تذكير بالمواقف الانتهازية لمن يدعون الاستمرارية لالى الأمام


عبد العزيز المنبهي
2010 / 9 / 30 - 00:54     

يبدو واضحا،من خلال النصوص الأخيرة المتعلقة بالصحراء الغربية و الصادرة عن الكتابة الوطنية و/أو عن كاتبها الوطني، أن قيادة النهج تدشّن مرحلة سياسية يمكن وصفها ب "مرحلة التراجع لستراتيجي".

إن الموقف الخير من هذه القضية ليس سوى الشجرة التي تخفي الغاب أو المدخل اللازم لهذا المسلسل التراجعي ، ليس فقط على تاريخ و خط و أهداف "إلى الأمام" وإنما أيضا على خط "التغيير الجذري والقطب الجذري و بنا ء الأداة الثورية" الذي تبناه النهج منذ أواخر التسعينات.

و لنعد إلى "الرسالة المخجلة" و ما تلها من " تطوير و إغناء و دفاع مستميت "عن شكلها و مضمونها.
الرسالة موجهة إلى "الحكومة المغربية".هذه الحكومة نفسها التي اعتبرها "المجلس الوطن" وهو أعلى هيئة بعد المؤتمر و " ل و" و " ك و" نابعة عن انتخابات مزورة لا تعبر عن إرادة الشعب ، و اعتبرها عبد الله الحريف ،في تصريح للصحيفة العدد 141ـ 25/19دجنبر 2003 بأن السلطة الحقيقية ليست بيدها بل بيد القصر...و بأنها خليط ل يجمعه أي شيء سوى خدمة المخزن... وأنها عبارة عن مجموعة من الموظفين الاختيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تتحكم فيها الإمبريالية الفرنسية والأمريكية الجلوس إلى طاولة المفاوضات قصد البحث الجدّي كذاعن حل سياسي لنزاع الصحراء " معبرة عن استعدادها للجلوس إلى جانبها" لإنجاح هذه المبادرة؟. أم أن ال ك و تتوجه، من خلال هذه الحكومة الصورية، إلى أسيادها وإلى "حكومة الظل" كما كان يحلو لزعماء النهج تسمية أصحاب القرار الفعلي و السلطة الحقيقية في المغرب؟

لم ترد في" الرسالة المخجلة"، كما في باقي التصريحات والإستجوابات المشار إليها، عبارات "الشعب الصحراوي" و "الصحراء الغربية" و"الإستفتاء"؟ مع العلم أن الأمر يتعلق بشعب هو الشعب الصحراوي و بأرض هي الصحراء الغربية.ومع العلم أن كل مقررات وقرارات و تصريحات الأمم المتحدة و الوحدة الإفريقية و استشارات الهيئات و المؤسسات الحقوقية الدولية ،و بدون استثناء، تتكلم ، في معالجتها لهذا الموضوع، عن قضية الصحراء الغربية كقضية تتعلق بتصفية الإستعمار بإفريقيا، و تعترف بالشعب الصحراوي و بحقه في تقرير المصير من خلال تنظيم استفتاء حر و نزه.

و آخر قرار في هدا الشأن هو مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها 61 في دجنبر 2006 ) المتزامن مع نشر الرسالة ، الصدفة الأولى( على قرار لجنة تصفية الإستعمار المتعلق بالصحراء الغربية و المتفق عليه في أكتوبر 2006 هذا القرار يؤكد من جديد الدعم الكامل لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ، ويذكر بأن قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية الإستعمار و يجب إنهاؤه من خلال ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير عبر استفتاء حر و نزيه
.
إن الإشارات "المحتشمة" في "الرسالة المخجلة" ل>> القرارات الدولية>المسؤولية التاريخية الموضوعة على "عاتقهم" في إيجاد مخرج لهذا النزاع الذي طال أكثر من اللازم و أصبح مضيعة للوقت، و الذي سيعترف لهم الشعب المغربي، حين سيتذكر فضائلهم وخيرهم ، ب" فضل" إيجاد حل له ) >المنحدرين من منظمة "إلى الأمام " والذين تعرضوا للإختطاف و التنكيل و لسنوات طويلة من الإعتقال ...

