أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 5


فواز فرحان
2010 / 5 / 13 - 10:20     

كم شكل للإستغلال يعرف تاريخ البشرية ؟
يعرف تاريخ البشرية ثلاثة أشكال للإستغلال ..
ــ إستغلال الرقيق ..
ــ إستغلال الإقطاع ..
ــ إستغلال الرأسمالي ..

ــ ما هو شكل التناقض الخاص بعلاقات الإنتاج في إستغلال الرقيق ؟
التناقض الخاص بعلاقات الانتاج في إستغلال الرقيق هو التناقض بين طبقة الأسياد مالكي الرقيق وطبقة الرقيق نفسها ، كان هذا النظام منذ بدايتهِ الى نهايتهِ مسرح نضال طبقي مرير ...
ملكية سيد الرقيق لوسائل الإنتاج والعمل هي أساس علاقات الإنتاج وهي تتفق مع حالة قوى الإنتاج ، إذ يمكن للرقيق وهو أسير حرب قديم ( أي يُشترى ويباع ويقتل كالحيوان ) فتتكدس وسائل الإنتاج بين أيادي أقلية ضئيلة ...
نشأ داخل مجتمع الرق طبقات أخرى ، فقد ظهرت طبقة العمال اليدويين حينما إنفصلت المهن عن الزراعة ، ثم ولّدَ إزدياد تبادل السلع ..
ومن هنا نشأت تناقضات جديدة ، ولما كانت طبقة التجّار وسيطاً لا غنى عنه بين المُنتجين فقد جمعت هذه الطبقة بسرعة ثروات ضخمة وأصبح لها تأثير إجتماعي يناسب هذه الثروات ، وأخذت تنافس الملاكين في توجيه السياسات حسب مصالحها الطبقية .
غير أن هذه التناقضات الثانوية يجب أن لا تخفي التناقض الأساسي ..
ذلك لأن الرق يساعد على زيادة الثروات ، والانتاج الذي تعيش منه التجارة ، وتزيد زيادة الانتاج قيمة قوة العمل الإنساني ، فيصبح من الصعب الإستغناء عن الرق الذي يصبح عنصراً أساسياً في النظام الإجتماعي ...
لقد أصبحت علاقات الإنتاج في نظام الرق بعد أن كانت القوة الرئيسية لنمو قوى الإنتاج عائق لقوى الإنتاج ...

ــ ما هو الأساس الإقتصادي للنظام الإقطاعي ؟
يمثل النظام الإقطاعي تطوراً في الملكية الخاصة ، وأساسهُ الإقتصادي هو ملكية السيد الإقطاعي لوسائل الإنتاج ، وكذلك ملكيتهِ المحدودة للعامل القن ، حيث لم يعد بإمكان الإقطاعي قتله ، فقط يمكنه بيعه أو شراءه ، ولا يملك القن سواء أكان عاملاً أم فلاحاً سوى آلتهِ وما إقتصر على عملهِ الشخصي ، وهكذا يمكنه أن يكوّن عائلة ويتم الحصول على الأقنان بالوراثة ، وتتفق علاقات الإنتاج هذهِ مع وسائل الإنتاج ...
يضاف الى ذلك أن هذا التناقض ينمو في صورة جديدة تكون بداية منازعات جديدة ..
يزداد تناقض المصالح بين هؤلاء البرجوازيون ، إذ يجب على هذه البرجوازية الفتيّة أن تنمي قوى الإنتاج ، وأن تكون قوة إقتصادية جديدة ، وتصبح علاقات الانتاج الإقطاعية التي كانت في البدء مطابقة لطابع قوى الإنتاج عامل تأخر فتتحوّل الى عوائق لهذه القوى ...
ويبدو التناقض بين البرجوازية والإقطاعية بعد أن كان ثانوياً ، قد تولد على نمو قوى الإنتاج داخل نظام الرق فيظهر على المسرح ليقوم في النهاية بدور التناقض الرئيسي ..

