كريم مروة يؤرخ سيرة أربعة شيوعيين لبنانيين


مازن لطيف علي
2010 / 9 / 29 - 13:33     

يواصل المفكر والسياسي السابق كريم مروة كتاباته عن تاريخ اليسار والحركة الاشتراكية العربية وغيرها بعد اعتزاله العمل السياسي ،وها هو يؤرخ سيرة حياة أربع شخصيات شيوعية لبنانية "فؤاد الشمالي/فرج الله الحلو/نيقولا شاوي/ جورج حاوي" في كتابه الصادر عن دار الساقي _لندن _ "الشيوعيون الأربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث"حيث يذكر في مقدمة الكتاب انه حين شرع بالكتابة عن القائد الشيوعي فرج الله الحلو اولاً ثم عن القائدين الشيوعيين نيقولا شاوي وجورج حاوي، وجدت نفسي بالكتابة عن قائد اخر في الحزب هو فؤاد الشمالي المؤسس الأول للحزب الذي مات مظلوماً من رفاقه ومقهوراً ومنسياً.
الكتاب هو عملية استذكار لتاريخ أربعة قادة كبار من شيوعيي لبنان، والكتاب ليس تاريخاً لتلك الحقب عن تاريخ الحزب الشيوعي ومن تاريخ لبنان بل لإلقاء الأضواء على بعض جوانب سيرة هؤلاء القادة الكبار.
فؤاد الشمالي
يرى مروة إن أهمية فؤاد الشمالي تكمن في الظروف التاريخية التي تكونت فيها شخصية هذا العامل الطبيعي حيث ان الحزب نشأ وتكون في المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وهذه المرحلة ولدت في خضم أحداثها ثورة أكتوبر في روسيا بقيادة لينين ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان المرحلة التي سبقت ورافقت نشوب الحرب العالمية الأولى تميزت بأمرين مهمين مترابطين، ومتكاملين، الأول ظهور أفكار تنادي بالتحرر والتقدم وفصل الدين عن الدولة وتبشر بولادة الحركة الاشتراكية وكان ابرز حاملي تلك الأفكار الجديدة اللبنانيين شبلي شميل وفرح انطوان والمصري سلامة موسى الذي التقاه فؤاد الشمالي في تشكيل الحزب الاشتراكي المصري في عام 1921 وانفصل عنه ، الأمر الثاني يتمثل بالمؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس عام 1913 اضطلع الشمالي في تشكيل الحزب الشيوعي اللبناني بعد طرده من مصر.
كان ابن تلك المرحلة بامتياز وابن ظروفها السياسية والفكرية. امتلك الشمالي ذكاء خارقاً واقناعاً عميقاً بانتمائه للاشتراكية وامتلك تجربة نضالية غنية ساعدته هذه المزايا ان يكون قائداً حقيقياً للحزب بإجماع رفاقه منذ تأسيس الحزب حتى لحظة تنحيته بتهمة الخيانة التي لاحقته حتى وفاته ، ظل اسم الشمالي مغيباً لفترة من الزمن الى عام 1968 حيث اعيد له الاعتبار في المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني وبراءته من التهم الموجهة اليه.
فرج الله الحلو
وقف الحلو يوماً في وجه جلاديه منتصب القامة مرفوع الهامة شامخ الرأس واثقاً بنفسه وبالقضية التي اعطاها كل عمره واطلق من فمه بصقة في وجه ذلك الكائن الشبيه بالرجال، رفيق رضا الذي خانه ، يذكر مروة انه عندما شاع نبأ اعتقال فرج الله بدأت تتوالى ردود الفعل اللبناني والعربية والدولية على الاعتقال ، طلبت سلطات الجمهورية العربية المتحدة من اجهزة مخابراتها السورية إخفاء أي اثر لفرج الله لاثبات الادعاء انه لم يكن في سوريا شخص اسمه فرج الله الحلو ، دفن فرج الله ونقلت جثته الى احد مراكز المخابرات في حوض واحرقت في حامض كبريتي اذاب كامل الجسد ثم سرب الجسد المذوب الى مجاري دمشق وغوطتها. ويذكر مروة ان اللبنانيين والسوريين يمكن ان يكونوا قد نسوا هذا القائد التاريخي لكن التاريخ سيظل يذكره مع امثاله من الابطال الذين وهبوا حياتهم من خلال النضال والتزامن بأفكارهم ووفاء لقضايا وطنهم وشعبهم ودفاعاً عنها.
نقولا شاوي
يذكر مروة ان شاوي المولود في مدينة طرابلس عام 1912 دخل بعد انتسابه إلى الحزب الشيوعي في العمل النضالي اليوم لكن ثقافته واهتمامه المتواصل بالشأن الثقافي جعلاه مؤهلاً في العمل الثقافي والإعلامي والتثقيفي منذ البداية ، اصبح قائداً حزبياً مميزاً قبل ان يبلغ سن الثلاثين من عمره وكان يتعامل مع رفاقه الشباب في القيادة بثقة كاملة ويشترك معهم في اتخاذ القرارات المهمة. ويتحمل معهم المسؤولية ويذكر مروة انه ورفاقه تعاملوا مع شاوي تعاملاً غير إنساني وغير مسؤول.
ان سيرة شاوي يصح أن تكون نموذجاً لسيرة القائد السياسي في حزب من الأحزاب اذ هو أعطى في حياته خلال خمسين عاماً نكهة خاصة للعمل السياسي وأكد بالممارسة إن أصل السياسة هو الفكر العلمي المتجدد والثقافة الواسعة المتعددة الأبعاد.
جورج حاوي
ينتمي جورج حاوي الى الجيل الرابع من أجيال الحركة الشيوعية اللبنانية، تحول حاوي بسرعة ليصبح واحداً من أكثر القيادات الشيوعية في العالم العربي حضوراً متميزاً، واستمر هذا الدور المتميز حتى بعد خروجه من موقع الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني.
امتدت سيرته السياسية أربعين عاماً ، لم يكن قائداً شيوعياً فحسب، بل كان واحداً من شخصيات لبنان المتميزة.
يذكر مروة ان حاوي هو جزء مضيء من تاريخ لبنان وإضاءته ستظل راسخة في وعي اللبنانيين يساريين وديمقراطيين ووطنيين مهما اختلفت اتجاهاتهم ومعتقداتهم وأفكارهم.
فحاوي هو مكمل رسالة ثلاث شخصيات في الحزب الشيوعي ، فؤاد الشمالي المؤسس الذي تخلى عنه رفاقه وطردوه من صفوفهم وتركوه يموت جوعاً. فرج الله الحلو القائد الشيوعي الشهيد ، ونقولا شاوي صاحب المدرسة التجديدية في الحزب.