النسخة العاشرة من -عالم آخر ممكن-


فنزويلا الاشتراكية
2010 / 4 / 27 - 11:17     

قبل أن يولد الإعلان الرسمي عن قرب انطلاق الأممية الخامسة في فنزويلا خلال الشهر الحالي، وعلى مر الـ10 سنوات السابقة، كان المنتدى الاجتماعي العالمي هو الإطار الدولي المعادِ للامبريالية الأكثر تأثيراً على الساحتين الرسمية والشعبية. ففي الوقت الذي كان العالم ينحدر إلى الأسوأ في ظل القمم والبيانات المزيفة الصادرة عن اجتماعات الدول المتقدمة، المعروفة بالمنتدى الاقتصادي العالمي، المستفيد الأول من كل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة في هذا العالم والتي تجني أرباحها من تأبيد الوضع وإبقائه على ما هو عليه، كان المنتدى الاجتماعي العالمي يعقد اجتماعاته المقابلة للتعبير عن الوجه الحقيقي من هذا العالم، والحديث عما هو أصلح من أجل الإنسانية.
وعلى الرغم من أن المنتدى الاجتماعي قد ضم في صفوفه إلى جانب المد اليساري بعض فئات اليمين المعتدل واليسار الإصلاحي والناشطين الاجتماعيين غير المؤمنين بالأممية، وعلى الرغم من أنه أصبح يشكل في اللحظات الحرجة الحالية من التاريخ مقصدأ لبعض الهاربين من الانضمام إلى مسيرة الأممية الاشتراكية الخامسة، إلا أن حضوره على الساحة الدولية خلال السنوات الـ10 الماضية لا يمكن نكرانه.
مع انعقاده في عام 2010، احتفل المنتدى الاجتماعي العالمي بذكرى تأسيسه العاشرة. وانطلق في 25 كانون الثاني/يناير في مدينة بورتو آليغريه، البرازيل، وهي ذات المدينة التي عقد فيها المنتدى الأول قبل 10 سنوات. وبدلالة تأثيره وإثبات وجوده في الواقع، لم يكن عدد الحاضرين في الافتتاح أقل عدداً ممن حضروا إلى افتتاح المنتدى في دورته من كل عام. وتجمع الآلاف في شوارع بورتو آليغريه للمشاركة في يوم الافتتاح الذي عادة ما يأتي على شكل مسيرة شعبية تنطلق في شوارع المدينة.
يأتي هذا الحدث، الذي انطلق في عام 2001 لمناهضة نمو الحركة النيوليبرالية، كل عام بقيادات عالمية ومفكرين ومراقبين من حول العالم ليجتمعوا ويناقشوا الطرق الممكنة لمحاربة الامبريالية والنيوليبرالية وأي شكل من أشكال الهيمنة العالمية من قبل رأس المال. وتسعى هذه الفكرة إلى توحيد صفوف الحركات الاجتماعية المناهضة للاستغلال في العالم بما فيها اليسار وقوى الوسط والناشطين الاجتماعيين والبيئيين تحت شعار "عالم آخر ممكن" لكي يعملوا وينشطوا بناء على أنه ممكن حقاً. في دورة انطلاقة المنتدى الأولى، حاول المشاركون أن يثبتوا شعبياً أن أشكال جديدة من الحكم، الذي من شأنه أن يشمل مشاركة أكبر من الحركات الاجتماعية المهمشة، هو أمر ممكن.
وبعد مرور 10 سنوات عقدت الدورة العاشرة في نفس المدينة لفحص التحديات الاجتماعية الجديدة في محاولة لرسم اتجاهات مستقبلية أنضج ومن هنا جاء المنتدى العاشر بعنوان "بعد 10 سنوات: تحديات ومقترحات من أجل عالم ممكن آخر." وقد استمرت اجتماعات المنتدى الاجتماعي العالمي العاشر على مدار 5 أيام للتباحث في قضايا متعددة منها السياسي والاقتصادي والبيئي. إذ منحت قضايا البيئة هذا العام اهتماماً واسعاً.
حمل المشاركون خلال المسيرة الافتتاحية في شوارع بورتو أليجريه رايات وأعلام ويافطات تعبر عن مجالات واسعة من القضايا الاجتماعية، منها زواج المثليين وحقوق الحيوان، والسياسات الخاصة بالسكان الأصليين وغيرها. وقد كان المشاركون متنوعون كتنوع القضايا المطروحة قادمين من الأطياف كافة ومن الدول كافة.
