فاشيون قدماء/ فاشيون جدد


رياض الأسدي
2011 / 2 / 27 - 03:02     

هذا العنوان كتبته منذ عام 2004 كعمود صحفي في جريدة المنارة وهو موجود أيضا على صفحتي على موقع الحوار المتمدن أيضا: فاشيون قدماء/ فاشيون جدد. كنت أعرف مسبقا ان لا ديمقراطية حقيقية في ظل احتلال أميركي غاشم ولا حريات ولاعدالة اجتماعية يمكن ان يوفرها النظام الرأسمالي المتوحش الجديد للعراق الذي احتل منذ نيسان 2003 ونهب بشكل منظم من بتروله إلى متحفه الوطني، كما صفي في الوقت نفسه ما تبقى من نخبه الفاعلة سواء بالتهجير أو القمع أو الخراب الاقتصادي المنظم.
وهاقد اظهرت الاحداث الآنية مصداقية ما كنت أعتقده واؤمن به راسخا. في وقت بدأ بعضهم يطبل للاحتلال ويزين للناس في العراق عمله في الخلاص من الطاغية صدام. لكن القوى الجشعة التي حمت الطاغية على مدى سنوات طويلة وخذلت الشعب العراقي لا يمكن ان تقدم أي مشروع لصالح الشعب العراقي ولا أي موقف نبيل إلى جانبه حتى. ولا ادل على ذلك غير هذا الصمت البليد على قمع تظاهرات يوم 25 فبراير؟؟؟.
لم اخرج إلى تظاهرة ربما من احداث (خان النص) في منتصف السبعينات على الطريق بين النجف وكربلاء حينما كشف البعثيون آنذاك عن وجههم القبيح كاملا بتوجيه مدافع الدبابات والرشاشات نحو صدور الجماهير العارية؛ مذذاك عرفنا الطبيعة الفاشية للنظام الفاشي فقد قمعت تلك التظاهرات بعنف تماما مثلما قمعت تظاهرات يوم 25 فبراير في العراق هذا اليوم. ومن الصعب ان نجد بين هذين الحدثين الفارقين ثمة تظاهرة معارضة للتظام إلا تلك التظاهرة التي قادتها (زينب السوداء: قتلها علي حسن المجيد بنفسه عند ساحة الحوت بساحة سعد) في الحيانية غادة سقوط النظام الدكتاتوري بعد الهزيمة العسكرية في حرب1991.
واليوم يكسر العراقيون من جديد حاجز الخوف ويتظاهرون ضد البطالة والفساد وسؤ الخدمات وانعدامها. وبين احتجاجات آذار 1991 زمن من الجوع والقهر والهزائم والاحتلال. وهذه هي المرة الاولى التي يعود الشعب إلى ذاته ويتظاهر دفاعا عن نفسه.. ربما منذ تظاهرات عقد الخمسينات من القرن الماضي أيضا. يوم 25 فبراير/ شباط 2011 صحوة جديدة للشعب العراقي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
من خرج إلى التظاهر بالبصرة في 25 فبراير ؟ هم الشباب وهم الشباب الذين تظاهروا في خان النص وهم الشباب الذين تظاهروا في احتجاجات 1991 هم انفسهم الشباب الذين قادوا وهم من دفع الثمن الوطني في التهاية فقد شيعت البصرة هذا اليوم شهيدها في تظاهرات 25 فبراير. فهل تستمر الانتفاضة الجماهيرية للشعب العراقي في الأيام المقبلة؟ نعم سوف تستمر حتى تحقيق العراقيين أهدافهم كلها في الحرية ورفض الاحتلال وتحسين اوضاعهم المعيشية والإنسانية وبناء عراق حر جميل يليق بحضارة العراق العريقة.
كان الكتظاهرون في البصرة على مقدار كبير في ضبط النفس وحتى بعد ان استخدم شرطة مكافحة الشغب مواد حارقة للعينيين .. كانوا حضاريين بكل ما تعنيه الكلمة وعلى الرغم من جميع الالتفافات الجانبية على روح التظاهرة في البصرة إلا أنها بقيت تظاهرة شباب محتج ومنظم وهكذا كانت عليه اللجنة المنظمة للانتخابات من الشباب أيضا.. ولكن لم استخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين أمام محافظة البصرة وساحة التحرير في بغداد؟ يكمن الجواب في لماذا استخدم الجيش الدبابات ضد متظاهري خان النص في منتصف السبعينات؛ إنها الفاشية نفسها؛ فما الذي كان يفعله القناصون القابعون في المطعم التركي المطل على ساحة التحرير وما الذي كان يفعله رجال الامن في أعلى البنايات المطلة على الساحة المقابلة لمحافظة البصرة؟ لقد قتل الشاب المتظاهر الدوسري الذي شيع هذا اليوم بطلقة بيكيسي؟! هل كان هذا الشاب مسلحا او إرهابيا او تكفيريا كما حاول ان يصور ذلك البيان الحكومي؟ وأين هم البعثيون الذين يقودون التظاهرة ويرفعون صور صدام؟ إنها الاكاذيب نفسها والافترآت عينها وقد تم اسقاطها جميعا.