الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية


حمزة المرموشي
2010 / 10 / 3 - 21:28     

هذا الكتاب الذي أعرضه على أنظار القارئ وضعته بمدينة زوريخ في ربيع سنة
1916. وفي ظروف عملي هناك عانيت، بطبيعة الحال، من بعض النقص في الكتب
الفرنسية والإنجليزية ومن نقص كبير جداً في الكتب الروسية. ولكني قد
استفدت، على كل حال، من المؤلف الإنجليزي الرئيسي بصدد الإمبريالية ـ كتاب
ج. ا. هوبسون ـ بكل الانتباه الذي يستحقه هذا المؤلف حسب اعتقادي.
وقد وضعت الكتاب آخذاً بعين الاعتبار الرقابة القيصرية. ولذا كنت مضطراً
إلى الاقتصار بدقة على التحليل النظري وحده ـ ولا سيما الاقتصادي ـ وكذلك
إلى منتهى الحذر في صياغة الملاحظات الضرورية غير الكثيرة بصدد السياسة،
أي بالتلميح، بلغة لقمان، تلك اللغة الرمزية اللعينة التي كانت القيصرية
تضطر جميع الثوريين إلى اللجوء إليها أخذوا القلم لوضع كتاب "علني".
ومن المؤلم الآن، في أيام الحرية، أن أعيد قراءة مقاطع الكتاب التي شوهها
التفكير في الرقابة القيصرية، المقاطع المكبوسة، المضغوطة كأنما في ملزمة
من جديد. فلكيما أبين أن الإمبريالية هي عشية الثورة الاشتراكية، وأن
الاشتراكية-الشوفينية (الاشتراكية قولاً والشوفينية فعلاً) هي خيانة تامة
للاشتراكية وانتقال تام إلى جانب البرجوازية، أن انقسام حركة العمال هذا
منوط بظروف الإمبريالية الموضوعية وغير ذلك، اضطررت إلى أن أتحدث بلغة
"العبد"، ولذا أراني مضطراً إلى أحالة القارئ الذي تهمه المسألة إلى
مجموعة مقالاتي التي كتبتها في الخارج في سنوات 1914 ? 1917 والتي سيعاد
نشرها قريباً. ولا بد من الإشارة الخاصة إلى مقطع من مقاطع الكتاب في
الصفحتين 119 ? 120 : لكي أبين للقارئ بشكل تقبله الرقابة كيف يكذب دون
خجل الرأسماليون وكذلك الاشتراكيون ـ الشوفينيون الذين انتقلوا إلى جانبهم
(والذين لا يناضل كاوتسكي ضدهم بالاستقامة اللازمة) في مسالة الإلحاق،
وكيف يسترون دون خجل على الحاقات رأسمالييهم، كنت مضطراً لأن اضرب
مثلاً... اليابان! من اليسير على القارئ الفطن أن يستعيض عن اليابان
بروسيا وعن كوريا بفنلنده، بولونيا، كورلانده، أوكرانيا، خيره، بخارى،
استلنده وغيرها من المقاطعات التي يقطنها غير الروس.
وأود أن آمل بأن يساعد كتابي على تفهم المسألة الاقتصادية الأساسية التي
لا يمكن بدون دراستها فهم شيء في تقدير الحرب المعاصرة والسياسة المعاصرة،
نعني مسألة كنه الإمبريالية الاقتصادي.

بتروغراد. 26 نيسان (أبريل) سنة 1917. المؤلف


مقدمة للطبعتين الفرنسية والألمانية (239)
1
وضعت الكتاب
الحالي، كما أشرت في مقدمة الطبعة الروسية، سنة 1916، آخذاً الرقابة
القيصرية بعين الاعتبار. وليس بإمكاني أن أعدل النص بأكمله في الوقت
الحاضر؛ وأحسب أن ذلك أمر عديم الجدوى، لأن مهمة الكتاب الأساسية كانت ولا
تزال: أن يبين، بموجب مجمل أرقام الإحصاءات البرجوازية التي لا تقبل الجدل
وبموجب اعترافات العلماء البرجوازيين في جميع البلدان، كيف كانت، في بدء
القرن العشرين، قبيل الحرب الإمبريالية العالمية الأولى، الصورة الإجمالية
للاقتصاد الرأسمالي العالمي ضمن علاقاته العالمية.