ــ كيف ظهرت البرجوازية ؟
كان الانتاج في البداية ضعيفاً ، ثم ظهرت في المدن نتيجة تقدم المهن ظواهر جديدة منها فائض الإنتاج في السوق ، ونشأ معهُ تخصصت في بيع وشراء السلع ، وهولاء هم التجار طلائع البرجوازية ...
ــ قامت الحرب الصليبية بتنمية البرجوازية التجارية بفتحها طريق البحر الأبيض المتوسط ، كما نمت في نفس الوقت طبقة أصحاب المصارف ...
حدثت الإكتشافات الكبرى في نهاية القرن الخامس عشر ، وكانت تهدف للإستيلاء على الذهب ، كما كان لتدفق الذهب على السوق الأوربية نتائج مُدهشة وهي
ــ تكوّنت بسرعة ثروات ضخمة وإرتفعت الأسعار .
ــ أفلس الأسياد .
ــ ظهرت عائلات برجوازية كبيرة .
ــ أصبح من الممكن ظهور المصانع لتوفر رؤوس الأموال الكبيرة ..
ــ تقوم المصانع على تجزئة منتوج الى مهمّات جزئية يقوم بها عمال مُختلفون ، يعني ذلك إمكانية زيادة الإنتاج من أجل التجارة ( رأس المال ) ..
ــ أصبحت التجارة غاية توجِد لنفسها وشائل جديدة بعد أن كانت وسيلة هكذا ظهرت البرجوازية الصناعية وسط المجتمع الإقطاعي كما ظهرت معها طلائع البروليتاريا ..
ــ حلت عصور جديدة محل القرون الوسطى ، فكانت بذلك بداية علاقات جديدة للإنتاج تمتاز بإستغلال الرأسمال لبروليتاريا مأجورة ..

ــ كيف ظهرت البروليتاريا على مسرح التاريخ ؟
تكوّنت هذه البروليتاريا من الفلاحين المُفلسين بعد أن طُرِدوا من أراضيهم ، ومن الصنّاع اليدويين الذين قضت عليهم المضاربة ، ومن مرتزقة الإقطاعيين الذين أصبحوا بلا عمل ، ومن جميع الذين يفرون من الإضطهاد الإقطاعي ، فقد كانوا أحراراً لكنهم لا يمتلكون وسائل الإنتاج ، فإضطرّوا كي لا يموتوا جوعاً الى بيع قوة عملهم ..

ــ كيف نُحدّد أساس التاريخ السياسي والفكري لكل عصر ؟
إن الإنتاج الإقتصادي والنظام الإجتماعي الذي ينتج عنه حتماً يكونان في كل عصر تاريخي أساس التاريخ السياسي والفكري ، لهذا فقد كان التاريخ بعد زوال ملكية الأرض المشتركة في العصور البدائية تاريخ نضال طبقي بين طبقات مستَغَلة وطبقات مستغِلة ، وبين طبقات حاكمة ومحكومة في مختلف مراحل التطور الإجتماعي ..

ــ ما الذي يمكن تحديدهُ من علاقات الإنتاج الرأسمالية ؟
يُتيح لنا تحليل علاقات الإنتاج الرأسمالية تحديد طبيعة تناقضها النوعي الذي يؤدي بالضرورة الى نضال الطبقات ...
أن العلاقات الرأسمالية تحتوي على تناقض أساسي بين مصلحة الطبقة البرجوازية ومصلحة البروليتاريا ، وهذا التناقض خاص بالرأسمالية ، لأن وجود البرجوازية ورخائها لا يتوفران إلاّ بعمل البروليتاريا ...
هنا ندرك ..
أن نضال الطبقات ملازم للرأسمالية ..

ــ ما هي البضاعة المفيدة للرأسمالي ؟
هي قوة العامل على العمل ، لأن العامل وحده يمكنه ان ينتج القيمة ..

ــ ماذا نعني من مفهوم قوة العامل على العمل ؟
هي مجموعة من الصفات الحيّة التي يستخدمها لإنتاج أشياء مفيدة ..
ندرك الآن مصدر ( الحرية ) التي نادت بها الرأسمالية وهي حرية التجارة والأعمال وحرية العمل عند الرأسمالي بالنسبة للبروليتاري ..
لا شك أن قوة الانسان على العمل لا يمكن أن تنتج فائضاً على القيمة إلاّ في مستوى معيّن من تطور قوى الإنتاج ..

ــ كيف يدفع الرأسمالي اجرة قوة العامل على العمل ؟
كما يدفع ثمن أيّة سلعة ، إذ تتحدد قيمتها بكميّة العمل الضرورية لإنتاجها ، وقيمة المنتوجات الضرورية لإستمرارها ..
تتحدد قيمة قوة العمل بقيمة الأشياء الضرورية الواجبة لتوليد قوة العمل وحفظها وإستمرارها ..
يوجد إذاً في عهد الرأسمالية كما وِجِدَ في عهدي الرق والإقطاع تملك خاص للعمل غير المأجور ، غير أن البروليتاري لا يتمكن راساً من فهم سر هذا الإستغلال ..

