا التمايزات الاخرى – لهذا لما عرض الدين في القرأن بداية خلق الانسان عرض لنا الحوار الذي تم مع الله , والملائكة والشيطان , ليبين لنا طبيعة الانسان , وانه مستخلف في الارض ومسخر له مافي السموات وما في الارض , وعندما تصير له القدرة على تغيير ما بنفسه ويمتلك قدرة النطق , بما يسهل له نقل سلوكه الى الاجيال فكريا وليس بيولوجيا , ثم صار ينقل تجربته عبر الصوت , الى الاخرين . لكن الذي ينبغي علينا معرفته الان , هو كيف حدث هذا التطور في التاريخ ؟ وكيف خرج الانسان من العشائرية ؟ وكيف جاءت فكرة الانسانية ؟ .
الني محمد (صلى الله عليه وسلم ) أعطانا مثل صنع الامم من الصفر الى تسليم المفتاح جاهزا . النبي محمد عندما كان اصحابه يعذبون في مكة , كان ينهاهم ان يدافعوا عن انفسهم بالمثل . كان يقول لهم – اننا لانريد ان ندحر شريعة الغاب بشريعة غاب , نحن نريد ان ننشئ مجتمعا مغايرا لشريعة الغاب , ولذلك انشاؤه لايكون بالعنف ايضا , لانني اذا صنعت بالعنف ذلك اكون قد فعلت نفس الذي أريد أن أزيله . والتجربة الاسلامية بعد ان اخذ معاوية الحكم بالقوة , شعروا أنه رجع الى الهرقلية والى وراثة الملك .
أن دراسة التاريخ تعلمنا الكثير لفهم واقعنا وكيفية اصلاحه . فلن تحل الديمقراطية في بلادنا اذا بقينا نرفض ان يكون هناك تصور أخر موجود . فلم تتولد الديمقراطية في العالم , الا بعد المعاناة , وعندما عرفت البشرية أن هذا مريح أكثر من الحرب , لذلك ولدت الديمقراطية في أوربا , بعد الحرب القومية والحرب الاهلية , وأول ما بدأت الديمقراطية , بدأت في اطار قومي والان أصبحت تتطور بشكل مافوق قومي , لذلك فهي ظاهرة جديدة في العالم ونموذج جديد غير مسبوق صحيح أنه في السابق , تشكلت امبراطوريات وفتوحات واسعة , لكن مايحصل الان في اوربا , لايحصل على اساس امبراطوري , وانما على اساس وعي شعبي ورؤية لذلك هم لايريدون فتح البلاد , ولكن الانسان يستطيع أن يبدع أسلوب مريح اكثر , وفق التعامل مع الانسان دون قهر , واستخراج أفضل مافي الانسان يتم باقناعه . وعلينا أن نصل الى هذه الفكرة ونقلع عن استخراج مافي الانسان بقهره , كما هو سائد اليوم عند الجميع بكل الاتجاهات والافكار وهذا دليل قصورنا
الفكري *
لقد استوقفتني الاحداث الاخيرة التي اجتاحت البلدان العربية بشكل عام وحادثة انتحار المواطن التونسي , والتي كانت الشرارة التي اشعلت فتيل الغضب لدى الشعب التونسي , اقول لقد استوقفتني هذه الحادثة ليس من الجانب الذي نظر اليها فيه الكثيرين بالقاء تبعية ماحصل كله على عهدة الرئيس التونسي او النظام الحاكم . في حين لم نتسائل عن مدى مسؤولية الاخرين عن هذا الحادث , واعني مسؤولية المجتمع , فأين هو التضامن المجتمعي الانساني مع هذا المواطن ؟ أين هي مؤسسات المجتمع المدني ؟ أين هي الاحزاب الوطنية والديمقراطية ؟ أين هي الجهات الاكاديمية التي هو عضو فيها باعتباره مواطن جامعي ؟ لماذا لم يجد أي تضامن من هذه الجهات يساعده على تلمس طريقه بأمل وتفائل وان لايغرق في هوة اليأس والتشائم ؟ هناك بعض التقديرات التي تشير وجود بعض الجهات التي تلمست روح التمرد لديه , فساهمت في افتعال ظروف زادت في محاصرته وسد الافاق في طريقه لكي تدفعه لذلك العمل اليائس , بهدف تفجير الاوضاع بالشكل الذي سارت عليه وبما يخدم طموحات هذه الجهات السياسية ويسرع وصولها الى أهدافها . ان ممارسات من هذا النوع هي ممارسات في حقيقتها معادية للانسان مهما كانت تقف ورائها من اهداف نبيلة , فالغاية لاتبرر الوسيلة . فهذه هي الفلسفة الميكافيلية , فلسفة القرن السادس عشر وبالتالي فان العقول التي تتبنى هذه الفلسفة هي عقول متخلفة مهما اسبغت على نفسها من اردية اخرى . وانطلق هنا من فكر ماركس الذي يقوم في جوهره على اعتبار أن الإنسان الفرد هو القيمة الإنسانية المطلقة في الحياة. والمقصود عند ماركس، في التأكيد على أن الإنسان هو أعظم رأسمال، هو تنبيه وتحذير للقوى المرتبطة بالفكرة الإشتراكية وبمشروعها لتغيير العالم، من أن تتمادى، باسم الجماعة وباسم مصالحها، في العبث بمصير الانسان . إذ أن من شأن ذلك أن يفقد الحرية معناها ومضمونها، ويقود إلى اغتراب القوى العاملة أفرادا ومجموعات، تماما مثلما هي حالهم في النظام الرأسمالي. ففي كل أدبيات ماركس تأكيد قاطع على أن الإنسان الحر هو الإنسان الذي يمتلك الوعي الحقيقي بذاته، ويمتلك التفكير الحر بمستقبله، ويمتلك القدرة، من خارج الجماعة ومن داخلها، على البحث بحرية عن الوسائل التي تقوده إلى سعادته، من دون قيود تحدد له نمط تفكيره، وتحدد له آليات حركته، وتحدد له صورة سعادته وشكلها**.
ملخص القول ان علتنا في التخلف , وعلينا ان نكف عن القاء اللوم على هذا وذاك , وهذا من وجهة نظري يضع على عاتق مفكرينا ومثقفينا العمل على اخراج الامة من هذا المأزق .
* انظر منصور ابراهيم – افكار لزمن قادم
** اريك فروم – مفهوم الانسان عند ماركس