ماذا بعد سقوط دكتاتورية القذافي


عودت ناجي الحمداني
2011 / 2 / 25 - 15:42     


هدف الانتفاضة المظفرة في ليبيا تصفية الدكتاتورية التي روعت الشعب الليبي.
فخلال اكثر من اربعة عقود انتهج نظام القذافي سياسة غوغائية وفوضية قصد منها تجهيل المجتمع وتضليله في سبيل
الحفاظ على نظامه القمعي الذي تميز بالانتقائية وعدم تبنيه لاية فلسفة معينه في ادارة الدوله .فالنظام يصف نفسه علمانيا وثوريا واسلاميا في ان واحد . وبالرغم من انتحاله صفة الثورية, فقد اعدم في اوائل السبعينات خيرة الوطنيين الليبيين من شيوعيين وديمقراطيين, وحطم نظام المؤسسات والغى القوانين واشاع الفوضى في اجهزة الدولة و حرم التنظيم السياسي والحزبي وشعاره ( من تحزب خان ) وبذلك خلق ارضية خصبة لنشاط القوى الرجعية والسلفية .
وفي اطار النهج الدكتاتوري لم يسمح النظام باي نشاط فكري لا يقترن بتوجهات الكتاب الاخضر الذي لا يعدو كونه مجموعة من الافكار البدائية الساذجة التي لا تستند على علم و منطق , وقد انفق مئات الملايين من الدولات للترويج له ولتسويقه وفرضه على المجتمع. فالدولة الليبية تقاد باقوال وخطابات القذافي وليس بدستورها فليس للدولة دستور, فاقوال القائد وخطاباته الارتجالية تترجم كساسيات ستراتيجية وانيه للدولة, و لاجل احكام السيطرة واخضاع الشعب اليبي اتبع الحكم ساسية تجهيل ممنهجة لتخريب مؤسسات التعليم وتطبيق المناهج المستهلكة , واغلب مؤسسات التعليم والوزارات تقاد من مجموعة من الانتهازيين غير الكفوئين واحيانا من غير المؤهلين علميا. فالواسطة والرشوة سواء بالتعليم او في اجهزة القضاء والمحاكم واجهزة الدولة العسكرية هي ظاهرة طبيعية بعلم ودراية النظام .
وعلى صعيد الاقتصاد, فان نسبة كبيرة من الليبيين يعيشون في فقر مدقع وتتجاوز نسبة العاطلين عن العمل 15% ويعاني المجتمع من ازمة سكن مستفحلة , واخرها رفع النظام الدعم عن سلع التموين المعيشية
وشهدت ليبيا انفجارا في اسعار السلع الاساسية بنسب تتراوح بين 200 % و 300%.
وفي محاولة لارضاء الدول الغربية وكسب ودها اعلن النظام تبني سياسة اقتصاد السوق التي لا تؤدي في احسن الاحوال الا الى المزيد من افقار المجتمع وتعميق مشاكله الاقتصادية والاجتماعية . فالاشتراكية التي ادعاها النظام بالسابق هي خطوة تكتيكية للحصول على دعم المنظومة الاشتراكية انذاك لتقوية ركائزه الفتية.
لقد اتبع النظام الليبي سياسة الترويع والترهيب والقسوة تجاه منتقديه فالاعتقالات والمداهمات وتغيييب المواطنين في سجونه وزنزاناته تمر دون مسائلة او امر قضائي.
ولهذا فان الانتفاضة الشعبية التي فجرها الشعب الليبي كانت متوقعه . فالمجتمع الليبي كغيره من المجتمعات التي عانت من ظلم الانظمة القمعية تواق للحرية والديمقراطية واقامة مجتمع مدني تسودة العدالة والتداول السلمي للسلطه .
غير ان ما يقلق المتابعين للوضع الليبي هو في ظل غياب القوى الديمقراطية وا ليسارية والشيوعية التي حاربها النظام بلا هواد
هل المجتمع الليبي مهيئا في الظروف الراهنة لاجراء عملية التغيير وتحقيق الاصلاح السياسي ؟
وعليه فرغم جبروت الدكتاتورية وقوة قمعها التي اغرقت المجتمع بالدم فان النظام يواجه انتفاضتين , انتفاضة الشعب وانتفاضة اعوانه من الوزراء والدبلوماسيين و بعض وحدات الجيش واجهزته الاخرى. . وفي مناورة مكشوفه لمغالطة منطق التاريخ بانتصار الشعوب المقهورة , وتبرير قمع المتظاهرين , فقد توجه النظام لاسترضاء الدول الاوربية وتسويق لعبة الخداع من ان البديل لسقوط النظام مجيء حكومة اسلام مستبد.
ونرى من اللازم على القوى المنتفضة في ليبيا ان تدرك جيدا من ان القوى السلفية لم تتورع عن استخدام كافة الاساليب الميكافيلية لسرقة انتصارات الشعب , وارساء دكتاتورية فاشية تفوق دكتاتورية القذافي, فالقوى السلفية ترفض الديمقراطية وتؤمن بالخلافة في توريث الحكم وترفض الاعتراف بحوق الانسان , وتعتبر العلم والثورة العلمية خروج على شرع الله .