العولمة والديمقراطية فى الوطن العربى


عبد الغفار شكر
2004 / 9 / 4 - 11:58     

للديمقراطية تاريخ طويل فى الوطن العربى، برجع فى بعض الأقطار العربية إلى القرن التاسع عشر، وفى معظمها للنصف الأول من القرن العشرين، حيث ارتبط النضال من أجل الديمقراطية بالنضال من أجل الاستقلال الوطنى. ومع موجة الاستقلال الأولى ورغم استمرار قوات الاحتلال فى عشرينيات هذا القرن قامت نظم حكم عربية على أساس مفاهيم الديمقراطية الليبرالية من تعددية حزبية وسلطات تشريعية منتخبة فى ظل دساتير تعترف بالحقوق الأساسية للمواطنين، ولكنها كانت فى أغلب الأحيان ديمقراطية شكلية تنعم بها الفئات الحاكمة فقط وبعض قطاعات الطبقة الوسطى، ولهذا فإنها لم تصمد طويلا أمام موجات المد الثورى مع بداية النصف الثانى من القرن العشرين وما صاحبه من انقلابات عسكرية وقيام نظم حكم شمولية أعطت الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتأكيد الاستقلال الوطنى سياسيا واقتصاديا على حساب الحريات السياسية والتعددية الحزبية والانتخابات البرلمانية. ومع إخفاق هذه النظم فى تحقيق التنمية والمحافظة على استقلالية الإرادة الوطنية فى مواجهة الرأسمالية العالمية، والذى رافقه تدهور ملحوظ فى مستوى معيشة المواطنين، وتراجع القدرة على اشباع حاجاتهم الأساسية فى الربع الأخير من القرن العشرين ارتفعت من جديد الأصوات المطالبة بالديمقراطية، بعد أن تأكد للجميع أنه لا يمكن المقايضة على حريات الشعوب وحقوقها السياسية ومشاركتها فى صياغة السياسات العامة، وتحديد أولوياتها مقابل وعد لا تتوفر له أى ضمانات بحل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية. وقد أثبتت التجربة العملية بالفعل طوال خمسين سنة أن ما تحقق من مكاسب وأبحاث اقتصادية واجتماعية سرعان ما تم الراجع عنه دون مقاومة تذكر بسبب غياب التنظيمات السياسية والنقابية الفعالة للطبقات الكادحة والعاملة والفئات الوسطى.
عاد الحديث والاهتمام بالديمقراطية فى الوطن العربى فى أواخر القرن العشرين فى ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية مغايرة أساسها والعامل المؤثر فيها هو ما يسمى بظاهرة العولمة التى أثرت كثيراً فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى الوطن العربى، واخترقت كل مناحى الحياة وأدخلت معظم الأقطار العربية فى أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية طاحنة، ولم يعد النضال من أجل الديمقراطية فى الوطن العربى قضية داخلية، بل هناك العديد من المؤثرات الخارجية التى تتحكم فيه وتحدد توجهاته وقضاياه. فكيف حدث ذلك؟ وما هى آثار العولمة على الديمقراطية فى الوطن العربى؟ وكيف نواجه هذه الآثار ونحد من نتائجها السلبية؟ وما هو الموقف السليم من الديمقراطية؟ وما علاقته بالجوانب الأخرى للأزمة الشاملة التى يعيشها حالياً الوطن العربى وخاصة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية؟ نعالج هذه القضايا فى هذه الدراسة مع التركيز بصفة خاصة على أثر العولمة على الديمقراطية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية فى الوطن العربى. وحرصاً على أن يتوفر أكبر قدر ممكن من الوضوح حول هذه القضايا فإننا سنبدأ أولاً بتحديد المفاهيم الأساسية للديمقراطية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية.
الديمقراطية: اختلفت النظرة إلى الديمقراطية باختلاف المواقع الأيديولوجية وتعددت المسميات بين ديمقراطية اشتراكية وديمقراطية شعبية وديمقراطية اجتماعية وديمقراطية تحالف قوى الشعب العامل... الخ. ورغم الأهداف والغايات النبيلة التى كانت تكمن خلف هذه المسميات إلا أن تطبيقاتها دارت أساساً فى ظل أوضاع شمولية وعجزت عن توفير الشروط الضرورية للمشاركة الشعبية وتمكين الشعوب من اختيار حكامها وفرض رقابتها على السلطة التنفيذية والقيام بدور أساسى فى صياغة السياسات العامة.
وسوف نتحدث فى هذه الدراسة عن الديمقراطية كما تحققت بالفعل فى كثير من المجتمعات باعتبارها "صيغة لإدارة الصراع فى المجتمع الطبقى بوسائل سلمية، من خلال قواعد وأسس متفق عليها سلفاً بين جميع الأطراف تضمن تداول السلطة بين الجميع من خلال انتخابات حرة ونزيهة".
يشترط لتحقيق هذه الصيغة الديمقراطية توافر المقومات الأساسية التالية:
-إقرار الحقوق والحريات السياسية والمدنية كأساس لمجتمع مدنى وإعلام حر.
-الاعتراف بالتعددية فى المجتمع بكل ما يترتب عليها من نتائج.
-إقرار مبدأ سيادة القانون، ودولة المؤسسات، واستقلال السلطة القضائية.
-تداول السلطة من خلال انتخابات دورية حرة تجسد نتائجها إرادة الناخبين.

المجتمع المدنى: هو مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التى تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة أى بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التى لا مجال للاختيار فى عضويتها. هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها كالجمعيات الأهلية والحركات الاجتماعية والتنظيمات غير الحكومية والتى تلتزم فى وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضى والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف. وللمجتمع المدنى بهذا المفهوم أربعة مقومات أساسية هى:
-الفعل الإرادى الحر أو الطوعى.
-التواجد فى شكل منظمات.
-قبول التنوع والاختلاف بين الذات والآخرين.
-عدم السعى للوصول إلى السلطة.
ونحن نلاحظ أن القيم التى يتأسس عليها المجتمع المدنى هى قيم الديمقراطية، لذلك يعتبر وجوده شرطاً أساسياً لقيام النظام الديمقراطى.
الحركات الاجتماعية: هى إطار ينظم ويعبىء حركة ونشاط فئات اجتماعية أو شرائح اجتماعية أو طبقات للدفاع عن مصالحها، وهى لا تسعى إلى سلطة الدولة بل الاستقلال عن الدولة، وهى فى الأساس حركات دفاعية أو احتجاجية. بهذا المفهوم فإننا لا نتناول الحركات الاجتماعية فى هذه الدراسة باعتبارها مرادفة للتنظيمات بل هى أوسع من ذلك إذ يمكن أن تضم الحركة الاجتماعية فى صفوفها تنظيمات جماهيرية أو جمعيات أهلية وأحزاب سياسية وأنشطة إعلامية وثقافية ومفكرين وقيادات مستقلة عن الأحزاب. بل أنها يمكن أن تؤسس أحزاباً وتنظيمات فى مجرى نشاطها مثال ذلك الحركة العمالية التى يمكن أن تضم نقابات عمالية وأحزاب سياسية عمالية أو اشتراكية وصحافة وباحثين ومفكرين. وكذلك حركة الخضر التى أسست فى بعض الأقطار أحزاباً سياسية.
والحركات الاجتماعية هى العامل الأكثر فعالية فى صياغة روابط جديدة بوسعها تحويل العالم نحو اتجاهات جديدة. وفى الظروف الدولية الجديدة تزداد احتمالات تبلور حركات اجتماعية جديدة على أساس الدين أو القومية أو العرق أو الجنس أو الجهة (الاقليم) أو قضايا أخرى تطرحها العولمة كالعنصر والبيئة وحقوق الإنسان والسكان الأصليين... الخ.