ــ هل يُعتبر التناقض بين رأس المال والعمل التناقض الوحيد الذي وجد منذ مطلع الرأسمالية ؟
أن التناقض بين رأس المال والعمل ليس هو التناقض الوحيد الذي وِجِدَ منذ مطلع الرأسمالية ، بل هناك التناقض بين الرأسمالي المستغِلْ وبين العامل المستَغَلْ ، ولولا هذا التناقض لما كان هناك رأسمالية ، وهكذا يكون قانون سيطرة الإنتاج في النظام الرأسمالي تابعاً لقانون فائض القيمة الأساسي ..

ــ ما هو أساس الأزمات الإقتصادية للرأسمالية ؟
تستطيع الرأسمالية بواسطة تطوير قوى الإنتاج أن تعرض في الأسواق كميات متزايدة من السلع بأسعار أرخص ، فتزداد هنا حمّى المضاربة ، وتقضي الرأسمالية بذلك على صغار ومتوسطي الملاكين ، وتتجمّع الثروة في أيادي فئة قليلة من المحتكرين ، ويعّم الفقر الأغلبية الساحقة من الطبقة الوسطى والفلاحين ، وتزداد أهمية جميع هذهِ الطبقات كلما تجمّعَ رأس المال بين أيدي أقلية من المستغِلين ، كما تضعف قوّتهم الشرائية فإذ بالبيع في السوق يخف ، وإذ بالكساد يحل لأن أكثرية السكان تقتصر في إستهلاكها على الضروري فقط ، فيظهر الخلل عندئذٍ أكثر فأكثر بين الإنتاج والإستهلاك وهذا ما يسميه الرأسماليون ( فائض الإنتاج ) فيحدث عندئذٍ الأزمة .. وهكذا يولد الجري وراء الربح بالنسبة للرأسمالية نتائج عكسية وهو توقف الربح ، فإذ بغالبية المجتمع تغرق بالبؤس لأنها أنتجت وسائل عيش لا تستطيع شراؤها ، فإذ بها تعاني الفقر جرّاء كثرة الإنتاج ...

ــ من يستفاد من تسرّب الرأسمالية الى مظاهر الحياة الإجتماعية ؟
حفنة من الرأسماليين تمتلك وسائل الإنتاج الكبرى ، ويصبح الإنتاج إجتماعياً أكثر فأكثر ولكن لفائدة أقلية طفيلية ..

ــ كيف يمكن صياغة معالم قانون الرأسمالية الإقتصادي الأساسي ؟
ويمكن صياغة معالم قانون الرأسمالية الإقتصادي الأساسي بما يلي ..
( تأمين الربح الرأسمالي الأكبر بإستغلال غالبية سكان بلد مُعيّن ، وتدميرها وإفقارها ، وكذلك بإستعباد شعوب البلاد الأخرى ونهبها بصورة منتظمة ولا سيما المتأخرة ، وتسخير الإقتصاد القومي بواسطة الحروب للتسلح لإستخدامها في تأمين أكبر الأرباح ) ..
يكون الإنتقال من الرأسمالية الحرّة الى الرأسمالية المحتكرة أروع تعبير عن نضال أو نزاع الأضداد ، إذ تتحول المضاربة الحرة بين الرأسماليين الى ضدّها أي ( الإحتكار ) بإزالة الضعفاء وتظهر حينئذٍ صور جديدة للنضال هو نضال أو نزاع بين الإحتكارات على المستوى العالمي ...

ــ أين يكمن أساس الأزمات التي تعتري الرأسمالية ؟
التناقض بين علاقات الإنتاج الرأسمالية وطابع قوى الإنتاج الإجتماعي هو أساس الأزمات التي تعتري الرأسمالية ، وتحمل الرأسمالية في أحشائها ثورة ، وعلى هذه الثورة أن تحل محل ملكية وسائل الإنتاج الرأسمالية .. الملكية الإشتراكية ..
وسوف نلاحظ أن الرأسمالية بتنميتها لحصر وسائل الإنتاج قد عملت بالرغم عنها ضد مصلحتها ، لأم مجموع الإنتاج يتخذ طابعاً إجتماعياَ في مرحلة الإحتكارات ، ويصبح التناقض بين الطابع الإجتماعي للإنتاج وبين التملك الفردي الرأسمالي حادّاَ لا يُطاق كلما إزدادت سيطرة الإحتكارات ...

