الاستعدادات الامريكية لغزو ليبيا


عودت ناجي الحمداني
2011 / 3 / 6 - 15:12     


المتتبع للازمة الطاحنه في ليبيا يصاب بالذهول من دخول الولايات المتحدة الامريكية بقوة على خط الازمة وتسويق نفسها كمدافع عن الديمقراطية وحقوق الانسان المنتهكة من النظام القذافي في الوقت الذي هي تحمي الانظمة الرجعية والاكثر همجية في المنطقة والعالم والتي لا تعترف تلك الانظمة المتعفنه بأبسط حقوق الانسان الاجتماعية والاقتصادية ولا حتى في حق الانسان في التعبير عن ابسط اشكال حريته كالسعودية و من على شاكلتها من الانظمة التي تحكم البشر بقوانين القرون الوسطى .
ان الولايات المتحدة الامريكية لم تنزع صفتها العدوانية مهما تظاهرت بدعم الديمقراطية التي تكافح من اجلها الشعوب فهي تدعم اسرائيل العدوانية وتساند كافة الانظمة القمعية التي لها مصلحة في بقائها رغم معاداة تلك الانظمة للحرية والديمقراطية ورغم انتهاكها الصارخ لحقوق الانسان.
لقد فاجئت الامبريالية الامريكية العالم بتباكيها المزيف على حقوق الانسان في ليبيا , وهي التي فرضت الحصار الاقتصادي والجوي في العام 1989 على الليبيين وجوعت اطفالهم وجمدت ارصدة الدولة الليبية مما ادى الى احباط خطط الدولة التنموية و تدهور قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسب التضخم والبطالة وانتشار الفساد المالي والاداري.
و انبرت الولايات المتحدة الامريكية بكل وقاحه وتطاول في استغلال الازمة الليبية وتحريض الدول الغربية على اتخاذ التدابير السريعة, كتجميد الاموال وارسال البوارج العسكرية بالقرب من السواحل الليبية ودفع حلفئها لفرض الحظرالجوي على الاجواء الليبية والاعلان عن دعمها للمعارضة الليبية وغير ذلك من الاجراءات الاخرى لمحاصرة النظام الليبي في محاولة مفضوحة لتعبيد الطريق امام قواتها للتدخل العسكري وفرض واقع جديد يؤمن مصالحها الآنية والمستقبلية.
وهنا ينبغي ان نتفهم دور هذة المعارضة وتوجهاتها السياسية والايديولوجية فلم يكن في صفوف هذة المعارضة اي حزب من الاحزاب الوطنية والتقدمية ولا اي منظمة من المنظمات الديمقراطية و اليسارية سوى جبهة انقاذ ليبيا التي تمثل الايديولوجية السلفية وهي الاقرب الى القاعدة في رؤيتها المستقبلية في ادارة الدولة بمبدأ الحلال والحرام .
فالقوى السلفية المنظمة في لواء جبهة انقاذ ليبيا وانطلاقا من ايديولوجيتها المستمدة من ثقافة القرون الوسطى فأنها متعطشة لاقامة نظام استبدادي بديلا للنظام القذافي من نموذج النظام السعودي وطالبان والسودان وغيرذلك من الانظمة الهمجية.
والسؤال هنا هل تدعم الولايات المتحدة الامريكية القوى المعارضة وتتخذ هذة المواقف السريعة من دون ثمن سياسي ومن دون ترتيبات تضمن مصالحها ونفوذها في ليبيا ؟ وهل تدخل هذة الدولة العملاقة بهذا الثقل السياسي والعسكري للاطاحة بنظام القذافي لو كانت قوى هذة المعارضة من الاحزاب اليسارية و الشيوعية ؟.
والامر الملفت للانتباه ان قوى المعارضة المحتمية بالولايات المتحدة الامركية لم تفصح عن سياستها المستقبلية بعد الاطاحة بنظام القذافي فلم يرد في خطابها ولا اشارة واحدة عن حكم ديمقراطي اوتعددية سياسية كبديل مستقبلي لنظام الحكم كما لم يرد في خطابها السياسي اي ذكر لحقوق الانسان ولم تشر اشارة واحدة الى حرية تأسيس الاحزاب السياسية التي تعبر عن مصالح المجتمع الوطنية والطبقية ولم تفصح هذة المعارضة عن رؤيتها لقضية الديمقراطية والحرية التي يجب ان تكون معيارا لوطنية القوى التي ستتولى الحكم .
وفي الداخل الليبي نلاحظ انعكاس روحية هذا التوجه الاخواني حاضرا ومؤثرا في شعارات المنتفضين ولهذا فلم نسمع هتافا للحرية والديمقراطية ولا هتافا واحدا بحياة الوطن ولا لافتة واحدة تعبر عن المساواة و حقوق المراة ولا شعارا واحدا لحقوق الانسان. ولكن نسمع شعارا واحدا يتردد اينما وجد المتظاهرون ( لا الله الا الله) وهو ما يعبر عن مدى تاثير وتغلغل القوى السلفية والرجعية بين المنتفظين .
فالقوى السلفية سوف تستغل بساطة وقلة وعي المجتمع الليبي واحباطاته التي ولدها النظام من ظلم وقهر وفقر ويأس وتسوقه على انه (عقاب من الله لعدم طاعة العبد لربه ) وبذك تعمل على تخدير عقول الناس البسطاء بخزعبلات الفتاوي الدينية والارشاد الروحي بهدف سرقة منجزات الانتفاضة واقامة نظام ديني استبدادي معادي لتطلعات الشعب الليبي في الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
ونعتقد مما يجري في الازمة الليبية ان الولايات المتحدة الامريكية سوف تستخدم حركة اخوان المسلمين الليبيين و الجماعات الليبية المعدة سلفا كواجهه عميلة لاضفاء الشرعية الدولية في التدخل الفج في شؤون الشعب الليبي واحتلال آبار النفط وفرض نظام هزيل من اخوان المسلمين المتأمركين في الشكل والمعادين للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في الجوهر . فبحجة تقديم المساعدات الانسانية وحماية المواطنين من بطش النظام القذافي تسعى الادارة الامريكية لفرض منطقة الحظر الجوي على الاجواء الليبية والغاية الاكيدة لهذا الحظر هو التحضير لشن العدوان العسكري والهمجي لتدمير البنى التحية والقطاعات الاقتصادية والخدمية الحيوية في ليبيا في سبيل خدمة مصالح الشركات الاحتكارية بحجة اعادة البناء والاعمار كما حدث في العراق وامتصاص الاموال الليبية ودفع الدولة الليبية نحو صندوق النقد الدولي لأغراقها بالديون الخارجية كي تكون المديونية وسيلة للتدخل في شؤون الدولة الليبية ومصادرة قرارها الوطني.
وعليه فأن عداء القذافي ونظامه للقوى اليسارية والديمقراطية وتغييبها عن المجتمع الليبي بقوة القمع الدموي, قد رجح القوى السلفية والرجعية الى الواجهة في معركة التغيير فنظام القذافي في عدائه المسعور للشيوعية والديمقراطية يتحمل المسؤولية في توفير المناخات الدافئة لنموالقوى السلفية واتساع نفوذها وتحقيق اهدافها بأقامة حكم اسلامي مستبد في ليبيه.