-1-
العولمة وتجلياتها فى الوطن العربى

رغم الغموض الذى ما يزال يحيط بظاهرة العولمة، إلا أنه يوجد اتفاق عام مؤداه أنها مرحلة جديدة فى عملية التوسع الرأسمالى، تعيد الرأسمالية من خلالها هيكلة نفسها وتحافظ فى نفس الوقت على جوهرها الاستغلالى وطابعها القائم على الاستقطاب والتفاوت. وهى ليست ظاهرة بلا جذور، وإنما هى مرحلة جديدة فى ظاهرة تاريخية موضوعية ناتجة عن الثورة العلمية والتكنولوجيا المعاصرة من جهة والطبيعة التوسعية للإنتاج الرأسمالى من جهة أخرى. وهى ليست نظاماً اقتصادياً وحسب، بل تمتد إلى مجالات الحياة المختلفة السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية.
الثورة العلمية والمعلوماتية المعاصرة هى الطاقة المولدة والمحركة للعولمة بما اتاحته من جعل هذا العالم أكثر اندماجاً، وسهلت حركة رأس المال والسلع والخدمات والمعلومات والأفراد بين دول العالم، وجعلت المسافات تتقلص والزمان ينكمش، وساهمت فى انتقال المفاهيم والقناعات والأذواق والسلوكيات فيما بين الثقافات والحضارات، وهى التى جعلت الولايات المتحدة القوة الاقتصادية الأولى والدولة المهيمنة سياسياً على صعيد العالم. هكذا أصبح بالإمكان واستناداً إلى معطيات ثورة العلم والتكنولوجيا والاتصال والمعلومات إعادة هيكلة الرأسمالية المعاصرة بإدماج اقتصاديات مختلف بلدان العالم فى الاقتصاد الرأسمالى بالشروط التى وضعتها رأسمالية المراكز المتقدمة على أساس إعلاء شأن السوق وآلياته وفرض حرية انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات والسلع والخدمات دون قيود أو عقبات تطبيقاً لأفكار الليبرالية الجديدة التى تشكل العنصر الايديولوجى المسيطر والمركزى فى عملية إعادة الهيكلة هذه التى تجرى على امتداد العالم، وإذا كانت العولمة الرأسمالية تبدأ فى حقل الاقتصاد فإنها تشكل الأساس لبناء نظام عالمى جديد يشمل أيضاً مجالات السياسة والثقافة والإعلام.
تنطلق العولمة من تكريس قاعدة الاعتماد المتبادل غير المتكافىء فى علاقات المراكز بالأطراف، ولهذا فإنها تكرس مصالح رأسمالية المراكز المتقدمة (امريكا وأوروبا واليابان) على حساب مصالح الشعوب الفقيرة والمجتمعات النامية فى الأطراف ومن بينها الأقطار العربية، مما أدى إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية حادة فى هذه المناطق حيث تعافى من التفكك الداخلى نتيجة للاندماج الخارجى المشوه والاختراق الرأسى لهذه المجتمعات، الذى يربط اجزاء من الرأسمالية المحلية برأس المال الدولى بينما تتخلف قطاعات أخرى فى المجتمع مما يزيد من حدة الاستقطاب الداخلى، ويهمش أجزاء كبيرة من السكان.
هكذا نستطيع أن نرصد الكثير من تجليات العولمة فى الوطن العربى، أو بمعنى أدق الآثار السلبية التى تشكل الاطار العام الذى يتحرك فيه النضال الديمقراطى.

اقتصاديا: تزايد الديون الخارجية، وتزايد الاعتماد على الخارج، واتساع نطاق ظواهر البطالة والافقار والتهميش، وخضوع الاقتصاد الوطنى بدرجات متزايدة لهيمنة الشركات متعدية الجنسية والمؤسسات الاقتصادية الرأسمالية الدولية.
اجتماعياً: انتزاع المكاسب التى تحققت للطبقة العاملة والفئات الوسطى فى مرحلة التنمية الوطنية، وخاصة ما يتصل فيها بالأجور وحق العمل الدائم والتأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى، وما ترتب على ذلك من تزايد حدة الصراع الطبقى والتواترت الاجتماعية والعنف والتعصب الدينى والعرقى.

سياسياً: انحسار الدولة من مجالات الانتاج والخدمات والدعم، وضعف قدرتها على المحافظة على مستوى معيشة أغلبية السكان، وعجزها عن مقاومة الضغوط الخارجية، واختراق المؤسسات الدولية والشركات متعدية الجنسية للمجتمعات العربية مباشرة متخطية الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة لاستقلالية القرار الوطنى.

ثقافياً: رغم التطورات الايجابية فى الحقل الثقافى الناجمة عن تطور وسائل الاتصال والمعلومات والإعلام ودورها فى نشر الثقافة والقيم الإنسانية المشتركة، وحل العديد من المشاكل فى مجالات التعليم والتربية والثقافة، فإن هذه التطورات تحمل من جهة أخرى ما يثير القلق بالنسبة للشعوب العربية التى تتعرض ثقافتها لمؤثرات خارجية قوية تحمل معها قيما وانماطاً من السلوك تدعم نمط الثقافة الاستهلاكية الرأسمالية، وتستوعب الشعوب العربية فى إطار المنظومة الرأسمالية العالمية فكرياً وثقافياً ووجدانياً وتستفز تيارات فكرية وسياسية متعددة تعتبر ذلك تهديداً للثقافة العربية وجذورها الممتدة فى التاريخ البعيد والقريب، وتحرمها إمكانية التطور المستقل.

