مذکرة القاء قبض بحق الحکومة او بحق المواطنين؟


رعد سليم
2010 / 11 / 5 - 00:36     

كشفت مصادر اخبارية من مصدر امني في محافظة ديالى يوم الجمعة الماضي ، عن صدور مذكرة القاء قبض بحق شخص متورط برمي اطفاله في نهر ديالى للتخلص من متطلباتهم المعيشية بعد عجزه على تأمينها. و قال مصدر امني ان السلطات القضائية في محافظة ديالی اصدرت مذکرة اعتقال بحق احد موطني قضاء الخالص في المحافظة ، قام برمي اثنين من اطفاله في نهر ديالی قبل ان يتم انقاذ حياتهم من قبل احد المارين بالقرب من النهر”.
وأضاف المصدر ان "عددا من أقارب المطلوب واهالي المنطقة التي يسكن فيها عزو سبب اقدامه على رمي اطفاله في النهر الى الضائقة المالية التي يعاني منها الأب بعد اصابته بالعوق اثر تعرضه لانفجار عبوة ناسفة، مما منعه من العمل وأفقده مصدر رزقه الوحيد، فضلا عن انفصال زوجته عنه لعدم قدرته على توفير مستلزمات عائلته المعيشية".

وأشار المصدر الى ان المقربين من الشخص المذكور اكدوا أن ان" الاب قام قبل فترة ببيع اثاث المنزل لسد حاجة اطفاله، ثم قام ببيع داره السكنية، وبعد فترة من معاناته مع توفير لقمة العيش ونتيجة الفقر الشديد أقدم على رمي اطفاله في النهر للخلاص من معيشتهم، قبل ان يتم انقاذهم من قبل احد المواطنين".
وحسب المصادر القريبة من الادارة المحلية من المحافظة ، ان من المجموع الکلي لسکان محافظة ديالی البالغ مليون و ٣٥٠ الف نسمة فان٤٠% منهم يعشون تحت خط الفقر، و نسبة البطالة مرتفعة بنسبة کبيرة ، و کثير من المواطنين لايستطعون ان يوفروا الطعام اليومي لاطفالهم .
وتقول المصادر من المحافظة ان "عامل الفقر يعد من اهم العوامل التي تسهم بازدياد معدلات العنف، خاصة ان اغلب الجماعات المسلحة في العراق ومنها التي تنشط في ديالى كتنظيم القاعدة، تعمل على كسب المواطنين الذين يعانون الفقر مستغلين أوضاعهم المعيشية الصعبة باغرائهم بالمال من اجل تنفيذ العمليات المسلحة". و حذرت شخصيات اكاديمية من الانعكاسات السلبية للفقر على الوضع الأمني والاجتماعي سيما في المناطق الساخنة أمنيا.
بعد سقوط النظام السابق اصبحت محافظة ديالی و المناطق المجاورة لها ساحة معارك عنيفة بين قوات الاحتلال و الحکومة من جهة و الجماعات الارهابية من جهة اخری ، و عبر تلط السنوات و لحد الان اصيبت الحياة العادية في المدينة بالشلل . يعيش الالاف من السکان المدنين يوميا تحت نيران الانفجارات و السيارات المفخخة، و يبلغ عدد القتلی و المعوقين عشرات الاف. و من ناحية اخری اصبح الحصول على الخدمات و الکهرباء و الماء و العمل امنية بعيدة المنال لمئات الاف من السکان.
اصبحت بعض بلدات و الاقضية و النواحي مثل بلدروز ، السعدية و جلولاء مثل جزر الموت . و خلال تلك السنوات اهملت الحکومة تلك المنطقة من الخدمات الاساسية و المشاريع الخدمية و الصحية و بشكل كامل، مما اجبر شباب هذه المناطق على الانضمام الی المنظمات الارهابية .