ومن ناحية أخرى سيكون من المفيد للكثيرين من الشيوعيين في البلدان
الرأسمالية المتقدمة أن يتأكدوا، على مثال هذا الكتاب العلني من وجهة نظر
الرقابة القيصرية، من إمكانية ـ بله ضرورة ـ الاستفادة حتى من القدر
الطفيف من بقايا العلنية التي ما تزال باقية للشيوعيين، لنقل مثلاً في
أميركا أو في فرنسا المعاصرتين بعد اعتقال الشيوعيين بمجموعهم تقريباً من
عهد قريب؛ وذلك لتبيان كل بطلان نظرات الاشتراكيين المسالمين وعقدهم
الآمال على "ديمقراطية عالمية". وسأحاول، في هذه المقدمة، أعطاء ما لا بد
منه من إضافات على هذا الكتاب الخاضع للرقابة.
2
لقد برهن في هذا الكتاب على أن حرب سنوات 1914 ? 1918 كانت من جانب
الطرفين حرباً إمبريالية (أي حرب غزو ونهب واغتصاب)، حرباً من أجل تقاسم
العالم، من أجل اقتسام وإعادة اقتسام المستعمرات و "مناطق نفوذ" الرأسمال
المالي والخ..
إذ أن الدليل على طابع الحرب الاجتماعي الحقيقي، أو بالأصح: على طابعها
الطبقي الحقيقي، لا يكمن طبعاً في تاريخ الحرب الديبلوماسي، بل في تحليل
الحالة الموضوعية للطبقات المسيطرة في جميع الدول المتحاربة. ولتصوير هذه
الحالة الموضوعية لا ينبغي أخذ أمثلة أو أدلة منعزلة (فرغم كون ظواهر
الحياة الاجتماعية في منتهى التعقيد يمكن على الدوام إيجاد أي قدر من
الأمثلة أو الأدلة المنعزلة لتعليل أي فكرة)، بل ينبغي حتماً أخذ مجمل
الأدلة عن أسس الحياة الاقتصادية في جميع الدول المتحاربة وفي العالم كله.
وهذه الأدلة الإجمالية التي لا تدحض، هي بالضبط، ما ذكرته في لوحة تقاسم
العالم في سنتي 1876 و 1914 (الفقرة السادسة) وفي لوحة توزيع السكك
الحديدية في العالم أجمع في سنتي 1890 و 1913 (الفقرة السابعة). فالسكك
الحديدية هي حاصل جميع الفروع الرئيسية في الصناعة الرأسمالية، صناعة
الفحم الحجري والتعدين؛ هي حاصل وأكثر مقاييس تطور التجارة العالمية
والحضارة البرجوازية الديمقراطية جلاء. وقد بينت فصول الكتاب السابقة كيف
تتصل السكك الحديدية بالإنتاج الكبير، بالاحتكارات، بالسينديكات،
بالكارتيلات، بالتروستات، بالبنوك وبالطغمة المالية. أن توزيع خطوط السكك
الحديدية وتفاوته وتفاوت تطورها هو حاصل الرأسمالية الاحتكارية الحديثة
على النطاق العالمي. وهذا الحاصل يظهر أن الحروب الإمبريالية هي أمر محتوم
تماماً على هذا الأساس الاقتصادي، طالما بقيت وسائل الإنتاج ملكاً خاصاً.
يبدو مد السكك الحديدية أمراً بسيطاً، طبيعياً، ديمقراطياً، ثقافياً،
تمدينياً، وهو يبدو كذلك في عيون الأساتذة البرجوازيين الذين تدفع لهم
الأجور لكيما يجملوا وجه العبودية الرأسمالية، وفي عيون البرجوازيين
الصغار التافهين الضيقي الأفق. أما في الواقع فأن الخيوط الرأسمالية التي
تربط بألوف الشباك هذه المشاريع بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بوجه عام
قد جعلت من مد السكك الحديدية أداة لاضطهاد مليار من الناس (أشباه
المستعمرات إضافة إلى المستعمرات)، أي لاضطهاد أكثر من نصف سكان الأرض في
البلدان التابعة، وعبيد الرأسمال الأجراء في البلدان "المتمدنة".
