في عالم الصحافة


أمير الحلو
2010 / 11 / 22 - 14:10     

حتى لو يتأثر الانسان في حينه من موقف مضاد له أتخذ لاسباب لا يعتقد بصحتها ،إلا انه قد يفخر بعد فترة بموقفه ذاك..ولا شك ان هذه الحالة يشعر بها ويتعايش معها العديد من الناس في مختلف مواقع المسؤولية والعمل .وليس لدي الكثير خارج اطار الصحافة لأتحدث عنه خصوصاً وانني نشرت بعض الحوادث التي مرت بعد(40 سنة صحافة)،وأريد هنا ان أتحدث عن الاخ الزميل د.أحمد عبد المجيد الذي عملنا معاً في جريدة القادسية في الثمانينات وكان مسؤولاً عن الصفحة الاخيرة وكتابة عمود يومي فيها،وقد جاء كتاب من المكتب العسكري عام 1986 يطلب فيه نقل احمد عبد المجيد الى وحدة عسكرية اخرى،وكان بالامكان والضرورة تنفيذ الامر(بدون مناقشة) ولكني أوضحت لمدير الدائرة خطأ هذا الاجراء وأجبنا المكتب العسكري برجاء اعادة النظر بقراره وانه صحفي جيد وتحتاجه الجريدة،وكان من الممكن ان نتعرض للعقوبات لعدم تنفيذ امر ملزم ولكننا سارعنا الى وزير الدفاع المرحوم عدنان خير الله وافهمناه الموقف،وقد أصدر بدوره أمرأ بايقاف عملية النقل...ولكن الزميل (لم يتعظ) كثيراً من عملية الترصد له حتى من داخل شلّة الزملاء فقد كان عموده نقدياً وجاداً لذلك(تورط) يوماً في الكتابة عن أحد المعامل التابعة لوزارة الصناعة وتديرها سيدة لا أتذكر اسمها،وكان الموضوع يدور حول اخفاقات في انتاج هذا المعمل ولا يخرج عن اطار واجبات الصحفي في تلسيط الاضواء على مثل هذه الامور،ولكن الذي حصل كان عكس ذلك فقد وردنا أمر سريع بتوقيع وزير الدفاع حسين كامل بانهاء علاقة الزميل احمد من الجريدة،وهنا كان الامر محرجاً في حالة(التعنت) ان لم أقل خطيراً ،ولكني (غامرت)وكتبت رسالة لم أقل فيها السيد وزير الدفاع وانما اعتبرتها شخصية وخاطبته بالاسم(اصل الرسالة وملاحقها موجود لدى الدكتور احمد عبد المجيد)راجياً الغاء الامر لان الصحفي لم يتجاوز واجباته واذا كان هناك اعتراض على ما كتبه فيمكن رفع دعوى قضائية عليه(لينال جزاءه العادل)،ولاشك ان تصرفي لم يكن مقبولاً(عسكرياً) فتوجست بعد ان ارسلته لذلك ألحقته بكتاب طلب نقل لي ثم كتاب طلب اجازة،ولم يجبني الوزير على رسائلي غير القانونية،ولكن سكرتيره الاعلامي الرائد محمد الحياني الذي كان زميلاً لنا في الجريدة اخبرني يوماً ان الوزير قد أخذ رسائلي وخرج،فتوقعت انه سوف يشتكي عليّ رسمياً لدى رئيس الجمهورية،وهذا ما حصل فعلاً فقد صدر بعد يومين قرار مجلس قيادة الثورة بنقلي من جريدة القادسية الى وزارة الثقافة والاعلام(وحسب تنسيبها)..ولم يكن امامي سوى اطاعة القرار والانفكاك من الجريدة والزملاء و(طلايبهم)ولكني لم أتأثر وشعرت بالسعادة لموقفي المبدئي مع مسؤوليات الصحفي وضرورة حصانته.
ولا أريد بايرادي هذه الحادثة( ألمنية)على الزميل العزيز د.احمد عبد المجيد ولكني وددت ذكر الحادثة في سلسلة ما أكتبه عن ذكرياتي مع الصحافة،وللامانة اقول انه بقي يحترم موقفي هذا ويذكره للآخرين،بينما أجد من بعض من(قدمت لهم خدمات) مماثلة يتنكرون حتى من عملي على ابقائهم في العمل الصحفي وعدم ارسالهم الى جبهات الحرب المشتعلة،وان أحدهم قد وصل الآن الى مركز(يعتقد) انه كبير بنظره فقط وصلني انه (يذكرني بالخير) في كل مكان ولا أذكر انني قد أسأت له يوماً،وأقول أمام مثل هذه الامور ان على الانسان ان يتوازن ويخدم الآخرين اذا ما كان في موقع يمكنّه من ذلك،فالمناصب لا تدوم لأحد وسيجد نفسه يوماً .. لا يتذكره أحد !