-2-
الديمقراطية فى سياق العولمة

لا تكتفى قوى العولمة بطرح سياسات وآليات اقتصادية لإدماج اقتصاديات مختلف بلدان العالم فى السوق الرأسمالى العالمى، بل تطرح على العالم النموذج الرأسمالى كمثال يحتذى وتدعو إلى الاخذ به فى جوانبه السياسية والاجتماعية والثقافية أيضاً. وفى هذا السياق يأتى طرح قوى العولمة لقضية الديمقراطية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية، وهى تعتبر أن سقوط الاتحاد السوفيتى وتحول دول شرق أوروبا إلى الرأسمالية انتصاراً لهذا النموذج الذى تبلور فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة أساساً ودعوة لكل دول العالم إلى تبنى الديمقراطية البورجوازية باعتبارها أساس هذا النموذج. وباعتبارها ضرورة ونتيجة فى نفس الوقت لمؤسسة السوق الحرة والليبرالية الاقتصادية والملكية الخاصة، مؤكدة بذلك أن التحول إلى الديمقراطية مرتبط ومشروط بالتحول إلى الرأسمالية. وتأتى المساعدات الغربية لدعم النشاط فى مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان ودعم نشاط المنظمات غير الحكومية تأكيداً لوعى قوى العولمة بمصلحتها فى ذلك، وهى لا تدعو للديمقراطية انطلاقاً من مبادىء الحرية والمساواة أو تكريسا للمثل التى تدعو إلى تمكين الشعوب من تقرير مصيرها وصياغة سياسات الحكم فى بلادها بل لحماية مصالحها على امتداد العالم. وقد عبر وارن كريستوفر وزير الخارجية الأمريكى فى عهد كلينتون عن ذلك صراحة بقوله أنه من أهدف السياسة الخارجية الأمريكية دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان كسياسة تعكس المصالح الأمريكية، لأن تشجيع الديمقراطية يوسع من نفوذ ومصداقية الولايات المتحدة الأمريكية عالمياً، على أساس أن مصالح الولايات المتحدة سوف تكون أكثر أمناً فى عالم يحترم الحقوق السياسية واقتصاديات السوق الحرة. وهناك كثير من الشواهد تؤكد أن الاهتمام الأمريكى بحقوق الإنسان يعبر عن مصلحة قومية أمريكية تتمثل فى المقام الأول فى نشر المفاهيم المرتبطة بحقوق الإنسان فى الفكر الرأسمالى باعتبار أن التحرر الفكرى يواكبه تحرر اقتصادى، ومن ثم اقتصاد مفتوح وزيادة الاعتماد الدولى المتبادل مما لا يمكن دولة مستقبلاً من الانعزالية ومن ثم حرمان باقى الدول من مواردها وثرواتها الطبيعية.
ولأن قوى العولمة تطرح الديمقراطية على الصعيد العالمى من منطلق المصالح فإننا نلاحظ أن موقفها من التطور والممارسة الديمقراطية فى مختلف البلدان يتسم بما يلى:-
1-الديمقراطية وسيلة لإقامة دولة شرعية يعتمد عليها فى تمرير السياسيات دون اجبار زائد أو قمع شديد، وهى من هنا مجرد إطار لإدارة الأزمة الناجمة عن سياسات التكيف الهيكلى وما ترتب عليها من آثار اجتماعية ومشاكل جماهيرية، ولذلك لا يوجد اهتمام حقيقى من قوى العولمة بحرية الاجتماع أو حرية التعبير أو توافر نظام وممارسات قانونية تحترم حقوق الإنسان أو توفر ضمانات نزاهة الانتخابات البرلمانية وتحقيق الهدف الأساسى من الديمقراطية وحقوق تداول السلطة.
2-ازدواجية المعايير فى الموقف من الدول التى لا تلتزم بالحقوق والحريات السياسية والمدنية التى هى من أسس الديمقراطية البورجوازية حيث نلاحظ مثلا استمرار اعطاء الصين حقوق الدولة الأولى بالرعاية وتوسيع التجارة معها رغم انتقادها لموقفها من حقوق الإنسان، وعلى العكس من ذلك ترفض اشتراك كوبا فى قمة الدول الأمريكية بحجة أنها دولة غير ديمقراطية ويرفض الاتحاد الأوروبى اتمام الاتفاق مع تركيا لإقامة اتحاد جمركى وفتح أسواق الدول الأعضاء أمام السلع التركية بسبب انتهاكها لحقوق الإنسان. نفس ازدواجية المعايير نلاحظها فى تعامل قوى العولمة مع الأقطار العربية حيث توسع علاقاتها مع المملكة العربية السعودية مثلا رغم الانتهاكات الفظة لمبادىء وأسس الديمقراطية وتساعد اسرائيل إلى أقصى حد رغم عدوانها على حقوق الشعب الفلسطينى الثابتة بينما تفرض الحصار على دول عربية أخرى أو تشن حرباً ضدها مبررة ذلك بموقفها من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان من كليبيا والسودان والعراق. وهى تستخدم قضية حقوق الإنسان للضغط على الدول لمسايرة سياساتها كما يحدث مع مصر مثلاً.
3-الانتقائية فى التركيز على جوانب معينة من قضية الديمقراطية وإهمال جوانب أخرى لا تقل عنها أهمية حيث يتم التركيز على حرية تدفق السلع ورؤس الأموال والأفكار والقيم، بينما تفرض قيود شديد على حرية انتقال الأفراد وتوضع عقبات أمام دخول أبناء الجنوب إلى دول الشمال وعدم الاهتمام بقضايا اللاجئين (أى التركيز على الحقوق والحريات المرتبطة بالسوق الحرة).
4-ونلاحظ نفس المواقف من حقوق الإنسان فهناك انتقائية فى هذا المجال حيث يتم التركيز على حقوق الأفراد وتهمل حقوق الجماعات. كما يتم التركيز على الحريات الفردية المدنية والسياسية وتهمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى درجة أن وزارة الخارجية الأميركية استبعدت 1986 الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من اهتماماتها ومن نشرتها عن حقوق الإنسان فى الدول المختلفة وأمرت ممثليها الدبلوماسيين فى الخارج بحذف هذا الجزء من تقاريرهم عن البلاد التى يوجدون فيها، وبررت ذلك بأنها تعتبر أن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هى طموحات أكثر منها التزامات حالياً، ولهذا لا يجب أن تدخل فى مفهوم الحقوق المعترف بها دولياً. هذا على الرغم من أن سياسات العولمة قد أدت إلى خفض الانفاق العام وخاصة على التعليم والصحة والاسكان مما يعنى تدهورا فى إشباع هذه الحقوق فى كثير من دول العالم الثالث عامة والدولة العربية خاصة نلاحظ نفس الانتقائية فى موقف الأمم المتحدة التى اتجهت فى السنوات الأخيرة للتركيز أكثر على الحقوق والحريات السياسية والمدنية. وكذلك الحديث أكثر عن حق التجارة الحرة والحدود المفتوحة وحرية انتقال السلع.
نلاحظ موقفاً مشابها للبنك الدولى الذى يحدد معايير الحكم الجيد التى تعتبر شرطاً لتقديم مساعداته لدول الجنوب فليس من بينها الديمقراطية، بل ودعم القطاع الخاص وحرية تداول المعلومات، والانفاق العام الرشيد، وتطوير الخدمة المدنية.. الخ.
