تدمير المنهجية القائمة..!!


رداد السلامي
2010 / 4 / 29 - 07:01     

ينعكس الوضع المختل على الذات الإنسانية ، فيراكم فيها البؤس وأماني الثورة ، لكنه يزيد من حالة التشضي ، ويفتك بالضمير الحر ، وينحاز إلى صف الأقوياء ، والماكرين الذين يتمدنون بطريقة غريبة ، و"لبرلة" متوحشة ، تدق الأعناق ، وتحتمي خلف التمويه ، ولديها سلطة ثقافية وإعلامية ومصفوفة من رموز ثورية وطنية كانت تنتمي إلى الكل لكنها جعلت منها ستارا تمارس أساليبها من خلفها ، ولفيف من منظمات يقال إنها مدنية لكنها منحازة مناطقيا ، وحين تقرر أن تقترب من مكمن فعلها لاكتشاف حقيقتها ، تجابه بقسوة ناعمة ، وتبحث عن كل أسباب تحبيطك وكبتك ، وإقصاءك بمختلف الأساليب والطرق ، إنها تقاتلك في لقمة عيشك ، وتعيق قدرتك على ايجاد استقرار حياتي.
هذه القوى الغريبة ، ذات المزاج المتوحش ، المتشحة لقيم القطيعة ، التي تدير ذاتها بواسطة نخب ذكية ، توزعت في كل إطارات المجتمع ، سواء كانت سياسية أو مدنية ، سلطة او معارضة ، خطيرة ويجب أن يتم تفتيق ضميرها الجمعي ، كي تستعيد قدرتها على أن تتجاوز منطق الرسملة والتوحش ، إلى آفاق أوسع ، هي مدركة فعلا ، لكن السكوت عنها أيضا سيجعلها تدمر ذاتها ، وتراكم العداء لها مع الزمن.
لذلك حين ننطلق في نقدنا من دوافع وطنية ، لا ننطلق من أحقاد ، فحاشا أن تستوطن قلوبنا الأحقاد ، ولكن لأن ما تمارسه مؤلم جدا ، الأمر الذي يؤدي إلى ضرورة الحديث والتنبيه إلى أي مدى هي مؤلمة ، وإن تخفت خلف أسماء مستعارة ومسميات كبيرة.
نحن نكتب ذلك إحساسا بضرورة أن لا يتحول الوطن في وعيها المتقدم إلى إحساس بالتفوق المناطقي في جزء من أجزاءه ، فقيمة الكاتب كما يقول الروائي خليل النعيمي :" في أن يكون دائما ضد المحيط الذي يوجد فيه ، لأن الكاتب ضمير المجتمع ، وهو منشق باستمرار ".
نحن لا نريد الحفاظ على هذا الواقع الكائن ، والتعمية على الحقيقة ، فالمضمون العملي يكشف أن الفاعلين مازالوا يحافظون على هذا الوضع ، تحت تنويعه مزورة من المصطلحات الكبيرة يتحدثون عن الحقوق والحريات فيما يهندسون الكبت والإقصاء، ويصيغون فعل صناعة الإرهاب الفكري في الوقت الذي يدينون الإرهاب ..!! وهم شركاء في إنتاجه ، هذا يحدث في جزء معروف ، ويمارسه بعض من يقال أنهم ينتمون إلى منظمات حقوقية ، إنهم جزء من سلطة منحتهم صك خفي لفعل ذلك ، هذا ما أظنه الآن على الأقل.
إن هذه التنوعيه مما ذكرنا تشبه في لغتها لغة السلطة السياسية ، فهذه اللغة السياسية الداعرة المسيطرة في الآن ذاته ، لا تقبل الإصلاح ونداءات السلام ، لأنها تعمل في بيئة من الفوضى تمنحها الربح المادي والمعنوي ، وتجتذب في فلكها كل ما يربط الإنسان بعالمه ، تثبت له وضعيته ، وتحدد له أعداء الوطن وأصدقاؤه ، والخير والشر، وكيف يسلك إزاء كل شيء، وهذه اللغة لا تخدم إلا مصالح من يمتلكها .
كما يتم منح من يهندسها ويخترعها وفرة في الحياة ، وبذخ في العيش ، الأمر الذي جعل منظمات المجتمع المدني تتحول إلى النقيض مما يفترض أنها وجدت من أجله ، دفاعها مناطقي ، موظفوها مناطقيين ، ترهب نفسيا من يناضل ، وتقصي النقابات من يقف الى صف الحقوق والحريات ، ويتم قبل الانتساب فيها بمزاج مناطقي وآخر سلطوي ، ومن يتبع مثل هذه السياسات الخاوية من مضمون الدفاع عن كرامة وحق الإنسان اليمني أيا كان ومن كان.
نحن نحتاج إذا إلى انقلاب منهجي في المعاني حتى ، أو انتفاضة لغوية منهجية ، تدمر هذه المنظومة اللغوية القائمة لمنظمات انفض من ضمير من يعملون فيها لصالح المطامح الشخصية ، والميول المناطقية ، وخدمة السلطة بطرق مختلفة أيضا ، لا يدركها حتى سياسيونا .