تأمل


هيفاء حيدر
2010 / 4 / 18 - 23:21     

تأمل

كثيرة هي تلك المواقف التي تعيشها غالبية منا نحن النساء و التي تحتاج في كل فترة للمزيد من التأمل , و مراجعة التأمل في محاولة لرؤية ما تم تأمله مرات و مرات , علنا نجد في ما تم تأمله سابقا" شيئا" جديدا" نتأمل فيه من زاوية مختلفة.
هي فقط محاولات للخروج من حدود اللوحة التي رسمت للمجال الحيوي المسموح لنا التجول من خلاله.
وبما أن هناك علاقة ما بين التأمل و القلق , فحين تزداد مخاوفنا و نصبح تحت وطأة القلق الذي يعتمر نفوسنا مما يحمل لنا يومنا من أصناف للقضايا التي تؤرق حياتنا , يذهب فينا القلق الى مداياته البعيدة , و نبدأ بتوظيف ما نملك من مخزون ذاكرتنا القريب منها و البعيد لصور نتأمل فيها كم هو منسوب القلق و أين وصل بنا و كم حمل من الهموم, جاهدين في تحويل التوتر من جراء ما قمنا به من عمليات ذهنية أرقت حركة الدماغ لدينا , لننتقل الى تأمل بناء يتوخى بنا مسيرة الحذر التي نقطعها ونحن ما زلنا نجهل الخطر القادم علينا و كم سيستغرق من وقت في اطفاء شمعة الأمل في مزيد من رحلة التأمل التي نبغيها كما نريد لمستقبلنا أن نصحو عليه.
أن الجهد المبذول هنا من شأنه أن يطيل لنا مسيرتنا في التطور و التقدم عدد من السنتيمترات للأمام بالرغم من مقاومتنا لردة الفعل العكسية التي تساوي حجم القوة التي أثرت فينا و تعاكسها الأتجاه اذ لا مفر من معادلات الفيزياء الطبيعية التي كثيرا" ما نلجئ اليها كي لا يعيدنا الزمن من جديد خطوات للوراء أو على أقل تقدير أن نحاول الوقوف حيث أمسينا اليوم .
انها مهمات من الصعب على دماغنا التخلي عن وظائفه اتجاهها ان جزء من القلق الذي نشعره و نحن نتلمس طريق خطواتنا البطيئة يحفز بل يسيطر على عمليات التركيز في المخ الذي ما زلنا نتعبه معنا . و لسوف لن نعفيه من مزيد من القلق الذي يداهمنا كيفما يممنا وجوهنا, علنا نساعده في المزيد من التركيز على مكامن الخطر الذي يداهمنا فجأة و نحن نحاول تأمل المزيد مما نعيش في وقتنا الراهن من ضغوطات أثقلت كاهلنا بسلسلة تطول و تكبر من الممنوعات على صور الذاكرة كلما تقدم بنا الزمان يوما" و زاد من عمرنا هذا .
وكم تصبح المهمة صعبة علينا و نحن ندرك أن الخطر يزداد و يتملكنا الخوف من جديد حول ما هي كيفية التعامل مع القادم المعلوم النتائج و المجهول الأدوات و ان كانت مؤشراته قد أوغلت في القدم و الرتابة لكنها ما زالت مؤثرة .لدرجة أننا ندور حولها وبها في مراحل عديدة من المواجهة مستخدمات القلق بدون أن نخطط له أن يكون أداة لدينا في أن يرشدنا على حجم الأخطار قبل وقوعها وربما نحمله ما لا طاقة لديه على التحمل في مقاربات لبعض الخيارات و الحلول الأيجابية ربما في مواجهة مشاكل حياتنا اليومية و مطباتها , عل التأمل يفسح لنا فسحة من مساحة الزمان اللأمتناهي في حياتنا لتجنب ما هو قادم .
أن رؤيتنا دائما" لذاتنا أننا داخل تلك الدائرة المحفوفة بالخوف و المليئة بالصعوبات يجعل من القلق نسق متكرر الحدوث وتبدأ به الدائرة تضيق تارة و تتوسع تارة أخرى كي تعبئ كل الحيز المتاح لنا رؤيته و التحرك من خلاله دون أن نستطيع أن نمسك أي طرف للخيوط المتشابكة التي سوف لن تحل و تترك المجال للقلق يستبد بنا و يأخذ مكانه من وجود الفراغ الواسع ويصبح من الصعوبة بمكان ابعاد شبح أن يسيطر علينا قلق مزمن وبالتالي نصبح أسيرات الدائرة الضيقة نرى باتجاه واحد لا ثاني له و نبعد أية صورة منطقية لرؤية ماذا سنفعل أو كيف سنفعل ؟
وتثبت لدينا الصورة حتى و نحن نحاول أن نتأمل ما مر لدينا أو في حياتنا من أحداث , وان كان علينا أن نحاول أن نكسر تلك الدائرة التي تلتف حولنا من القلق و التوتر فكيف لنا بتلك الأنعكاسات للصور و المواقف التي رتبت لنفسها مكانا" و أخذت حيزا" من مستويات التفكير العقلاني لدينا . ونحن نبعد أثار القلق و تجليات الأرق الناتج عنه بكل صوره المعرفية منها و المادية و التي تبدو واضحة في تأثيرها علينا و نحن نمر بطريق عقلنة صور الحياة التي نتمنى أن نكون عليها في رحلة الخوف من مستقبل قادم لم يغادر بنا محطات العتمة ولم يفسح لنا أن نرى خارج حدود الدائرة أي الطرق نسلك و نحن نقف في منعطفات لا نستطيع أن نتواصل من خلالها حتى مع أنفسنا . ونحن قد أصبحنا يسيطر علينا قلق مزمن يصعب من خلاله أن نترك العقل أن يخلد للراحة و لو لبرهة قصيرة كي يستجمع لنا القوة من جديد علنا نستطيع رؤية لبعض من الخطر القادم نحونا.