5-وبالنسبة للمجتمع المدنى فإن قوى العولمة لا تهتم به باعتبار الوسيط بين المواطن الفرد والدولة والذى يستطيع أن يحقق التوازن بين مصلحة الفرد الضعيف وسلطة الدولة شبه المطلقة، كما أنها لا تهتم به باعتبار وجوده وفعاليته شرط أساسى للتطور الديمقراطى لما يمتلكه من قدرة على الضغط بوسائل سلمية غير عنيفة فيساعد بذلك على تقوية إمكانية إجراء اصلاحات سياسية، وهى لا تهتم بدوره فى تربية اعضائه وقيم ومثل ديمقراطية فتضيف إلى المجتمع قوى وطاقات جديدة تدفع فى هذا الاتجاه. بل تهتم قوى العولمة بالمجتمع المدنى فى دول الجنوب لهدف محدد هو أن يكون بديلاً للدولة التى تنسحب من أدوارها التقليدية ومسئوليتها فى دعم الفئات الفقيرة وإعادة توزيع الدخل القومى لصالح الطبقات العاملة والكادحة والفئات الضعيفة مما يحقق للمجتمع الاستقرار ويجنبه الهزات. قوى العولمة تريد دعم المجتمع المدنى فى دول الجنوب لكى يكون إطاراً يعبىء شرائح وقوى اجماعية لتتحمل عبء مواجهة المشاكل الناجمة عن سياسات التكيف الهيكلى وتخلى الدولة عن مسئولياتها فى هذا الصدد. وبذلك يكون المجتمع المدنى وسيلة لمواجهة ظواهر ومشاكل اجتماعية خطيرة كالبطالة والفقر والتهميش يتحمل أعباءها الشعب.
من هنا فإننا نلاحظ أن العولمة قد أدخلت على خريطة المجتمع المدنى فى دول الجنوب تغييرات جوهرية حيث كان أساس هذه الخريطة جمعيات أهلية خيرية وثقافية واجتماعية تقدم لأعضائها خدمات فى هذه المجالات، أو أندية رياضية وثقافية واجتماعية تشبع احتياجات اعضائها لأنشطة متطورة فى هذه المجالات أو مؤسسات غير حكومية دفاعية أو تعبر عن مصالح اجتماعية لفئات معينة كالنقابات العمالية المهنية والاتحادات الطلابية والمنظمات النسائية أو الشبابية وكذلك الجمعيات التعاونية. لكن العولمة جاءت معها بقضايا جديدة ومشاكل جديدة مثل حماية البيئة من التلوث، والفقر والهجرة واللاجئين وضحايا العنف والسكان الأصليين والمخدرات والارهاب والأمومة والطفولة وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية والعرقية . ولأن منطق العولمة يستبعد الدولة من القيام بدور أساسى فى مواجهة هذه المشاكل فإنها شجعت على قيام منظمات غير حكومية للتعامل معها. كما أن نشطاء المجتمع المدنى سارعوا فى كثير من الأقطار لتكوين منظمات غير حكومية لمواجهة هذه المشاكل والتخفيف من حدتها. وسواء كان المشجع على قيام هذه المنظمات الجديدة هو العامل الخارجى أو الأوضاع الداخلية إلا أن النتيجة واحدة وهى قيام مئات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الجديدة التى تنشط حول أهداف مفتتة وقضايا جزئية دون ارتباط بالأسباب المشتركة لهذه المشاكل الجزئية ودون وضوح حول إمكانية التنسيق والتعاون بينها لمواجهة هذه الأسباب التى تعود بالأساس إلى العولمة الرأسمالية وسياساتها. مما يهدد مؤسسات المجتمع المدنى بالتحول عن دورها الأساسى كجزء من المجتمع الديمقراطى إلى ملطف ومخفف لحدة المشاكل الاجتماعية الناجمة عن سياسات العولمة وتأثيراتها على دول الجنوب وتكرس فى نفس الوقت الحكم الاستبدادى.
6-يطرح هذا التطور فى بنية المجتمع المدنى فى دول الجنوب قضية الحركات الاجتماعية كمكون أساسى من مكونات المجتمع المجنى وكعنصر هام من عناصر التطور الديمقراطى وتحولات المستقبل الاجتماعية. ووجه الأهمية هنا فى طرح قضية الحركات الاجتماعية أننا مع هذا التغير فى بنية المجتمع المدنى فى دول الجنوب نتيجة لسياسات العولمة أمام حركات اجتماعية جديدة تختلف عن الحركات الاجتماعية التقليدية سواء من حيث الأهداف أو الادوار. فالحركات التقليدية كالحركة العمالية والحركة الفلاحية والحركة الطلابية والحركة النسائية كانت جزءاً من الصراع الطبقى فى المجتمع هدفها حماية مصالح فئات اجتماعية واسعة أو طبقات فى مواجهة الاستغلال والقهر الذى تمارسه فئات أخرى، ورغم أنها لم تكن تمارس نشاطاً سياسياً مباشراً إلا أنها أدت فى بعض الأحيان إلى تأسيس أحزاب سياسية لهذه الفئات الاجتماعية، وقد نجحت هذه الحركات الاجتماعية القديمة فى أن توحد نضالها حول أهداف عامة تجمع كل المنتمين إلى تلك الفئة الاجتماعية كالمرأة مثلاً أو العمال وقد لعبت دوراً هاماً فى تعديل موازين القوى الطبقية فى المجتمع فى كثير من الأقطار فى فترات متعددة، ولكننا نلاحظ أن نفوذ هذه الحركات وتأثيرها يضعف باستمرار إما نتيجة لنجاح السلطة القائمة فى استيعابها واحتواء حركتها أو لتغير الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغياب طرح فكرى مناسب لهذه التطورات أو لانصراف اعضائها عن نشاطها. وفى نفس الوقت تنشأ حركات اجتماعية جديدة حول قضايا وأهداف جزئية كحقوق الإنسان والبيئة والعاملين والأمومة والطفولة والأقليات... الخ. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل هناك امكانية لقيام تنظيمات متعددة لا صلة بينها داخل نفس الإطار للتعامل مع جانب من القضية كما هو الحال فى مجال حقوق الإنسان حيث توجد تنظيمات للمساعدة القانونية وتنظيمات لدراسة حقوق الإنسان وتنظيمات لرصد الانتهاكات إلى أخره، وهكذا فإننا نجد أنفسنا أمام انفجار فى الحركات والتنظيمات الجديدة حول أهداف محدودة للغاية دون أن يربط بينها عامل مشترك لتنسيق الجهود أو إدراك واضح للارتباط الضرورى بينها مما يهدد المجتمع المدنى بالانحراف عن دوره الحقيقى فى دعم التطور الديمقراطى من خلال النشاط المنظم الذى تمارسه مؤسساته لدعم وضع الإنسان الفرد فى مواجهة سلطة الدولة المطلقة نتيجة لغياب الرؤية المشتركة والتنسيق المشترك بين هذه المنظمات والحركات واكتفائها بالنشاط حول الهدف الخاص لكل منها. ومن المفارقات فى هذا الصدد أن قدرة هذه الحركات الجديدة قد تكون أكثر على تعبئة قطاعات أوسع مما تستطيع الحركات التقليدية أن تعبئه لأنها تطرح هدفاً مباشراً للفئات التى تخاطبها وتتحرك باسمها.
ونحن لا نستطيع أن نتجاهل هنا أن أحد أسباب التسارع فى تأسيس هذه الحركات هو تزايد وعى الناس بأن الدولة ومؤسساتها ولا سيما الأحزاب السياسية عاجزة عن مواجهة الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن ظاهرة العولمة، وتترك الناس تحت رحمة هذه الأوضاع. واستجابة من الناس لهذه الأوضاع فإنهم ينشئون حركاتهم الاجتماعية الخاصة. وبناء على ذلك يشكل الناس أو ينضمون إلى حركات اجتماعية وقائية أو دفاعية إلى حد كبير تقوم على أسس دينية أو عرقية أو قومية أو جنسية أو بيئية أو سلامية أو محلية أو على أساس أى قضية منفردة. وتقوم معظم هذه الحركات بالتعبئة والتنظيم باستقلال عن الدولة ومؤسساتها وأحزابها السياسية، أنها لا تعتبر الدولة أو مؤسساتها وبخاصة عضوية الأحزاب السياسية والنضال فى صفوفها كمؤسسات كافية أو ملائمة لمتابعة أهدافها.
هذه هى نظرة عامة للديمقراطية فى سياق العولمة وما ترتب عليها من ظواهر ومتغيرات فى قضية الديمقراطية ومكوناتها الأساسية فى دول الجنوب، وينقلنا هذا إلى التعرف على أثر العولمة على الديمقراطية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية فى الوطن العربى، ومدى بروز هذه الظواهر والمتغيرات فى التطور الديمقراطى الراهن فى الوطن العربى.