أن الملكية الخاصة القائمة على عمل صغار أصحاب الأعمال، والمزاحمة الحرة،
والديمقراطية ـ أن جميع هذه الشعارات التي يخدع بها الرأسماليون وصحافتهم
العمال والفلاحين قد اندرجت بعيداً في طيات الماضي. لقد آلت الرأسمالية
إلى نظام عالمي لاضطهاد الأكثرية الكبرى من سكان الأرض استعمارياً وخنقها
مالياً من قبل حفنة من البلدان "المتقدمة". ويجري اقتسام هذه "الغنيمة"
بين ضاريين أو ثلاثة ضوار أقوياء في النطاق العالمي، مسلحين من الرأس حتي
أخمص القدمين (أميركا، إنجلترا، اليابان) يجرون الأرض كلها إلى حربهم من
أجل اقتسام غنيمتهم.
3
أن صلح بريست ـ ليتوفسك (240) الذي أملت شروطه ألمانيا الملكية، ومن بعده
صلح فرساي (241) الأكثر وحشية وحطة والذي أملت شروطه الجمهوريتان
"الديمقراطيتان"، أميركا وفرنسا، وكذلك انجلترا "الحرة" قد قدما للبشرية
خدمة نافعة جداً إذ فضحا الكتبة الخدم المأجورين للإمبريالية وكذلك
البرجوازيين الصغار الرجعيين الذين، وإن كانوا يخلعون على أنفسهم ألقاب
المسالمين والاشتراكيين، فأنهم يمتدحون "الويلسونية" (242) ويبرهنون على
أمكان السلام والإصلاحات في ظل الإمبريالية.
أن عشرات الملايين من الجثث والمشوهين الذين تركتهم الحرب التي أضرمت
نيرانها لتعيين ما إذا كانت الزمرة الإنجليزية أو الألمانية من قطاع الطرق
الماليين ينبغي أن تنال حصة الأسد من الغنيمة، ثم "معاهدتي الصلح" هاتين،
تفتح بسرعة لم تعهد من قبل عيون الملايين وعشرات الملايين من الناس الذين
ظلمتهم البرجوازية وسحقتهم وخدعتهم وضللتهم. وعلى صعيد الخراب العالمي
الذي سببته الحرب تختمر، بالتالي، الأزمة الثورية العالمية التي لا يمكنها
أن تنتهي إلى غير الثورة البروليتارية وظفرها، مهما كانت طويلة وقاسية
تقلبات الأحوال التي لا بد لهذه الأزمة أن تجتازها.
أن بيان بال الصادر عن الأممية الثانية والذي أعطى، في سنة 1912، تقديراً
لتلك الحرب التي اندلعت في سنة 1914 بالضبط، لا تقديراً للحرب بوجه عام
(فالحروب تختلف ومنها ما تكون ثورية)، أن هذا البيان قد بقي أثراً للذكرى
يعري بصورة تامة إفلاس أبطال الأهمية الثانية المشين وارتدادهم.
ولذلك أعيد نشر هذا البيان في ملحق لهذه الطبعة وألفت نظر القارىء مرة
أخرى إلى أن أبطال الأممية الثانية يتجنبون بجذر مقاطع البيان التي تتحدث
بصورة دقيقة، واضحة، صريحة، بالضبط عن صلة الحرب المقبلة بالثورة
البروليتارية، يتجنبونها بنفس حذر اللص في تجنب المكان الذي ارتكب فيه
السرقة.
4
في هذا الكتاب وجه انتباه خاص لانتقاد "الكاوتسكية"، وهي تيار فكري عالمي
يمثله في جميع بلدان العالم "كبار النظريين"، زعماء الأممية الثانية (في
النمسا أوتو باور وشركاه وفي انجلترا رمسي ماكدونالد وغيره وفي فرنسا
البير توما وهلم جراً والخ.) وجمهور من الاشتراكيين والإصلاحيين
والمسالمين والديمقراطيين البرجوازيين والكهنة.
وهذا التيار الفكري هو، من ناحية، نتاج فساد وتقيح الأممية الثانية وهو،
من الناحية الأخرى، نتاج محتوم لإيديولوجية صغار البرجوازيين الذين يبقيهم
وضع حياتهم بأكمله في أسر الأوهام البرجوازية والديمقراطية.