(عبد الله الحريف لجريدة "الأيام" عدد 188 -15/ 21 يونيو 2005 (هذه المناورة و يعبرون عن استعدادهم "للتأثير" من أجل المساهمة في "إنجاحها"؟

ألا يصح أن نضع هذه العتمة الفكرية و العمى السياسي الذي يخرج عن نطاق الوعي البسيط والحنكة واليقظة على حساب ما حل ببعض رفاق السجن و الكفاح، السابقين، من تصدع سياسي و ضبابية فكرية و عمى انتهازي وغياب رؤية ثورية بعيدة المدى حقا منذ تخليهم عن الخط الأيديولوجي و السياسي و التنظيمي و عن مبادئ و أهداف منظمة "إلى الأمام" وعن نظريتها في الثورة في المغرب و في الغرب العربي )موازاة بالشرق العربي( وعن أساسها المادي التاريخي الذي يضرب جذوره في عمق تاريخ شعوب المنطقة منذ الأمير عبد القادر و عبد الكريم الخطابي وماء العينين...الخ ؟

و لنذكر باختصار بهذه النظرية التي تربط فيها بالضبط منظمة إلى "الأمام" ، ربطا جدليا وثيقا ما بين الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية في المغرب و حركة التحرر الوطني بالصحراء الغربية ، معتبرة هذه الأخيرة الحلقة الضعيفة في مسلسل الهيمنة الإمبريالية الرجعية في المنطقة ، هذه الهيمنة التي لن يتحرر منها الشعب المغربي دون تحرر الشعب الصحراوي ، هذا الأخير الذي لا يمكن أن يحصل على استقلاله التام و سيادته على أرضه و خيراته دون أن يكون الشعب المغربي قد تقدم ، هو بدوره وفي نفس الوقت، خطوات حاسمة في تصفية و إنهاء هذه السيطرة في أشكالها السياسية و الإقتصادية و الثقافية...و بأنه في خضم هذا الكفاح الشاق و الطويل، وفي معمعان النضال العنيف والمشترك للشعبين الشقيقين المغربي و الصحراوي، ضد نفس العدو الوطني و الطبقي، توضع أسس وحدة ديموقراطية ستكون بمثابة الإسمنت الذي ستبنى على أساسه وحدة شعوب المغرب العربي كلبنة أولى وأساسية على طريق وحدة ديموقراطية للشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.

إن غياب هذه الإستراتيجية الثورية لا يمكن أن يعيد إليها الإعتبار ويعيد وضعها على رأس جدول أعمال الثورة المغربية سوى الحزب الثوري الشيوعي، الماركسي اللينيني، و الذي لا يمكن أن يستحق هذا الإسم إلا بالقدر الذي يستطيع فيه ربط القادة الشيوعيين و الطبقة العمالية و الفلاحين و الجماهير الكادحة و المسحوقة في كل منسجم لا تفصل عراه و يقودهم بإرادة جديدة و بكل حزم وعزيمة، نحو إنجاز هذه الإستراتيجية، نحو تحقيق النصر والحرية والإستقلال و الديمقراطية .

فهل سيقبل المناضلون الديمقراطيون ، الثوريون، الماركسيون اللينينيون داخل النهج بهذا المسلسل التخاذلي الذي سيفضي لا محالة ب ن.د،في حالة ما إذا استمر فيه حتى النهاية) البرلمان الملكي وملحقاته( ، إلى مزبلة التاريخ؟ أم أنهم سيتحملون مسؤولياتهم التاريخية ، بجانب الملايين من أبناء شعبنا من عمال و فلاحين فقراء و كادحين ومهمشين ومعطلين، و الآلاف من المثقفين الثوريين الذين لا زالوا رافعين راية الثورة و الرفض والسخط والعصيان على نظام القهر و الإستغلال...في إعادة الإعتبار إلى هذا الفكر و الخط و الهداف و إعادة الثقة في النفس و ثقة الشعب في الثورة والثقة فيه و في قدرته الجبارة و الهائلة على المضي فيها حتى النهاية ؟

هذه وجهة نظري بشيء من التفصيل في الموضوع.أتمنى أن لا يصاب بعد قراءتها بهزة عقلية العضو في الكتابة الوطنية بالنهج الديمقراطي الذي أصيب باختلال عصبي بعد قرائته ل"رد صريح على رسالة مخجلة" لدرجة لم يعد يميز فيها بين الصراع الفكري و السياسي و صراع الترّاهات و التشويه والتهديد! .

24 يناير 2007