-3-
أثر العولمة على الديمقراطية فى الوطن العربى

هذه الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للعولمة فى الوطن العربى، وما اتسم به موقف قوى العولمة من قضية الديمقراطية، خلق وضعاً معقداً وشائكاً بالنسبة للديمقراطية والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية فى الوطن العربى ونؤكد هنا بصفة خاصة على القضايا التالية:
1-حدث تحول فى دور الدولة نتيجة لانسحابها من مجالات التنمية والخدمات والدعم، ففقدت قدرتها على المبادرة الاقتصادية وإعادة توزيع الثروة بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحافظ على مستوى معيشة أغلبية السكان، وهى فى طريقها لأن تفقد المبادرة السياسية لخضوعها للمؤثرات الخارجية واختراقها بواسطة المؤسسات الرأسمالية الدولية والشركات متعدية الجنسية، ونتيجة لهذا وللأزمة الاقتصادية، وتدهور مستوى معيشة المواطنين، وتفاقم مشاكل البطالة والفقر، وما تنطوى عليه برامج التكيف الهيكلى من تخفيضات فى الانفاق العام على الإدارة العامة والصحة والتعليم فقد نشأت أزمة شرعية يعززها أن الدولة فى معظم الأقطار العربية ترفض القيام بأى اصلاحات سياسية أو السير على طريق التطور الديمقراطى خوفاً أن يؤدى ذلك فى ظل الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الحادة إلى اضطرابات جماهيرية لا تستطيع الدولة التحكم فيها، كما أنها تزداد قمعاً لأى تحركات جماهيرية أو سياسية تشكل تحدياً لسياساتها.
2-حدث تطور ديمقراطى محدود مع بداية التوجه إلى اقتصاد السوق وتنفيذ سياسات الاصلاح الاقتصادى وبرامج التكيف الهيكلى لم يتجاوز الأخذ بنوع من التعددية الحزبية المقيدة مع استمرار الفئات الحاكمة فى احتكار الحكم وفى الهيمنة على السلطة التشريعية واستخدامها فى إصدار التشريعات التى تخدم التحولات الاقتصادية الجارية، ورغم وجود حرية أوسع فى مجال التعبير عن الرأى من خلال الصحافة إلا أن الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية وسائر مؤسسات المجتمع المدنى تعانى من وجود قيود شديدة تمنعها من الحركة والاتصال بالجماهير وتحافظ على الطابع الاستبدادى والشمولى لنظم الحكم، مما يدفع المواطنين للتحرك الاحتجاجى خارج هذه الأطر وما يترتب على ذلك من اللجوء للعنف أو مظاهر الانفلات الجماهيرى الناجم عن الاحباط وفقدان الأمل فى امكانيات التغيير من خلال الإطار الديمقراطى المحدود.
3-حدث تطور ملموس فى بنية المجتمع المدنى فى معظم الأقطار العربية تحت تأثير قوة العولمة واهتمامتها فى هذا المجال ونتيجة للمشاكل والقضايا الناجمة عن الاتجاه إلى اقتصاد السوق وتنفيذ سياسات التكيف الهيكلى والخصخصة والتجارة الحرة. وسواء كانت القوة التى تقود عملية العولمة تريد ذلك أو كانت مواجهة المشاكل الناجمة عنها فى بلادنا تفرض ذلك، فإن الأقطار العربية شهدت تأسيس العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بقضايا حقوق الإنسان والمرأة والطفولة والأقليات والسكان الأصليين والبيئة ومواجهة التلوث وجماعات رجال الأعمال والسلام والمخدرات والمهاجرون.. الخ. وقد ساعد ذلك توافر تمويل خارجى من منظمات غير حكومية دولية أو منظمات حكومية فى الدول الرأسمالية المتقدمة. وقد أدى هذا التطور إلى تغير فى خريطة المجتمع المدنى حيث تضاءل الاهتمام بالحركات الاجتماعية التقليدية كالحركة العمالية والحركة الفلاحية والحركة النقابية والحركة التعاونية والحركة الطلابية وحركة النساء والشباب التى تناضل من أجل قضايا هذين القطاعين كفئات اجتماعية ترتبط أوضاعها بالصراع الطبقى دون تجزئة إلى قضايا محدودة، وظهرت حركات اجتماعية جديدة لم تنضج بعد بالقدر الكافى فى مقدمتها حركة حقوق الإنسان والبيئة والأمومة وغيرها. ومن المهم أن نلاحظ أن نمو المجتمع المدنى لا يأتى تعبيرا عن الاهتمام بالديمقراطية بل لتعويض انسحاب الدولة من أدوارها السابقة.
4- أدت الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحتدمة فى معظم الأقطار العربية وانسداد آفاق تجاوزها اقتصاديا وسياسياً إلى تصاعد التوترات الاجتماعية واللجوء إلى العنف، وتدخلت مؤثرات خارجية فى الصراعات الداخلية.
وتم تدويل هذه الصراعات التى تدور حول قضايا حساسة ذات طابع دينى أو عرقى، وشهدت بعض الأقطار العربية صراعات دامية وصلت إلى حد الحرب الأهلية أو حافة الحرب الأهلية فى لبنان والسودان والجزائر والصومال. كما شهدت أقطار أخرى أحداث عنف دامية استمرت سنوات طويلة كمصر واليمن، بالإضافة إلى استقلال الأكراد فى العراق مستفيدين من الحصار الدولى المفروض عليه. وكانت جماعات الإسلام السياسى الجهادية طرفاً فى هذه الصراعات الدامية، ومع ذلك فإننا نلاحظ أن قسماً من حركة الإسلام السياسى يمثله الإخوان المسلمون بصفة أساسية يمارس نشاطه وفق القواعد السياسية السائدة ويقبل العمل من خلال الأطر السياسية والاجتماعية الشرعية، ولكنه ما يزال ينشط لتحقيق هدف نهائى هو تحويل النظام السياسى والاجتماعى القائم ابتداء من القاعدة وانطلاقا إلى الأعلى من خلال إقامة مجتمع مدنى منفصل عن الدولة العلمانية ومتعايشة معها، مع العمل تدريجياً على توسيع نطاق الميدان الاسلامى إلى أن يشمل الدولة ذاتها. وقد برعت حركات الإسلام السياسى فى استخدام العمليات السياسية المشروعة لتحدى النظام السياسى السائد، وقد اتاحت الانتخابات المحلية على سبيل المثال دخول الإسلاميين فى العمليات السياسية الرسمية للدولة كما هو الحال فى مصر والأردن واليمن والجزائر ولبنان والكويت. والمفارقة هنا تتمثل فى وجود تيارات سياسية تنشط من خلال مؤسسات المجتمع المدنى وقواعد الديمقراطية القائمة وليس معروفاً فى نفس الوقت إلى أى مدى ستلتزم مستقبلاً بهذه القواعد لتحقيق أهدافها النهائية.
-4-
نحو تعميق الديمقراطية فى الوطن العربى

