البطاقة التموينية ..تستغيث !


حسب الله يحيى
2011 / 2 / 23 - 09:18     

ماذا يريد العراقيون بعد هذا الكرم الهائل الذي تقدمه لنا وزارة التخطيط التي أثلجت القلوب بعد قرارها العتيد بالموافقة على توزيع نصف كيلو من العدس ونصف كيلو من الشاي على كل عائلة.. وليس على كل فرد ..ذلك أنها لاتريد للناس الاكثار من شرب الشاي خشية السهر ومن ثم الأرق ،كما لاتريد زيادة تناول العدس لئلا يكون تأثيره على المعدة ضاراً ..كذلك توجهت حكومتنا الى ترضية الناس باعفائهم من حملها وابرازها وثيقة رسمية مطلوبة ..بسبب شعور الحكومة أنها ثقيلة على جيوب المواطنين !
مثل هذه الاجراءات التعسفية التي يتم اعتمادها ..لابد ان تثير نقمة الشارع العراقي وتشكل عبأً ومحنة جديدة تضاف الى سلسلة المحن التي يمر بها العراقيون منذ سبع سنوات من دون ان يلتفت اليها أحد من المسؤولين المنعمين بالمال العام ولا عليهم من العراقيين إن باتوا جياعاً او مرضى وهم يعيشون في ظلام دامس كل لياليهم ؟
إن الغضب المتفاقم في نفوس العراقيين لم يعد يحتمل وتراكم الازمات والمشكلات من شأنها أن تنقل حالة الصمت العميقة الى صوت صائت لايمكن السيطرة عليه بالسلاح والقوة المنتشرة في جميع الشوارع ،فمثل هذه القوى لم تعد تقوى على الدفاع عن نفسها ،بل هي تخشى قوى العنف والارهاب التي باتت تملك القدرة بحيث تغير تخطيطاتها بين مدة واخرى ،في حين نجد القوة العسكرية والأمنية مازالت تعمل على وفق ثوابت معينة تجاوزتها القوى الارهابية ..واذا ارادت الحكومة ان تعالج المواقف الأمنية والمعيشية ،فأنها تعمل بشكل غريب وعجيب لا يرقى الى مستوى تفكير أي جاهل ..ذلك ان من الخطأ والاجحاف والظلم التوجه الى نبذ (البطاقة التموينية) والتعامل مع المستفيدين منها على وفق هذا الاهمال العمد والاساءة البالغة بهذه المواد الشحيحة وهذا الجفاء المر ..خاصة وان هذه (البطاقة) باتت الشيء الوحيد النافع الذي بات منقذا ً للعوائل العراقية الفقيرة .
لكن الحكومة وبدلا من زيادة مواد هذه البطاقة ..تعمد الى تقليصها يوماً بعد آخر باتجاه إلغائها ،والتعويض عنها بمبالغ نقدية يتحول فيها المواطن الى متسول يتلقى المساعدة من ولي أمرنا (حكومة التراضي) التي تراضت فيها الأطراف ..فيما بقي الشعب العراقي غير راضٍ عن حياة السقم التي يعيشها في ظل حكومة ترعى منافعها ومكاسبها من دون ان تلتفت الى الناس الذين يعانون من ثقل الأحوال المتردية التي يعيشونها بصبر عجيب وأمل منطفيء .
من هنا ..يجد العراقي نفسه في وضع لايحسد عليه ،ومؤثرات ثقيلة ليس بأمكانه إزاحتها عن حياته ..فيما جميع السياسيين يزعمون أنهم يعملون من أجل الشعب ،بينما كل واحد منهم يدرك جيداً أن تخليه عن جزء – ولو يسير – من راتبه الكوني المتميز ،يمكن ان يكون علاجاً نافعاً وحلاً فاعلاً في مواساة العراقيين ومعالجة شؤون حياتهم اليومية ..
ان ميزانية العراق تهدر على رواتب المسؤولين وفساد الكثيرين منهم ..لذلك تتفشى الفاقة ويسود العنف والفساد كل الارجاء ..وما من سبيل لمعالجة هذه المواقف الا بمعالجة الاسباب التي اودت في كل ماحصل .
ولا علاج لواقع التردي الا باحترام أنفاس وقوت وامن الناس ..وأي خروج او اهمال او تجاوز على هذا الواقع ،من شانه إلحاق الضر بالجميع دفعة واحدة ..فهل من مستجيب لمستجير ؟