مائة يوم هل تكفي ؟


نقاء حسب الله يحيى
2011 / 3 / 6 - 10:57     

هل بنا حاجة حقاً إلى مائة يوم لمعالجة الظروف العصية التي تمر بها وزارات العراق .. وجميع مرافق الحياة في عراق ما بعد 2003 ؟
هل يحارب الوزير بمائة يوم الفساد وسرقة الأموال ؟
هذا وهم يعيشه عدد من دعاة النزاهة والأمانة في كل وزارة، وهذا الوهم بحاجة إلى مواجهة صريحة حتى يعرف كل مسؤول حجمه وقدرته ومكانته.. بدلاً من الاتكاء على مفاهيم (الديمقراطية والحرية ) الغائبة عنه أصلاً .
من حق كل عراقي أن يبحث عما ينفعه ويستفاد منه وهذا حقه المشروع لكن هذا البحث لا يعني إلغاء حقوق الآخرين إذا اصطدم بمنافعنا وحقوقنا مع منافع وحقوق الآخرين فمن الأخلاق والنبل والشهامة أن تتناغم مصالح الجميع لبناء وطن يسوده السلام والوئام .
من هنا يتطلب وجود سياسيون يضحون ليكونوا أول من يضحي وآخر من يستفيد وليس العكس ، فكم وزيراً وكم وكيلاً وكم مديراً عاماً ضحى ولم يستفد ؟ .
فإذا كان من حقهم أن يعيشوا بأمان وعافية ورفاهية ، فمن حقنا كذلك أن نعيش عيشة مماثلة وعليهم أن يتيحوا لنا ممارسة هذا الحق ؟
نعم .. هناك في كل وزارة مئات من الكسالى، الذين يعيشون على ثمار غيرهم من دون أن تعرق جباههم في جنيها .. لذلك لا نحتاج إلى مائة يوم لمحاربة الفساد وإنما نحتاج إلى كل الزمن لاستئصال الفساد من جذوره بوصفه سلوكاً سلبياً في الجسم فيصيب الأجزاء السليمة في حال عدم معالجته بسرعة ..
بنا حاجة إلى حياة سليمة معافاة من الأنانية والطائفية والفساد، حياة حقيقية لا تبنى على زيف، وشعارات، ولافتات ، ولا غنيمة للكسالى المستفيدين الذين يتجاوزون على حقوق الذين بنو حياتهم بجهدهم وإخلاصهم .. يجب أن يشارك كل مسؤول المواطن في إنسانيته ، فنحن في محنة ووضع حرج ، وهذا امتحان لكل مسؤول ، امتحان لإنسانيته ، ولقيم التسامح والمساعدة والمحبة العميقة لوطنه.. لا بد أن يظهر كل منا محبته الكاملة لوطنه ولا يبقيها في سبات وتغافل ، ذلك إن قيم الإنسان تكمن في تفاعله مع الآخرين، ومعرفة مدى الاستجابة لها فنحن كائنات تستجيب للمحبة وهي دائما تتفوق على الكراهية والبغضاء ..
خاصة وان الشارع العراقي يشهد أزمات حادة وليس بوسع أحد أن ينكر ذلك، وليس من أحد يرضى بإطالة هذه الأزمات أو حلها عن طريق تشكيل لجان وهمية ليبقى الحال كما هو عليه.. إننا جميعاً مسؤولون عن هذه الأزمات، ويجب حلها بالطرق التي تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فنحن نجلس على مائدة واحدة تتسع لمزيد من الحوار والحلول التي تضمن حقوق الجميع .
وليس بوسعنا الصبر على هذا الحال أعواماً، أعواماً مماثلة لأعوام الحروب التي عشناها، لا نريد هذا أبداً .
لم تعد بنا طاقة لاحتمال مزيد من الأذى أكثر مما احتملناه من أبناء جلدتنا أو من المحتل .
المسألة تحتاج إلى قدر من المسؤولية والوعي والتوجيه نحو الحوار الواضح والجدي والمثمر، وليس بوسعنا أن نقدم المزيد من الضحايا والمزيد من الخراب لوطن مليء بالثروات وينابيع النفط ..لا سبيل أمامنا سوى توحيد صفوفنا باتجاه إعادة النظر في كل شيء بعيد عن المنافع الشخصية ..
بمقدور المسؤولين العودة الى النور وصحوة الضمير ولو لمرة واحدة لتشرق الشمس وتملأ الكون ضياءاً..