لا تعود هشاشة الديمقراطية فى المجتمعات العربية إلى المؤثرات الخارجية فقط مثل مفهوم الديمقراطية الذى تروح له قوى العولمة والذى يغفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومثل اكتفاء قوى العولمة بتوظيف الديمقراطية فى العالم الثالث لتمرير سياسيات التكيف الهيكلى وإدارة الأزمة دون أن تصبح بالفعل نموذجاً وقاعدة للحكم، وكذلك المعايير المزدوجة التى تستخدمها قوى العولمة من الديمقراطية فى العالم الثالث فتتغاضى عن انتهاكها فى دول معينة لو كان ذلك يحقق مصالحها، والانتقائية فى التركيز على جوانب معينة فى الديمقراطية واهمال جوانب أساسية أخرى. بل تعود هشاشة الديمقراطية أيضا وبدرجة أكبر إلى عوامل داخلية تكمن فى صميم بنية المجتمعات العربية وبصفة خاصة غياب المثل والقيم الديمقراطية، أو تلك التى تعتبر شرطاً لقيام ممارسة ديمقراطية حقيقية، وضعف مؤسسات المجتمع المدنى، وغياب المبادرة الشعبية نتيجة القيود المفروضة على الحركة الجماهيرية. من هنا فإن أى إصلاح ديمقراطى حقيقى فى المجتمعات العربية يتطلب أن يوضع فى الاعتبار المؤثرات الخارجية والعوامل الداخلية التى حالت حتى الآن دون تعميق الديمقراطية فى الوطن العربى.
يبدأ الطريق نحو تعميق الديمقراطية فى الوطن العربى يتبنى مفهوم سليم للديمقراطية يعالج نواقص وعيوب الديمقراطية البورجوازية وتحديد المقومات الأساسية التى لا يمكن بدونها أن يكتمل البناء الديمقراطى، ومن ثم تحديد المهام الأساسية التى يتعين انجازها لإقامة هذا البناء.

1-المفهوم السليم للديمقراطية:
ركزت الأنظمة الرأسمالية الغربية على مفهوم الحرية الفردية فى تحديد الديمقراطية وممارستها. كما ركزت على مفاهيم الاقتصاد الحر والمبادرة الشخصية وتقوية القطاع الخاص وحقوق الإنسان، وربطت بين مفهومى الديمقراطية والرأسمالية وتصوير الأمر وكأن الأولى نتيجة للثانية. فتم إهمال مفهوم العدالة الاجتماعية وخاصة ما يتعلق بمحاربة الفقر وتخفيف الفروقات الطبقية والفئوية والعنصرية والجنسية بين الرجل والمرأة، وتأمين تكافؤ الفرص فالطبقات والجماعات الفقيرة المغلوبة على أمرها لا تستطيع أن تمارس حريتها فى غياب العدالة الاجتماعية، وبذلك لم تستكمل الديمقراطية البورجوازية شرط ممارسة الحرية نفسها، والتحدى الحقيقى الآن أمامنا فى الوطن العربى هو بلورة وتطبيق مفهوم سليم للديمقراطية يستفيد مما انجزته الديمقراطية البورجوازية وتراثها ويضيف إليها ما يمكن من ممارسة الحرية بالفعل لكافة المواطنين بدون تمييز وفى هذا الصدد يؤكد المفكر العربى د. سمير أمين أن الديمقراطية التى تطمح إليها شعوب العالم الثالث يجب أن تجمع بين التأكيد على البعد الاجتماعى الاصلاحى واحترام استقلالية المبادرة الشعبية.
من هنا فإن تطوير مفهوم سليم للديمقراطية يتطلب التأكيد على ما يلى:
-لا تتحقق الديمقراطية السياسية ما لم تتحقق الديمقراطية فى المجالين الاقتصادى والاجتماعى أيضاً، وذلك أن الحقوق السياسية المتساوية لا يمكن أن تؤدى إلى تمتع الأفراد بقوى سياسية متساوية طالماً أن هؤلاء الأفراد غير متمتعين بحقوق وقوى اقتصادية متكافئة.
-أهمية تجاوز البرلمانية التمثيلية إلى صور الديمقراطية المباشرة لتوسيع نطاق المشاركة الشعبية لكل فئات الشعب.
-ان غياب أى تعبير مستقل من جانب القوى الاجتماعية إزاء سلطة الدولة يجعل أى حديث عن الديمقراطية بدون معنى لأن الديمقراطية تصبح مستحيلة فى هذه الظروف. ويعنى هذا ضرورة فتح الباب واسعاً أمام استقلالية المبادرة الشعبية وبصفة خاصة من خلال مؤسسات المجتمع المدنى.
-لا يمكن السير بنجاح على طريق التطور الديمقراطى بدون النجاح فى تحقيق ثورة ثقافية تدعو إلى قيم تخدم هذا التطور الديمقراطى وبصفة خاصة قيم التسامح والحوار والتعاون واحترام الآخر والتنافس والصراع السلمى.
-إذا كانت الرأسمالية هى الحامل الاجتماعى للديمقراطية فى المراكز الرأسمالية المتقدمة نظراً لظروف أوروبا وأمريكا فى القرنين التاسع عشر والعشرين فهناك شكوك كثيرة حول إمكانية قيام الرأسماليين الجدد ورجال الأعمال فى الوطن العربى بهذا الدور لأسباب كثيرة، والأرجح أن الحامل الاجتماعى للديمقراطية فى الوطن العربى سيكون تحالفاً وطنيا شعبياً من الفئات الوسطى والعمال والفلاحين يلعب فيه المثقفون التقدميون دوراً أساسياً وسيكون هناك مكان فى هذا التحالف لقطاع من الرأسمالية المحلية التى ترتبط مصالحها باستقلال الاقتصاد الوطنى.

2-المقومات الأساسية للديمقراطية:
يؤكد المفهوم الذى طرحناه للديمقراطية أنها ليست مجرد مؤسسات وآليات للحكم بل هى طريقة فى الحياة وأسلوب لتسيير المجتمع كله يتضمن قيماً وآليات ومؤسسات. من هنا فإنه لا يمكن الحديث عن الانتقال إلى الديمقراطية بدون تعميق القيم الموجهة لسلوك المواطنين فى هذا الاتجاه، أو بدون توافر الآليات التى يتم من خلالها تأكيد القيم الديمقراطية وأهداف الممارسة الديمقراطية، أو بناء المؤسسات التى تمارسها من خلالها هذه الطريقة فى الحياة وبالتالى فإن المقومات الأساسية للديمقراطية يجب أن تشمل عناصر جديدة بالإضافة إلى مقومات الديمقراطية البورجوازية ويمكن الإشارة إلى أهم هذه المقومات على النحو التالى:
-احترام التعددية السياسية والثقافية، وتوافر الحقوق والحريات المدنية والسياسية الأساسية، وإقرار مبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات وتداول السلطة من خلال انتخابات برلمانية دورية حرة ونزيهة.
-توافر حد أدنى من الدخل يضمن المستويات الغذائية والصحية والتعليمية والسكنية اللائقة بحياة كريمة من خلال الالتزام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
-حكم محلى ديمقراطى حقيقى يقوم على انتخاب المجالس المحلية ورؤساء المدن والمراكز والمحافظين وإعطاء المحليات صلاحيات فعليه فى التقرير والتنفيذ وتدبير موارد مالية محلية.
-مشاركة العمال فى إدارة الوحدات الانتاجية لضمان انتظام العملية الانتاجية وتعميق التفاهم بين العمال والإدارة حول الشروط الواجب توافرها لاستقرار العمل.
-مشاركة المستفيدين فى وحدات الخدمات بحيث ينتخب المنتفعون من خدمات الوحدة الصحية أو المستشفى أو المدرسة.... الخ مجلسا يشارك فى تطوير وتحسين الخدمة.
-إطلاق الحرية كاملة للقطاع الأهلى فلم يعد مقبولا أن تتناقض القوانين القائمة مع الحقوق التى أقرتها الدساتير فى هذا المجال. ولم يعد مقبولا أن تتدخل الحكومات فى نشاط النقابات وسائر منظمات المجتمع المدنى، أو تفرض أوضاعاً تصادر حرية الآراء وتعددها واختلافها باعتبارها أساس الحياة الديمقراطية.
-حرية وتعددية وسائل الإعلام: فمن حق المواطن أن يعرف حقائق الأمور وأن يتابع اختلاف الآراء فيها باعتبار حرية تدفق المعلومات من مصادر متعددة شرط أساسى لكى يشارك المواطنون فعلا فى صنع القرارات والاختيار بين البدائل المطروحة عليهم.
-تبنى مفهوم جديد للتنمية يقوم على التنمية للشعب بالشعب وتوفير ضرورات الحياة للمواطنين والتوزيع العادل لعائد التنمية. وبذلك تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية السياسية.