ان أمثال هذه النظرات عند كاوتسكي ومن على شاكلته هي ارتداد تام بالضبط عن
الأسس الماركسية الثورية التي دافع عنها هذا الكاتب عشرات من السنين، ولا
سيما ـ ونقول ذلك بالمناسبة ـ في النضال ضد الانتهازية الاشتراكية
(لبرنشتين وميليران وهايندمان وغومبرس وهلم جرأ). ولذلك ليس من باب الصدف
أن أتحد "الكاوتسكيون" الآن مع الانتهازيين المتطرفين في العالم أجمع
عملياً وسياسياً (عن طريق الأممية الثانية أو الصفراء (243)) ومع الحكومات
البرجوازية (عن طريق الحكومات البرجوازية الائتلافية التي يساهم فيها
الاشتراكيون).
أن الحركة البروليتارية الثورية بوجه عام والشيوعية بوجه خاص، هذه الحركة
المتنامية في جميع أنحاء العالم، لا غنى لها عن تحليل وفضح الأخطاء
النظرية التي تقترفها "الكاوتسكية". وهذا لا ندحة عنه لا سيما وأن النزعة
المسالمة و "الديمقراطية" بوجه عام اللتين لا تدعيان بالماركسية أطلاقاً،
ولكنهما، شأن كاوتسكي وشركاه سواء بسواء، تطمسان عمق تناقضات الامبريالية
وحتمية الازمة الثورية التي تنشأ عنها، هما تياران ما زالا منتشرين لأقصى
حد في العالم كله. والنضال ضد هذين التيارين هو أمر الزامي لحزب
البروليتاريا الذي يتوجب عليه ان ينتزع من البرجوازية صغار اصحاب الأعمال
والملايين من الشغيلة المخدوعين بها والذين تحيط بهم لهذا الحد أو ذاك
ظروف حياة البرجوازية الصغيرة.
5
ولا بد من بعض كلمات عن الفصل الثامن: "طفيلية الرأسمالية وتعفنها". أن
هيلفردينغ، "الماركسي" سابقاً وزميل كاوتسكي اليوم وأحد الممثلين
الرئيسيين للسياسة البرجوازية الإصلاحية في "الحزب الاشتراكي ـ الديمقراطي
الألماني المستقل" (244)، قد خطا، كما سبق وأشرنا في متن الكتاب، خطوة إلى
الوراء في هذه المسألة بالمقارنة مع المسالم والإصلاحي الإنجليزي المكشوف
هوبسون. فالانقسام العالمي لحركة العمال بأكملها قد تكشف الآن على أتمه
(الأمميتان الثانية والثالثة (245)). وقد تكشف كذلك واقع النضال المسلح
والحرب الأهلية بين الاتجاهين: المناشفة و "الاشتراكيون ـ الثوريون" في
روسيا يؤيدون كولتشاك ودينيكين ضد البلاشفة؛ وأنصار شيدمان ونوسكه وشركاه
في ألمانيا هم مع البرجوازية ضد السبارتاكيين (246)، والشيء نفسه في
فنلنده وبولونيا والمجر الخ.. فما هو، إذن، الأساس الاقتصادي لهذه الظاهرة
التاريخية العالمية؟
أنه يتخلص بالضبط في الطفيلية والتعفن الملازمين للرأسمالية في أعلى
مراحلها التاريخية، أي في مرحلة الإمبريالية. فالرأسمالية، كما برهن في
الكتاب الحالي، قد أبرزت الآن حفنة (أقل من عُشر سكان الأرض، وفي أبعد حال
"للتسامح" والمغالاة في التقدير، أقل من الخُمس) من الدول في منتهى الغنى
والقوة تنهب العالم كله بمجرد "قص الكوبونات". أن تصدير الرأسمال يعطي
دخلاً يتراوح بين 8 و10 مليارات فرنك في السنة حسب أسعار ما قبل الحرب
وحسب الإحصاءات البرجوازية لما قبل الحرب. والآن أكثر جداً، بطبيعة الحال.