خلال سنوات الحکم البربري للمليشيات و الاحزاب الدينية و القومية و وجود الاحتلال سمعنا الکثير من الجرائم بحق الشعب، سمعنا قتل الابرياء على الهوية، راينا مذابح للنساء و قتلهم في الشوارع ، راينا تهجير و القتل الجماعي للمدنيين بسبب ما يسمی بانتماءاتهم المذهبية ، قرانا مئات الاف من التقارير حول الجرائم بحق هذا الشعب المظلوم، و سمعنا في ذروة ايام الحصار الاقتصادي في التسعينات عن حالة هنا و هناك ع قيام ام او اب بالانتحار و برمي اولادهم في النهر بسبب الجوع، و لكن بعد مرور سبع سنوات على " التحرير!!" و بعد تدفق المليارات من الدولارات الى خزينة الحكومة و بشكل شهري، و بعد رفع و انهاء العقوبات الاقتصادية على العراق، فان قيام رب اسرة برمی اطفاله في نالهر بسب عدم امکانه توفير الطعام، لامر لا يمكن السكوت عنه.
تخيل الى اين وصل مجتمع يرفل تحت رعاية الديموقراطية الامريکية و الحکومة القومية و الطائفية في بلد غني بالنفط و الثروات الطبيعية و البشرية ، في بلد تسرق يوميا ملايين الدولارات من عائدات النفط من قبل الاحزاب الحاکمة و الميليشيات التابعة لهم ، في بلد يشكل دخله فقط من عائدات النفط يوميا ١٥٠ مليون دولار .
بسبب عدم وجود حكومة مسؤولة و بسبب غياب اية ضمانات للبشر و للاطفال في بلد على هذه الدرجة من الغني و على هذه الدرجة من امتهان كرامة الانسان، يصاب البشر بالاختلال العقلي، و بفقدان قدرتهم على التوازن، حيث ليس من معين لهم ولاطفالهم، فالرجل الذي باع كل ما لديه، لم يسعفه تفكيرة سوى بان يضع نهاية لحياة اولاده.
‌ انا ‌هذه جريـمة، وان كان قد نفذت على ايدي الاب، فان الذي دفع الى ارتكابها عدم وجود فرص عمل، و عدم وجود اية حماية للمعيشة، و اية حماية او ضمان من الفقر، و عدم وجود جهات مسؤولية يمكن ان يلجأ اليها هذا الاب او الاف الاباء والامهات غيره الذين يعانون من ذات الحرمان. ان رمي الاطفال في الانهر لهو مصطلح اضافي اخر يضاف الى قاموس ألعراقيين، و هي جريمة ترتكب بوجود الامكانيات المالية الهائلة التي تتحكم بها قوات الاحتلال و الحکومة الاحزاب الحاکمة في العراق .
ان ‌هذه الشخص المريض نفسيا الذي ارتکب جريمة بحق الاطفاله ، و رمی الاطفاله في نهر ديالي ، ليس هو المجرم الحقيقي بل حکومة المالکي و المشارکين معه، الذين ليس لديهم اي شيء يقدمونه لتحرير الناس من الفقر و الافقار في العراق. ان هذه الحکومة يجب ان تستقلب و تحاکم في محکمة الشعب لمسٶوليتها عن تدهور حيا‌ة المواطنين و تدمير مجتمع باسره.
يجب على محکمة محافظة ديالی ان تصدر مذکرة استجواب الى رئيس الوزراء المالکي و حکومته المتورطة في هذه القضية و وکل المصائب بحق الشعب العراقي، لماذا اضطر هذا الاب ان يلقي اولاده في النهر؟ لماذا لم توفر له الضمانات لحمايته من بيع بيته، و بيع اثاثه، و تامين الطعام له و لاسرته، لماذا لم توفر له فرصةعمل؟ لماذا لم يقدم له ما يسد رمقه و رمق اطفاله؟ وان كان مختلا عقليا، لماذا لم تجري العناية باطفاله و العناية بالاب صحيا بالمقام الاول؟ هل هذه توقعات فوق مستوى البشر في العراق؟ ان نصف الكرة الارضية الشمالي، تمتلك هذه الضروريات الاساسية في الحياة، و هي تقودها حكومات تمتلك امكانيات مالية اقل و بدرجات ما يمتلكه العراق. فاين المشكلة؟
٢٠١٠/١١/١