قيمة الزمن .. قيمة الشعور بالمسؤولية ..


رشيد قويدر
2011 / 2 / 13 - 15:11     

في ليلة رأس السنة نرمي عاماً خلفنا ونحتفل بالعيد الجديد، نحتفل بالشوق الساهر والأمنيات المحلِّقة، ليلةٌ عربيةٌ تكثر فيها قراءة الطالع على فضائيات العرب، يكثر الفلكيون والعرافون، وحين تجنُّ الليلة، نرقب شركاً جدلياً بين المعقول واللامعقول فوق غصون الأمنيات، ويتَّقد الأوار، ويذهب عامٌ عربيٌ بثمالته، مشهدٌ متكررٌ لعدة فصامات لا تنتهي بين الأمنيات والخطابات والواقع المعاش، الأمنيات في ابتكارها الأفراح والنسغ الجديد...
نُسهب في الوصف لندرك قيمة الشعور بالمسؤولية ودلالاتها في قيمة الزمن، وقد أوردت الأخبار مع بدء العام الجديد ما يصلح مثالاً عليه، بأنّ رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمر ثلاثة مسؤولين بينهم وزير الطاقة ، قضاء ليلة رأس السنة مع سكان مناطق حُرمت من الكهرباء، ذلك لأنهم لم يفوا بوعودهم بإصلاح الأضرار، التي تسببت فيها العواصف الثلجية التي لا سابق لها، يوميّ 24 و25 كانون الأول/ ديسمبر، وقد تسببت في سقوط أعمدة الكهرباء تحت ثقل الجليد المتراكم، بادرهم بوتين بالقول: "قلتم أنّ كلَّ شيءٍ سيتم إصلاحه حتى يوم الجمعة (31/12)، ما كان عليكم أن تقولوا شيئاً ما لم تكونوا متأكِّدين منه، أعتقد أنّ عليكم قضاء رأس السنة معهم". المفارقة على الجانب العربي في حواضره وأريافه وبواديه، هي أنّ موقع المعالجة الروسية تشمل ستة آلاف مواطن في المنطقة التي تعاني مؤقتاً انقطاع التيار الكهربائي، لعدّة أيامٍ فقط.
عنوان قيمة المسؤولية في حركة الزمن، وقيمة الزمن في النشاط الاجتماعي الاقتصادي وبرامجه ومشروعاته، وتأثيراتها في قيم وثقافة المجتمع ذاته، وإلا ما معنى برامج التنمية وموازناتها وعلاجاتها في واقعية الوظيفة، إن لم تكن ذات مردودٍ آخر ثقافي واجتماعي يستحق الحذو حذوه والتأمل به..
نعود إلى الأبرز في عامٍ انقضى في القضايا ذات الطبيعة الكونية، وهو توقيع "ستارت 2" بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية، وهي صادمة لذلك الفريق الجهنمي من "المحافظين الجدد" العامل في وزارة الدفاع الأميركية، الذي برمج التقرير الدولي مطلع عقد الألفية الجديدة، وسبق أن أدرجه منذ نهاية ولاية جورج بوش الأب بالدعوة إلى السيطرة على العالم وإلقاء القبض عليه.
وفي عناوينه الأبرز: "العمل على ابقاء روسيا عند مستوى من الدرجة الثانية، وضبط حركة القوى الاقليمية الصاعدة خاصةً الصين والهند من المنافسة على الزعامة الدولية، ومنع ظهور أية قوى منافسة للولايات المتحدة عالمياً حتى لو كانت من الحليفين الأوروبي والياباني، وتحجيم اندفاع الاتحاد الاوروبي وعرقلته ومنع اوروبا من امتلاك هوية أمنية مستقلة عن حلف شمال الاطلسي؛ وبأعتبار الحلف ذاته اداة لسيطرة امريكا على أوروبا"...
نتلمس اليوم وبعد عقدٍ سريع من الزمن، بالضبط المتغيرات في عالم اليوم، والذي يعيش انهيار الحلم الإمبراطوري بإلقاء القبض على العالم، وتراجع سطوة هذه الهيمنة عن طموحاتها، خاصةً في مسألة فرض التغيير من الخارج، وتبرز هنا قيمة المسؤولية في قيمة الزمن الذي يتحول من زمن إلى تاريخ.. كما يمكن ان نتذكر خطاب الرئيس بوتن في شباط فبراير 2007 في برلين باجتماع "الأمن العالمي الثالث والاربعين" وانتقاداته للنظام العالمي المهيمن وكيله بمكيالين ولم تكن هذه الكلمة فقط ضرباً من الصراحة بل رداً على التشدقات بالديمقراطية واختباء خلف شعارها ويافتطها نحو الهيمنة ومشاريع الحروب.. في هذا لم يكن العنف "هادءاً ومنظماً تحت يافطة الديمقراطية ويكن ادراج خطاب توني بلير بمدينة البصرة العراقية في عديد القوات البريطانية حين بادرهم بالقول: "انتم من هنا تحددون مسيرة ومعالم القرن الحادي والعشرين"؛ وماراً في كلمته على مفردات "نقاء الغايات" و"الحروب الاخلاقية".. لنردد مرة اخرى: عقد مضى من الزمن.. كم هو مخيب لآمالهم .
قيمة الزمن.. قيمة المسؤولية في تراكمها.. تبدأ من التفاصيل إلى العناوين والأهداف الكبيرة.
كاتب فلسطيني