ويعمل المنتدى على احتضان كل هذه المنظمات الاجتماعية في صفوفه انطلاقاً من مبدأ أن التحديات التي يواجهها العالم ضخمة ومنتشرة على المستوى الدولي. ولا تستطيع منظمات المجتمع المدني أن تواجهها وأن تتحمل مسؤولياتها تجاهها وحدها، لذا فإن رسالة المنتدى تأتي في إطار فتح الطريق أمام هذه المنظمات لتقوية نشاطها وتسهيل تحقيق أهدافها مع الجماعة.
كما هو معتاد في كل عام من المنتدى الاجتماعي العالمي، تعقد بالإضافة إلى الأجندة المحددة مسبقاً للقادة والبرامج المخطط لها ضمن جدول المنتدى، تعقد مهرجانات غير رسمية من قبل المشاركين وبشكل تلقائي وشعبي للتعبير عن مطالبهم الاجتماعية ومناهضتهم للنظام العالمي القائم على الاستغلال.
مؤسس المنتدى أوديد غراجيو، يقول "يجب علينا مراجعة الطرق التي نعامل فيها الإنسان. بإمكاننا أن نتصرف من دون أن يقول لنا "مسؤول" المنتدى ماذا نفعل."
في اختتام منتدى هذا العام، أصدر المجتمعون، البالغ عددهم 30 ألفاً، عدد من التوصيات التي تهدف إلى تحقيق عالم أفضل. وقد وقع على بيان التوصيات شخصيات عالمية بارزة منها مسؤول صحيفة لو موند ديبلوماتيك إيغناسيو رامونيت، والحائز على جائزة نوبل للسلام أدولفو بيريز إسكيفال، والمفكر البرازيلي البارز فريي بيتو والإفريقي أمينا تراوريه وعالم اللاهوت البلجيكي بادريه هاوتارد.
ومن ضمن التوصيات التي صدرت عن المنتدى أن يتم اتخاذ إجراءات جدية بما يخص المعاملات المالية والاستثمار الأجنبي وأرباح الشركات العالمية والاتجار بالسلاح وانبعاث الغازات. وأوصت الوفود كذلك بضمان حقوق العمل والحماية الاجتماعية لكل شخص على الكرة الأرضية إضافة إلى تعزيز التجارة العادلة ورفض ما يسمى بسياسات التجارة الحرة التي تتبناها منظمة التجارة العالمية.
كما أوصى المشاركون في المنتدى بحق السيادة على المنتجات الغذائية وضبط الإعانات المالية الزراعية المطبقة من قبل الدول المتقدمة واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الدمار في الشرق الأوسط. كما رفضت التوصيات بحزم عملية خصخصة أساسيات الحياة كالمياه، وأوصت بوضع حد لوجود القواعد العسكرية الأجنبية. وركزوا كذلك على النضال ضد التمييز بكل أشكاله ومعاداة السامية والعنصرية وشددوا على الاعتراف الكامل بحقوق السكان الأصليين.
وشملت التوصيات على حق الحصول على المعلومات ووقف حصر الإعلام في الشركات الكبرى وفي المقابل الترويج لإعلام بديل. ودعا المشاركون أيضاً إلى إصلاح ودمقرطة الأمم المتحدة ومنظماتها المؤثرة مثل منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
إضافة إلى ما سبق، أوصى المنتدى العاشر بتنظيم تبرعات لضحايا الزلزال الذي نكب هاييتي في كانون الثاني/يناير من هذا العام.
وفيما كان الرئيس البرازيلي لويز لولا دا سيلفا حاضراً في منتدى هذا العام، يذكر أن المنتدى الاجتماعي العالمي لعام 2009 الذي عقد في مدينة بيليم البرازيلية قد حضره إلى جانب دا سيلفا الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز والبوليفي إبفو موراليس والإكوادوري رافائيل كوريا.
أما في عام 2008، فلم يعقد المنتدى في مكان معين بل كان عالمياً إذ قامت آلاف المنظمات الاجتماعية المحلية في أنحاء العالم كافة بعقد نشاطاتها المنضوية في إطار المنتدى. وفي عام 2007 عقد المنتدى في كينيا.
قال غراجيو "إن طرح فكرة عالم جديد ممكن هي واردة جداً مقارنة بتقدم النيوليبرالية المطروحة من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي."