قراءة في كتاب(استقلالية العقل ام استقالتة)تأليف خليل المياح


كاظم خضير القاضي الحسني
2010 / 6 / 21 - 01:51     

يواجهك وأنت تتصفح مقالات الأستاذ المبدع خليل أبراهم المياح التي جمعت بين دفتي كتاب صدر حديثا عن دار الينابيع الدمشقية انتفاء ظاهرة ترقيع التراث التي دأب عليها جملة من الكتاب

التقليديين وهم يستعرضون سيرة أو تراث السلف مقحمين النصوص الدينية المقدسة شاهدا ودليلا

يبطل خوض الخائضين ويضع جميع تراث الأمة -غثة وسمينه- في فلك (تابو) التحريم،

فلا يعدو تلك الدائرة إلا القلائل من عشاق الحقيقة أو المصلحون متجشمين غضب العامة وتكفير

الخاصة.

إن أعادة كتابة التراث أوصبه في قوالب العصر دون إعادة قراءته أو المساس بصياغته أو فحواه

لا يقيض مشكلة ولا يصنع لها حلولا بقدر ما يزوقها ويعيد ترميمها أو يساعد على ديمومتها

ويزج بها في معترك الحياة، فالسلفيون الجدد انطلقوا من دوارس التراث نافخين فيه روح الفتوى

تحت شعار من أحيا سنة ميتة........

فظهر اثر ذلك كتاب الفريضة الغائبة وغيرها من كتب الإرهاب؟؟؟؟

لقد تعامل الأستاذ المياح مع التراث في مجموع مقالاته بتوازن فلم يجعله في سلة واحدة كما فعل الكتاب التقليديين بل ألمح إلى الجوانب المشرقة والمحطات المضيئة في تراث الأمة التي أزرت العقل في محنته وفضحت زيف التقليديين ممن ركن العقل جانبا أو أقاله، فنراه يشيد بمحاولات الفلاسفة الذين سعوا إلى إقالة الكبوة الأموية أمثال الفارابي بمدينته الفاضلة والمتفلسف الشيعي

(مسكويه) الذي كان يهدف إلى استطالة التعاليم الفلسفية مشيرا بهذا الأستشهاد إلى الناقد التاريخي

(محمد أركون) الذي أعتمد رؤاه النقدية بمزاوجة مادية تحليلية.

ولا يفوتنا أن نشير إلى مقالة المياح:مدن الله الأموية والعباسية ذبحت الصالحين من البشر

حيث يقف فيها على بعض المقولات الإسلامية التي جيرها السلف لصالح السلاطين فقد(كانوا يلحفون على مقولة الجبر اللألهي والمعبود السياسي(خليفة الله وأمير المؤمنين)) وما فعلته العقلية الأشعرية من تمجيد للسلطة وتكريس لها . إن تلك المقولات التي شكلت محنة الإنسان في يوم ما لا تزال تلقي بظلالها على العقل العربي ...........

قد لايرضي طرح المياح كثير من الأمزجة التي اعتادت النظر بعين واحدة ديدنها التغني

بأمجاد الأمة وسلفها الصالح متناسين أن العلل والأدواء لا تشفى بالثناء .

قد نختلف قليلا أو كثيرا مع الأستاذ المياح في بعض وجهات النظر لكن لايعني ذلك إنكار

ما بذل من جهد وتحليل معمق أو تبخيس ما جاء به من أراء.وليكن دأبنا إحياء المقولة الشهيرة:

(رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي).

وختاما لا يسعنا إلا أن نقول أن مجموع مقالات الأستاذ خليل المياح تسد جوانب معرفية مهمة

يحتاجها القارئ العربي تحديدا في خضم معترك تشابكت فيه المقولات والرؤى النقدية ...