3-مهام أساسية لانجاز التحول الديمقراطى: ونركز هنا على مسئولية المجتمع المدنى نفسه فى توفير شروط الديمقراطية، تؤكد التجربة فى كثير من الأقطار العربية أن تنظيم الجماهير هو الحلقة الرئيسية فى النضال الديمقراطى، فالجماهير المنظمة هى القوة الأساسية التى تستطيع أن توفر الشروط الضرورية فى المجتمع لإقرار الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وتضمن حماية هذه الحقوق من أى عدوان عليها، أو محاولة للانتكاس بها. وبقدر النجاح فى تعبئة الجماهير بقدر النجاح فى انتزاع المزيد من المكاسب الديمقراطية. من هنا فإننا لا نبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا ذكرنا أن بناء حركة جماهيرية منظمة ومستقلة للطبقات والشعوب الاجتماعية الكادحة والمنتجة هو الحلقة الرئيسية والواجب الملح فى الفترة الحالية من تطور المجتمعات العربية ويطرح علينا هذا الاهتمام بصفة خاصة بدعم استقلالية المبادرة الشعبية والتنشئة الديمقراطية وإشاعة الثقافة الديمقراطية فى المجتمع وصياغة استراتيجية للعمل المشترك بين مؤسسات المجتمع المدنى. وهو ما نشير إليه بإيجاز فيما يلى:

أ-دعم استقلالية المبادرة الشعبية بالتوسع فى تنظيم الجماهير وإقامة مؤسسات المجتمع المدنى:-
لا يمكن دعم استقلالية المبادرة الشعبية بدون توافر المؤسسات الشعبية التى تعبأ من خلالها الجهود الشعبية وتنظم حركتها. من هنا فإننا فى حاجة ماسة إلى بناء شبكة واسعة من المنظمات الجماهيرية والجمعيات الاجتماعية والثقافية فى مختلف قطاعات المجتمع، بحيث تتكامل جهودها من أجل دعم نفوذ الجماهير وزيادة مشاركتها السياسية. والقضية الأساسية فى تنظيم الجماهير هى جذبها إلى مجال العمل العام انطلاقا من وعيها الملموس بمدى الارتباط بين مشاكلها المعيشية والأوضاع العامة للمجتمع، وإدراكها لمسئوليتها فى المساهمة فى نشاط جماعى لحل هذه المشاكل، وهنا تبرز أهمية المجتمع المدنى باعتباره مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التى تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة فى ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضى والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والخلاف، والآخرين. ومنظمات المجتمع المجنى هى أشبه بالبنية التحتية للديمقراطية. وهى مدارس للتنشئة الديمقراطية، فسواء كانت جمعية خيرية أو ناديا رياضيا أو رابطة ثقافية أو نقابة عمالية أو مهنية، فإنها تدرب أعضاءها على الفنون والمهارات اللازمة لتعميق الديمقراطية فى المجتمع الأوسع، مثل الالتزام بشروط العضوية وحقوقها وواجباتها، والمشاركة فى النشاط العام، والتعبير عن الرأى، والاستماع إلى الرأى الأطر، وعضوية اللجان، والتصويت على القرارات، والمشاركة فى الانتخابات، وقبول النتائج سواء كانت متفقة مع رأى العضو من عدمه. ومنظمات المجتمع المدنى تعتبر فى جانب أساسى منها جماعات مصالح وهى بذلك جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطى العام إن وجد فعلاً، وجزء لا يتجزأ من الشروط اللازمة لوجود مثل هذا النظام أو التمهيد لنشأته إن لم يكن موجوداً بالفعل.
والمجتمع المدنى رغم نشأته فى النظام الرأسمالى إلا أنه ليس شأنا رأسماليا بحتاً، بل يعنى أيضاً الطبقة العاملة والطبقات الكادحة، فهو مفهوم صراعى إن جاز التعبير. يحتم على القوى السياسية التقدمية الممثلة لهذه الطبقات الكادحة أن تهتم بتقويته ودعمه لكى تنجد فيه هذه الطبقات مكانا لتنظيماتها الثقافية ومصالحها الاجتماعية والاقتصادية ولا يجوز لليسار أن ينعزل عنه أو يتعالى على النشاط فيه واهمال تكوين تنظيمات اجتماعية وخيرية تخفف اعباء الاستغلال عنهم وتجسين شروط وجودهم الاجتماعى وتساعدهم على توسيع مشاركتهم السياسية.

ب- التنشئة الديمقراطية وإشاعة الثقافة الديمقراطية فى المجتمع:
تقوم الديمقراطية كأسلوب حياة فى المجتمع وتنظيم لعلاقات المجتمع بما يضمن حل صراعاته بوسائل سلمية على مجموعة من المعايير تترجم الى قيم ومعتقدات وسلوك تشكل ثقافة الإنسان ونظرته إلى هذه القضية وموافقه العملية منها. وهذا يعنى أن الفرد الذى يتمسك بقيم الديمقراطية سيدفعه ذلك إلى أن يلتزم فى سلوكه بتفهم مشاعر الآخرين ومواقفهم والاعتراف بالآخر والمشاركة الاجتماعية والمساواة فى هذه المشاركة.. الخ.
وفى هذا الإطار فإن التنشئة الديمقراطية تشمل كل قطاعات المجتمع ابتداء من الأسرة إلى المدرسة والنادى إلى جماعة العمل فى المصنع والمزرعة ووحدة الخدمات ومؤسسات المجتمع المدنى فهى تبدأ بالتربية منذ الصغر وتستمر مع الإنسان فى كل مراحل حياته حيث يتعين أن نغرس فى وجدان الأطفال والشباب مجموعة القيم والسلوكيات الديمقراطية لتكون أساس تصرفاتهم مع الأهل والأصدقاء والزملاء، فما لم تكن هذه القيم والسلوكيات أساس التعامل وأساس العلاقات فى المجتمع فإنه من المشكوك فيه أن يشهد هذا المجتمع ديمقراطية سياسية، بل يصبح العمل السياسى والنشاط الحزبى والانتخابات العامة ظواهر معزولة عن السياق العام لحركة المجتمع، ومقطوعة من جذورها وبيئتها، وبالتالى فإنها تصبح مجرد شكليات تمارس دون جدوى. أن التنشئة الديمقراطية مطالبة باعطاء اهتمام خاص لقيم الحوار والنقد والنقد الذاتى والعمل الجماعى بروح الفريق، وهذه مسئولية المجتمع كله الأباء والأمهات داخل الأسرة والمعلمون فى المدرسة والجامعة، وقيادات العمل فى مؤسسات الانتاج والخدمات، وهى أيضاً مسئولية الأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والجمعيات الأهلية فى حياتها الداخلية وفى علاقاتها الجماهيرية وهى مسئولية الحكم أيضاً الذى يتحمل مسئولية توفير المناخ وتهيئة الشروط لتحقيق ذلك فى مختلف المجالات والمؤسسات.

