المشرق العربي يقوم بدور الوسيط بين شعوب دول المتوسط


مصطفى العبد الله الكفري
2004 / 8 / 27 - 12:53     

قامت منطقة المشرق العربي التي شملتها السيادة العربية الإسلامية منذ القديم بدور الوسيط بين شعوب دول المتوسط شعوب أوروبا من جهة، وشعوب أفريقيا وغرب آسيا من جهة أخرى، فالمشرق العربي أمن الاتصال بشرق أفريقيا عن طريق اليمن ومصر وبالشرق الأقصى عبر طريقين:
الأول - طريق بري، يصل إلى الهند والصين عبر إيران . والثاني - طريق بحري، يبدأ من موانئ بحر العرب والخليج العربي، ومن موانئ مصر أحياناً قليلة، ويصل عبر المحيط الهندي إلى الهند والصين وجنوب شرق آسيا . أما الجناح الغربي من منطقة السيادة العربية الإسلامية فقد قام بدور وصل أوروبا بوسط وغرب أفريقيا.
عوامل عديدة أدت إلى تعميق هذا الدور ( دور الوسيط) وزيادة فعاليته وتوسيع مداه في عصر السيادة العربية الإسلامية منها:
1 ـ خضوع منطقة الوصل بين هذه العوالم كلها، والمكونة من شبه الجزيرة العربية وسوريا والعراق ومصر وشمال أفريقيا لسيطرة دولة واحدة، هي الدولة العربية الإسلامية .
2 ـ إن قيام سلطة واحدة على المناطق التي أشرنا إليها أدى إلى انقطاع صلتها بالمراكز التي كانت تابعة، مما أدى إلى ضعف الاتصال التجاري معها، مما فرض عليها إقامة علاقات تجارية مع الدول أخرى تعتمد عليها في تزويدها بالمواد التي انقطع ورودها . ( كما هي حال علاقة كل من مصر وسورية بالدولة البيزنطية ) .
3 ـ أدى نمو المدن الكبرى وتزايد نشاط الحياة المدنية، وتزايد عدد سكان المدن إلى تحولها إلى مراكز استهلاك كبرى،مما أدى إلى تنشيط حركة نقل البضائع على الطريق الموصلة بين مختلف المناطق .
4 ـ أدى ازدياد النشاط التجاري على الطرق القديمة وازدياد الفعاليات التجارية إلى التوسع في عمليات التجارة، والتنويع في البضائع، وبخاصة مع تزايد طبقة المترفين الذين يميلون دائماً لاقتناء الغريب الذي لا يتوفر لدى الآخرين، أي المستورد من مناطق بعيده غير معروفة قبلاً .
5 ـ استطالت نهاية الخطوط التجارية لتصل في الشمال إلى روسيا وفي الشرق إلى إندونيسيا وكوريا .
نظراً لطبيعة التجارة وارتباطها التام بحركة الرياح الموسمية كانت الرحلة بين الساحل العربي والسواحل الشرقية للمحيط الهندي تستغرق حوالي عام ونصف. وكان يحدث في أحيان كثيرة أن يمر موسم الرياح دون أن تجهز السفن حمولتها من السلع. فتنتظر لهبوب الرياح التي تليها فتطول إقامتها، لذلك وجدت أماكن لإقامة التجار . كما كان هناك وكلاء تجاريون، وغالبا ما كانوا من العرب ومع مرور الزمن تكاثر عدد العرب بالمواني المختلفة، وحدث التزاوج بين الوافدين وأهل البلاد.
وكما كان لعرب سواحل شبه الجزيرة العربية علاقات مع شرق أفريقيا (غرب المحيط الهندي) كان لهم نشاط مماثل مع بلاد شرق المحيط الهندي كالهند، سيلان، جزر المالديف، اندونيسيا والصين . وكان لموقع بلادهم الهام والاستراتيجي الفضل في انهم كانوا أصحاب اليد الطولى في النشاط التجاري عبر المحيط الهندي . وكما استقر العرب على سواحل الغرب استقروا أيضاً على سواحل الشرق .
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]