ــ ما هو إذاً أساس تغيير طريقة الإنتاج ؟ وما هو سبب الثورة الإشتراكية ؟
سبب ذلك هو التناقض بين علاقات الإنتاج وطابع قوى الإنتاج ، ويجب أن نذكر أن التناقض الأول أعلاه هو الذي يولد التناقض الثاني ..
أي أن إستغلال البروليتاريا على يد البرجوازية هو الذي ساعد على إزدهار قوى الإنتاج وأدى الى حدوث التناقض بين علاقات الإنتاج وطابع قوى الإنتاج ...
وعندما تسرّبَ علم المجتمعات الذي أسّسه كل من ماركس وإنجلز الى البروليتاريا إرتفع مستوى النضال الطبقي بفضل الحزب الثوري ، لأن مهمة هذا الحزب هي إدخال الوعي الإشتراكي في الطبقة العاملة وأن يقودها للقضاء على المجتمع الرأسمالي والدولة البرجوازية التي تحميه ، وإقامة دكتاتورية البروليتاريا ، مثل هذا النضال يستحق وحدهُ اسم النضال الثوري ...
إذاً ..
يهم البروليتاريا أن تقود هذا النضال حتى النهاية ، وأن تقضي على علاقات الإنتاج الرأسمالية ، فهي لا تستطيع التحرّر من الإستغلال الطبقي إلاّ بالإستيلاء على وسائل الإنتاج من البرجوازية لتجعل من هذهِ الوسائل مُلكاً للجميع ..
وهكذا نجد أن النزعة العالمية للبروليتاريا هي نتيجة وضع العمّال الموضوعي مهما كانت جنسيّاتهم ، لأن المُستَغَلين في جميع البلدان لهم نفس العدو المُشترك وهو الطبقة المُستغِلة مهما كانت جنسيّتها ، ذلك هو النضال الثوري ضد الإستغلال ..
مع ذلك لن يفوز هذا النضال بالنصر طالما أن علاقات الانتاج الرأسمالية تتفق موضوعياً مع مستوى قوى الإنتاج ، حتى إذا لم تعد علاقات الإنتاج الرأسمالية مناسبة لقوى الانتاج بسبب إزدهار هذه القوى ، أي حين تدخل الرأسمالية في نزاع مع قانون الترابط الضروري بين قوى الانتاج وطابع علاقات الانتاج ، تتوفر حينئذٍ الشروط الموضوعية الجديدة لنضال البروليتاريا ...

ــ هل تكفي الشروط الموضوعية للبروليتاريا لإحداث التغيير الثوري ؟
كلا .. إن التغيير الثوري في المجتمع على يد البروليتاريا يتطلب أيضاً شروطاً ذاتية ..
كيف ؟
يسعى نضال البروليتاريا من أجل تأميم وسائل الانتاج الى تهيئة الظروف المواتية لعمل قانون الترابط الضروري الذي لم تعد الرأسمالية تحترمهُ ، وهكذا يسير نضال البروليتاريا الثوري في إتجاه التاريخ ويسير حسب قانون المجتمعات الأساسي ..
غير أن البرجوازية حريصة على أرباحها ، وتستخدم كل وسيلة للوقوف في وجه قانون الترابط الضروري ، فينتج عن ذلك أعظم الآلام في المجتمع ..
وليس هناك سوى قوة واحدة تستطيع التغلب على مقاومة البرجوازية لقانون الترابط الضروري وهذهِ القوة هي البروليتاريا ، ومعها ضحايا الاستغلال من الطبقات الاخرى في المجتمع ، لأن البروليتاريا ليست وحيدة في نضالها ، فنمو الرأسمالية وإنتقالها من المضاربة الى الإحتكار يؤدي الى إفقار مختلف طبقات المجتمع ..
أما قدرة البروليتاريا على جمع أكبر الجموع للنضال ضد الأقلية المستغِلة فهي تُظهر بوضوح مهمتها القومية ، وهكذا تقف الطبقة العاملة في نضالها الثوري في مقدمة الأمة بينما تنفصل عنها الأوليغاركية المالية نظراً لمصلحتها الطبقية والتي لا تتردد حفاظاً على هذه المصالح في تسليم الأوطان للإستعمار ..
وعلى العكس تتفق مصالح البروليتاريا الثورية مع مصالح الأمة ضد البرجوازية الكبرى التي لا تعرف لها وطناً ، وهكذا يتحد هدف البروليتاريا الوطنية مع البروليتاريا العالمية ضد البرجوازية الرجعية التي تُضحّي بحياة الشعوب في سبيل الربح الأكبر ..

أسئلة مأخوذة من المصادر التالية ..
ــ المادية ونقد المذهب التجريبي ... لينين
ــ ضد دوهرينغ .. انجلز
ــ اصول الفلسفة الماركسية .. جورج بوليتزر