ج- صياغة استراتيجية للعمل المشترك بين مؤسسات المجتمع المدنى:
يمر المجتمع المدنى فى الوطن العربى بمرحلة انتقالية بالغة الصعوبة والتعقيد، تتشابك فيها الأبعاد العالمية والدولية، مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمتلاحقة، والتيارات الفكرية والثقافية المتصارعة. ويدفع هذا الوضع مؤسسات المجتمع المدنى إلى الانشغال والانخراط فى معارك متعددة سواء بين المجتمع المدنى والدولة للمحافظة على استقلاله، أو بين المجتمع المدنى وبعضه كما يحدث بين القوى المدنية والقوى الإسلامية. يواجه المجتمع المدنى العديد من المخاطر نتيجة لذلك تتطلب أن تتضافر كل قوى ومؤسسات المجمع المدنى معاً فى عمل مشترك يمكنها جميعاً من مواجهة واجتياز هذه المخاطر ولتحقيق هذا العمل المشترك فإنه من المهم أن يتم فى إطار استراتيجية مشتركة تقود خطى العمل المشترك لقوى ومؤسسات المجتمع المدنى يراعى فيها:
1-ضرورة المحافظة على دور المجتمع المدنى فى دعم التطور الديمقراطى للمجتمع وعدم الانحراف به ليكون مجرد بديل للدولة فى دعم الفئات الضعيفة والفقيرة وتلطيف حدة المشاكل الناجمة عن سياسات التكيف الهيكلى.
2-تعديل التشريعات القائمة المنظمة للعمل الأهلى والمدنى بحيث تتوفر لمؤسسات المجتمع المدنى استقلالية حقيقية فى ممارسة النشاط.
3-الاستفادة من الامكانيات المتوفرة لدى مختلف مؤسسات المجتمع المدنى فى الدعم المتبادل وخاصة الإمكانيات التنظيمية والبحثية والمادية.
4-إنشاء اتحادات جهوية أو قطاعية أو قطرية بين الجمعيات والمؤسسات المتماثلة لدعم جهودها ومضاعفة النتائج المتحققة منها.
5-إنشاء أجهزة فنية مشتركة على المستوى القطرى للبحث العلمى والإعلام والتدريب والاستفادة منها فى خلق كوادر جديدة أو تطوير قدرات الكوادر القائمة.
6-التنسيق فى حملات إعلامية مشتركة لطرح قضايا ومشاكل المجتمع المدنى على المجتمع كله وتكوين رأى عام مساند لقيام المجتمع المدنى بدور حقيقى فى دعم التطور الديمقراطى للمجتمعات العربية.
7-فتح قنوات اتصال منتظمة مع السلطة التشريعية والصحافة وأجهزة الإعلام ومراكز صنع القرار لتتوفر لديها باستمرار معلومات وبيانات دقيقة وصحيحة عن المجتمع المدنى وأوضاعه واحتياجاته.
8-عقد مؤتمرات دورية لمناقشة المشاكل والقضايا الأساسية للمجتمع المدنى ودعوة أطراف أخرى للمشاركة فيها للمساهمة الإيجابية فى اقتراح الحلول المناسبة لهذه المشاكل وتبنى هذه الحلول لدى الهيئات المختصة.
9-الاهتمام بشكل خاص بتطوير اوضاع المنظمات غير الحكومية الجديدة التى تنشأ حول أهداف جزئية والربط بين مجموعة المنظمات التى تعمل فى مجال واحد وتطوير علاقاتها الجماهيرية بما يساعد على تفعيل نشاطها واكتسابها المقومات الضرورية لتحولها إلى حركات اجتماعية لها عمق شعبى كافى.
10-إيجاد حلول حقيقية لمشاكل التمويل، والضغط فى اتجاه تحمل رجال الأعمال والقادرين نصيبا هاماً، من هذا التمويل بحكم مسئولياتهم الاجتماعية. ووضع التمويل الأجنبى فى حجمه الصحيح.
11-التنسيق مع الاتحادات الشعبية والأهلية المماثلة فى المنطقة العربية كأساس لإقامة مجتمع مدنى عربى يكون له وجود رسمى فى مؤسسات جامعة الدول العربية ويلعب دوراً فى تعزيز العلاقات الشعبية العربية على اسس ديمقراطية، ويطرح القضايا العربية فى المؤتمرات والمحافل الدولية التى تشارك فيها المنظمات غير الحكومية.
المراجع

1-إيمانويل فالرشتاين وآخرين، الاضطراب الكبير، دار الفارابى، بيروت، لبنان. الطبعة الأولى 1991.
2-جيليان شويدلر، المجتمع المدنى ودراسة السياسة فى الشرق الأوسط، سلسلة المجتمع المدنى والحياة السياسية الأردنية، إصدار مركز الأردن الجديد للدراسات، عمان، الأردن.1997.
3-أمينة رشيد (تحرير)، التبعية الثقافية، دار الأمين للنشر والتوزيع، القاهرة جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1999.
4-د. سمير أمين، فى مواجهة أزمة عصرنا، دار سينا للنشر، القاهرة، جمهورية مصر. العربية، الطبعة الأولى، 1997.
5-هانس بيتر مارتين العربية، سلسلة عالم المعرفة الكويت العدد 238. أكتوبر 1998.
6-د. اسماعيل صبرى عبد الله، توصيف الأوضاع العالمية المعاصرة – سلسلة أوراق مصر 2020 رقم 3، منتدى العالم الثالث، القاهرة جمهورية مصر العربية يناير 1999.
7-مامادو ضيوف، ليبرالية سياسية أم انتقال ديمقراطى؟ منظورات أفريقية مركز البحوث العربية، القاهرة، اصدار المجلس الأفريقى لتنمية البحوث الاجتماعية، سلسلة الطريق الجديد رقم 1 جمهورية مصر العربية 1998.
8-عالم الفكر، المجلس الوطنى للثقافة والتنوير والآداب – دولة الكويت، العدد 27 المجلد السابع والعشرين، العدد الثامن يناير مارس 1999 المجلد الثامن والعشرون العدد الثانى أكتوبر ديسمبر 1999.
9-التقرير الاستراتيجى العربى، مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بالأهرام، القاهرة 1994، 1995.
10-مجلة السياسة الدولية، الأهرام القاهرة العدد 127 يناير 1997، العدد 133 يوليو 1998.
11-مجلة النهج، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية فى العالم العربى، دمشق، سوريا، العدد 8 صيف خريف 1996.