متى يتعلم الطغاة من حكمة الشعوب ؟


حسب الله يحيى
2011 / 3 / 3 - 09:07     

حكمة الشعوب إذا غضبت ..هي الحكمة الاساسية والوحيدة التي لايريد أي طاغية ان يتعلمها ويعرف أبعادها ونتائجها ..ذلك ان الطغيان يبعده عن البصيرة ويحوله الى كائن غريب لاعلاقة له ولا تماس مع أي مخلوق ،بل يعد نفسه حالة متفردة لايمكن ان يجرؤ امرء على الوقوف أمامها ومواجهة بطشها ..ووضع رأسه في مواجهتها .
ولو تعلم الطاغية – أي طاغية في أي زمان ومكان – الحكمة من غضب الشعوب ..لما لحق بها كل هذا الذل والأهانة ونيران الغضب من كل حد وصوب ..
وفي الانتفاضة الشعبية التي اجتاحت تونس ومصر والاردن والسودان ولبنان والسعودية والجزائر ..دروس وعبر لكل متجبر وظالم ومفسد وعميل .
وستظل الانتفاضة مشتعلة وستتحول في وقت قريب الى ثورات تعصف بالطغاة والمفسدين في الأرض ،ذلك ان الشعوب تصبر لأمد معين ..لكنها لايمكن ان تسكت الى الابد ولايمكن ان تكون خاضعة وذليلة وقابلة باغتصاب حريتها وثرواتها وسلامتها الى ما لانهاية ،ذلك ان لكل أمر أجله وموعده وأوان قطافه ..وإذا لم تفلح كل السبل للوصول الى مرحلة القطاف هذه ،فأن هذا الأوان سيتساقط على وفق طبيعته ..ذلك ان الطبيعة من شأنها أن تتدخل وتحسم الأمور لصالحها..
هذه هي الحقيقة الأزلية التي لايلتفت اليها الطغاة ولا يفكر بشأنها الجناة .
ذلك ان مايشغلهم شديد الالتصاق بهم وبوجودهم ..وهذا الوجود يتعلق بالسلطة والمال ،ولايمكن للطاغية ان يتعلم من الحكمة التي تدور أمامه وحوله وفوقه وتحته ..بحيث يتجه الى معالجة الأزمات معالجة تحمل معها قدراً من تلك الحكمة وقدراً من التجربة التي تمتحن مايدور داخل المحور .
الطغاة سواسية في هذا المنظور ..وإلا لكان قد تعلم طغاة هذا الزمان معالجة الامور طوال حكمهم لا في اللحظة الأخيرة عن طريق زيادة الرواتب او استبدال الوزراء او توزيع دجاجة – كما فعل صدام حسين آخر أيامه – او ايجاد شبكة للحماية الاجتماعية او تخصيص أموال طائلة للرئاسات الثلاث لتقديمها معونات للمعوزين ..او منح قصيرة الأمد لمن تحن عليه القلوب ..كما هو الأمر في هذا الزمان العصي .
مثل هذه الاساليب لا تحل عقدة ولا تفتح كوة في جدار عقيم ..
الحلول موجودة والخطط متوفرة ولكن لا أحد ينجز وينفذ ويمسك بالعصا من أولها لا من وسطها ولا من آخرها .
الحلول قائمة في : قانون عادل وعمل متوفر ونزاهة تبسط وجودها في كل مكان ويد قوية ضاربة عندما تتطلب الامور بسط النفوذ ..
هذا ماتريده الشعوب ،وعندما لاتتحقق هذه الحقوق لابد للشعوب ان تغضب ولا بد للزمن ان يتوقف حتى تستعاد الحقوق لأهلها وتعم لغة الحق التي لايحق سواها .
أما من يرى ان الحياة لا تؤول الا اليه ..فهو مخطيء وغافل عن أمره ..ويعيش في حالة من عمى البصر والبصيرة عن تعلم الحكمة .
نعم ..حكمة الشعوب ستدق أجراسها وتشتعل مشاعلها اليوم أو غداً ولا سبيل للظلم أن يفلت من قبضة العدالة ،ولا يمكن للفساد أن يعم الأرجاء فمسار الشعوب آت وغضبها ساحق ماحق ..
فاتعضوا يا أولي الألباب .