الوراثة على الطريقة الكورية


أمير الحلو
2010 / 10 / 2 - 10:34     

الوراثة على الطريقة الكورية
سبق ان كتبت عن جمهورية كوريا الشمالية و(انفرادها)بالثورية ومقارعة الامبريالية العالمية عن طريق (الانغلاق)على النفس واحاطتها بالعزلة الدولية ،مع التركيز على التسليح المتطور وخصوصاً النووي كطريقة للردع.
واعترف انني لست ضد هذه الانظمة التي تذكرنا (بايام شبابنا الثوري)واصرارنا على جمود الفكر والاهداف ودخولنا بمعارك لا مبرر لها وغير متكافئة.
من المعروف ان كيم إيل سونغ هو الذي قاد كوريا الشمالية بعد الحرب الكورية وانفصال الدولة الى دولتين متخاصمتين،ولكن انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي جعل كوريا الشمالية تعتمد على الصين فقط في علاقاتها الدولية،ولكن الصين استطاعت تجاوز التحجر الفكري وظهرت قيادات شابة للحزب الشيوعي فيها جعلت من الصين اكثر الدول نمواً في العالم،مع الابقاء على سياسة الحزب الواحد وحجب التعددية والديمقراطية.
المهم ان كوريا الشمالية وبعد وفاة (الزعيم المبجل المحبوب من اربعين مليون كوري)كيم ايل سونغ لم تتبع الطرق الحزبية المعروفة في اختيار الرئيس المقبل،بل سارت الامور على مبدأ(التوريث)اذ اصبح نجل الزعيم الراحل قائداً جديداً لكوريا الشمالية ولم تختلف سياسته وهندامه وتصرفاته عن والده في شيء،وقد تناولت الاخبار منذ فترة ان الحالة الصحية له غير جيدة وانه يريد التهيئة للمرحلة المقبلة للحكم في بلاده.. وكانت (المفاجأة)المتوقعة وهي السير على خطى والده في اعتماد مبدأ التوريث،لذلك اجتمعت القيادات والكوادر الحزبية قبل ايام و(مهدت)للخلافة عن طريق اعطاء رتبة جنرال الى أبن وابنة الرئيس تمهيداً لاستلامهما مسؤوليات كبيرة منها قيادة الدولة اذا غاب الوالد..وقد آثار هذا الموقف انتقادات شديدة في العالم،خصوصاً وان اسلوب الانتخابات العامة هو السائد حاليا في أغلب الدول،ولم تشهد السنوات الماضية عملية توريث سوى في كوبا وهو اجراء يبدو(مشروعاً)لكون راؤول كاسترو شقيق فيدل كاسترو من قيادات الثورة الكوبية البارزين.
لا أريد التقليل من اهمية الشعب او الاستخفاف به،ولكني رأيت فيلماً في التلفزيون عن احتفالات شعبية صاحبتها رقصات جمالية لفتيات (ملونات)بملابس زاهية ابتهاجاً بمنح ابن القائد وابنته رتبة جنرال من دون تخرج من كلية عسكرية او معرفة الفرق بين الميغ والسوخوي! واشعر بالتعاطف مع شعب كوريا الشمالية الذي تعرض الى مجاعة حصدت ارواح الكثير من الاطفال مع اطلاق اول صاروخ عابر للقارات واجراء التجارب النووية !
زار مرة وفد عراقي جمهورية كوريا الشمالية(وكانوا يلحون على الدعوات)وقد جرى الاحتفاء به نهاراً وانامته مبكراً ليلا وزيارته لكل شواهد انجازات القائد مع ارسال هدايا يومية الى غرف اعضاء الوفد وكانت عبارة عن مؤلفات وخطب الرفيق كيم ايل سونغ،وقد اصبحت الكمية كبيرة جداً ويتعذر على اعضاء الوفد حملها معهم في الطائرة خصوصاً وانها غير مباشرة الى بغداد مما يتطلب دفعهم لمبالغ كبيرة على نقلها علاوة على(استيعابهم)لمضمونها،فتركوها في غرفتهم عند سفرهم،ولما وصلوا المطار لم تقلع الطائرة في موعدها وانما ابلغهم احد كبار القادة في الحزب بان السفير الكوري الشمالي في موسكو سيكون امام درج الطائرة عند الهبوط وسيلقي عليهم بياناً احتجاجياً بسبب تصرفهم غير المقبول بترك كتب الرفيق كيم ايل سونغ في غرفتهم... وبالفعل ما ان وصلوا الى مطار موسكو حتى جرت (مراسيم)الاحتجاج، ولكنهم كانوا سعداء بذلك فالتوبيخ خير من تحميلهم نفقات اصطحاب كتب لا يحتاجونها .
قلبي مع الشعب الكوري ويظهر ان عائلة كيم ايل سونغ المناضلة لاتريد الانفصال عنه ...ابداً.