نصف القوامة


هيفاء حيدر
2010 / 5 / 20 - 00:10     

نصف القوامة
لو تسنى لأي منا بزيارة باريس يوما" فأنا على الأقل سأطلب أن أزور برج إيفل والمتحف الوطني وأن أجلس قليلا" على ضفاف نهر السين،ولا أدري إن كان ممكن زيارة قلعة الباستيل في ذات الوقت،سوف لن يشغلني أن أتفحص وجوه المارة كي أعرف ماذا يلبسون أو ماذا يضعون من أقراط و سناسل في أماكن أجسادهم المختلفة فهذا شأن ليس بالمهم على وجه التحديد ليس لي فحسب وإنما للآخرين كذلك على ما أعتقد.ومناسبة هذا الكلام هو برنامج شاهدته على إحدى الفضائيات يقدم الرشد و الموعظة والفتاوى كيفما تيسر لهم.
لقد بات شيوخ الفضائيات يبتدعون ما طاب لهم من الفتاوى والتي لا أحد يعرف من أين يستقون معلوماتهم و ماذا يبتغون من وراء ذاك الهراء الذي يلقون به على مسامعنا بين الحين و الحين يجملون الكلام برش بعض الجمل التي لا تمس للموضوع بصلة،من نوع "أنا أحبك في الله ،إن شاء الله" ،لقد أتيح لي أن استمع منذ أيام وبالصدفة المحضة لأحد هؤلاء الدعاة للدين في إحدى الفضائيات العربية،وكان الشيخ يدلي بالفتوى تلو الأخرى وكأن السامعين من سكان ما قبل العصور الوسطى ، وأدهى ما في الأمر إنه كان يستحضر ما طاب له من أحاديث ينسبها ببساطة إلى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد توقفت أمام ثلاثة من هذه الفتاوى الدينية وكانت كالتالي:
إتصل أخ مسلم يعيش في فرنسا كما ذكر وظهر مكتوبا" في أسفل الشاشة وطرح مشكلته الآتية:
بقول إنه متزوج من ثلاثة أشهر ويسأل هل حرام أم حلال؟خروج زوجته من البيت وهي تضع الكحلة على عيونها وكذلك هل يجوز لها أن تسلم باليد وتقبل والده و والدته وأعمامه؟
انتهت مكالمة الأخ السائل وجاءه الجواب كالتالي :
بداية لا بد إن أذكر أن الشيخ كان يستمع ويتعوذ بالله و الأخ يسأل على طريقة أي إثم هذا الذي سيقع لو خرجت بالكحلة ؟وكحل أردف بالإجابة :
الكحل و التزين فقط للزوج داخل البيت يجب أن لا يرى زينة المرأة سوى زوجها.....وأضاف نحن يا أخي الكريم لا نريد معصية الله ...وحرام أن تسلم على أعمامك وأن تكشف رأسها أمامهم فقط تظهر شعرها لوالديك لأنهم أصبحوا مثل أهلها .وغير ذلك فيه معصية لله سبحانه وتعالى وأنهى كلامه بجملة أنت حبيبي بالله إن شاء الله؟؟؟
انتهت الفتوى عند هذه الجملة .وكان الله في عون الأخ السائل بل في عون زوجته كيف سيكون الأمر عندما ستخرج من البيت أو كيف ستتصرف عند مجئ أهل زوجها لزيارتها وكيف ستستطيع أن توفق ما بين أن تسلم على بعضهم وهي مكشوفة الرأس ؟وكيف ستمتنع عن مد يدها إلى آخرين مع بقاء غطاء الرأس ؟وكيف سيكون الآمر إذا ما اجتمع الأهل جميعا"في جلسة واحدة ؟كما يحدث لدينا غالبا" واعتقد أن موضوع الكحل في العين سيكون شائكا" هو الآخر حتى ولو لم تخرج من المنزل والضيوف موجودين ،كلها أمور ستجد المرأة المسكينة زوجة الأخ المتصل بفضيلة الشيخ نفسها في دوامة لا قرار لها، من ما بين هو مسموح وما بين ما هو غير مسموح هذا في جزئية الكحل فقط فكيف الأمر فيما تبقى من أمور
أما الفتوى الثانية فكانت بخصوص اتصال أخ من دولة عربية ومشكلته تتلخص كما قال بأنه متزوج من يومين ولم يتمكن من الدخول بزوجته............ولقد حضرت أمه وقرأت عليه قرآن ولم يستطع ........ويطلب رأي فضيلة الشيخ و نصيحته بذلك .
وهذا كان رأيه السديد:
ابتدأ بمقدمة تتحدث عن الخير و الشر الموجودين داخل الإنسان وبان الوقاية خير من العلاج
وبأنه علينا أن نقتدي بالرسول الكريم( ونعمل زيه)،فقد كان الرسول يقرا المعوذات وينفخ الهواء في يده سبع مرات ............ وأنت أخي الكريم عليك بالتالي – وهنا بدأ الإرشاد الخاص للرجل-
اقرأ المعوذات سبع مرات على زجاجة من الماء ،ثم انفخ بهواء على يديك وأجمعهما هكذا – ووضع يديه بجانب بعضهما – وهذا يبعد الحسد- وبعد امسح جسمك وجسم زوجتك بالماء – كي يبعد الحسد- والخطوة التالية اقرأ صورة البقرة على الماء وانفخ عليه وتشرب منه ثلاثة مرات باليوم في الصباح والظهيرة و المساء وأخيرا" عليك أن تستحم بالماء ،وأنهى كلامه قدر وما شاء الله فعل.
هذه كانت وصفة سريعة محكمة دينيا" وبحسب آخر ما توصل إليه الطب النفسي أو غيره فالأمر سيان . طالما أن أخونا في الدين هذا يسرح بخياله ويفتي بقريحة فاقت كل التوقعات بشؤون الخلق وما ضاقت به النفوس .وبما سيحل بنا من مصائب على يد أمثال فضيلة الشيخ هذا.
وثالث هذه الفتاوى كانت لسيدة متصلة من هولندا تسأل :
إن زوجها لا ينفق عليها وهي تنفق على نفسها من مالها الخاص فما حكم ذلك؟
أجابها أن نفقة الزوجة تقع على الزوج ،وبما أنك تنفقين على نفسك فأنتي أخذتي نصف القوامة من الرجل ،وكونك تنفقين على نفسك أنت مأجورة بأذن الله ،ولكن يبقى الرجال قوامون على النساء.
انتهى .وجزا الله شيخنا كل خير وأبعد أعين الحساد عنه.