أبراهام سرفاتي: قامة عالية، وطنية وأممية، في تاريخ منطقتنا


داود تلحمي
2010 / 11 / 19 - 09:32     

رحل، يوم الخميس 18/11 الجاري، المناضل المغربي والأممي الكبير أبراهام سرفاتي بعد حياة كان عنوانها الأول والأخير هو الوفاء للمبادئ، وللوطن والشعب، ولقضايا وحقوق الشعوب.
أمضى الراحل قسماً كبيراً من حياته في السجون أبان الإستعمار الفرنسي للمغرب وبعده، مدافعاً عن قضية استقلال وطنه المغرب، ورافضاً أي وطن آخر بديل. وكشيوعي ويساري جذري مخلص لأفكاره، قاوم الإحتلال الفرنسي للمغرب، ثم كل أشكال العسف والإضطهاد والظلم في بلده، كما في بلدان ومناطق العالم الأخرى. وحتى بعد أن جرى إبعاده قسراً عن وطنه في العام 1991 إثر معاناة طويلة دامت زهاء العقدين من الزمن في التخفي والسجن، بقي يصرّ في المنفى على أن وطنه الوحيد هو المغرب، الى أن عاد اليه في العام 2000 حين ألغي قرار إبعاده، وتمكن من استعادة جواز سفره المغربي.
وتحديداً لكونه صاحب مبدأ، وقف بحزم مع الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية التحررية، وزار قواعد المقاومة الفلسطينية في الأردن في صيف العام 1970، وأكد باستمرار مناهضته للمشروع الإستعماري الصهيوني وللظلم التاريخي الذي أوقعه بالشعب الفلسطيني، وبقي على موقفه حتى أيام حياته الأخيرة، التي أمضاها في مدينة مراكش التاريخية، حيث انطفأ. وهكذا، رحل تاركاً وراءه ذكرى طيبة لمناضل صلب لا يلين ولإنسان لا يساوم على قناعاته وعلى إيمانه الراسخ بحق مواطنيه أولاً، وكل البشر أيضاً، في العيش بكرامة وحرية والتمتع بكامل الحقوق الإنسانية التي أقرتها، أخيراً، الهيئات الدولية، وإن لم تحترمها العديد من الدول الموقعة على وثائقها، بما في ذلك الدولة التي تستضيف أهم تلك الهيئات. ولم يقلل من صلابة موقفه، لا بل زاده، كونه نشأ في بيئة ثقافية يهودية، هي، على كل حال، جزء من تراث المغرب، البلد الذي استقبل أعداداً كبيرة من سكان الأندلس اليهود الذين طردوا من قبل حكام إسبانيا الجدد إثر خروج العرب منها في أواخر القرن الخامس عشر. وهو من نسل هؤلاء، كما يوحي بذلك اسم عائلته.
ولا شك أن موقفه المبدئي والحازم الى جانب حقوق الشعب الفلسطيني يستحق كل التقدير والوفاء والإحترام والإنحناء أمام هذه القامة النضالية العالية. وكل الذين التقوا به أو قرأوا له أو سمعوا عنه سيحتفظون بذكرى عطرة لنموذج وقدوة في النضال والصلابة والإخلاص للمبادئ والقناعات النبيلة، حتى الرمق الأخير.
18/11/2010