وواضح أن هذا الربح الإضافي الهائل (إذ أنه يبتز إضافة إلى الربح الذي
يعتصره الرأسماليون من عمال بلاد "هم") يمكن من رشوة زعماء العمال والفئة
العليا التي تكوّن اريستوقراطية العمال. والرأسماليون في البلدان
"المتقدمة" يرشون هذه الفئة، بآلاف الطرق، المباشرة وغير المباشرة العلنية
والمستورة.
أن هذه الفئة من العمال المتبرجزين أو "اريستوقراطية العمال"، الذين هم
برجوازيون صغار تماماً بنمط حياتهم ومقاييس أجورهم وبكامل نظرتهم للعالم،
هي سند الأممية الثانية الرئيسي، وفي أيامنا سند البرجوازية الاجتماعي (لا
العسكري) الرئيسي. لأن هؤلاء عملاء حقيقيون للبرجوازية في حركة العمال،
متعهدون عمال في خدمة طبقة الرأسماليين (labor lieutenants of the
capitalist class)، وسائط حقيقية لنقل الإصلاحية والشوفينية. واثناء الحرب
الأهلية بين البروليتاريا والبرجوازية يقف هؤلاء حتماً، بعدد كبير، إلى
جانب البرجوازية، إلى جانب "الفرساليين" (247) ضد الكومونيين".
وإذا لم يدرك المرء الجذور الاقتصادية لهذه الظاهرة، إذا لم يقدر أهميتها
السياسية والاجتماعية حق قدرها، لا يستطيع أن يخطو خطوة في ميدان حل
المهام العملية التي تواجه الحركة الشيوعية والثورة الاجتماعية المقبلة.
الإمبريالية هي عشية الثورة الاجتماعية البروليتارية. وقد ثبت ذلك منذ سنة 1917 في النطاق العالمي.
6 تموز (يوليو) سنة 1920. ن. لينين
اثناء السنوات الخمس عشرة أو العشرين الأخيرة، ولا سيما بعد الحرب
الأسبانية ـ الأميركية (1898) والحرب الإنجليزية ـ البويرية (1899 ? 1902)
(248) أخذ الأدب الاقتصادي وكذلك السياسي في العالمين القديم والجديد
يتطرق أكثر فأكثر إلى مفهوم "الإمبريالية" لوصف العصر الذي نجتازه. ففي
سنة 1902 صدر في لندن ونيويورك مؤلف للاقتصادي الإنجليزي ج. ا. هوبسون
عنوانه: "الإمبريالية". والمؤلف المتمسك بوجهة نظر النزعة البرجوازية
للاشتراكية الإصلاحية والمسالمة، وهي وجهة نظر لا تختلف، في الجوهر، عن
الموقف الذي يقفه حالياً الماركسي السابق كاوتسكي، قد أعطى وصفاً ممتازاً
مفصلاً لخواص الإمبريالية الاقتصادية والسياسية الأساسية. وفي سنة 1910
صدر في فيينا مؤلف الماركسي النمساوي رودولف هيلفردينغ عنوانه: "الرأسمال
المالي" (الترجمة الروسية: موسكو، سنة 1912). أن هذا الكتاب، رغم غلطة
المؤلف في مسألة نظرية النقود وميله بعض الشيء إلى التوفيق بين الماركسية
والانتهازية، عبارة عن تحليل نظري قيم للغاية "لأحداث المراحل في تطور
الرأسمالية" كما ينص العنوان الثانوي لمؤلف هيلفردينغ. أن ما قيل في
السنوات الأخيرة عن الإمبريالية، ولا سيما في العدد الكبير من مقالات
المجلات والجرائد في هذا الموضوع وكذلك في قرارات، مثلاً، مؤتمري خيمنيتز
(249) وبال المعقودين في خريف سنة 1912، لم يتعد، في الجوهر، دائرة
الأفكار التي عرضها أو، بالأصح، التي لخصها المؤلفان المذكوران...
وسنسعى فيما يأتي لنعرض، بإيجاز وبأبسط شكل ممكن، صلة وتفاعل خواص
الإمبريالية الاقتصادية الأساسية. ولن نتطرق إلى الناحية غير الاقتصادية
في المسألة مهما كانت جديرة بذلك. أما أسماء الكتب التي استشهدنا بها
والملاحظات الأخرى التي قد لا تهم جميع القراء فنحيلها إلى آخر الكتاب